السلام عليكم موقع مجانين
لنبدأ أحداث قصتي من أولها، أنا فتاة منذ نعومة أظافري لم أع إلا على أم ضحت بكل ما تملك لأجل أبنائها، وأب لا يعرف معنى المسؤولية، وفجأة ذهبت حاملة الكبرياء التي انكسرت أمام تيار لا تقوى على الصمود أمامه، إنه تيار الحياة، ماتت أمي وهي تحمل كل معنى للحياة كنت أحمله. وتزوج أبي بعدها، وعشت وسط تيار أسرة لا تعرف شيئا عن الاستقرار.
كبرت وقاومت ظروفا صعبة، لولا قوتي لما صمدت أمامها، ومع كل هذه الأيام فإن حاجتي لحنان أم تضمني وتدفئني وتمنحني كل شعور طيب لم أعرفه يوما، لقد توفيت أمي وأنا بنت 10 سنوات، حلمت كثيرا بأن أجد من يعوضني عن الحنان المفقود.
وأنا الآن عمري 22 عاما وتقدم لخطبتي الكثير منذ أن كنت في الثانوية، وأتممت دراستي الجامعية، لكن ما حدث أني قابلت شابا وأحببته بكل ما أملك من مشاعر، وكانت الظروف أقوى مني ومنه، حيث جمعتنا أفكار واحدة، وتحدثت معه على الهاتف، وعلى "الإنترنت". وكل يوم كان لي أحبه أكثر من الذي سبقه، نسيت معه العالم بأسره حتى همومي كنت لا أحمل منها شيئا؛ لأنه يشاركني الحمل، وحدثني في أمور أخرى يمكن أن نطلق عليها "توابع الحب"، وقال لي ماذا يريد أي رجل من أي امرأة يحبها؟ في البداية كنت أرفض، ولكن من شدة تعلقي به أحسست أني بحاجة إليه، وبكل شيء يربط أي رجل بأي امرأة في هذا الكون.
بكل أمانة لم أقابله؛ لأني كنت أخاف على سمعتي، وعلى أهلي وسمعتهم أكثر من خوفي على نفسي، لقائي الوحيد به كان صدفة جمعتني به، كان في عرس أخته، وكنا "معزومين" من جهة العريس، وذهبت مع زوجة أخي، ولكن وأنا مغادرة صدمت به أمامي، ولم أقو على الحراك، ومرضت 3 أيام بعدها؛ لأني أريده إلى جواري، وليس بعيدا عني.
علم أخي علاقتي بهذا الشاب وقرر أن أقطع علاقتي به، وحدثته وشرحت له ما حدث، وهو طالب ولا يستطيع شيئا إلا أن يقول لي أن أبتعد عن المشاكل، وأنه يتعين علينا أن ننسى بعضنا، فأحسست أني فقدت أغلى ما عندي، ولم أتحدث معه، وهذا كله قبل 7 أشهر ولكني حتى اليوم لا أستطيع أن أنسى.
تقدم لخطبتي الكثير، وقابلتهم في بيتنا، ولكن كلما قابلت عريسا، أو تحدثت إلى أحد رأيته أمامي، وتذكرت كلامه. وأنا لا أستطيع أن أفكر في غيره، ولا أعرف هل قدرتي على الرفض ستستمر أم أنه سيأتي وقت يجب أن أعرب فيه عن رفضي؟
والله حاولت، ولكني أتعذب وأتمنى الخلاص في كل لحظة.
أفيدوني ولكم مني فائق الاحترام.
10/7/2023
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكرك على احترامك لنا، ولكن للأسف لا يستطيع أحد أن يفيدك سوى نفسك، وكل ما يمكنني هو مشاركتك التفكير، والشد من أزرك عسى الله أن يجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
تعكس كلماتك وعيا واضحا يساعدك في تحديد سبب مشكلتك وتعلقك بالشخص الذي تشيرين إليه؛ فحاجة الإنسان للحصول على الدعم والدفء وقبول الآخرين حاجة طبيعية لدى البشر، ولكن لا شيء بلا ثمن في هذه الحياة، فهو استمع لك حقا، ولكن تعاطفه هذا كان مجرد شباك يجرك بها حتى يصل إلى ما يريده هو، وما يحتاجه وبطريقته الخاصة.
