السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
إلى أحباء قلبي القائمين على موقع "مجانين"، لكم أطيب التحيات على جهودكم المشكورة في إنارة المجتمع وجهودكم في إيقاف دفن الرؤوس في الرمال وإغلاق الأعين والآذان عن مشاكل وبؤر كثيرة في المجتمع.
أحبائي.. أعرفكم بنفسي أنا فتاة عمري 22 سنة، من إحدى دول الخليج، طالبة في الجامعة، أدرس أرقى التخصصات، عملية في حياتي وفي تفكيري، وذكية والحمد لله من عائلة كبيرة العدد، الأفضلية فيها للابن الذكر ولو كان فاشلا في حياته، عائلة لا عواطف بين أفرادها؛ لأن آباءنا تربوا تربية جافة عاطفيا... كنت في السابق "قطة مغمضة"، لا أفهم ألف باء في الجنس أو العلاقة الزوجية، ولا مجال عندي للحب أو مجرد المعرفة عن أمور الزواج أو الجنس، هذا الكلام كان قبل بلوغي سن 21 سنة. وكان هناك شاب عمره 35 سنة دائم السؤال عني وتقصي أخباري، وأنا كنت كاللوح لا ألتفت إليه، وبالمقابل هو يتعلق بي أكثر وأكثر، ويراني عصية وفتاة نقية طاهرة لم تعرف شابا في حياتها، أي كنت المرأة قليلة الخبرة والتجارب، المرأة المثالية التي يتمناها ويعشقها الرجل الشرقي.
هذا الرجل متزوج وله أطفال، غير سعيد في حياته، يعمل في وظيفة مرموقة ومن عائلة محترمة لها مكانتها في المجتمع.. المهم بعد ملاحقة دامت 3 سنوات، عرف رقم هاتفي النقال، واتصل بي، وبعد السب والشتم الذي وجده مني، لم ييأس وفي النهاية كلمته، وكان يكلمني كل يوم، المهم في غضون شهر ونصف أحببته حبا لا يوصف، كان أول حب في حياتي، حرك أنوثتي النائمة، أرواني عاطفيا، حلق بي في السماء، عرفت ما هو الحب والسعادة، صارت حياتي أحلى لأنني أصبحت أراها من عدة زوايا، وليس من زاوية العلم والدراسة فقط.. طلب أن يراني تمنعت وتمنعت ثم تمنعت، لكنه حبيبي ولا أرضى أن أغضبه، رآني وخرجت معه في السيارة (هذه بداية التنازلات)، لم يلمسني قط لأنني اشترطت عليه ذلك، ثم تكررت اللقاءات، أحسست بالانجذاب نحوه، لا تلوموني، أعطاني ما لم يعطني غيره، سمح لنفسه بتقبيلي وحضني وملامستي وأنا رافضة وأدفعه بعيدا وأصرخ، بينما هو يزداد ولوعا بي، إنها هي التي لم يلمسها أحد قبلي، ثم ما لبث الأمر أن صرت أتقبل الوضع، بل وأشاركه.
نهاية الموضوع واختصارا للأحداث أننا صرنا كأننا زوجان، ولكني ما زلت عذراء كما يريد مجتمعي لأثبت أنني عفيفة لم يلمسني أحد، يال سخف المنطق! حبيبي يعرف كيف يتعامل مع الأنثى، لذلك صرت أنا من يطلب رؤيته، ومن خلال هذه اللقاءات، تعلمت فنون وألوان وخبرات الجنس، خبرتي قد لا تضاهيها خبرة امرأة متزوجة.. وحبيبي يرفض أن يعاشرني معاشرة كاملة ويقول: لن أظلمك معي، لك ما تريدين بعد الزواج.. هذا الزواج الذي قد يطول أو لا يحصل لعدة أسباب منها أن حبيبي غير قادر ماديا الآن، وفرق العمر، وموضوع زواجه، وغيرها من تعقيدات المجتمع، ولكني أؤكد أنه ينوي فعلا الزواج مني، متى؟ لا أعلم!
