نار الغضب والانفعال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أنا متزوجة منذ 10 أعوام وزوجي إنسان عادي من الناحية الخلقية، ولكن المشكلة فيَّ أنا؛ حيث إنني عصبية جدًا وسريعة الغضب والانفعال، ولكن زوجي أيضًا يستفزني كثيرًا بالرغم من أنه يعلم ما يغضبني ولكن يفعله، ولكني أريد أن أتخلَّى عن عصبيتي هذه؛ خصوصًا أني بعد أن أهدأ أشعر بأني متضايقة مما فعلته..
فما السبيل لكي أتخلص من هذه العصبية؟..
وشكرًا.
12/8/2023
رد المستشار
أختي العزيزة: أرجو أن تكون حالتك المزاجية الآن مستعدة لما سأقوله لك؛ لأن العلاج بيديك أنت بعون الله.
يا أختي.. من حيث المبدأ فإن الانفعال السريع والعاطفة الجياشة الحارة ليست عيبًا إلا إذا تحولت إلى سبب للإعاقة عن التواصل مع الحياة بأشخاصها وأحداثها، ومعول يهدم صاحبه نفسيًا وجسمانيًا، كما أن عدم الإحساس والانفعال ليس نعمة أيضًا على طول الخط.
إذن نريدك حارة متحمسة متدفقة شعورًا وحيوية، ولكن دون انفعال مرضي يضرّك، ويصبح نقطة الضعف فيك اجتماعيًا ونفسيًا وبيولوجيًا، فالغضب نار تحرق صاحبها قبل غيره.
كيف يمكننا ذلك؟
أولاً: على المستوى الذهني: تحتاجين إلى جلسات هادئة مع نفسك، وبمفردك لعقلنة الأمور، وتحديد ما يستفزك ويغضبك مثلاً، والتفريق بين ما يستحق الغضب المعتدل غير المرضي وما لا يستحق أي غضب لأنه تافه، أو لأنه حقيقي وموضوعي فيستحق تصرفًا أكبر من مجرد الشعور بالغضب، فمن غير المعقول أن يكون زوجك على علم بما يغضبك، وتجهلينه أنت، فإذا كنت على علم تام بأسباب انفعالك وغضبك، وفرزت ما يستحق مما لا يستحق، وتعودت ذهنيًا على أن يسبق تفكيرك انفعالك
ننتقل إلى المستوى الثاني، وهو: المستوى السلوكي: وفيه نحاول التدريب على عدم الانفعال السريع ويتم ذلك عمليًا بإجراءات؛ منها ترك المكان أو الموقف المؤدي للانفعال فور حدوث الانفعال، ومنها الانفصال الذهني عن المؤثر المؤدي للانفعال، والتشاغل عنه بنشاط آخر ذهني بالتفكير وجسماني بالحركة، فإذا غضبت واقفة فغادري إلى مكان "تجلسين لتمارسي نشاطاً آخر، وإذا غضبت في فراشك "قومي" منه إلى المطبخ مثلاً.. وهكذا. الغضب نار كما قال المصطفى -الذي لا ينطق عن الهوى-، والماء تطفئ النار، فاجعلي من الوضوء خطوة هامة في برنامجك التدريبي كلما غضبت، ولو كنت في جنابة "الحدث الأكبر"، ويمكنك أخذ حمام دافئ إذا توافرت الظروف لذلك، فإذا تعذر الحمام والوضوء فليس أقل من مسح الوجه ببعض الماء، أو بمنديل مبلل بالماء أو العطر.
ثالثًا: إن هذا البرنامج سيأخذ بعض الوقت، وعليك السيطرة والتحكم في شعورك بالضيق بعد موقف الغضب والانفعال، ويساعدك على هذا الجلوس للتخفيف عن نفسك ومحاسبتها، وليس جلدها بعد كل موقف انفعال.
رابعًا: تنوع وسعة اهتماماتك، ومشاغلك سيقلل من تأثير المؤثرات المغضبة عليك.. فما هي هذه الاهتمامات والانشغالات؟! وهل هي كافية ومحببة إلى نفسك؟!
تغلبي على غضبك لأننا في انتظارك لمشاركتك معنا في حل مشكلات غيرك.
خامسًا: إن سعة الصدر هي بعض الانشراح الذي تحدث عنه القرآن في قوله تعالى: "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" .. وفي قول سيدنا موسى: "رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي" .. أسأل الله أن يشرح لك ولنا صدورنا، وييسر لنا أمورنا، إنه أعز من سئل، وأكرم من أجاب.
واقرئي أيضًا:
عدم التحكم في الغضب والنشوة الشديدة!