بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد بن عبد الله، أما بعد :
فهو مجرد تعليق وطلب أرجو ألا تتضايقوا منه، وألا يغضبكم مني، ولكنْ إنه الحب لكم الذي جعلني أطلب هذا .
هو تعليق على مشكلة:
تبادلنا الحب والضرب.. ونفكر في الانفصال، التي علقت عليها الأخت الدكتورة سحر طلعت؛ حيث إنني أحسست بالانحياز التام للمرأة مع احترامي الشديد للدكتورة، ولكني أطلب من الدكتور أحمد عبد الله الرد على هذه المشكلة من جديد وتناولها من غير انحياز وأن يقول رأيه كما عودنا؛ حيث إن انحياز الدكتورة واضح لزوجة الأخ صاحب المشكلة وتحميله الجزء الأكبر من المشكلة، ومجرد تحميل جزء بسيط إلى الزوجة،
ولولا الظروف وضيق الوقت لكنت تناولت أوجه الانحياز،
لكنني أتركها لكم لاكتشافها، وشكرا.
4/3/2024
رد المستشار
الأخ السائل، ليس من عادتنا أن نجيب طلبًا مثل طلبك، وفتح باب التشكيك في مصداقية المستشارين أو انحيازهم مع أو ضد على أساس الجنس أو أسس أو أسباب أخرى هو باب خطير لا نحب أن نفتحه إلا بحقه، ولكنني احترامًا لرغبتك سأقوم بما يلي:
سأكتب لك تعليقي على المشكلة الأصلية التي تتحدث عنها قبل أن أقرأ رد أختي الزميلة د. سحر، ثم أكتب ملاحظات على إجابتها، إن كانت لي ملاحظات:
- هناك نقاط لا يمكن تجاوزها في رسالة السائل وكلها ترتبط بأن أخلاق زوجته، أو بالأحرى درجة التزامها غير المرضية له، وبعض هذه النواحي أو أغلبها لم يكن سرًا من قبل الزواج، مثل الزي الذي ترتديه - انتظامها في الصلاة – موقف أهلها والتزامهم هم أيضًا بنفس الأشياء.
والسؤال الذي يفرض هو: لماذا يا ملتزم، يا مواظب على الصلاة... إلخ، تتزوج فتاة لا تناسبك؟! والأغلب أنه تزوجها لجمالها أو حسبها أو مالها، وعلى كل حال أخونا لم يقترب من الإجابة على هذا السؤال الذي يفرض نفسه، ولا يمكنني التغاضي عن هذا لأنه نقص فادح في المعلومات، أو تناقض حاد في الشخصية.
- من المعروف أن السكن مع العائلة في نفس المنزل له ميزاته وعيوبه، ويبدو أن أخانا كان خالي الذهن من هذه الناحية، وبالتالي لم يتوقع أبدًا أن تحدث أي مشاكل، وهذا خطأ مبدئي في التقدير، ويبدو أنه يلحقه خطأ في إدارة واقع العلاقة بين أمه وزوجته، فمن تصلي نادرًا، وترتدي غطاء الرأس بعد جهد، هل نتوقع منها أن تدخل مع زوجها في ملحمة بر بوالدته؟! فضلاً عن أن الأخ لم يوضح حدود ما هو مطلوب من زوجته تجاه أمه، ومهما كانت هذه الأمور المطلوبة منها فهي ليست واجبات مفروضة، إنما هي من بقية حبها لزوجها، يثاب فاعلها ونحمد له صنيعه، ولا يعاقب تاركها، ولا نستطيع لومه، وهذا لأن خدمة الزوجة لزوجها أصلاً في شئون بيتها من طبخ وكنس وغير ذلك هي فضل تتفضل به عليه، أو ضرورة تمليها الظروف المادية الحياتية الصعبة، وهذا بخلاف الأصل الشرعي الذي يفرض على الرجل أن يجلب للبيت من يقوم بشئونه، فهل نسينا هذا الأصل؟! وذهبنا نلوم النساء إذا حصل منهن تقصير في خدمتنا، بل وخدمة أمهاتنا؟! اتقوا الله في النساء، فإنكم استحللتم فروجهن بكلمة الله، كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم، واستحلال الفروج لا يتضمن استعبادًا أو استخدامًا.