أحبائي، أنا لا أشكو لكم شكي في صدق حبيبي، لأنني أضمنه وأثق فيه أكثر من نفسي، وأنا لست ساذجة ليضحك علي. وأنا من المداومين على زيارة موقعكم، وقرأت موضوعكم حول سيكولوجية الرجل الشرقي، وكانت هذه بداية الصحوة مما أنا فيه، وقرأت قصص الفتيات المشابهة لما أنا فيه، وقفت وقفة جادة مع نفسي، أنا أحبه وأعرف أنه يحبني وسيتزوجني بإذن الله، ولكن إلى أن يأتي ذلك الوقت لا يريدني أن أحرمه تلك اللحظات الحالمة، ولكن الله سترها معنا كثيرا، فلماذا أستمر إلى أن يكتشف أمري؟ (على فكرة، أنا كنت أظن أنني غير آثمة فيما أفعل طالما أنني لم أسلمه نفسي، رب سامح جهلي وغبائي، وسامحه هو كذلك) الآن قررت في نفسي ألا أرى حبيبي، أريد أن أوقف هذه المهزلة، وأحرم نفسي منها لوجه الله تعالى؛ لأنني عرفت أن ما أفعل لا يجوز دينيا (عرفت ذلك من صفحتكم الموقرة)، وأيضا أنا تبت لله مما فعلت، وعسى أن يغفر الله تعالى لي وله.
آسفة يا ربي أنا سأفاتح حبيبي في الأمر وأطلب منه أن نقطع علاقتنا إلى أن يتقدم لخطبتي بشكل رسمي، هذا إن أراد ألا أضيع من بين يديه. ولكن يا أحبائي أنا أقاسي وأعاني، أنا جائعة لأنني تذوقت لذة الارتواء العاطفي والبدني، فكيف لي أن أعوضه؟ تعلمت العادة السرية وماهيتها، ولكنها حرام أيضا، وتعلمت أيضا ممارسة الجنس عن طريق الهاتف والإنترنت، ولكن هذه كلها قذارة وغير طبيعية.. أنا متعبة ومرهقة، أمامي الآن 3 حلول إما أن أستمر في لقاء حبيبي، وأما أن أشبع نفسي بالعادة السرية، أو أحتسب أجري عند الله تعالى وأصبر على المكاره وهذه الحياة التي تكوينا بالمثيرات والشهوات.. فهل سأضمن نفسي ووازعي الديني؟
عندي سؤال أيضا وهو: هل ما كتبت ووضحت يعتبر من المجاهرة بالمعصية بعد أن ستر الله علينا؟ أنا والله العالم لم أقصد أن أزين الموضوع لغيري ولكني ذكرت تلك التفاصيل لتكونوا على بينة ومن ثم تسدوا إلي بالنصيحة.
النقطة الثانية التي أود طرحها إذا قدر الله ولم يحصل نصيب بيني وبين حبيبي -وأنا نفسيا صرت أتقبل الموضوع- وتزوجت غيره، أقولها لكم وبصراحة أنني سأمثل على زوجي أنني لا أعرف أي شيء عن الجنس، وأنني طفلة صغيرة تخشى هذه الأمور، بالرغم أني أملك دكتوراه في الجنس وفنونه، ولكن لا أحتمل تناقض فكر الرجل الشرقي في هذه الأمور، الرجل الشرقي يريد أن يتمتع بالجنس ولكن الشك يساوره من كل صوب، لذلك سأمثل عليه، ثم بالتدريج سأظهر مهاراتي على أساس أنني تعلمتها منه ومعه، وبالتالي أتخلص من وجع الدماغ.. اسمحوا لي تشتت أفكاري والإطالة، فلا أملك غيركم أستشيره وأثق فيه لكتمان أسراري، أرجو منكم ومن القارئين والقارئات ألا تحتقروني لما فعلت، لا تخالفوا طبيعة النفس البشرية وحاجتها للحب والعاطفة والجنس، بالذات في هذه السن، حاجات نفتقر إليها في عائلاتنا، وعندما نجدها في شاب، تستميت الفتاة في حبه لأنه أعطاها ما تريد، فلا تلومونا أيها الآباء والأمهات، ولكن ابحثوا عن الحل قبل أن تسوء الأمور أكثر فأكثر.
