بسم الله الرحمن الرحيم.. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
أود في بداية رسالتي أن أشكركم على ما تبذلونه من جهد في عرض الحلول المناسبة لمشاكل الناس، وأنا من المتابعين الدائمين للمشاكل التي تعرض كل يوم وقراءة حلولها؛ لعلي أستفيد منها وأتعلم الكثير.
أنا بنت، عمري 18 سنة، مصرية، مقبلة على العام الثاني من دراستي الجامعية، وأنا في إحدى الكليات النظرية. أبعث إليكم المشكلة بعد أن حاولت جاهدة أن أجد لها حلا بيني وبين نفسي دون عرضها على أي شخص، ولكن بعد أن عانيت من كثرة التفكير لم أجد غيركم بعد الله أطلب منهم العون والمساعدة.
كنت أعيش مع والدي في إحدى الدول العربية طوال حياتي، وكان المجتمع هناك -كما تعرفون- مجتمعا مغلقا ليس كمجتمع بلدي، خلال دراستي في الثانوية العامة كان عمري 17 عاما، وتعرفت على شاب مصري عن طريق الشات عمره الآن 24 عاما، يعمل في نفس البلد، وحصل أن رتبنا لقاء وتقابلنا، ثم بعد أن رآني قال لي: إنه يود أن يطلبني من أهلي، ولكني رفضت؛ لأني كنت في مشاكل الثانوية العامة، ولا أريد أن يضايقني والدي؛ لأنه بطبعه عصبي، ولم أكن أريد فتح الموضوع في هذا الوقت، فأخبرت جدتي التي كانت معي في نفس البلد، وقابلت هذا الشاب وتعرفت عليه، وفتح معها موضوع الارتباط الرسمي، وقالت: حينما تنهي دراستها الثانوية نفكر في فتح هذا الموضوع.
لقد أحببته حبا كبيرا؛ حيث إنه كان يحمل أغلب الصفات التي كنت أتمناها في شريك حياتي، وكان هو حبي الأول. خلال علاقتي به في هذه السنة حدثت مشاكل بيني وبينه كثيرة؛ نظرا لصغر سني، وعدم فهمي لمعنى الارتباط الحقيقي ولقلة خبرتي في الحياة، كنت كثيرة الكذب عليه، وبدأت تظهر مشاكل أخرى في الاختلاف في وجهات النظر بيني وبينه في أمور كثيرة، وبدأ يتغير من ناحيتي بسبب كذبي عليه، ولكني أقسم لكم إني بعد هذه التجربة لم أكذب عليه مرة واحدة لأني أحببته وأخلصت له، ولكن كان قد فات الأوان، وقد تغيرت مشاعره عني وأنهينا الموضوع، وكنا قد وصلنا إلى نهاية العام وامتحانات الثانوية العامة.
ثم بدأ بالتقرب مني مرة أخرى بعد أن أثبتُّ له بعدد من المواقف أني توقفت عن الكذب، وتعلمت معنى كلمة ارتباط، ورجع لي وكلم أمي هذه المرة، وطلبت منه الانتظار حتى النتيجة ودخول الكلية، وسافرت بعد ذلك إلى بلدي والتحقت بالكلية، ورجع أهلي إلى الخليج وتركوني مع جدتي في مصر، ثم سافرت لهم في عطلة منتصف العام، وتقدم لي هذا الشاب وطلب يدي من أبي، وكنت في منتهى السعادة والفرحة رغم أني عانيت معه من مشاكل كثيرة طوال السنة؛ حيث إنه كان بمجرد حدوث أي اختلاف في وجهات النظر أو مشكلة يعني أننا "خلاص لازم ننهي هذا الارتباط"، لو خالفته في أمر يعني هذا الفراق، كان هذا هو عيبه الكبير الذي كان يحسسني بعدم الأمان معه والذي كان يمحو كل مميزاته.
