أبتسم وقلبي يحترق.. وحيدة رغم الزحام!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا صاحبة مشكلة- أبتسم وقلبي يحترق.. وحيدة رغم الزحام! ، كم أسعدني تجاوبكم معي ونصحكم لي، وهي أول مرة أرى من ينصحني بإخلاص.. أنا لا أعرف كيف أشكركم، فعلا لقد عملت بنصيحتكم وتحسنت الأمور بعض الشيء ولله الحمد.. وها أنذا أعرض عليكم مشكلة من نوع آخر؛ لا أدري هل هي مشكلة أم سوء حظ أم ماذا؟.
آبائي وأمهاتي المستشارين، أريد مشاركتكم لي في مشكلتي:
لقد خطبني رجل عمره 43 سنة، وهو متزوج وعنده أولاد، وقد كنت مترددة في البداية خوفا من كلام الناس ونظرتهم لي لو قبلت رجلا متزوجا، ولكن صليت استخارة ولا أخفي عليكم كم انشرح قلبي وكم أحسست بالسعادة.
لقد كنت دائما أدعو ربي أن يرزقني رجلا يخاف الله ويسعدني ويعوضني عن كل الحب والحنان الذي فقدته في بيت أهلي؛ لذلك كنت أتمنى أن أرتبط برجل تجاوز العشرينيات من عمره، رجل ناضج يستوعبني ويحنو علي ويدللني.. وفعلا رأيت هذه الصفات في خطيبي.
والآن مضى على خطبتنا (نحن معقود علينا ولكن لم نتزوج بعد) ستة أشهر، وكل يوم يكبر في عيني أكثر وأتعلق به أكثر؛ أشعر بأنه يحبني فعلا، ولكن أنا الآن خائفة و"محتارة" في أمور كثيرة.. أحيانا كثيرة أسأل نفسي: هل أنا مخطئة عندما وافقت عليه؟ هل عمره يعد كبيرا ويعد عيبا فيه؟ قد تستغربون وتقولون: الآن تسألين نفسك هذه الأسئلة؟ ولماذا لم تفكري بهذه الأمور من البداية؟ أقول لكم: لا تسألوني فأنا نفسي لا أعرف لماذا.
لقد تقدم لي شباب كثيرون، ولكن لم ينشرح صدري إلا لهذا الرجل، فعندما أكون معه أشعر بأني أسعد إنسانة؛ إنه طيب جدا وحنون، إنه يعوضني عن أشياء كثيرة كنت أفتقدها وأتمناها، إنه كريم مع زوجته الأولى، وقد خطبني بموافقتها؛ فهي مشغولة عنه بعملها خارج المنزل وهي التي طلبت منه أن يتزوج، وحتى أولاده يعاملهم أحسن معاملة.
كم أتمنى لو أن أبي عاملني كذلك، إنه لا يقصر في حق أي أحد؛ لذلك لن أندم على ارتباطي به، ولكن مشكلتي هي الناس؛ فلا أحد يعلم أن خطيبي متزوج، حتى الأقارب، ولا أريدهم أن يعرفوا لأنهم لن يفهموا.
أختي دائما تعيرني به؛ تقول لي: مسكينة لقد تزوجت رجلا أكبر منك، وكما سبق وقلت لكم نحن الإخوة تحصل بيننا مشاحنات كثيرة بسبب الجو الذي عشناه، وهذه أختي لم تتزوج إلى الآن. أختي لا تفهم ولا يمكن أن تفهم لماذا ارتبطت به، وماذا وجدت فيه من صفات تجعلني أتمسك به أكثر.
أحيانا تراودني أفكار بأني من الممكن أن أفقده أو ممكن أن يحصل له مكروه -لا قدر الله- وأخاف كثيرا وأبكي في الليل. أنا لا أريد أن أفقد من أعطاني حبه واحترامه وحنانه. يا إلهي كم أنا حزينة أقول في نفسي الآن: أنا عمري 23 عاما، وبعد 5 سنوات سيصبح هو رجلا في الخمسين من عمره، أي إنه لن يقدر على تلبية احتياجاتي، ولن يكون بقوته، ولن يهتم بي.