أحبائي: أنتظر الحل، وشكرًا من أعماق قلبي على كل جهد، مهما كان أشعر أن الله رحمني وقدر لي أن أزور موقعكم وأقرأ تلك الردود والمواضيع، ولولا ذلك لكنت قد انزلقت فيما هو أكبر وأمر. شكرا أحبائي.
10/6/2023
رد المستشار
أرسل لي د. وائل هذه الاستشارة وقال لي: ما رأيك؟ قرأت الرسالة مرات ومرات، وكلما قرأتها ازددت غيظًا، فالرسالة (والتي قمنا بحذف أكثر من ثلثيها) تبدأ بمقدمة فيها مديح من النوع الثقيل لصفحة استشارات مجانين (وقد تم حذفه) وبعد ذلك وصف الكثير من التفاصيل الدقيقة للعلاقة بين كاتبة الرسالة ومن تصفه بأنه حبيبها.
والتساؤل الذي كان يدور في ذهني هو: ما الغرض من كتابة هذه الرسالة بهذه الصورة المستفزة؟! هل هي رسالة تحكي وقائع حقيقية؟ ما هي النية التي كتبت بها هذه الرسالة؟ وما هو مبرر المدح الموجود في أول الرسالة لصفحتنا؟ هل المقصود أن تظهر صفحة استشارات مجانين على أنها ترضى أو توافق أو حتى تغض الطرف عن الفواحش؟ أسئلة كثيرة دارت في ذهني، ولكنني في النهاية قررت أن أغلّب حسن الظن وأن أصدق أن هذه الرسالة تحوي قصة فتاة أخطأت وتمادت في الخطأ حتى الثمالة، وهي الآن تهم بالتوقف عن مسلسل التردي هذا، فلا مناص من أن نقدم لها العون لو كانت فعلا راغبة في عوننا.
ولكن قبل أن أتوجه بكلماتي لها أحب أن أؤكد على أن صفحة استشارات مجانين كما نؤكد دائمًا تحاول أن تقدم ضمن ما تقدم الثقافة الجنسية الرامية للجميع بأسلوب رصين وعلمي ودقيق بعيدًا عن الإثارة، فمن وجد في صفحتنا ما يثيره وما يحرك شهواته فلا يقر بها، وعمومًا الإناء ينضح بما فيه، فإذا كانت كلمات الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم هدى وشفاءً للمؤمنين وعمى للذين في آذانهم وقر: ((ولو جعلنه قرآنا أعجميًا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى..)) فهل لنا أن نقارن بين كلمات رب العزة وكلماتنا نحن البشر.
أما أنت يا بنيتي فأقول لك إنني كلما تعمقت في قراءة رسالتك أتساءل متعجبة: كيف يا بنيتي الحبيبة هانت عليك نفسك إلى هذه الدرجة؟ وها أنذا أكتب ردي لك، وأنا أحاول أن أستعمل معك أقصى درجات ضبط النفس، ها أنذا أكتب ردي عليك وأنا أتمنى أن تكوني أمامي لأمنعك بكل وسيلة من سلوك السبيل الذي سلكته بإرادتك وأنت مستمتعة وراغبة، فإن تعذر اللقاء وشاءت إرادة الله سبحانه أن يكون اتصالنا عبر الإنترنت وعبر كلمات مقروءة، فاسمحي لى وتقبلي منى بعض القسوة في ردي على هذه القسوة لتفيقك من غفلتك وتردك وتردعك عن سلوك سبيل التردي الذي تستمتعين به، على أن تتأكدي من أن دافعي وراء هذه القسوة لم يكن إلا الحب المخلص لك والخوف الشديد عليك، فالله سبحانه وتعالى يعلم أننا نعتبركم جميعا إخوة وأخوات وأبناء وبنات لنا.. ولذلك سيكون ردي عليك وإن كان ظاهره القسوة إلا أن باطنه من قبله الرحمة والشفقة بك والحب الخالص لك والخوف الشديد عليك، وأنا أدعو الله سبحانه أن يبث في كلماتي القوة لتصل إليك وتدركي معانيها بقلبك لتدفعك دفعا لإعادة النظر في حياتك كلها وتقييم تصوراتك.
