السادة الأفاضل القائمون على هذا الموقع الرائع شكرا لجهودكم القيمة التي تدل على حس الضمير العالي لرفع مستوى أمتنا العربية.. وبعد في البداية أود أن أحيطكم من أني من المتابعين لهذه الصفحة الرائعة التي تنير بصيرة المتعطشين للحلول السليمة المبنية على قدر من العمق والرجاحة، ولي طلب صغير أرجو عدم التأخر عليّ بالرد لأني بحاجة لهذا الجواب في غضون شهر رمضان لأتخذ قراري، كما أرجو أن تتحملوا طول رسالتي، سوف أعطيكم نبذة عني لتمكنكم من فهم أبعاد مشكلتي.
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، متفوقة في دراستي، وعلى قدر كبير من الجمال والثقافة كما يصفني الآخرون، وكما كنت أجد نفسي سابقا.. وسوف أدخل في صلب الموضوع.. لقد طلقت منذ عام وبضعة شهور بناءً على رغبتي من ابن خالتي الذي لم أكن أريد الارتباط به منذ البداية، بل أهلي هم الذين أجبروني عليه بطريقة غير مباشرة، حيث إني أعيش في مجتمع قروي تحكمه عادات بالية منها أن الفتاة إذا بلغت سن 16 سنة ولم تتزوج فهي عانس، أعلم أن أغلب المجتمعات العربية تفكر بهذا الأسلوب، ولكن على الأقل ليس في سن السادسة عشرة تقدم لي في البداية ابن عمتي عندما كنت في المرحلة الثانوية ولم أوافق لعدة أسباب منها:
1-أن ابن عمتي قد تربيت معه مثل أخي، ولم أكن أتخيل يومًا أن يكون زوجي.
2- كنت في سن صغيرة جدا لكي أتحمل الزواج ومسؤولياته.
3- كنت أحب دراستي ولا أنوي أن أتركها أو أقصر فيها، وهنا كانت الطامة الكبرى لماذا ترفضينه؟ هل تحبين شخصًا آخر؟ ماذا يعيبه؟ وأخذت أشرح لهم أسبابي، ولكنهم لم يقتنعوا بها علما بأن أبي متوفى منذ ولادتي أي لم أره أبدا، وأمي متزوجة من عمي.. شقيق أبي، وهي تكبره بسنتين، وقد ربيت في البداية في بيت جدي لأبي مع أمي وإخوتي وعمي أي بيت العائلة الكبير، أمي سيدة طيبة جدا وحنونة، ولكنها خجولة حتى من أبنائها أي لا أستطيع أن أفتح معها حوارا؛ لأنها مثل ما يقولون "ست عايزة تعيش وتربي عيالها"، وهنا تكمن المشكلة فأمي تتحمل كل شيء من إهانات وسب وغيره في سبيل أبنائها، فكانت جدتي أم أبي هي الآمر الناهي في كل شيء حتى على جدي وعلى أبنائها، فلا يستطيع أحد أن يثنيها عن شيء سوى ابنها (عمي زوج والدتي)، وهي سيدة ترى أن البنت يجب أن تتزوج أول رجل يطرق بابها، وإلا فلن تتزوج، فعارضت الجميع بشدة بما فيهم إخوتي الكبار، وهم متسلطون بفعل تربية جدتي لهم، فلكي يكونوا رجالا يجب أن يستخدموا العنف مع البنت لكي يحكموها، فهددوني بعدم الذهاب إلى المدرسة فقلت لهم إن فعلتم أي شيء فلن أتزوجه، وأخذت أقول لجدي هل لأني يتيمة تتحكمون بي، فصفعني جدي، وبعدها انتهى الموضوع وأخبروا ابن عمتي بعدم موافقتي
ولكن من يومها والكل يتحاشاني ولا يكلمني جدي وعماتي عدا عمي زوج أمي فقد شرحت له وجهة نظري واقتنع بها، وعندما ذهبت للجامعة لم يكن إخوتي موافقين على ذهابي، ولكني أصررت، والحمد لله وتفوقت في دراستي، وعندما كنت في السنة الثانية خطبت لابن خالتي، لا أخفيكم كنت أعلم أنه يريد الزواج بي فقد كنت أسمع هذا الكلام من قريباتنا، ولكن لم أكن آخذ الموضوع على محمل الجد فلم يكن يعيبه شيء من الناحية الخارجية من حيث الشكل أو العائلة أو المستوى الجامعي، لكن لم أتصور أن أكون زوجته لأن أهله تربيتهم شديدة وصارمة جدا، بمعنى الحياة لديهم دراسة فقط أي الذي يفلح في الدراسة فقد وصل، كما أنهم كانوا عائلة انطوائية جدا لا علاقات.. ولا حضور مناسبات.. ولا أي شيء من هذا؛ أي الواحدة تتزوج زوجها فقط أي لا تخرج، ولا تكون لها صداقات عندها وافقت مع علمي من أن زواجي سوف يفشل فأنا ليس لدي أي ميل قلبي له بمعني أنني لا أحبه، ولا أريده زوجا لله في الله، "لم أعلم بطبيعتهم إلا بعدما عاشرتهم" أي لم أتمكن من أن أضع في بالي أنه معقد أو شيء من هذا القبيل فقد كانوا يسكنون منطقة بعيدة عنا.
