بسم الله الرحمن الرحيم..
إلى السادة الأفاضل.. ترددت كثيرا قبل أن أرسل لكم مشكلتي، ولكن الحائر يطرق كل باب عسى أن تكونوا لنا عونا وترشدونا برأيكم الصائب إن شاء لله.
أنا شاب خليجي في أواخر العشرينيات، منذ سنتين تعلق قلبي بفتاة ذات دين وخلق وفكر ناضج وطبعا رغبت بالزواج بها من بداية تعلقي بها حتى لا أخوض في سبل الشيطان من علاقة ونحوها وكانت رغبتها أيضا.. لب المشكلة أن والدتي ترغب بتزويجي من قريبتي التي أعتبرها مجرد أخت لي، ولا أكن لها أي مشاعر، طبعا حدثت والدتي بعدم رغبتي بها مرارا وبجميع أوجه النقاش، ولكن لم تأبه بكلامي "وزعلت علي"، وأصرت على رأيها، علما بأن شخصيتها جدا قوية علينا جميعا ورغباتها وكلامها هو الذي يتم.. وأنا والحمد لله بارٌّ بها وهي الإنسانة الوحيدة التي لا أ قوى حتى على "زعلها"، وأخاف عليها كثيرا لما تعانيه من أمراض العصر فخطر ببالي أنا أتصل بقريبتي هذه، وأعلمها بعدم رغبتي بالزواج منها وفعلا فعلت ذلك.
كان ذلك قبل معرفتي بالفتاة التي أحببتها وطبيعي ردا لكرامتها وكبريائها قالت لي حتى أنا لا أريد الزواج منك بالرغم من حبها وتعلقها الشديد بي منذ صغرها، وتتمنى اللحظة التي أصبح زوجا لها فارتحت بردها لي، واعتقدت حتى إذا تقدمت لخطبتها أن ترفضني بعد مكالمتي لها، أصرت والدتي على خطبتها فقلت لها طيب وعلى أساس يأتي الرفض من العروس، وبذلك أكون رضيت والدتي، ولكني فوجئت بموافقة والدة قريبتي على زيارتنا لهم وهي ما يسمى بالنظرة الشرعية فأوكلت أمري لله، وذهبت مع أمي، وأنا على مضض جلسنا سويًّا، وكان شكلي وجميع تصرفاتي وكلامي توحي بأني مغصوب حتى تفهم العروس أني لا رغبة لي بها، وخرجت وقلت في نفسي أكيد أنها لن تقبل بي، وسكت على الأمر شهور لم يردوا علينا بجواب، وأحسست من أمي بعدم موافقتهم، وأن الأمور ليست على ما يرام بين أمي ووالدة الفتاة، فارتحت قليلا وبعد فترة فاجأتني أمي بالخطبة الرسمية بين الرجال، وحاولت معها عدة شهور، ولكن من دون جدوى مصرة على رأيها، وتقول أنا أعرف مصلحتك أكثر منك وبعد الزواج ستحبها.
وفي نهاية المطاف استسلمت لرغبة والدتي بعد مناقشات حادة وذهبنا لخطبة البنت من والدها وأنا على مضض طبعا فرحت والدتي كثيرا، وقالت أنا الآن راضية عليك، بينما أنا كل قلبي وعقلي مع الفتاة التي أحببتها، بقيت الخطبة لعدة شهور فكرت أن أتصل بالعروس وأكرر لها عدم رغبتي بالزواج منها، ولكن سيصل الكلام لوالدتي عن طريق والدتها؛ لأنه في المرة الأولى انهارت البنت عندما كلمتها وقالت لوالدتها ووصل الكلام لأمي "وزعلت علي كثيرا"، مضت شهور على الخطبة وأنا في حيرة من أمري، ولا أدري ماذا أفعل؟ وكل همي ألا أغضب والدتي مني، حددوا موعدا للملكة وهي ما يسمى عقد النكاح، وأنا اسودت الدنيا بعيني وعقد النكاح من شهرين تقريبا، ولا أشعر بأي فرحة وطبعا عائلتي وعائلتها وهي مغمورون بالسعادة، وازداد الأمر سوءا بالنسبة لي ففكرت أن أطفش العروس مني وأن أكون معها جافا حتى تكرهني، وتطلب بنفسها الانفصال عني لتكون جاءت منها، وليس مني، وبذلك أكون قد رضيت والدتي وبعد ذلك يتركون لي الخيار باختيار شريكة حياتي.
وفعلا كلمتها بعد النكاح ثلاث مرات فقط، وكنت معها جد بارد وزرتها مرة واحدة فقط وتحت الضغط من أمي وأمها وفعلا هي شعرت بذلك، وكلمت أختي وتسألها لماذا لا أكلمها ولا أزورها مثل أي عريس يود خطيبته ودائما أعتذر بأني مشغول، ولكن لا أدري إذا كانت هذه الطريقة ستنجح معها أم لا، وتفاجئني كعادتها لأنها تحبني جدا، ولا تريد أن تقول أو تفعل أي شيء يخرب العلاقة بيننا (مهدية اللعب لحين تتم الزواجة)، ويمكن أن تتنازل عن أشياء كثيرة في سبيل أن تتزوجني وفهمت مؤخرا من والدتي أنه في بالها عدم مكالمتي لها بسبب عدم إكثار المشاكل فترة الخطبة، وحتى يأتي موعد الزفاف وتجعلني تحت الأمر الواقع.