ورجعت إلى بلدي وأنا في منتهى السعادة، ثم جاء اليوم الموعود الذي توفي فيه والده، ورجع هو إلى مصر فاتصلت به وعزيته، وكانت الصدمة الكبرى حيث طلب من أن ننهي الموضوع؛ لأن والده قبل أن يُتوفى ترك وصية بأن يتزوج من إنسانة معينة، وصُدمت صدمة عمري بعد حبي الكبير له، وبدأت في أخذ المهدئات حتى أنساه، ودعوت الله كثيرا بأن أنساه بعد أن كنت أدعوه أمام الكعبة بأن يجمعنا في يوم من الأيام.
عانيت كثيرا، وتألمت، وشعرت بأن هذه هي نهاية الدنيا، ولكن بتقربي إلى الله بدأت فعلا بالراحة والنسيان، وقلت: إني لن أكرر التعارف عن طريق الشات مرة أخرى رغم أن في أهلي أسرتين متزوجتين بهذه الطريقة، وتعيشان في منتهى السعادة، وفاتت الشهور وأنا أضحك للدنيا مرة أخرى، ولكن ليس من قلبي لأني أشعر أنه مجروح من حبه الأول الذي لن تنطفئ ناره أبدا، كان يتخلى عني عند أي مشكلة، ولم أكن أتخلى عنه أبدا لأني أخلصت له بكل شيء.
وكانت هناك مشكلة أخرى تؤرق علي حياتي؛ وهي أنه في خلال علاقتي به حدثت عدة لقاءات جنسية بيني وبينه، ولكني ما زلت عذراء، بكيت كثيرا إلى الله لكي يسامحني على ما فعلت، وقرأت كثيرا عن هذه المشكلة في موقعكم، وحاولت أن أعمل بالحلول التي كنتم تقدمونها، وبدأت رحلة التوبة إلى الله حتى يسامحني، وأنا أعرف أن الله غفور رحيم، وعاهدت الله ألا أكرر هذه الموضوع أبدا، وألا أستسلم، أو أضعف لأي حب جديد مهما كانت الوعود؛ لأني فعلا أستحقر نفسي على ما فعلت؛ لأني خنت الله، وخنت أهلي، وخنت الإسلام، وخنت حجابي وصلاتي.
أعرف أنكم قد تظنون أني أستهين بهذا الموضوع، لكن –والله- لو تعلمون أن هذا الموضوع يذبحني ليل نهار، ويجعلني خائفة من النار، ومن أن أتزوج، وأشعر بأني خنت زوجي قبل أن أتزوجه. وها هي الشهور قد مرت وبدأ هذا الشاب بالاتصال بي مرة أخرى، وأنه يريد أن يعود لي، ويطلبني مرة أخرى من أهلي، وقد ألح علي كثيرا، وكانت إجابتي دائما "لا أريد أن أعرفك مرة أخرى"، ويحلف لي أنه ندم ندما شديد على ما فعل.
لا أكذب عليكم قلبي يريد العودة له، وضميري يقول لي عودي له حتى تصححي ما وقع بينكما من خطأ، ولا تكوني قد خنت زوجا آخر، ولكن عقلي يقول لي إن من باع مرة يبيع ألف مرة، وإني مجرد "استبن" بعد أن تركته الإنسانة التي اختارها والده له يريد أن يعود لي مرة أخرى.
أنا أحبه ولكن لا أريد أن أعود للمعاناة مرة أخرى معه وخلافاته التي لا تنتهي، ولكن قلبي ما زال معلقا به، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟ وأنا الآن في وضع اختيار بينه وبين شخص آخر جمعتني به الصدفة عمرة 24 سنة يحمل صفات كثيرة جميلة، ولكنه قد حدد علاقته بي على أنها صداقة وأخوة، وإذا حدث شيء بعد ذلك فهذا يكون بأمر الله؛ لأنه الآن ينهي خدمه الجيش، ولكنه خريج إحدى كليات القمة، وسيعمل بعد ذلك في وظيفة محترمة.
