ماذا أفعل؟ انصحوني
أنا فتاة جميلة والحمد لله ومحجبة، ولكن عانيت قبل أكثر من سنتين من حالة اكتئاب ووسواس قهري؛ فراجعت الطبيب المختص وداومت على نوعين من الدواء حتى الآن، والآن حالتي مستقرة الحمد لله، ولكني أعاني من انعكاس في حالتي عند التعرض "للزعل".
تعرفت بعد تخرجي في الجامعة على صديق أخي وهو من الأقارب أيضا، ولكن لم أتعرف عليه إلا بعد تخرجي، وكان هذا التعارف بقصد إيجاد عمل لي؛ حيث إن لديه شركة كمبيوتر في نفس تخصص دراستي، ولكن لم يحصل النصيب في إيجاد العمل واستمرت العلاقة بهدف مساعدتي في تصميم برامج الكمبيوتر، وكنت أعتبره صديقا مخلصا لا غير، وهو متزوج منذ 4 سنوات، ولديه ولد أنجبه عن طريق الأنابيب كون زوجته لا تنجب.
قبل شهرين تقريبا اعترف لي بحبه وكان واضحا أنه يحبني بشدة، وأحببته أنا أيضا بشدة، خصوصا أني كنت معجبة بشخصه منذ البداية، وأخبرني أنه غير سعيد مع زوجته؛ فهي لا تعتني بنفسها بتاتا، وتبدو وكأن عمرها 60 سنة؛ بالإضافة إلى أنهما غير متفاهمين مع بعضهما بتاتا، حتى إنها اعتادت أن تقضي أياما عديدة عند بيت أهلها، ومنذ سنة وكل واحد منهما ينام في غرفة مستقلة عن الآخر، فهو يريد زوجة تعتني به وتفهمه.
طلب مني الزواج ولكنه لا يريد الطلاق من زوجته، وذلك من أجل ابنه؛ فهو لا يريد أن يحرمه من أمه، ولا يريد أن يحرم أمه منه أيضا، وفي نفس الوقت فهو يحبه بشدة، ولا يستطيع الاستغناء عنه، وزوجته طلبت منه أن ينجبا طفلا آخر، وينوي أن يلبي طلبها؛ لأنه يعتبره من حقوقها، ولا يريد أن يظلمها بتاتا.
أما بالنسبة لي فلا أستطيع أن أكون زوجة ثانية؛ فأنا أحلم بزواج مثالي؛ بحيث يكون زوجي لي وحدي، ولا يشغله عني أي شيء؛ بالإضافة إلى أني أغار كثيرا؛ فأجبته بالرفض، وتحطم قلبانا، وأنا الآن أعاني من الفراق؛ فأنا فعلا أتمناه زوجا لي وحدي.. فأرجوكم أن تشيروا علي ماذا أفعل؟.
8/6/2023
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك، وأسأل الله أن يديم تحسن حالتك التي وصفتها بأنها كانت اكتئابا ووسواسا قهريا، وهما صنوان متلازمان في كثير من مرضانا، وقد يكون الاكتئاب ناتجا عن الوسوسة أو قد تكون الوسوسة واحدة من أعراض الاكتئاب تصبغه بصبغتها.
وأنت لم تذكري لنا تفاصيل تسمح لنا بمعرفة أكثر بأعراض حالتك، إلا أن تساؤلا يبرز هنا وهو لماذا أنت مستمرةٌ على عقَّارين من العقاقير حتى الآن؟ فالمفترض بعد التحسن التام أن يستمر لمدة سنتين كاملتين في حالة كون اضطراب الاكتئاب هو الأساس، ويعني هذا في حالة اتخاذ الأطول والأحوط أن الاستمرار سنتين على العلاج سيكون أفضل ما دامت تلك هي النوبة الأولى في حياة المريض، فهل أصبت بشيء من الاضطراب النفساني قبل هذه المرة التي تصفين؟ أو هل هناك تاريخ عائلي مرضي مثلا؟.
