السلام عليكم ورحمة الله
بداية كل الشكر لكم ولاهتمامكم بالقضايا الإسلامية والعربية، والمناقشات التي تتم والمستمدة من عقول وصدور الشباب العربي المسلم.
ما أود لفت انتباهكم إليه هو موضوع المحطات الفضائية الأجنبية التي ترسل أفلاما وعروضا جنسية مستمرة ومجانية وبدون اشتراك، وعلى مدى أربع وعشرين ساعة.. هذه المحطات تبث الآن إلى الدول الإسلامية والعربية ودول الخليج وسوريا ولبنان والأردن ومصر وبشكل موجه، وهي مدعومة من جهات معينة لهدم الشباب المسلم العربي بالتحديد، فمن أين تغطي هذه المحطات مصاريفها؟.
طبعا ومما لا شك فيه هذه حرب ضد الإسلام، وهي أخطر من حرب الشيشان والبوسنة وكوسوفا ومفاوضات السلام.. وبدأت نتائج هذه الحرب الفاضحة بالظهور، وصدقني هذه الرؤية من الواقع؛ فالمراهقون وما دون سن المراهقة فتيات وفتيان ينتظرون اختلاءهم بجهاز الاستقبال، ومباشرة يتم الانتقال إلى تلك المحطات وتسجيلها للزملاء الذين لا يملكون أجهزة استقبال.
وبعد المداومة على تلك البرامج والأفلام تكون النتيجة شحنا للشهوات والغرائز إلى حدود لا يمكن السيطرة عليها، ويتم التوجه للتدخين وتناول المشروبات أو المخدرات، ولا نستبعد عمليات الخطف والاغتصاب أو السرقة للحصول على المال لتناول تلك الممنوعات؛ فمجتمعاتنا غير معتادة على هذه الأفلام الخليعة.
أما البالغون رجالا ونساء وأزواجا وزوجات، فيستمر السهر على تلك الأفلام حتى الفجر، ومن ثم التأخر عن العمل في اليوم التالي، ومغالبة النعاس طوال اليوم التالي، وعدم الإنجاز في العمل.
كما أن تلك المحطات رفعت الحياء من المرأة والفتاة والزوجة المسلمة؛ لأنها وبشكل مفاجئ شاهدت هذه العروض القذرة، وهذا كله يؤدي إلى تدهور العلاقات ضمن الأسرة وكسر موازين الحلال والحرام وانتشار الزنا.. فالابن يعرف أن الأب يشاهد هذه المحطات، والأب يعرف أن الابن يشاهد تلك المحطات إذا سنحت له الفرصة، وكذلك الحال بين الأم وابنتها... وكل هذا كوم والمصيبة الحادثة أخيرا بفرض الشخصيات المثلية في الكرتون للأطفال. وصدقوني أن مثل هذه المحطات الجنسية المجانية ممنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يسمح بها إلا عن طريق الاشتراك بالكابلات، أو أجهزة مخصصة؛ لفك التشفير، وتباع للمشتركين فقط.
نحن لا نطالب بإغلاق تلك المحطات نهائيا، ولكن نطالب بعدم بثها بشكل مجاني على الأقل؛ لكي لا تكون بمتناول الجميع وبهذه السهولة، وبذلك لن يحصل عليها إلا من يسعى إليها، وتصبح بعيدة عن متناول الأطفال والمراهقين الذين لا يستطيعون السيطرة على اندفاعهم.
ولهذا يجب أن تتحرك كل الجهات الإسلامية ووزارات الإعلام والمؤسسات الاجتماعية وغيرها في كافة الدول الإسلامية، خاصة العربية؛ لإيجاد صيغة أو أسلوب لمنع بث هذه المحطات بشكل مجاني لمواجهة هذه الحرب الموجهة ضد الدول العربية المجاورة لإسرائيل ودول الخليج.
هذا واجب على كل مسلم يعي خطورة هذه القضية، وتأثيرها المدمر على المجتمع الإسلامي،
وجزاكم الله عن أمة المسلمين كل خير، والسلام عليكم .
21/8/2023
رد المستشار
أخي الفاضل، دعنا نتفق في البداية على حقيقة لا فكاك منها، وهي أن القوي هو الذي يفرض حضارته على الضعيف، والضعيف دائما يتلقى بكل طاعة وأدب.
عندما لا تمتلك سلاحا ولا تعرف فنونا للقتال؛ فيمسك بك عدوك القوي، وتقع في أسره ويحبسك ويقيدك، ويأتي لك براقصته ترقص أمامك بالإجبار، وربما يجعل أخاك حارسا عليك، ويصوب هذا العدو فوهة البندقية نحو رأس أخيك إذا قصر في حراسته لك.
لا أنصحك عندئذ أن تضيع وقتا طويلا في المطالبة بإبعاد الراقصة أو قطع رقبة أخيك، ولكني أعتقد أنه يجب عليك أن تكرس جل جهدك في التخلص من قيودك أولا، ثم تعلم فنون القوة ثانيا، ثم مواجهة عدوك وإيقافه عند حده، وعندئذ أنت الذي ستفرض عليه حضارتك وليس هو الذي يفعل.
لا تفهم من كلامي أني أقصد القتال بمعناه الحربي والعسكري فقط، بل قبل ذلك بمعناه التكنولوجي والعلمي والاقتصادي والفكري والاجتماعي، ولا تفهم من كلامي أيضا أني أدعو للصمت وعدم الاعتراض، بل على العكس فأنا أضم صوتي لصوتك وأطالب معك بإلغاء هذه المحطات وعدم التوجه لها.
لكن ما قصدته هو أنه لا أحد يستجيب لنداء الضعفاء، وإذا ظللنا نستجدي حتى تقوم الساعة فلن يشفق علينا أحد.
لا بد أن تملك ما تضغط به على خصمك.. القوة هي الحل ليس الحل هو الصراخ فوق المنابر ومطالبة أهل الباطل أن يرفعوا أيديهم عنا.
وحتى لا أكون نظريا.. ما هي القوة التي أتحدث عنها؟ إصلاح مشاكلنا الاجتماعية الداخلية، ومحاربة العادات والأخلاق البالية التي تجرنا للوراء، واكتشاف كل فرد لنفسه لكي يضعها في موضعها؛ لتؤدي دورها في الإصلاح والبناء، وخلق جيل واع قوي يعرف دينه، ويعتز به ويقاوم من أجله.
هذا هو طريق القوة، وهو طريق طويل وشاق يحتاج إلى جهد غير عادي، وهو لن يحدث بين عشية وضحاها، وإنما يحتاج لنفس طويل وتضحيات مخلصة، وهذا هو الجهاد في سبيل الله بمعناه الحقيقي.
عندما نصبح أقوياء نستطيع أن نواجه ونطالب بملء الفم، أما الاستجداء والاستنكار والشكوى، فهي تزيد من شعور خصمك أن رقبتك تحت قدميه فيزيد من ضغطه؛ لأنه عرف موضع ألمك.
الأمل كبير، والبشارات كثيرة، وعودة الفضائل قريبة بإذن الله، وطوبى لمن يشارك في البناء بالعمل قبل الكلام.
اقرأ على مجانين:
التبعية الانتحارية ما بعد التبعية الإدراكية
المولعون بأمريكا: حضارة قوة أم أمة؟