لا أكذب عليكم أنا شعرت معه بارتياح كبير، وأشعر بأنه إنسان متافهم جدا، ويحمل صفات كثيرة جميلة، ومناسب جدا لي، وهو أيضا شعر معي بارتياح، ولكن أشعر بأنه لا يريد أن يبدأ معي أي شيء الآن قبل أن يملك بيده وظيفة؛ لأنه يعرف أني لا أقبل بأي علاقة في الظلام، وإذا أرادني فعليه بالتقدم لي.
فأنا الآن لا أعرف ماذا أفعل؟ هل أعود للشخص الذي وقفت أمام الكعبة وأنا في عُمرة لكي أطلب من الله أن يجمعني به، والذي حدث بيني وبينه علاقات خاطئة، والزواج سيكون دون خداع، ولكني في نفس الوقت لن أشعر معه بالأمان؛ فقد يطلقني بعد ذلك لأقل مشكلة وهو يقول إنه تغير ولا يعيد هذا الموضوع؟ أم أظل على أمل أن يطلب مني الإنسان الذي ارتاح له قلبي الارتباط به؟ وهل لو ظل صامتا أمن حق المرأة أن تصرح للرجل عما في قلبها؟ أم هذا الحق للرجل فقط؟ وهل لو حدث ارتباط وسألني عن مدى علاقتي بالشخص السابق ماذا أقول له؟ أقول الحقيقة أم أكذب عليه وأستر على نفسي وأنسى هذه الموضوع وأجعله بيني وبين الله؟
أنا محتارة جدا، وأريد منكم الحل وفي أسرع وقت؛ لأني لا أذوق طعم النوم، وأريد أن أشعر بالاستقرار العاطفي والزواج من الرجل المناسب لي؛ حيث إني لا أريد أن أقع في الخطأ مرة أخرى، ولا أريد أن أُصدم صدمة عاطفية مرة أخرى؛ حيث إني عاطفية ولا أستطيع التحمل؟
أعتذر عن الإطالة، ولكن هذه كل تفاصيل المشكلة دون كذب في أي نقطة؛ فقد كنت صريحة معكم حتى تستطيعوا مساعدتي،
أنا أثق جدا في حلولكم وآرائكم فساعدوني أرجوكم.
28/7/2023
رد المستشار
صغيرتي الجميلة، ككل الفتيات أنت تحلمين بفارس الأحلام الذي سوف يخطفك، ويحلق بك في سماوات الحب، ومن أجل تحقيق هذا الحلم تتعارفين بهذا، وتصادقين آخر، وتقدمين لهذا ما يريده رغم أن سنوات عمرك لم تتخط الثامنة عشرة، والآن أنت تتساءلين: أتزوج من؟ حبيبي الذي قدمت له نفسي، ولكنه تركني عدة مرات وذهب لغيري؟ أم صديقي الذي لم يعدني بأي شيء ويريد فقط أن نكون أصدقاء وإخوة؟!
وأنا معك أتساءل وأحاول أن نصل سويا لإجابات على أسئلتك، ولنبدأ بمن تقولين عنه إنه حدد علاقتك به على أنها صداقة وأخوة لأقول لك: إنه لا توجد صداقة وأخوة بين شاب وفتاة يتقابلان بمفردهما وبعيدا عن أعين الأهل، ولقد جربت هذا في علاقتك مع الشاب الآخر ووجدت أن العلاقة لم تستمر بينكما بريئة، وأنها تطورت حتى وصلت إلى الممارسات الجنسية ولمرات متعددة، وأنت الآن تزعمين أنك ندمت على هذه التجاوزات وتبت عنها.. فما هو دليل توبتك؟
هذا الشاب خريج كليات القمة أوضح لك صراحة أنه لا يريدك زوجة، ولكنه يريدك أختا وصديقة؛ فهل تضمنين في ظل هذه العلاقة الفردية أن تستمر الأمور بينكما صداقة وأخوة وألا تتحولي في نظره إلى حبيبة وخليلة؟ دوما نؤكد على أننا لا نرفض العلاقات بين الجنسين، ولكن في الإطار العام؛ حيث يتواجد زملاء العمل أو زملاء الدراسة معا، ويجمعهم اهتمام مشترك، وتطوير أي علاقة من الإطار العام إلى الخاص والفردي يحتاج ترتيبات وأوضاعا تنقله إلى نطاق الأسرة استعدادا لإتمام الارتباط.. فهل هذا الصديق خريج إحدى كليات القمة راغب في هذا وينوي عليه؟ ما عليك أن تفعليه إن كنت فعلا نادمة على ما فعلته وراغبة في التوبة أن توقفي علاقتك به، وعنوان منزلكم معروف لمن يريدك زوجة، ولمن يريد أن يدخل البيوت من أبوابها.