ومن خطابك وكلماتك يمكننا استخلاص ما يلي:
• لقد أسأت التصرف في حق نفسك، فأنت تقولين إنك فتاة عملية وذكية في تفكيرك وتدرسين في أرقى التخصصات، فأين العملية فيما تفعلينه؟ أنت تقدمين نفسك قربانا على مذبح الحب دون أي مقابل! هل هانت عليك نفسك وكرامتك إلى هذه الدرجة؟ وتبررين ذلك بالحصول على اللذة، فبالله عليك أي لذة تستشعرينها وأنت تفعلين ما تفعلين؟ وهبي أنك تشعرين اللذة لأن الإيمان قد نزع من قلبك في هذه اللحظة كما أخبرنا الرسول الكريم حيث قال صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.."، ألم تستشعري الندم على خطئك في حق ربك وفي حق نفسك؟ هل كنت تصلين؟! بأي وجه كنت تقفين بين يدي رب العزة؟ هل شعرت يوما بما كانت تشعر به أختك صاحبة مشكلة بداية طريق النور؟ وأرجوك ألا تحاولي تبرير ما حدث وما يحدث لنفسك ولنا بادعاء أنك لم تكوني تعلمين بحرمة ما تفعلين؟ فهل هناك فتاة ذكية وعملية لا تدرك خطأ التواعد والخروج مع رجل لا يمت لها بصلة؟! وهل هناك فتاة ذكية وعملية لا تدرك خطأ الخلوة بالأجنبي والتواصل الجسدي معه؟ وهل هناك فتاة ذكية وعملية لا تدرك خطأ أن تتجرد من ملابسها (بعضا منها أو كلها) أمام أي إنسان فضلا عن أن يكون رجلا غريبا عنها ولا يمت لها بأي صلة؟
وإلا فلماذا كنت تتمنعين طيلة ثلاث سنوات كما تقولين؟! حتى هذه الثلاث السنوات مشكوك في أمرها، فحسب قولك إنه بدأ يطاردك قبل أن تتمي 21 عاما، والآن وبعد كل هذا الكم من التدريب والتعلم والإمتاع والاستمتاع تقولين بأن عمرك لم يتجاوز 22 عاما، فأين الثلاث السنوات التي تتحدثين عنها والتي قاومت فيها بشدة تقربه منك حتى أصبحت عنده الفتاة التي يتمناها؟!! ثم ما هو المبرر الذي تقدمين من أجله كل هذه التنازلات (وأعتقد من كلامك أنك لا تعتبرينها تنازلات فأنت لم تخسري في الظاهر شيئا وبكارتك ما زالت على حالتها فما الضير من أن ترفلي في بحور المتعة الآثمة طالما أن ضميرك مخدر ونائم). وأقول ثانية: ما المقابل الذي تقدمين من أجله ما قدمت؟ وعد بزواج تعلمين جيدا في قرارة نفسك أنه لن يتم وهناك ألف سبب وسبب يمكن لهذا الرجل أن يتذرع به ويراوغ، وحبيبة القلب متفهمة وتتقبل أعذاره الاقتصادية والاجتماعية، والأمر غير ذلك، فما الذي يدفع هذا الإنسان ليتقدم طالبا يدك وهو يحصل منك على كل ما يريده وأكثر، دون أن يطلب؟ وعلى العكس فأنت من تطلبين المزيد كما وكيفا.
وأرجو ألا تتصوري أنه لا يريد إتمام العلاقة بك خوفا عليك من الفضيحة ولكنه لا يريد ذلك خوفا على نفسه من التورط فيما لا يمكنه إصلاحه.. ثم تقولين: أنا لست ساذجة ليضحك علي! وأنا أدرك جيدا من كلماتك أنك لست ساذجة؛ فهو لا يضحك عليك وأنت تدركين أنه لن يتزوجك، وتدركين جيدا ما تريدين، وترتبين حساباتك بناء على ذلك فعذريتك محفوظة، والآن أنت تحاولين رسم تفاصيل علاقتك مع الزوج المخدوع بحيث تظهرين في صورة القطة المغمضة التي يريدها.
