كيف أبدأ حياتي الثقافية؟ وكيف أستطيع إيصال أفكاري وكتاباتي إلى النور؟
عمري 25 عاما وأنا كندي من أصل فلسطيني. قبل انتفاضة الأقصى لم تكن أحلامي تتعدى الحصول على شهادة جامعية ثم الحصول على عمل في مجال دراستي. بعد سنة من أحداث الانتفاضة تغير كل شيء، قررت أن أكون إنسانا فاعلا، مؤثرا في مجتمعه، وخادما لقضية دينه ووطنه، فغدت أحلامي عريضة لا حدود لها.
منذ أن كنت في السابعة من عمري وأنا أقرأ عن قضية فلسطين (والفضل هنا يرجع لوالدي العزيزين)، ومع مرور الأيام، وقبل أن يتجاوز عمري 18 عاما، كنت ملما بكل جوانب القضية وتطوراتها.
فاجأني وأدهشني جهل عدد كبير من الطلاب العرب والمسلمين الذين درست معهم في المرحلة الجامعية بقضية فلسطين؛ هذا لا يعرف موقعها على خريطة العالم، وهذه تسألني ما إذا كانت غزة تقع في فلسطين أو فلسطين تقع في غزة، وثالث يجهل أن صفد مدينة فلسطينية، ورابع يجهل تاريخ القضية جهلا تاما، وخامس يعرفه ولكنه غافل عن خدمتها، متكاسل عن التعريف بها فيقول دائما باللهجة العامية: "خليها على الله، إحنا ما بنقدر نعمل إيشي".
للأسباب السابقة قررت أن يكون القلم سلاحي، وأن أساهم قدر ما أستطيع في تنشئة جيل جديد يكون أكثر وعيا من الجيل الحالي.
باختصار قررت الكتابة للأطفال؛ بدأت في مراجعة اللغة العربية ثانية بعدما كدت أنساها قراءة وكتابة، وقد نجحت والحمد لله، وكتبت مقالتين في موقعكم الكريم، إنها بداية خير بالنسبة لي على الرغم من تواضعها.
قرأت العديد من روايات الأطفال الأجنبية وأحطت علما بأسلوب الكتابة للأطفال وفنه وأدواته.. وها أنا اليوم على وشك الانتهاء من كتابة أول رواياتي للأطفال، وهي قصة رمزية عن القضية الفلسطينية.
وأستغل الفرصة هنا لأسألكم عن دور النشر في العالم العربي وكيفية التواصل معها، فأنا لا أعرف شيئا عن هذا الموضوع، ولدي مشكلة أخرى تتمثل في شعوري بالوحدة، فلا أجد أحدا يناقش أفكاري أو يراجع معي ما أكتب. على العكس من ذلك أجد القريب والبعيد يدعوني إلى ترك ما أقوم به من عمل بزعم أنه عمل غير مربح أو بدعوى أن كل هذه الكتابات لن تغير في واقعنا شيئا.
11/8/2023
رد المستشار
أخي الكريم.
خلق الله الناس مختلفين، وبرغم إدراكي ومعايشتي بعمق لتجليات هذه الحقيقة الوجودية إلا أنني لا أستطيع منع نفسي من الرثاء لأحوال البعض ولي في الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة، وهو يشفق على الناس الذين لا يهتدون أو لا يفقهون رغم أنه يعرف ابتداء وكما علمه الله أن مشيئة الخالق اقتضت أن يكونوا متنوعين باختيارهم الحر.
كثير من المسلمين كما ترى من حولك مثبطين، فترى الهمة محدودة الأفق والطموحات، وإذا كان الحديث حول واقع الإسلام والمسلمين سمعت صراخا وعويلا، ورأيت تشنجا ودموعا وقد يتبرع البعض بمال كثير أو قليل أو ينخرط في دعاء عريض أن يرفع الله البلاء ويهلك الأعداء ثم هو يعود إلى حياته اليومية يجمع المال ويتحسر على المال.
وإذا ذهبت تناقش أحدهم عن أسباب تخلف المسلمين ونهضة غيرهم من بني الأصفر والأحمر والأشقر أسمعك مواعظ وخطابة وهجوما على الأنظمة العربية جميعا وكيف أضلت وأفسدت وهو كلام حق ولكن يراد به باطل، هو تبرئة كل واحد منا من مسؤولية لا يقوم بها إلا النذر القليل، ألا وهي مسؤولية نصرة الإسلام بعمل إيجابي مبدع مفيد ولو كان بسيطا.
وأنت ما زلت في مقتبل عمرك، بارك الله لك فيه وبارك فيك، وستجد من هؤلاء كتلا هم بالملايين ومئات الملايين ولكن دون فاعلية كما تعرف ونعرف وترى ونرى.
لن أستطرد في وصف ما هو واضح، ولكن أقول لك:
إنك ببعض الجهد ستجد بين المسلمين وغيرهم من يتجاوب معك ويعينك على ما تعتزم، وعليك بالبحث في مواقع الكتابة للأطفال وتجمعات من يكتبون وستجد ما يدهشك من الآفاق والإمكانات وبرامج التدريب والتطوير كما في كل مجالات الحياة التي تتيحها الشبكة العجيبة.
لقد جف حلقي من تكرار الترديد، ولم يجف وأنا أدعو إلى أن يكون عندنا مثل مؤلفة سلسلة "هاري بوتر" وهي كانت امرأة عادية مطلقة تكتب قصصا لترويها لابنتها قبل النوم، ثم صارت كما نرى، ولكن همم القوم خائرة ووجودنا هو ظاهرة صوتية غالبا إلا من بعض بقع الضوء التي أشكرك لو دأبت وواصلت لتكون إحداها.
وقل لي: كيف أساعدك أكثر؟!