ولكن أراجع نفسي وأقول: هناك رجال يتزوجون في السبعين من عمرهم بنات في 15 أو 20. ولا أدري هل أنا متشائمة أم هذه حقيقة وأحاول أن أنكرها، وهل أنا مخطئة؟ وهل إذا لم أخبر الناس الذين أعرفهم بأنه متزوج فهذا يعتبر ضعفا مني؟ أم إنه ليس من حق الناس أن تعرف أمورا لا تعنيها؟.
أنا أحبه فعلا وأريد أن ألقي همومي عليه، وأنا مستعدة أن أعمل كل شيء من أجل إسعاده. عندما أتناقش مع أبي وأمي في أمور تقلقني هم لا يعيرونني أي اهتمام، ويقولون: نحن لم نجبرك على شيء، ولا تشغلينا بك، وعندما أسأل أمي تقول لي: اتصلي بزميلتك وخذي رأيها، أنا "مش فاضية"، وليس عندي استعداد للتفكير معك، فأذهب إلى غرفتي وأنا يائسة ومحطمة.
آسفة على الإطالة وعلى كلامي غير المرتب -كالعادة.
أرجوكم لا تبخلوا علي بنصحكم فلولا ثقتي بكم ما أرسلت إليكم. وشكرا.
21/8/2023
رد المستشار
بنيتي الكريمة:
أهلا بك يا صديقتنا الحبيبة مرة أخرى ومرات متعددة، والحمد لله أن أحوالك مع أهلك الآن أفضل من ذي قبل.
أما بالنسبة لمشكلتك الحالية فمن المفيد أن تدركي أن السابح ضد التيار عليه أن يتحمل الصعوبات التي سوف تعترض طريقه، وحتى تكوني مستعدة لما سوف يواجهك من مشاكل، ولك بعد ذلك مطلق الحرية في الاختيار.
وأول المشاكل تكمن في فارق السن الكبير بينك وبينه، وفارق السن هذا يعني أن أسلوب تفكيره وطريقة معيشته وأسلوب حياته تختلف كثيرا عن أسلوب حياة الشباب، وقد يحاول أن يجاريك الآن وهو يراك لوقت محدود، ولكنه قد لا يستطيع أن يغير من طباعه بعد الزواج، فهل أنت مستعدة لأن تتحملي هذا؟ وفارق السن هذا ينذر بأن تعايشي رجلا في الخمسينيات وأنت في أوج ازدهارك الجنسي. فهل أنت على استعداد لهذا؟
أما بالنسبة لمسألة الموت والحياة فهي أمور في علم الغيب ولا يعلمها إلا الله. فقد يموت الشاب ويعيش الشيخ.
العائق الثاني الذي يواجهك هو كونه زوجا وأبا، ومن الواضح أنه أب بار بأولاده، ويعطي كل ذي حق حقه؛ وهذا يعني أن جل جهده والكثير من وقته سينصرف لبيته الأول، فراجعي نفسك جيدا لتتأكدي من قدرتك على تحمل هذا الوضع بعد الزواج؛ فبعد الزواج -إذا كنت فارغة من كل شغل- ستجدين نفسك لساعات وساعات تنتظرين الزوج والحبيب؛ فهل ستتحملين هذا الوضع أم أن وحدتك واحتياجك لزوجك قد يدفعك للضغط عليه ومحاولة الاستئثار به دون بيته الأول؟.
اعرضي هذا الوضع على نفسك وانظري بعمق: هل يمكنك تحمل هذه الحياة؟ ويفيدك أن تطلعي على المشاكل الآتية: تعدد الزوجات: وكيفية تحقيق المعادلة الصعبة!!.
وتحتاجين بالإضافة لهذا أن تتأكدي من حقيقة مشاعرك نحو زوجك؛ فقد يكون حبك له نابعا من احتياجك للشعور بدفء مشاعر الأبوة، ولكن هذا الرجل لن يكون أبا لك ليعوضك عما افتقدته من حنان الأب، فتبصري داخلك لتكتشفي مكنونات نفسك، وهذه الأمور هي الأولى في الاعتبار قبل أن تشغلي نفسك بتخوفاتك حول الناس وكلامهم.
وعموما فلا حرج عليك لو أخفيت حقيقة زواجه، ولكن في النهاية هذه الحقيقة لن تظل خافية للأبد، وكل ما في الأمر أنك تؤجلين المواجهة بعض الوقت.
ابنتي الكريمة:
أدعو الله أن يعينك على حسن الاختيار، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ولا تنسي استخارة المولى عز وجل.