• هذا الإنسان متزوج، يشتكي من أنه غير سعيد في حياته الزوجية (وبالمناسبة هذه هي الشكوى المكررة والممجوجة لكل زوج يريد أن يجد متعته مع واحدة غير زوجته، وهي الطُّعم الذي يلقيه الرجال وأحيانا النساء لاصطياد الفرائس)، زوجته هذه إنسانة قد تكون ساذجة وليس لها ما لك من مهارة وحنكة في أمور الإمتاع، وبالإضافة إلى أنها تعاني من انصراف زوجها عنها عاطفيا وبالطبع فهو -كمعظم الأزواج وبالذات من ينشغل منهم بتحصيل متعته الخاصة- يلقي على عاتقها معظم هموم البيت والأولاد، فهل يتوقع منها أن يكون أداؤها مساويا ومكافئا لأدائك؟ هل فكرت للحظة واحدة في هذه المرأة التي أفسدتِ عليها زوجها؟ وهل تصورت حالك إذا دارت بك الدوائر وتقدمت بك سنوات العمر وتعاظمت الأحمال فوق ظهرك، فجاءت أخرى لتحصد ما زرعت وتستمتع بما غرست، هل ستسعدين بحالك ساعتها أم أنك ستعضين أصابع الندم، وتدركين أن الله سبحانه يمهل ولا يهمل؟!! وإذا كنت قد آلمت زوجته وأذنبت في حقها أيما ذنب، فإن ذنبك يتضاعف لأنك صرفت أبا بقلبه وعقله عن ثماره التي كان ينبغي عليه أن ينشغل برعايتها، وصرفته عن مزرعته التي كان ينبغي عليه أن يحسن رعايتها ويراعي زهورها.
• فإذا كنت قد أخطأت وأذنبت في حق نفسك وعقلك وجسمك؛ وإذا كنت قد أذنبت في حق زوجته وأولاده؛ وإذا كان كل منكما مذنبا في حق الآخر بما قام به من تزيين الغواية وممارسة الرذيلة؛ وإذا كنتما معا متشاركين في إثم استسهال واستصغار الكبيرة وهو ذنب كبير في حق خالقنا وبارينا لا يتساوى بأي حال من الأحوال مع ذنب يصيب مرتكبه بندم العمر كله؛ وإذا كانت استشارات مجانين قد نجحت في أن تكون ناقوس الخطر الذي يقرع أذنيك سواء من خلال ما طالعته من مشاكل أو من خلال ردنا عليك؛ فلتتوقفي حالا عن هذه المعصية (التي تصفينها باللذيذة! ولا أدري ما وجه اللذة في معصية تورث الندم والكمد العمر كله وتنذر بسوء العاقبة في الآخرة؟!!) وغيرها من المعاصي. استغفري ربك ليل نهار واسكبي الدموع والعبرات بين يدي خالقك عساه أن يتوب عليك ويسامحك، ولا تتواصلي مع هذا الرجل بأي وسيلة من وسائل التواصل، وكلما شعرت بالضعف الجئي إلى الله سبحانه والتمسي منه العون والقوة، فهو سبحانه أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله بأرض فلاة. ونحن معك حتى تعبري أزمتك هذه ويسعدنا أن نتواصل معك متى شعرت بأنك تحتاجيننا.