هذه أسئلة مهمة لأنها هي المبرر الوحيد للبقاء طويلا على العقَّاقير العلاجية، إلا في حالة كون طبيبك النفساني المعالج هو من نوع الطبيب النفساني الكيميائي الذي لا يمارس أي شكل من أشكال العلاج النفسي الكلامي، وأهمها الآن هو العلاج السلوكي المعرفي.
أحسب أن هذه هي الجزئية الأولى من استشارتك، والتي رغم عدم اهتمامك بها تبدو مهمة بالنسبة لي، لأنها قد تكون سببا في انخفاض تقديرك لنفسك على اعتبار أنك مريضة نفسية لا تستطيع الحياة بلا دواء، وهذا كله بالطبع تخمين قد يصيب وقد يخيب، والله أعلم.
وأما الجزئية الثانية في إفادتك الأهم من وجهة نظرك بل هي سبب استشارتك لنا؛ فهي ماذا تفعلين؟ ماذا تفعلين في أمر ميلك العاطفي لذلك الرجل المتمسك بزوجة لم تنجب له إلا عن طريق التلقيح المجهري خارج الرحم، وهو سيكرر تلك التجربة معها هي مرة أخرى -بما أفهم منه أنك إذا تزوجته فلن تكون ذريته منك كافية له- والله يا ابنتي إن هذا كله غير مطمئن بالنسبة لي خاصة وقد عرفت أنك لا ترضين أصلا بأن تكوني زوجة ثانية!.
أنت اتخذت القرار السليم السديد طبعا عندما رفضت عرضه بأن تكوني زوجة ثانية، ولكنك تبدين كمن لا تزال تراجع نفسها وتستشعر عذاب قلبها وقلب من تحب، ومعنى هذا أنك قد تضعفين وتقبلين بأقل مما تستحقين أو لنقل بغير ما تستطيعين التعايش معه، أليس كذلك؟.
أحسب أنك تريدين زوجا فهل هذا الرجل هو الزوج المناسب؟!! من المحتمل جدا أنه يبغي بعضا من التسلية والتجديد في حياته وربما لو طاوعته وضحيت اليوم ينصرف عنك غدا، إما لأنه يبحث عن التجديد مع الأخريات، وإما لأنه آثر أن يعود لصوابه ويكف عن لعب دور المراهق، وأيا سيكون السبب؛ فالمهم أن المحصلة ستكون واحدة وهي أنه قد يقطع علاقته بك، فماذا تنتظرين لتدركي أنه لا استقرار ستجدين في هذه العلاقة!!، ومن هذا المنطلق عليك بأن تتعلمي قتل حبك ودفنه وذلك بالوسائل التالية:
- تجنب التفكير في هذا الحب، والعمل على شغل الجهد والوقت بكل ما هو مفيد ونافع.
- وتأكدي أن قلبك قادر على أن يحب غيره والقلب ما سُمِّيَ قلبا إلا لتقلبه، ويومها سيكون حبا أكثر نضجا وأكثر وعيا؛ لأنه حب في محله وللشخص المناسب. واعلمي يا أختي أن الأمر في بدايته سيكون صعبا ومؤلما ولكن مرور الوقت يخفف من شدة الأحزان ويداوى الجراح.
- ما رأيك يا ابنتي أن تبدئي في الاهتمام بمجال عملك، ألم تصلي بعد إلى مرحلة من الكفاءة تسمح لك بأن تقطعي علاقتك بهذا الشخص؟ وأقول لك ما قالته الدكتورة سحر طلعت في ردها على صاحبة مشكلة: حبيبي متزوج.. أريده بجواري.كذلك عليك أن تطلبي علاجا نفسيا سلوكيا معرفيا وتدعيميا من طبيبك النفساني المعالج أو أن يرشدك إلى من يستطيع القيام به، واعلمي أن منطق الحب يا ابنتي مختلف عن منطق الزواج وأنه يوضح لك منذ البداية أنك طارئٌ لذيذ في حياته يتمناه ولكنه سيستمر في حياته الأولى ويوفيها حقوقها فإن قبلت فليس حراما، لكن عليك أن تقومي بوزن كل شيء جيدا وبتفوق وإياك أن تتسرعي بالقبول تحت أي ضغط.