السلام عليكم ورحمة الله
خطبت فتاة، وقبل أن أكتب الكتاب اعترفت لي أنها كانت على علاقة بشخص أثناء دراستها وأن العلاقة انتهت بينهما، وافقت لأنها وافقت على الزواج مني، ووعدتني بأن تكون الزوجة الصالحة وأنها نادمة، وبعد كتب الكتاب (يعني في فترة الخطبة) تغيرت لأن الماضي بعث برسالة لها يذكرها بالوعد فقلت لها: إنه يضحك عليك ولو أرادك لحضر وطلب يدك، وهو يعلم أن خطابك كثيرون، ولكنها طلبت الطلاق، وكان من واجبي تجاهها أن أبين لها الحب الحقيقي فأعطيتها الحب والعطف والحنان بدون مقابل
وأخيرًا خيرتها بيني وبين الماضي وقلت لها: إنني مستعد للانسحاب من حياتك، وإذا كان الماضي يحبك وأنا العائق فسأساعدكما في الزواج؛ ولكنها بعد أسبوعين من هذا الكلام رجعت لي نادمة وأخبرتني أنها أرادت التأكد من حبها وأنها سوف تعود لي، ومرت الآن سنة على الخطبة، وهي تقول لي: إنها تحبني، وفي نفس الوقت تحاول نسيان الماضي، وإنها لا تريد أن تلعب أو تخرج معي بعد ذلك، فقلت لها: إنك تضحكين علي ولازم نفترق، فأصبحت تبكي لأني تخليت عنها، ولكن معاملتها ليست معاملة الحبيبة أو الخطيبة رغم أنها تقول: يجب أن نتزوج وسوف تحس بالاستقرار معي
فماذا أفعل؟
هل أتركها وأنا أشاهدها تتعذب لفراق الماضي؟!
29/7/2023
رد المستشار
أخي العزيز: حمدت فيك رفقك وسعة صدرك، ولفت نظري صراحة فتاتك من البداية.
أنت متردد بين الماضي غير المرضي؛ الماضي المزعج الذي يطاردك بمشاهده وأحداثه، وبين حبك لهذه الفتاة. ومن يحب يغفر ويتسامح.. إن ما تقدمه لك فتاتك الآن هو مجرد "وعد" بالسعادة والاستقرار قد تكون صادقة فيه، ونادمة على ما بدر منها في حقك، حين ذهبت إلى الآخر وهي مرتبطة بك وتحمل اسمك، نعم قد تصدق رغم سوابقها وقد يشدها الماضي ثانية بندائه فتجيب نداء الماضي مرة أخرى، كما فعلت من قبل... هل ستفعل هذا أم ذاك؟ .. الله وحده يعلم. وأرى أن السؤال الصحيح عندك أنت، وهو متعلق بك: هل أنت مستعد للثقة في هذه الفتاة رغم هذا الماضي الثقيل؟!! هل أنت مستعد لإغلاق باب الشكوك والظنون فيها إلى الأبد؟! هل الحب الذي تشعر به ناحيتها يتغلب على ألمك مما فعلته بك؟! هل أنت على استعداد مفتوح ومستمر للغفران والتسامح معها إن أصغت سمعها لنداء الماضي، ولو من باب تجديد الذكريات أو المقارنة بينك وبينه؟! أقول لك هذا؛ لأن البيت الذي يقوم وفي أساسه شكوك وظنون يكون واهياً كبيت العنكبوت، ويكون جحيماً لا يطاق، بين رجل تكويه النار كل لحظة، وامرأة (هي زوجته) يطعنها ـ مع كل تصرف ـ في شرفها وثقته بها.
والزواج ليس هكذا: الزواج إما أن تثق؛ وبالتالي تغلق باب الظنون وتغلب حسن النية، وإما أنك لا تستطيع أن تطمئن وتثق؛ وعند ذلك خير لكما أن تتفرقا، ويغني الله كلاً من سعته.. إن الماضي سيظل بينكما إلا إذا قررت أنت وحدك إسقاط ذلك.. فهل تستطيع؟!! هل ترى فيها صدق الندم والتوبة، وترى في نفسك القدرة على تجاوز كل ما فات؟!
القرار الذي أنت بصدده يحتاج إلى تروي وتعقل وتدبر، يحتاج إلى وزن الأمور بميزان العقل والحكمة، يحتاج إلى وزن مشاعرك المترددة ناحيتها، وإلى وزن ماضي أخطائها، وإلى وزن الاحتمالات المستقبلية الممكنة جميعاً بما فيها أن تطلقها بعد الدخول بها إذا ظلت متعلقة بالماضي، أو طلبت هي الطلاق كما طلبته من قبل، احسم أمورك، وخذ وقتاً ابتعد فيه عنها، وعن تأثيرها عليك، وفكر في الأمر بروية، واستخر الله –عز وجل- كما استشرتنا، واعلم أنك لست مسؤولاً عن تضميد جراح لم تحدثها أنت، ولست مسؤولاً عن تجاوز أخطاء لم تقع فيها أنت، ولست مسؤولاً عن بذل المزيد من الحب والعطف والحنان دون مقابل.
إذا تركتها ـ وكثيرون في فريقنا هنا يرجحون لك ذلك ـ فلا تكثر من الندم عليها فلم تكن تلك التي يشتد عليها الندم، وتعلم من تلك التجربة آخذاً من عبرها، ومتجاوزاً لعبراتها وآلامها.
وإذا قررت الاستمرار فافتح معها صفحة جديدة، باتفاق جديد، وتعاهد جديد، أخشى أنه سيكون واهياً للغاية من ناحيتك بإمكانية عودة الشك والظنون لأهون سبب، ومن ناحيتها بالحنين إلى الماضي الذي تركها ولكن مازالت مشدودة إليه، ترهف السمع لعله ينادي!! .. وفقك الله لاتخاذ القرار الصحيح، وتحمل نتائجه.