وتبقى مشكلة جسدك المتوقد الذي يبغى الإشباع: أعلم أن ضغط الشهوة شديد، ولكنك جئت تسأليننا عن حلول أحلاها مر (الزنا والعادة السرية وممارسة الجنس عبر التليفون وغيره) فهل تريدين منا أن نعطيك صكا بممارسة الزنا؟! نحن لا نملك هذه الصكوك ولا نجد إلا قول الرسول الحبيب الذي جاءه شاب يطلب منه الإذن بالزنا، فقال له: هل ترضاه لأمك؟ هل ترضاه لأختك؟ ونحن بدورنا نقول لك: هل ترضين من زوجك أن يخونك مع أخرى؟!! خالقنا يعلم جيدا بحالنا ولم يجعل لنا مصرفا إلا الزواج، فلقد جربت طريق الفاحشة وستر الله عليك فلا تستهيني بستره.. والعادة السرية لا تسمن ولا تغني من جوع، فضلا عن أنها أيضا تورث الإحساس بالذنب، ولا يوجد سبيل إلا الزواج، فانظري في حالك: هل يمكنك التنازل عن متطلباتك المالية وهل ستتمكنين من إقناع أهلك بالزواج ممن تقولين عنه إنه حبيبك وهل سيقدم هو على خطوة الارتباط بالفعل؟ أم أن الأفضل لك أن تتزوجي من غيره؟ على ألا تسمحي ساعتها لحبك الأول أن يفسد عليك حياتك كما أفسد على الكثيرين غيرك.
• أما بالنسبة لتساؤلك عن كيفية تصرف الزوجة الخبيرة والعالمة بفنون الاستمتاع مع زوج يريدها كالقطة المغمضة، فأعتقد أن هذا الأمر قد تغير كثيرا في عصر الإنترنت، وأفضل حل أن تتفاهم معه أثناء فترة العقد على أهمية أن يتعرفا ويتدارسا معًا فنون المتعة والإثارة من الكتب أو من المواقع المحترمة، وساعتها سيكون اكتسابها للخبرة والمعارف مبررًا.
• أشرت في رسالتك لغياب الدعم العاطفي الأسري، وهو أمر يحتاج وبشدة لمراجعات طويلة، ولكن هذا الأمر ينبغي ألا يكون بأي حال من الأحوال مبررًا للارتماء في أحضان الشيطان أو في أحضان من يجيد نصب شباكه ويجيد معسول الكلام، والأولى بجيل الأبناء أن يبحث فيمن حوله من المحيطين عمن يمكنه من أن يقدم الحب والحنان والدعم العاطفي والنفساني، وقد تكون في حالتك الأم.. الخالة.. العمة.. أخت أو أخ أكبر.. جارة.. دكتورة في الجامعة... أو غير ذلك ممن يمكن أن تجدي فيهم الصدر الحنون وما تحتاجينه من حب ودعم عاطفي ونفسي.
• ابنتي الحبيبة: نحن أحرص الناس على أن نراعي الفطرة وحاجة الإنسان للإشباع العاطفي والجسدي، على ألا تكون هذه الحاجات مبررًا للتجاوزات، فإذا ضعف الإنسان أمام حاجاته ورغباته فعليه أن يسارع بالتوبة وألا يغتر بستر الله عليه ويتمادى فيما يفعله، وهذا ما نؤكد عليه دوما، وهذا ما نطالبك به الآن وفورا وبدون أي تردد إذا كنت فعلا ترغبين في رضا الله وعفوه... وفي النهاية أرجو ألا تغضبي من قسوتي عليك فلقد اعتبرت نفسي أمٍّا لك ومسؤولة عنك، وحبي لك وحرصي عليك يستوجب أن تكون لي معك وقفة ووقفات، وواجبك ألا تبخلي على أمك بكلمات تطمئن بها على استقرار أحوالك.
ويضيف د. أحمد عبد الله:
لا أعلم الغيب، ولكن أرى في نص المشكلة مفارقات، في الشكل والمضمون تدفعني إلى الاعتقاد بأنها ملفقة جزئيًا أو كليًا، ولا أدري ما هو هدف المرسلة أو المرسل في هذه الحالة؟! على كل حال سنعتبرها حقيقية من باب أن في الواقع ما هو أشد غرابة من الخيال!! أفهم لذة طعم المتعة الجنسية التي تحصل عليها الفتاة من أول علاقة برجل، وبخاصة في غياب الدفء الأسري، وفي وجود فراغ ذهني وعاطفي مثل الكثيرات، وغياب هدف محوري للحياة تدور حوله الدقائق والأيام.. كل هذا من شأنه أن يضع على مائدة الفتاة طعاما واحدا لذيذا تشترك في طبخه مع رجل خبير بحكم عمره وتجربته.. وأفهم أن لهذه الخمر سحرًا، وتخديرًا وغفلة عن أي شيء في الدنيا، فماذا يمكن أن تسمع الأذن أو كيف يمكن أن ينتبه الضمير، هذا كله أفهمه.. ولكن ماذا بعد؟! حقيقة لم أتبين بوضوح موضوع المشكلة!!