خفت من المواجهة مع أهلي، وأن يحرموني من دراستي لا أعلم فوافقت، وتمت الخطبة، وأنا أحاول أن أتكيف لكن لم أقدر! فأخبرت أمي أني لا أستطيع الاستمرار وكلمته هو فوافقني في البداية، ولكنه تراجع وقال وأمك وأمي والناس قلت له أنا لن أكون سعيدة معك، ولن أسعدك فأخذ يقول أنا أحبك من زمان، وأعتقد أنه "مسوى لك عمل"، وأخذت أمي تردد نفس الكلام وأخي الكبير "معمول لك عمل وراح نشوف لك حل"، وأخذت أشرح لهم أني لا أرغبه لي كزوج ولا أستطيع أن أحبه أو أتقبله فأخذوا يقولون إنه جامعي، ولا ينقصه شيء، وفي وظيفة راقية ومن هذا الكلام… فأخذوا يحاولون معي ووصل الوضع لجدي وصفعني وهددني بفصلي من الجامعة؛ لأنه كان ولي أمري، وماذا سيقول الناس لو طلقت ولا عندنا بنات تطلق وظل الموضوع معلقا، وأنا أصر وهم يصرون حتى وصلت إلى مرحلة من الاكتئاب فأخذوا يقولون إنها "تتدلع وشايفه نفسها" لجأت إلى عمي أخي أبي ولكنه كان يقول البنت إذا طُلقت ولم يدخل بها زوجها لن تسلم من كلام الناس وأقاويلهم، فقلت له أليس من الأفضل أن أنفصل عنه الآن خير من بعد الزواج؟ لكنه لم يسمع كلامي حتى وافقت على الرجوع له، وتم الزواج ولم أستطع تقبل فكرة أن يلمسني، فكنت أعطيه ما يريد من غير أي رغبة في الجنس، بل أُصبت بتشنج في كل جسمي، كنت أخاف أن يلمسني فكنت أبقي جسمي مشدودا طول الليل لكي لا يلمسني فلم يستطيع أن يفضني إلا بصعوبة نتج عنها نزيف وألم فظيع كرهت عندها الجنس وكرهته أيضا، وقد كنت "على طول ساكتة وقرفانة غبر مبالية" بما يحدث لي أتمنى ألا يكون معي، وكل ذلك كان باديا على وجهي.