أما بالنسبة للآخر الذي تقولين إنك تحبينه أو تصفينه بأنه حبك الأول، ورغم ذلك تدركين عيوبه جيدا، وتدركين أنكما لا تتوافقان في أمور كثيرة، ورغم ذلك ضعفتما أمام رغباتكما؛ وكان ما كان بينكما من تجاوزات، ورغم ذلك فقد تركك مرة ومرات لأسباب متعددة.. فهل تشعرين أن هذا الإنسان يصلح زوجا لك؟ لن يجيب غيرك يا ابنتي الحبيبة، فكري في أمرك جيدا، وانظري تحت من ستضعين نفسك، فالحب وحده لا يقيم بيتا، ولا يحافظ على حياة زوجية، وَازِنِي بين عيوبه ومحاسنه، استعيني بأمك وضعي الأمر كله بين يديها، واجعليها مستشارتك للإجابة على هذا السؤال: هل هذا الشاب بكل مواصفاته يصلح أن يكون زوجا لي؟
فإذا جاءت الإجابة لصالحه فتوكلي على الله واستخيريه في أمرك، ولكن ضعي في اعتبارك أن عليك جهدا مضاعفا لتثبتي له أنك تغيرت للأفضل، وأنك لم تعودي الفتاة التي ضعفت أمام رغبات جسدها، وسلمت له نفسها طواعية وعن طيب خاطر، وتحملي منه شكوكه وغيرته المضاعفة لما كان بينكما من تجاوزات، وأما إذا جاء قرارك بالرفض فتوكلي على الله، وأبلغيه بصراحة ووضوح هذا القرار، واقطعي علاقتك به تماما.
ابنتي الحبيبة، ما أريده منك وما قصدت أن أقوله إنه لا يوجد مبرر لأن تحصري تفكيرك في شخصين: أحدهما تختلفين معه في كثير من الأمور، والآخر لم يبد أي نية للارتباط بك، فما زال العمر ممتدا أمامك، والخيارات أمامك أوسع من أن تضيقيها في شخصين، وقلبك قادر على أن يحب آخرين ظروفهم أفضل وأنسب لك، فمن غير المعقول أن تظل فتياتنا يتعاملن مع الأمر من منطلق "عصفور في اليد"، وعندما يأتيك نصيبك فلا تذكري له أي شيء عن علاقتك السابقة، فهذا أمر بينك وبين الله، وطالما أن الله ستر عليك فلا تفضحي نفسك.
والأهم من هذا ألا تعودي لهذه الممارسات؛ فعليك أن تدركي أنت وكل فتياتنا أن هذا الطريق لا يضمن العريس المنتظر، فمن أرادت أن تعيش حياتها وتستمتع بها كيفما يحلو لها فلا تتحجج بأنها تبحث عن العريس المنتظر، فلا مجال للف والدوران، ولنسمِّ الأشياء بأسمائها أمام أنفسنا وضميرنا ولنستعد لمواجهة رب العزة يوم نلقاه حفاة عراة ليس بيننا وبينه حجاب، ويمكنك لمزيد من الإفادة قراءة:
- خيبة حواء العربية: عزلة وسذاجة وأحلام
- عصر الإنترنت: الخلطة السرية لحواء العربية
ابنتي الحبيبة، أدعو الله أن ينير بصيرتك، وأن يعينك على حسن الاختيار، وتابعينا بالتطورات.