فإذا كانت السائلة تريد أن تتوقف عن الغرق في هذه البركة من العسل المسموم، فماذا يمكن أن تبذل غير الجهد ومعاناة الألم لتتخلص من إدمان لذة أصبحت ترى أنها ضارة؟؟ وهكذا العلاج من أي إدمان.. وماذا يمكن أن نفعل حيال هذه المبادرة العاقلة غير التشجيع والدعم؟! وإذا كان مذاق الشهوة رائعًا، فلماذا يصوم عنها الصائمون في نهار رمضان؟! هل يختصون نهارًا ثم تعود إليهم مذاكريهم ليلا؟! هل يخلعون رداء الرغبة بعد الفجر ثم يرتدونه ثانية بعد المغرب؟!
لا والله.. إنما الجنس الرائع اللذيذ ليس هو المتعة الوحيدة، وليس هو المتعة العليا في الدنيا أو الآخرة، إنما هو متعة ضمن متع عديدة على الأرض وفي الجنة، ومن ذاق عرف.
مسكينة أنت مثلنا جميعًا... تعرفين مذاق الطعام الجيد، ومذاق الجنس الجيد، والملبس الجيد، والمسكن الجيد، فهل جربت مذاق القرب من الله، والشعور بمعيته؟! وهل ذقت لذة المعرفة أو دهشة اكتشاف البشر والأماكن، أو روعة صوت شجي أو نسمة باردة أو مشهد رائع رسمته ريشة القدرة الإلهية في ضفاف بحيرة أو ظلال غابة أو زرقة محيط؟!! العالم أوسع بكثير مما بين كتفيك وفخذيك، وانتبهي لأن مقدمتك ستضع مستقبلك في المؤخرة، وأحسب أنك تحبين لنفسك غير ذلك، ولكل لذة ثمن فلا تكوني ممن يخطئون في الحساب.
أعجبني نقدك للرجل الشرقي، ولم يعجبني رد فعلك على العقلية السائدة؛ لأنه يعني أن خيارنا هو أن نسجد في محراب التقاليد أو ننقلب لنكون مجرد منافقين نحترمها في الظاهر، ونحن نبصق عليها كل لحظة!! والأجدر بنا أن نواجهها لتتغير فهكذا يكون التمرد الحقيقي، والنضج الحقيقي، أما الجنس المسروق فيمارسه الملايين من المحيط للخليج، دون أن يدعي أحد في ذلك بطولة أو فتحًا، أو تمردًا ونضجًا.
يدهشني في الإنسان ـ كل إنسان ـ أنه يعتقد بعد مروره بتجربة ما أنه قد صار حكيم الزمان، وخبير الأكوان في مجال هذه التجربة، ولو استمر يصغي ويتعلم لعرف أنه كلما ازداد علمًا شعر بمدى حاجته للمزيد؛ لأنه يدرك حجم جهله بوضوح أكبر كلما عرف أكثر.
بقيت مسألتان: الأولى تتعلق بحديثك عن المستقبل واحتمالاته، وليس هذا وقته، إنما الآن ينبغي التركيز على ما تريدينه بشأن هذه العلاقة الحالية، ولكل حدث حديث في حينه.
أما الثانية: فتتعلق بخشيتك من أن نحتقرك، وأعتقد أننا لم نفعل، وبخوفك من أن تكون رسالتك بنشرها دعوة للفاحشة، وأطمئنك أن هذا لن يحدث قطعًا... لأننا لن ننشرها بنصها الذي أرسلته. وتابعينا بأخبارك.