الشيء الأغرب هو وصف أخينا لهجمات زوجته الشرسة عليه بيديها ورجليها، فإما أن هذه الهجمات تأتي كرد فعل على أفعال لم يذكرها هو، أو أنها جزء من عدم التزامها الذي يصفه بكلماته عنها، وفي الحالين فإن هذا الاشتباك يبدو درجة غير مقبولة، وطريقة خطيرة في إدارة الخلافات الزوجية بخدوش الأظافر، ولكمات في الكتف!!! ويضاعف من سوء الوضع بطالة أخينا عن العمل، فإن من شأن هذه البطالة أن تهز ثقته بنفسه، وقد تعايره زوجته طالما المناخ بينهما بهذا التوتر والتربص، وفي تصوري أن الحل يكمن في مواجهة أخينا لنفسه، وحسم أمره، وهو يستقل بتقدير ما يستطيعه ويريده متحملاً مسؤوليته كاملة أمام الله والناس.
ثم من حق زوجته أن تعيش مستقلة، وليس له أن يجبرها على خدمة أمه، وليس الضغط والإكراه هو السبيل الناجح لجذبها إلى الصلاة أو الحجاب الأمثل أو المعاملة الحسنة، وقد يقرر أخونا أنه أخطأ من البداية، وأساء الاختيار، ثم أخطأ بعد ذلك، وأساء إدارة علاقته بزوجته فوضع العنف في غير محله، ووضع الواجب محل المندوب أو المباح أو النافلة، وقد يرى أنه غير قادر على إصلاح زوجته أو الاستمرار معها، وأن الانفصال الآن أفضل أو لنقل أهون الأضرار، وسيكون عليه في هذه الحالة أن يحسب حساباته المتضمنة لمستقبل حياته هو، ومستقبل الطفل الذي في أحشائها، إذا كانت حاملاً كما فهمت.
الخلاصة أن الأخ السائل أخطأ وما زال، ثم راح يحاول وضع الأخطاء الخاصة به على مشجب زوجته التي كانت سافرة متبرجة في بيت أبيها، وربما كانت مدللة، ولا تصلح للزواج منه –على الأقل- ولكنه هو الذي طلبها، وأخذها بعيبها ثم جاء يشكو منها، ويلومها، وعليه أولاً أن يواجه نفسه، ويعترف بخطئه الذي ليس هو نهاية الكون، ولكن عليه بعد ذلك أن يحدد في أي اتجاه سيسير: في اتجاه القيام بواجبه تجاه إصلاح سفينته لتسير بحكمة، أو في اتجاه الانفصال لأنه أساء الاختيار، ولا يستطيع اليوم أن يحسن الإدارة، أو إنقاذ هذه الزيجة.
ثم إنني قرأت رد الدكتورة "سحر طلعت"، فوجدتها ترشد أخانا إلى الجوانب التي ربما هو غافل عنها في علاقته بزوجته، وتنصح بأمور محددة لإصلاح العلاقة بينهما، ولي على ردها ملاحظتان:
الأولى: أنها كانت رفيقة بالأخ، رغم أنه المخطئ الأول، ولا يتساوى المخطئ الأول مع الثاني أبدًا، ولو صح ما أورده الأخ في رسالته عن ملابس زوجته أو أخلاقها، فإن هذا يؤكد سوء اختياره لنفسه، قبل أن نضع عليها بعض المسؤولية.
الثانية: السير باتجاه الإصلاح ليس هو الخيار الوحيد؛ لأن الانفصال يمكن أن يكون أخف الضررين، وبخاصة إذا ظل الأخ لا يرى أنه المخطئ الأول أو يستعجل إصلاح زوجته وكلاهما يبدو من المقدمات لمزيد من التعاسة والصدام، والصراع بالكلمات واللكمات.
وشكرًا لمشاركة الأخ المشارك من حيث هي اهتمام بشأن أخيه، ومحاولة لتطوير خدمتنا للناس.