فالكل كان يرى شحوبي وضعف وزني إلى أن قلت له كذا مرة لو سمحت طلقني لا أستطيع العيش معك؟ وكيف تقبلني؟ وأنا لا أريدك فيقول بلا خرابيط وبلا عصبية فأخذت "أطفشه" لكي يطلقني، ولكنه كان يقول وأمي وأمك والناس ومن هذا القبيل إلى أن اشتكاني لأهلي فحضرت لهم وأخذوا يهددوني: أنت يتيمة، من سيصرف عليك؟ ومن سيتحملك؟ ومن هذا الكلام... قلت لهم "إلي يصير يصير" لم أعد قادرة على الاحتمال، الشيء الوحيد الذي كنت أجد نفسي فيه هو دراستي، ولكنهم كانوا يجدون أني عندما أتفوق في دراستي فأنا "أتفشخر" ليس إلا وانتهيت من الجامعة، وكان زوجي موافقا على أن أعمل في البداية ثم غير رأيه، وقال نحن لا نحتاج لوظيفتك قلت له أريد أن أجد ذاتي والهدف ليس ماديا، فقال لا يمكن، وكنت قد تقدمت إلى وظائف عدة والحمد لله أتتني عروض مغرية، ولكنه لم يكن يعطيني الموافقة لكي أرفقها بأوراقي فخسرتها جميعا، ومنها فجرت الموضوع مرة ثانية، وقلت له أن يطلقني فرفض وكلم أهلي ووقفوا معه وهددوني بعدم الذهاب للشغل أو الخروج في حال الطلاق فوافقت لأني ساعتها قد وصلت إلى مرحلة من الاكتئاب من قلة النوم، وضعف الشهية واليأس والقلق وفقدان الأمل فتم الخلع، وجئت إلى بيت عمي هنا منذ سنة و6 شهور تقريبا، وأنا أشعر بالملل والفراغ الشديد فعرض علي أخي الذي يقيم بالخارج هو وزوجته أن أذهب معه وأكمل دراستي أو على الأقل أدرس لغة وبعدها أتقدم لوظيفة علما أن أهلي قد غيروا موقفهم من حيث عملي، فقد سمحوا لي عندما أبديت رغبتي بالسفر للخارج مع أخي، وبالفعل تقدمت لعدة وظائف لكن لم أستلم أي رد إلى الآن بالذهاب إلى الخارج فأخذوا يقولون لماذا تذهبين أنت عندك شهادة؟ فشرحت لهم أن جميع الوظائف المتاحة الآن تتطلب إلماما باللغة الإنجليزية فوافقوا بعد محاولات.
وتكمن المشكلة في أن أمي تعبت خلال هذه الشهور، ولم نعرف سبب مرضها فهي من مستشفى لآخر مرة يقولون بسبب تغيرات السن، ومرة ضغط ومرة ضعف دم، علما أنها في الثامنة والأربعين، فأخذت تصاب بألم شديد في الظهر واليدين، لدرجة أنها لا تستطيع الحركة، مشكلتي تكمن في شقين: أمي غير موافقة على ذهابي من داخلها أي تقول لي تريدين الذهاب اذهبي، لكن أنا أريدك أن تظلي بجانبي أنا مريضة مَن سوف يخدمني؟ علما بأني البنت الوحيدة لديها. والمشكلة الثانية في مصاريف الدراسة حيث إن لدي مبلغا من باقي ورثي من بيت أبي أي حصتي من المنزل الذي يسكنه إخواني فعندما طالبتهم بحقي بعضهم قال نحن لا نملك مالا الآن اصبري وواحد منهم وهو بخيل جدا ولديه المبلغ أخذ يقول أنا لن أشتري حصتك تريدين أن تسكني تعالي ابني لك غرفة
أنا في صراع بين أن أحقق هذا الحلم وبين موقف أمي
أخاف أن أسافر وهي غير راضية من داخلها فلا يوفقني الله .
1/6/2023
رد المستشار
صديقتي
كيف تعرفين حقيقة أن أمك غير موافقة على سفرك من داخلها؟؟ قد يكون هذا تكهنا واقعيا بسبب معرفتك بها وبأسلوبها ولكن حدسك لا يمكن أن يعتبر الحقيقة الواقعة... اسألى أمك صراحة وناقشي الأمر معها.
بالنسبة لمسألة مصاريف الدراسة فلا أعلم ما هي الملابسات مع أهلك من حيث الميراث ومالك لديهم... إن وافقت أمك على السفر فيجب رسم خطة لتكلفة الدراسة أو ما أنصحك به هو دراسة اللغة قبل السفر.. يمكنك دراسة أي لغة بالمجان على الإنترنت ويمكنك الوصول إلى البراعة فيها بمجهودك ودأبك... هذا في الحقيقة لا يحتاج إلى مصاريف إن كانت لك رغبة حقيقية في تعلم اللغة.
ليس هناك ما يمنعك من تحقيق أي شيء تريدينه حقيقة سوى خوفك من الفشل... السؤال هو ماذا تريدين حقيقة ولماذا؟
تريدين السفر للهروب من الملل؟ هذا لن ينفع على المدى الطويل... عليك بالبحث مع نفسك ومعرفة ما تردينه وليس ما تريدين الهرب منه.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
واقرئي أيضًا:
أهاجر أم أراعي والدي؟ أنت وفلسفتك!