بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. جزاكم الله خيرا على هذه الخدمة..
سؤالي هو: تقدمت لخطبة فتاة متدينة وعلى خلق وبها كثير من المواصفات التي أتمناها في شريكة حياتي، وتم القبول بفضل الله عز وجل، وكان هناك ترحيب كبير من جهة عائلتها؛ فنحن أقارب وتوجد علاقة قوية بيننا، ولكنها وأسرتها يعيشون في القاهرة منذ فترة وأنا وأسرتي نعيش في الريف، واشتدت العلاقة بيني وبين خطيبتي برغم قصر فترة الخطوبة.
ولكن خطيبتي كانت تظن أني سأسكن في القاهرة بسبب طبيعة عملي، ولكن بعد فترة من الخطوبة عندما فتح الموضوع للنقاش قلت لها إنني لم أذكر في أي وقت أني سأسكن في القاهرة، وبالتالي معنى ذلك أنني لن أغير محل إقامتي، وإنه توجد ظروف في الوضع الحالي في بلدي تمنعني من الإقامة بالقاهرة، فطلب أهلها مني وعدًا بأنه عندما تنتهي هذه الظروف سأنتقل للعيش بالقاهرة؛ فقلت أنا لا أستطيع أن أعد بشيء في علم الله، وأنا سأسكن في المكان الذي به مصلحتي أولا وأخيرًا، وأعطيت خطيبتي فترة من الزمن للتفكير.
خلال هذه الفترة علمت من المقربين لديها أنها كانت تبكي وتقول إنها لم تتخيل في يوم أن تسكن بالريف، وفي نفس الوقت هي تريد الزواج مني. وبعد المهلة التي أعطيتها إياها خيرتها بين الانفصال والإقامة في الريف، فقالت إنها لن تستطيع الإقامة في الريف وتخشى إن هي وافقت الآن أن تندم بعد ذلك، والقرار قراري أنا، فاخترت الانفصال.
ومضى من الزمن ما يزيد على عام، حقيقة ندمت عدة مرات على قرار الانفصال، وتغيرت ظروفي الآن، بحيث إنه يجب عليّ أن أنتقل للإقامة بالقاهرة، وإنه في أثناء اختياري لشريكة حياتي يجب أن توافق على الإقامة معي في القاهرة حتى لو كانت من الريف.
ولكن المشكلة أن خطيبتي التي انفصلت عنها تم خطبتها منذ أسبوعين فقط لشاب من القاهرة، وأنا أعلم -إن شاء الله- أني إذا تقدمت مرة أخرى فإنهم سيفضلونني أنا؛ لمميزات عديدة عندي -بفضل من الله عز وجل- تفوق الخاطب الحالي، ولكنني أخشى من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه) وبسبب ارتباطي العاطفي بها أخشى أن يؤثر ذلك على أي مشروع زواج آخر لي؛
فما الحل أشيروا عليّ؟!!
جزاكم الله خيرًا.
19/04/2023
رد المستشار
مرحبا بكم "حازم"
في الحقيقة الموقف الذي نناقشه هو فعلا محير، بين قرار قد اتخذته بنفسك سابقا وبين وضع حالي لا تملكه
عندما اتخذت القرار السابق وهو وضع شروط وعدم التفاوض حولها في السكن ومحل الإقامة وظللت بعدها عام كامل متمسك بهذا القرار، بينما هي الآن مرتبطة بشخص آخر، صحيح أسبوعين فقط ولكنها وافقت. أي أغلقت بابا بينها وبينك وفتحت هي وأسرتها بابا لإنسان آخر. ولكونك على قرابة منها فأنت مطلع على بعض التفاصيل.
يبدو تفكيرك الآن أنك في خسارة وأن العائق قد زال وأن الإقامة صارت متاحة بالقاهرة كما رغبت قريبتك، ويبدو الندم في أن ظروفك ومميزاتك كشخص أفضل من الآخر ويخطر ببالك أنهم سيفضلونك.
