أعاني من الوسواس القهري منذ كان عمري ستة عشر عاما، والآن أنا في الرابعة والعشرين من عمري ولم يفارقني الوسواس حتى الآن، فتأتيني أفكار كفرية وإحساس بأني مسؤولة عن ذلك.
كنت أعاني لأني لم أبلغ والدي بالأمر، والآن أنا متزوجة ولم أخبر زوجي، ولكني لا أستطيع أن أتكلم عما يحدث، أشعر أن الكلام عنه جريمة!.
قرأت هنا أن الحالة تحتاج إلى طبيب نفساني للعلاج بعقاقير الم.ا.س.ا، أنا الآن في بلد أوربية، ماذا أفعل؟ هل يمكنني أن أذهب إلى الطبيب النفسي الأوربي؟ هل يعرف هذا الدواء أم ماذا؟
ساعدوني بسرعة أثابكم الله، والسلام عليكم
22/6/2023
رد المستشار
الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك،
بالطبع تستطيعين الذهاب إلى أي طبيب نفساني في مكان إقامتك بشرط أن تحسني أنت وصف أعراضك بلغته أو بالإنجليزية التي يفهمها معظم الأوربيين، وذلك لأن الوسوسة خبرة بشرية عامة، واضطراب الوسواس القهري يصيب ما بين اثنين أو ثلاثة في المائة من خلق الله من البشر، وسيكونُ من السهل على أي طبيب نفساني بغض النظر عن جنسيته أو دينه أن يصف لك عقار الم.ا.س.ا الذي إن شاء الله تتحسنين عليه.
أما الأعراض التي ذكرتها دون أي تفصيل -على غير عادة الموسوسين- فهي أفكار تسلطية من النوع التجديفي أو الكفري وهو أحد أكثرِ أنواع الأفكار التسلطية إيلامًا للمرضى في بلادنا أو الذين ترجع أصولهم إلى ثقافتنا المؤمنة، وتأخذ شكل التجرؤ على المقدسات مما ينتجُ عنهُ إحساسٌ عميقٌ بالذنب وكتمانٌ كبيرٌ للسر ومعاناةٌ طويلةٌ صامتة وخوفٌ من أن يتهم الشخص بالكفر أو بأن الشيطان تسلط عليه لأنهُ أذنب بطريقةٍ أو بأخرى، أو قد تأخذُ شكل التشكيك في المعتقدات الراسخة فتتواصل الأفكار التشكيكية ويجتر بعضها بعضا بالرغم من مقاومة المريض لها ولجوئه كل ملجأ للخلاص منها لكنها لا ترحمه، وهذا أيضًا يرغم الكثيرين على المعاناة في صمت ومعظمهم ينتهي به الحال إلى الاكتئاب وهم يفضلون البقاء في معاناتهم مخافة أن يتهمهم الناس بالكفر أو بتسلط الشيطان عليهم.
وكل ذلك بالطبع ناتجٌ عن عدم معرفة الناس بأن ما يعانون منه مرضٌ لا علاقة له بالشيطان، وإلا فبماذا نفسرُ مثلاً وجودَ أفكارٍ تسلطيةٍ عند البوذيين فيها تجرؤٌ على مقدسات عقيدتهم البوذية؟؟ هل هوَ الشيطان أيضًا؟؟ لا أظن ذلكَ إلا إن كانَ قد بلغَ به الذكاءُ والغي مبلغَ أن يُثنيَ أيَّ مخلوقٍ على أي دين عن أي خير، وهذا ما قد يكونُ! ولعل الشيطان يوسوس للبعض الآن قائلاً: إنها "كلها أديان"، كما ذكرنا من قبل على هذه الصفحة في إجابة "الأفكار الكفرية حتى ببوذا يمكن أن تحدث وتقتحم"
أعود إليك لأقول: من السهل أن تحصلي على العلاج العقَّاري للوسواس القهري من مجموعة الم.ا.س أو الم.ا.س.ا في أي مكان من العالم وعند الحديث بلغة أهل الطب النفساني في ذلك المكان، وذلك لأن شركات بيع الدواء وكل ما هو مادي في الحقل الطبي متوفرٌ في كل بقاع الأرض تقريبا، فما بالك بتوفره في بلد أوربي كالذي تعيشين فيه؟
المشكلة التي لا أظنها ستكونُ كبيرة في حقك لأنك تزورين صفحتنا استشارات مجانين وتستطيعين قراءة ما كتبناه في العلاج المعرفى لمرضى الوسواس القهري من المسلمين. وأحسب أن أهم المطلوب لك فيه قد حصلت عليه فعلا من خلال قراءاتك على صفحتنا، وهو نفي الإحساس بالذنب لأن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حين عرض عليه مثل ذلك في قلوب بعض من صحابته قال "أوجدتموه في قلوبكم... ذلك صريح الإيمان" وللحديث عدة روايات تبين عكس ما تخافين منه أنت حين كتمت الأمر عن أهلك منذ سني مراهقتك وحين تكتمينه الآن عن زوجك، فلست مذنبة ولست واحدة ممن تمكن الشيطان منهم.
أما من يمكنُ فعلا أن يواجهوا مشكلة فهم مرضى الوسواس القهري ذي المحتوى الديني الذين لا هُم بيننا فيسمعوا من الناس، ولا هم يقرءون صفحتنا تلك، وهنا أتساءل وأنادي بدور يقوم به الأطباء النفسانيون العرب المسلمون في كل مكان ولا سيما في الدول الغربية، فما شاء الله هناك كثيرون من الأطباء النفسانيين العرب المسلمين، وما أدعوهم إليه هو أن يقرءوا تراثنا الشرعي والثقافي الإسلامي في الوسوسة وعلاجها ليعرفوا أن العلاج السلوكي كان في حقيقة الأمر إبداعا إسلاميا، ولكي يكفوا عن بعض الممارسات التي يلجئون إليها لجهلهم بأحكام الفقه وبروح الشريعة.
اقرئي على مجانين:
وسواس الكفرية: إعفاء من المسؤولية!
نطقت بالكفر أو لم تنطق: الموسوس بالكفر لا يكفر!
وسواس الكفرية: حتى النطق بالكفر ليس كفرا!
الموسوس بالكفر لا يكفر ولو ظن أن أراد!
وسواس الكفرية: الموسوس لا يكفر ولا يرتد
أشعر أنها مني! وسواس الكفرية!
وسواس الكفرية حيل كالمعتاد عديدة!
لا أود أن أطيل عليك وأنصحك بأن تتوكلي على الله وتخبري زوجك بحاجتك للعرض على أقرب طبيب نفساني، وتابعينا بالتطورات الطيبة.