السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أدري كيف أشكركم على هذا الموقع وهذا الجهد الذي تبذلونه في حل جميع هذه المشاكل. أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عامًا في السنة النهائية في الجامعة، لا أدري من أين أبدأ مشكلتي، لكني منذ خرجت إلى هذه الدنيا لم أعرف معنى السعادة ولا الحنان، ولم أشعر بأمي يوما، وكنت أتعرض لجميع أنواع القسوة والإهانة والاحتقار والضرب والشتائم، والأب كان دائم السفر، والإخوة في انشغال مستمر. دائما لم أجد من أحادثه فبدأت أنعزل عن الدنيا عن الناس أخاف من كل شي، لكني وبنفسي استطعت أن أخرج مما كنت فيه.
تعرفت على شاب وبصدفة وبعد مرور سنين اكتشفت أنه متزوج لا أدري كيف أصف لكم شعوري في حينها فقد احتقرت نفسي، وأنا ما زلت أحادثه لكن والله والله وأقسم بالله إني لا أفكر به بأي شيء غير الأخوة وهو كذلك.. أرجوكم لا تكونوا ضدي فقد كنت في ظروف وما زلت أحتاج بها لمن يساعدني من الخروج مما كنت فيه.
لن أطيل عليكم أنا الآن أحب وبصدق شابا صديقا للعائلة، لا أدري هل هو مثلي أم لا؟ وهل أنا فقط أبحث عن الحب من أجل أن أعوض ما فقدته من حرمان أم لا؟ أرشدوني.
20/6/2023
رد المستشار
الأخت السائلة، لو أنك تتابعين صفحتنا بانتظام لعرفت أن القسوة والإهانة والاحتقار وغير ذلك من أصناف المعاملة الفظة هي الخبز اليومي لملايين الفتيات العربيات، وبخاصة في المجتمعات المحافظة، والطبقات الاجتماعية المتواضعة، وأنا لا أقول لك هذا للتهوين من الظلم الذي وقع عليك، ولكن لتشعري معنا بحجم المعاناة اليومية لمن سبقوك، وأخريات في كل الأقطار في أمس الحاجة ليد العون والدعم، العاطفي على الأقل.
وفي مثل حالتك فإن غياب الأب ماديًا أو معنويًا غالبًا ما يكون مقدمة للقسوة الزائدة للأم، والتي تعكس فشلا في تقمص الدورين معًا فتفلت منها المعادلة ويدفع الأبناء الثمن، وحيث إن مساحة حركة الأولاد الذكور تكون أوسع، وخارج البيت غالبًا، فإن الضغوط تتكاثر على الفتيات ليصبحن موضع التنفيس عن شحنة الغضب والضغوط التي تعاني منها الأم الوحيدة، وعنف المقهور أو المضغوط هو من أسوأ أنواع العنف لأنه بلا منطق ولا سبب غالبًا.
ومن طبيعة أي إنسان أن يكون طامحًا إلى التواصل مع الآخرين، وفي فترة المراهقة تزداد الحاجة إلى التقدير والإعجاب من الجنس الآخر، ويختلف التعبير عن هذه الحاجة بحسب الظروف والشخصية، وفي حالتك فإن هذه الحاجة كانت أكثر إلحاحًا بسبب خلفية النشأة، وأجواء الأسرة، وهذه كلها صفحات من الماضي ينبغي أن تطويها وتتطلعي إلى مستقبلك العلمي والعملي بدأب أكبر؛ لأن نجاحك يعني نشر صفحات جديدة أفضل، ويعني القدرة على إقامة علاقات صحية مع الأسرة والأصدقاء من خلفيات مختلفة.
وبالنسبة للشاب الذي تحبينه وتتحدثين عنه فيلزم التدقيق في أن يكون مناسبًا من جميع النواحي، وطبقًا لهذا المعيار فإن كانت ظروفه الاجتماعية وشخصيته... إلخ مناسبة لظروفك وشخصيتك فإن اختيارك يكون صائبًا أملاً في تتويج هذه العاطفة الوليدة بالارتباط، بعد أن تتأكدي أنه يحمل لك نفس المشاعر الإيجابية. أما إذا كانت ظروفه أو شخصيته غير مناسبة فستكونين هنا أقرب لمجرد البحث عن الحب لتعويض ما لاقيته في ماضيك.
وبمناسبة رسالتك أكرر ما قلته مرارًا في إجابات سابقة من أن محض العلاقة بين شاب وفتاة لا يحكم عليها بالصواب أو الخطأ، والمهم مضمون هذه العلاقة من ناحية، ووجودها في العلن، وسط الناس، ولأهداف محددة مشروعة معروفة للطرفين.
لا بأس أن يتعارف الناس ويتعاونوا ويتواصلوا شريطة أن تكون هذه الصلات واضحة الإطار، وفي وضح النهار، وبدون أسرار، وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للشاب المتزوج وعلاقتك به فلا أدري ما هو مبرر شعورك بالاحتقار لنفسك، ولماذا لا تتعرفين على زوجة هذا الشاب الذي تحادثينه لتكوني صديقة للأسرة كلها؟! ولماذا لا يكون حديثكما بالتالي أمام الجميع، أو بحضور زوجته، أو ما شابه؟!
خروج هذه العلاقة إلى العلن كفيل بتبديد مشاعرك السلبية تجاهها، والتدقيق في علاقتك واختيارك للشاب "صديق العائلة" هو السبيل لتحديد موقفك منه.