أنا أم لشاب متدين، سنه 27 عاما، صاحب مكتب كمبيوتر، تعرف على فتاة عمرها 21 عاما، جميلة ومتدينة وذات خلق طيب.. تعلق بها وكذلك تعلقت هي به.
المشكلة أن والدتها منفصلة عن والدها منذ 6 سنوات لزواج الأب من أخرى.. كما أن خالتها انفصلت عن زوجها وعمها أيضاً انفصل عن زوجته. فكثرة حالات الطلاق في هذه العائلة من جهتي الأب والأم تقلقني كثيراً،
فماذا أفعل؟ هل أوافق أم أرفض؟
مع العلم أنه بعد السؤال عنها أجمع الناس على حسن خلق عائلتها، وأن سبب الطلاق قد يرجع لأسلوب أمها.
26/6/2023
رد المستشار
أختي الكريمة:
أهلا ومرحبا بك زائرة وصديقة لصفحة استشارات مجانين، والواقع أن تساؤلك يثير قضية على قدر كبير من الأهمية، لما لها من تأثير كبير على حياتنا، ولكي تتضح هذه الأهمية سأقص عليك قصة تكررت أمامي مرات متعددة:
زوجة تشكو من معاملة زوجها لها فهو يضربها ويهينها ويعاملها أسوأ معاملة، لا يوجد أي توافق بين الزوجين، كل محاولة للإصلاح لا تجدي ولا توجد أي بارقة أمل، تنهار.. تبكي ليل نهار.. زهدت الطعام والشراب، ولكن خيار الانفصال غير وارد وغير مطروح من أساسه، لماذا؟ لأن طلاقها يعني أنها لن تتزوج هي وأخواتها، قد تكون الوحدة بالنسبة لها خيرا من هذه المعاناة المستمرة، ولكن ما ذنب أخواتها ولماذا يحرمون من الزواج في مجتمع يعتبر المطلقة ارتكبت ذنبا لا يغتفر، واقترفت كبيرة من الكبائر، ولا بد أن تعاقب عليها هي وأخواتها وبناتها؟!
هذه القصة تكررت أمامي، وهي تتكرر في مسرح الحياة بسيناريوهات متعددة في ظل مجتمع يُحرِّم ما أحله الله، نعم الطلاق أبغض الحلال، ولكنه الحل لمن استحالت الحياة بينهما، ولن تحل الكثير من مشاكلنا إلا إذا أصبح الزواج، وكذلك الطلاق ميسرا، كما كان الأمر في عهود الإسلام الأولى، ولن تحل الكثير من مشاكلنا إلا إذا استطعنا أن ندير شئوننا العائلية وفق نهج الإسلام، حتى لا يكون الطلاق إيذانا بدمار الأبناء وتمزقهم بين والدين لا همّ لهم إلا الانتصار في معركة وقودها الرئيسي أشلاء الأطفال الأبرياء، ولن تُحل الكثير من مشاكلنا إلا إذا استطعنا أن نحاسب المخطئ فقط ولا نحاسب باقي عائلته.
فلماذا تُحاسب الفتاة على ذنب والديها؟ ولماذا تحاسب الأخت على ذنب أختها إن كانت حقا مذنبة؟
لقد تعلمنا من ديننا الحنيف: "ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، فلماذا يا أختي الحبيبة هذا القلق من هذه الفتاة؟
أنا أقدر تماما مشاعرك كأم وقلقك على قرة عينك، ولكنني أريدك أن تطرحي على قلبك هذا السؤال: ما ذنب هذه الفتاة إن كان الانفصال قد تم بين والديها وخالتها وعمها أو حتى كل عائلتها؟ ومن رسالتك يتضح أن انفصال والديها قد تم بعد سنوات زواج طويلة.
ومن الواضح أيضا أن السبب الأرجح لانفصال والديها هو زواج الأب من أخرى، ولقد رسخ في أذهاننا أن على الزوجة الأولى أن تنتقم لكرامتها بالانفصال عن زوجها لو تزوج من غيرها!
فلا تشغلي بالك بهذه الأمور، ولا تحاسبي الفتاة على خطأ لم ترتكبه، هذا بفرض أن الطلاق خطأ في الأصل، فنحن ننصح به على صفحتنا أحيانا، انظري في أخلاق هذه الفتاة وتدينها ومدى مناسبتها لابنك، واستشيري من يعرفونها واستخيري ربك سبحانه. وأدعو الله أن يقدر لابنك الخير كله، وأن يبارك له في زوجه، وأن يجعلها نعم الزوجة الصالحة، وأن تقر عينيه بها، وتابعينا بالتطورات.