في الحقيقة المشكلة الأساسية في نظري لم تكن محل الإقامة بقدر ما كانت طريقتكم في اتخاذ القرار معا وقدرتكما على التفاهم ومدى قدرة العائلتين في تدعيم أهمية الوصول لحل باتفاق مرض لكما وبين تدعيم موقف القرار الذي اتخذته وبين تصميمها على ترك الأمر لك وتمسكها بالسكن القاهري.
اتخاذك القرار وصبرك عليه عام كامل يعني أنك تريد ان تقرر في حياتك كما تريد – وهذا مقبول – ولا يعني أنها أفضل شخص لك وأنت أفضل شخص لها، فربما الفوارق الثقافية في طريقة اتخاذ القرار والتفاهم تكون العائق الذي ظهر فقط في موقف واحد وهو مكان السكن، بينما الحياة فيها ألف موقف مشابه لمكان السكن لم تختبروا مدى توافقكما.
ربما كنت تتوقع حينها أنها لابد أن توافقك وتصحبك في أي مكان، وتركتها وأنت تشعر بأنها غريبة عن ثقافتك، وشجعك المقربون منك على قرار الانفصال، بينما أنت الآن تشعر أن الحال تغير وأنها بعدت عنك فشعرت أن قرارك كان خاطئا أو يمكن تعديله وفق الظروف.
كما اتخذت قرارا وأنت مطمئن له سابقا فهذا يعني أنه أفضل قرار في وقته بالنسبة لك، فلا تحاول أن تخلط بين القرار وقتها وبين تقييم القرار الآن بعد ما تغيرت الظروف، ربما كانت إمكانية انتقال عملك بالقاهرة كان من أكثر من اسبوعين أي من قبل إعلان خطيتها، هل إذا كانت غير مخطوبة ستكون دافعيتك لخطبتها وحيرتك بنفس القدر؟ هل لو حدث أي ظرف مستقبلي مثلا تركت خطيبها لسبب ما هل ستتقدم فورا لخطبتها؟ أم ستفكر كثيرا وترى هل هي فرضت شروطها أم لا؟ وماذا ستخبر حينها أهلك والمقربين؟
في كل الأحوال ترك الأمور تجري كما هي ربما أفضل، لأنك لا تدري كم هي مختلفة عنك ولا هل عدم تمسكما ببعض وقتها يقف وراءه جوانب أخرى من الشعور بالاختلاف غير مسألة السكن الإقامة. وكذلك بناء على المنطق الذي تركتها من أجله وهو أن الزوجة تصحب الزوج حيث كان، ماذا إذا تغيرت ظروف عملك ورجعت لتسكن في الريف هل سيكون سهلا عليها أن تنتقل معك؟ ماذا لو أصرت على السكن في مكان آخر وقدمت لك حلول بديلة وتركت لك الاختيار مرة أخرى وأنتما في خطبة أو زواج؟
الخطبة على خطبة إنسان آخر غير مرحب بها، لما تحدثه من ربكة لدى الأطراف الثلاثة، فالجميع حينها يتضرر:
- فالخاطب الحالي يشعر بالخديعة وعدم الأمان أو تلاعب الناس به.
- والمتدخل (أنت) قد يشعر بأنه أفسد شيئا وأنها غير مؤتمنة في كل شيء وقد تبيع وتهجر الشخص مهما كان!!
- والمخطوبة قد تقارن بين اختيارها للمتدخل في الخطبة واختيارها للخاطب ويظل عالقا في ذهنها مع أي اختلاف قد ينشأ بشكل طبيعي بينكما؟ وقد تحملك مسؤولية أنها فضلتك وأنت خذلتها.
أي أن هذا النهي عن الخطبة له حكمة بالغة ربما لا نعلم إلا القليل منها وهي ربكة الأطراف الثلاثة. فلا ننصح بذلك والحياة فيها وفرة وتنوع، وابحث عمن يشبهك ويكون فرحا بك وأنت فرح به عن قناعة كبيرة، وليس لمجرد تغير بعض الظروف. ولا تخلط القرار السابق بنتائج ومستجدات حديثة، ولا تقع في محظور نهي الرسول ما دمت واعيا به.