الوسادة الخالية: الحب الأول
السلام عليكم
أنا شاب في السادسة عشرة من العمر، مشكلتي أني أحب فتاة تكبرني بشهور، وهي تحبني المشكلة أنها تكبرني؛ وبالتالي فإنه من الصعب عليّ الاقتران بها فيما بعد، رغم أني لا أفكر في ذلك حاليًا، إضافة إلى أنها مريضة مرضًا مزمنًا مما يصعب ذلك أكثر، ولكني لا أقدر على نسيانها، وكونها في بلد آخر يتعبني أكثر لعدم رؤيتي لها كثيرًا،
وعائلتي بدأت تغمز وتلمز مما يزيد في جرحي فماذا أفعل؟
وكيف أخرج من هذه النار؟
وشكرا لكم
29/7/2023
رد المستشار
من المؤكد أن الحب عاطفة جميلة، ولكن بشرط أن يكون ما نشعر به حقيقة هو الحب، خاصة ونحن في سن السادسة عشرة، ونريد أن نثبت لأنفسنا أننا كبرنا وأصبحنا "نحب"، خاصة وأن هذا السن هو سن البحث عن الحب، حيث إننا أيضاً اكتشفنا أن هناك مشاعر جديدة ولذيذة ناحية هذا الجنس الآخر اللطيف تدغدغنا وتجعلنا نشعر بحالة من السعادة بمجرد رؤية هذا الشخص، وتدق قلوبنا وتبرد أطرافنا، وقد تحمر وجوهنا فنسرع قائلين لابد أنه الحب الذي سمعنا عنه ونشاهده في الأفلام ونتغنى به في الأغاني.. في حين أن المسألة في حقيقتها في هذا السن هي المشاعر الفطرية الطبيعية في الميل نحو الجنس الآخر مع بعض الإعجاب "العادي" أيضًا، والذي يمكن أن تشعر به نحو زميلك الولد سابقاً، ولكن الميل الفطري الجديد الذي بدأ يسري في عروقك أعطى له أبعاداً جديدة مع البنت ثم الرغبة في إثبات الذات.
كل ذلك يجتمع ليعيش الشاب أو الشابة الصغيرة حالة "الحب" بدون تفكير؛ ليفيق بعد ذلك على الحقائق حيث لم يراعِ أية ظروف واقعية من حيث السن أو الوسط الاجتماعي أو مناسبة هذا التوقيت لهذه الحالة، أو نتيجة هذا الحب المزعوم، وكيف سينمو النمو الطبيعي، وإلى متى سيستمر إذا كانت بدايته، والمحبوبان لا يملكان من أمرهما شيئاً، ولتكتمل الصورة، وتصبح قصة حب خالدة، فإنه يبدأ في المعاناة للدفاع عن حبه ضد ظلم الآخرين الذين يقفون له بالمرصاد ويريدون أن يقتلوه، وأنى لهم ذلك سأقاوم وأحافظ على حبي العظيم.
أيها الصديق الصغير.. إننا لا نسخر من مشاعرك ولا نقلل من شأنها، ولكننا نُفْهِمك أبعادها وحقيقتها حتى تعرف كيف تتعامل معها، وفي حالتك المطلوب منك أن تدرك أن ما حدث كان حالة من الإعجاب تحتاج منك إلى أن توقف التفكير فيها، خاصة وأنك لا تفكر في الارتباط كما ذكرت، وأنها من بلد بعيد عنك فلا تراها كثيرًا مما يسهل مهمتك في اعتبارها تجربة جديدة خضتها وتعلمت منها وستمر بها كثيراً إذا لم تفهم نفسك وتستوعب حقيقة ما تشعر به، وصدق إحسان عبد القدوس في رواية "الوسادة الخالية"، حيث قال: "في حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول"
وفقك الله إلى الحب الحقيقي الذي تتمناه، والذي لن يكون أبداً وأنت في سن السادسة عشرة .