بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، أما بعد..
أنا شاب عمري 21 سنة، منذ سنتين تعرفت على فتاة عن طريق الصدفة وعمرها 23 سنة، وهي من عائلة محترمة وأصيلة، حيث قدمتُ لها بعض الخدمات لوجه الله، وهذه الخدمات كانت مهمة جدا لها ولمستقبلها إلى أبعد الحدود، ولم أكن أنوي أي نية سيئة تجاهها بل كانت خدمتي لها لوجه الله تبارك وتعالى، ولكن مع الأيام تطورت هذه العلاقة، وصرنا نتكلم على الهاتف وعلى الإنترنت إلى أن وقعنا في شراك الحب الذي لا مفر منه برأيي الشخصي في مثل هذه العلاقات، ومع هذه الحال لم يخلُ الأمر من اجتماعي بها، وخلال هذه العلاقة اتفقنا على أن نرتبط في المستقبل على سنة الله ورسوله.
قد يكون هذا الاتفاق وهذه الأحاسيس نابعة عن عاطفة ومشاعر وليس عن تفكير ووعي، ولكن في أحد هذه اللقاءات حدث شيء إلى الآن لا أستطيع أن أتصوره، ولا أصدق أنني فعلت هذا الشيء، حيث إنني دخلت بها وبموافقتها طبعا!! ومن هنا بدأت معاناتي وقلقي فقررت أن أتوب إلى الله لعل الله يهديني إلى الصراط المستقيم، ويخفف عني همومي وكرباتي فذهبت إلى الحج في هذه السنة (أسأل الله أنا يتقبله مني ويكفر عني ذنوبي) فصرت إنساناً آخر كل اهتماماته هو كيف الطريق إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى، والتزمت بالصلاة، وتركت كل العادات السيئة التي نهى عنها الله.
والآن وبعد تفكير عميق قررت أن أتقدم إلى أهل الفتاة لأخطِبها فقد صارحت والدتي بهذا الموضوع وجاءني الرفض القاطع لثلاثة أسباب: الأول: أنها أكبر مني، والثاني: أنها من غير جنسيتي، أما الثالث فهو: أنها تعرفت علي، وتكلمت معي بطريقه غير شرعية؛ وبالتالي قد تكون قد تكلمت مع غيري، مع العلم أنني لم أقل لها إني دخلت بها، ومن جهة والدي لم يعرف إلى الآن بهذه القصة، ولا أعرف ماذا سيكون رده إذا فاتحته بالموضوع.
ومن ناحية الفتاة فقد كانت في أيام جهلي وبعدي عن الدين وعن الله سبحانه وتعالى تحثني على الصلاة وعلى فعل الخير، وترشدني إلى الطريق الصحيح، ومع ذلك الإيمان بالله وحبها لدينها فعلت معي هذه الفعلة، ولكن هذا الشيء من الشيطان فما اجتمع رجل وامرأة تحت سقف واحد وإلا كان الشيطان ثالثهما، وبعد الذي حدث بيننا ندمت على كل ما فعلته معي، وأحست بقذارة الذي صار بيننا، وطلبت مني ألا أتركها خوفا من الفضيحة وضياع المستقبل.. وأنا متأكد من ندمها ومن أخلاقها فهي لم تتعرف على شاب قبلي، ولم تقرب الحرام إلا معي بسبب العواطف التي لا تضر ولا تنفع، وأنا متأكد جدا جدا من أنها لم تفعل شيئا من هذا القبيل، وأظن أن علاقة سنتين كفيلة بأن تكشف الأسرار والخبايا، وأن أعرف كل شيء عنها.
هذه هي قصتي التي تحيرني، فماذا أفعل؟ هل أتركها وأضيع مستقبلها لكي أرضي والديَّ؟ أم أصر على هذه الفتاة وأخطبها وبنفس الوقت أغضب والديَّ؟ مع العلم أنها كانت قد كتبت كتابها منذ ثلاث سنوات على شاب، وبعد عقد القران (الخطبة بالمعنى العامي) بفترة قصيرة اكتشفت أنه فاسد فخلعت عنه. أي أنه لم يدخل بها ولم يمسها، وأظن في هذه الحالة أنها مخيرة، ولا تجبر من قبل أهلها في اختيار الشاب المناسب لها بما أنها كتبت كتابها مرة في حياتها وخلعت، أي أنها تعد مطلقة هذا من الناحية الشرعية. أظن ذلك والله أعلم.
فأسئلتي هي: هل إذا تركتها وأرضيت والدي سيعاقبني الله، ولا ألقى النجاح والتوفيق في الدنيا والآخرة؟
أم إذا ارتبطت بها وخالفت والديَّ سيكون ذلك شرعيا، ولا أعتبر عاقا لهما (مع العلم أني في كلتا الحالتين لن أقول لهما إني دخلت بها -سترا للفتاة وخوفا من غضبهما- ومعروف ما هي نتائج غضب الوالدين على الابن في الدنيا والآخرة)، وهل سيوفقني الله ما دامت نيتي سليمة وصافية؟ على حسب ما أعرفه وما أسمعه أن المسلم يوفقه الله في الدنيا ما دامت نيته صالحة، وبالذات في الرزق والزواج.
هل تلك الأسباب التي قالتها والدتي مهمة جدا في الزواج وأَمَر الشرع بالتقيد بها؟ وإن كانت مهمة هل الذي حدث بيني وبين الفتاة يلغي هذه الأسباب ويوجب علي الارتباط بها على سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ لقد تعبت من كثرة التفكير في هذا الموضع، فأتمنى منكم بل أرجوكم أن تنصحوني ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ وذلك مما أعطاكم الله من علم ومعرفة في هذا الشأن.
وأخيرا وليس آخرا أتمنى لكم التوفيق والصحة، وأن يزيدكم الله أكثر وأكثر من نوره وعلمه لما فيه خير لهذه الأمة.
وتقبلوا مني خالص تحياتي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
29/06/2023
رد المستشار
صديقي
أولا لا تحمل الشيطان مسؤولية اختيارك أنت والفتاة.. عندما يجتمع رجل وامرأة فقد يكون ثالثهما الشيطان ولكنه لم يجبرك على شيء.. لم يكن الشيطان ثالثكما يا سيدي ولكنه الله دائما.. فما اجتمع اثنان أو أكثر للمناجاة أو الكلام الخاص السري إلا والله معهم (راجع سورة المجادلة) .. مقولتك أن المشاعر لابد وأن تحدث في مثل ظروفك هي تعميم مضلل.. ليس كل من ساعد امرأة وساندها يصبح شريكا أو حبيبا مناسبا.. وليست كل من امتنت وشكرت وأعجبت بشهامة رجل أصبحت حبيبته.
إما أن الفتاة تحبك ولذلك مارست الجنس معك وإما أنها تريد الزواج وحسب، وموافقتها على الجنس هنا تصبح مسألة توريطك في الزواج منها.. لا احد يمكنه الحكم أو الجزم في هذا ما عداك أنت.
من ناحية فارق السن واختلاف الجنسية فهي أسباب غير شرعية وغير منطقية لكي ترفض أمك زواجك من فتاتك بسببها.. مسألة أنها مشكوك في أخلاقها لمجرد لقائها معك (في رأي أمك) بطريقة غير شرعية وأنها ربما فعلت هذا من قبل، فهذا ليس بدليل قاطع على تدني أخلاقها.. تذكر وذكر أمك أنك اشتركت في هذا بل وسعيت إليه وخططت له... لست بريئا بالكامل وهي ليست مذنبة بالكامل.. كلاكما اخترتما الانجراف مع المشاعر والرغبة.. كلاكما أخطأتما بنفس القدر... مقاييس الشرف والأخلاق لا تختلف سواء كنت رجلا أو امرأة.
يجب أن تفكر في مسألة الارتباط بها بعد تحري الدقة والصدق التام مع النفس وليس بسبب إحساسك بالذنب نحوها أو محاولة إصلاح الخطأ وحسب... هل هي من تريد كشريكة لحياتك؟ لماذا؟ لماذا تحبها؟ ما الذي تحبه فيها؟
ما زلت صغيرا في السن وقليل الخبرة بالحياة لكي تقدم على الزواج... الزواج أكبر من إصلاح خطأ أو الحصول عل ترخيص لممارسة الجنس.. كلامك لا يدل على قدر كاف من النضج الفكري والعاطفي لكي تقدم على الزواج، التوافق الجنسي لذيذ جدا ولكنه لا يكفي لنجاح علاقة زواج... إحساسك بالذنب ورغبتك في إصلاح الوضع والسعي لمرضاة الله هي أمور كلها جيدة ومحمودة ولكنها ليست بأسباب تكفي وحدها لنجاح العلاقة أو لتجعل الزواج منها خطوة جيدة أو صحيحة.
لديك أيضا مفهوم خاطئ عن عقوق الوالدين.. البر لا يساوي الطاعة العمياء.. البر هو الوفاء والرحمة والمحبة والمعاملة الطيبة وصلة الرحم، حقك الشرعي أن تتزوج من تحب وترضى.. تدخل الأهل في اختيارك هو حق اجتماعي وليس ديني أو شرعي ويجب أن يكون من باب النصيحة ومن باب المنطق.
لا تستعجل مفاتحة أحد في موضوع الزواج أو اتخاذ خطوات نحوه... ادرس شخصيتها من حيث صلاحها كزوجة أولا (بعيدا عن تحيزك الحالي ومشاعرك ودوافعك وقناعاتك ومبرراتك) ... ما هي مواصفات شريكة الحياة المثالية لك؟ .. فكر في الأمر وكأنك لم تعرف هذه الفتاة على الإطلاق... كيف ستتأكد مت وجود هذه المواصفات في الطرف الآخر؟ ما الذي يجعلك زوجا مناسبا لامرأة بهذه المواصفات؟
من ناحية توفيق الله، راجع مسألة التوبة والإيمان والعمل الصالح وكيف أنها تسبب أن يبدل الله سيئاتنا حسنات (راجع سورة الفرقان) ... لا تحاول إصلاح خطأ بارتكاب خطأ آخر.
وفقك الله وايانا لما فيه الخير والصواب