لست وحدك عزيزتي.. فبعض الدراسات تشير إلى أن الناس يكونون مؤهلين لبدء علاقة عاطفية عندما يتدنى مفهوم ذاتهم لأي سبب؛ فيبحثون عن آخر يكمل قصورهم، ومع أن الصياغة تبدو فجة في عيون المحبين، ولكنها واضحة بلا شك، وهذا ما حدث معك. وبعد الاقتراب منه والتعامل معه اتضح أنه شخصية غير ما ظننتها، حيث لم يتمسك بك، ولم يطلب منك انتظاره، ولم يحاول حتى الحديث مع أهلك، ألم يكن عزيزتي يعرف ظروفه ومحدودية قدرته على الارتباط عندما كان يطالبك بما لا يحل له؟
ما رأيك أن تستخدمي ما لديك من قوة أنعم الله عليك بها ثم طورتها خلال ظروف نشأتك -على غرار أن ما لا يقتلك يزيدك قوة- ولا بد أن من بينها الذكاء، كي تري حقيقة هذا الشخص بأنه غير أهل للثقة، ولا يستحق الحزن عليه إطلاقا، ونظرة أكثر عمقا لمشاعرك ستكشف أن حزنك ليس على فقده، بقدر ما هو حزن على عدم إشباع حاجتك من الحب والتفهم الذي يبدو واضحا من موقفه أنه لم يكن مستعدا حقا لإعطائك ما تريدين إلا بمقابل ثمن باهظ، علاقة غير شرعية تخسرين فيها الدين والدنيا.. فهل هذا ما تريدينه لنفسك عزيزتي؟ هل شخص بهذه الصفات تعتقدين أنه سيكون قادرا على الوفاء بالتزامه معك حتى لو قرر فجأة أن يرتبط بك؟.
عزيزتي.. لابد للإنسان أن يتعاطف مع نفسه، ويسمع لها، ولكن لابد له من أن يستخدم عقله كي يوجهها كما أمرنا رب العالمين حين قال "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى"، فإن كانت نفسك غير العاقلة تحن له وجب على عقلك الواعي أن يوجهها للاهتمام بالجادين حقا، والراغبين فعلا في إشباع حاجتك للحب والتفهم والاستقرار، مقابل إشباعك لحاجتهم أيضا بوضوح وفي النور.
ذكري نفسك بأن الندم على ما فات لن يفيدك في إشباع حاجاتك؛ فالحياة فيها صفحات وسطور وكلمات كثيرة، لا تتوقفي عند أي منها أكثر مما يستحق. لا تدعيه يخدعك مرة أخرى، فيحرمك الفرص الحقيقية للاستقرار مع إنسان مناسب، يكفي أنه خدعك في المرة الأولى حين ادعى الاهتمام، بينما كل ما كان يظهره "عدة صيد" لإشباع سهل لحاجاته، دون اعتبار لقيمتك ولا احترامك، ولن أقول لشرع الله.
يجب على الفتيات أن يعين أنه لا حب دون احترام، ومن يطالبك بما لا يحل له لا يحترمك في الحقيقة، ولا تشكلين في نظره أكثر من وسيلة يمكن لغيرك أن تكون فيها بسهولة، ما أنت بالنسبة له إلا أداة.. فهل إنسان هذه نظرته لك يستحق منك الحزن والأسى؟.
عزيزتي كفاك ما أضعت معه وعليه من وقت ثمين، اهتمي بنفسك وابحثي من بين خاطبيك الجادين عن إنسان يناسبك، فلا بد أنك واجدة من بينهم من تكون حقيقته تلك الصورة التي ادعاها ذلك المستغل لحاجاتك. مع دعائي لك بأن يشرح الله صدرك لما فيه خيرك.
واقرئي أيضًا:
الوسادة الخالية ولوعة الفقدان
العشق سمعا: التقاليد في خلفية الصورة!
السقوط في بحور الوهم: نخطئ لنتعلم!
اختبري العلاقة، لن يتحول الحب إلى صداقة!