أنا في حيرة من أمرها.. ألهذه الدرجة تتحمل وتتنازل عن كرامتها وكبريائها في سبيل الزواج مني بالرغم من تصريحي لها بعدم رغبتي بها؟؟ في النهاية لا أريد أن أظلمها معي لا عقلي ولا قلبي معها، وأيضا لا أريد أن أنفصل عنها بعد الزفاف ويكون بيننا أطفال بما أننا الآن في فترة خطبة وأريد أن أنهي الموضوع بأقل الخسائر.
احترت في أمري وأدعو الله دائما أن يخلصني من هذا الكابوس؛ لأنني تعذبت كثيراً وعذبت الفتاة التي أحبها وتحملت كل ظروفي وتمسكت بي على الرغم من أنني ممكن أن أفرط بها رغما عني وبالرغم من أنها فتاة لا ينقصها شيء "وتستاهل شخصا أفضل مني" ومع ذلك تمسكت بي ورفضت كثيرا من الخطاب لأجلي، وقبل هذا كله حاولنا أن ننفصل عن بعضنا لعدة مرات، ولكن لم نقدر أبدا وكأن أرواحنا تآلفت، أرتاح جدا بمجرد تفكيري بقربها وهي أيضاً فماذا أفعل؟ وضعت كل الحلول أمامي، وكلها ستغضب أمي مني، ومنها فكرت أنا أصارح قريبتي بعدم رغبتي بالزواج منها الآن حتى تطلب هي الانفصال عني، ولكن سيصل الكلام لوالدتي بأي طريقة حتى لو حلفتها على كتاب الله بعدم قولها ولا أضمنها.
والآن شل تفكيري ولا أدري هل فكرة تكريهها بي ستنجح أم لا لدرجة أني فكرت أن أتزوجها إرضاء لأهلي وبعدها أتزوج الفتاة التي أحبها، ولكن هذا طبعا مستحيل من قبل الفتاة؛ لأنه لن تقبل هي أو أهلها برجل مرتبط، وللعلم لا أحد يعلم بحبي للفتاة من أهلي إطلاقا لأنهم لو علموا لأصروا على رأيهم بشدة أكثر نظراً للتعصب القبلي.. وأصبحت حائرا أمي بكفة، والفتاة التي أحبها بكفة، وأريد كسب الطرفين. أفيدوني وجزيتم عنا خيرا، وأتمنى أن يكون حلاً مصيباً للغاية، وأتمنى أن يكون الرد سريعاً على الإيميل؛ لأن موعد الزفاف حدد مبدئيًّا في عيد الفطر المبارك لذلك أريد أن أنهي الأمور سريعاً وبأقرب وقت لأن معاملات الانفصال تأخذ الكثير من الوقت.
أعتذر جدا على الإطالة، ولكن حتى أبين جميع جوانب الموضوع، وإذا كان هناك أي استفسار أرجو المراسلة.
جزاكِم الله خيراً وجعله في موازين أعمالكم الصالحة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
15/05/2023
رد المستشار
صديقي
جاءتني رسالتك بعد عيد الفطر للأسف.
البر لا يعني الطاعة العمياء وخصوصا عندما يتطرق الأمر إلى ظلم نفسك وظلم قريبتك.. يقول الله في كتابه العزيز: "يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين" إن ماتت والدتك بسبب رفضك للزواج من قريبتك فلا ذنب عليك على الإطلاق.
الصدق، وهو أهم شيء في علاقاتنا مع الله ومع الآخرين هو ما يجب أن تتمسك به... لا تتزوج من لا تحب أو من لا ترغب فيها.
على أي حال، لا أدري إن كانت من تحبها مناسبة لك أو إن كان هذا حبا حقيقيا أم أن الممنوع مرغوب... إنها حياتك ومن حقك أن تعيشها بالطريقة التي تختارها أنت... إن تزوجت من قريبتك فقد اخترت اختيار أمك ولا يصح أن تفعل هذا وتعتقد أنك لست مسؤولا عن نتائج هذا الاختيار.. أنت مسؤول في كل الحالات ولكنك لست مسؤولا عن ما إذا ماتت أمك حزنا على أنك لا تريد إتعاس نفسك وقريبتك.. ما تريده أمك ليس عدلا ولا علاقة له بالمحبة أو الرحمة.
ناقش والدتك في أسباب إصرارها على إتعاسك وقريبتك... مسألة أنها تعرف مصلحتك أكثر منك وأنك سوف تحبها بعد الزواج هي كذبة تريدك أن تصدقها .. لماذا؟ ما الذي يجعل قريبتك مهمة لوالدتك إلى هذا الحد؟
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب