بسم الله الرحمن الرحيم
ترددت كثيرًا قبل أن أكتب مشكلتي التي تركتها تحرق قلبي لمدة تتجاوز السنة والنصف. يا سيدي -والسيادة لله- إنني فتى أبلغ العشرين عاما من العمر، وأحمد ربي أنني ملتزم دينيا.. سأقول لك ماذا يعني أن أكون ملتزما؛ فأنا ولله الحمد محافظ على صلواتي مع إخوتي فقط من الشباب في الحي الذي نقطنه، وأحفظ ثلثي القرآن ولله الحمد ، إضافة إلى ذلك فأنا عضو عامل في العمل الإسلامي الطلابي .
لندخل في صلب الموضوع، أعرف فتاة أكبر مني بسنتين ومن بلد قريب من بلدي.. كانت لحظة طيش فتعرفت عليها واستمرت علاقتنا إلى الآن، لكن أحمد ربي أنها لم تتجاوز النقاش الهادف على الإنترنت.. لقد رأيتها مرتين، ولم تكن محجبة أو ذات دين، فحاولت ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فاستطعت أن أقنعها بالصلاة، إلا أنها ما زالت تصر على عدم لبس الحجاب للأسف.
في هفوة أخرى كلمتها على الهاتف لدقائق قليلة لا تتجاوز العشر، شعرت بعدها بمدى المصيبة التي وقعت فيها.. هي تعتبرني أخاها الأصغر، وأنا أعتبرها أختي الكبرى؛ حتى إنه تقدم لخطبتها أكثر من شخص وطلبت رأيي، وقد فشلت كلها؛ بعضها بسببي حيث اكتشفت في الخاطب ما لم تكن تعرفه؛ وهذا ما زاد المصيبة سوءا؛ فأنا أحس أني أقف في طريق سعادتها، وإن كانت على ما أظن سعادة زائفة؛ فكل من تقدموا لها لا أظن أن شخصا ملتزما سوف يقبل أحدهم زوجا لابنته؛ لهذا نصحتها بألا توافق عليهم، وقد فعلت بما قلت.
لقد قلت لها كثيرا إنني سوف أتركها لأني لست راضيا عما نحن فيه، لكن هي ترفض ذلك، وتقول إنها لن تنساني، وأنا أضعف أمام قولها هذا، مع علمي بحمقي، وأسخر من نفسي لهذا الضعف.. قلت لها بصريح العبارة لن أتزوج فتاة ليست ملتزمة التزاما كاملا، ولا يهمني إن كانت أكبر مني أم لا، وقد وضعت في حسابي إن التزمت فسأفاتحها في الموضوع، لكن لم أحصل على جواب منها.
قد تسألني: هل لي القدرة على الزواج؟ سأقول لك –في خلال سنة بإذن الله- نعم؛ فأبواب الخير كثيرة ولله الحمد.
لن أكذب عليك وسأقول لك ما يعتري قلبي.. أنا أحتقر كل مَن له علاقة بفتاة، وأحتقر نفسي على ذلك، مع أني -ويشهد ربي- لم أسئ في قول، لكن عندما أفكر بما أنا فيه والعمل الإسلامي الطلابي أجد أن هناك فرقا بين الليل الداكن وضوء النهار.. أريد أن أتركها في طريقها ولا أريد، فلعل الله يهديها بسببي، كم دعوت ربي وبكيت في ليالٍ شديدة السواد، إلا أنني أعيش في دوامة أحس أنها أقوى مني.. فكرت أن أستنصح غيري، لكن كل من حولي يحملون نفس الصورة التي أحملها، وستكون مصيبة إذا عرف أحد بما أقوم به حتى والديّ اللذين لا يشكان أن أفعل شيئا كهذا.
أحس أنني على مفترق طرق، ولا أدري هل من الخير أن أصرف فكري عنها أم أستمر؟
فهل يا ترى سأجد شعاعا من أمل عندكم؟ والسلام عليكم ورحمة الله.
22/8/2023
رد المستشار
أخي الكريم، غالبا ما يعتبر السائل مشكلته في ناحية بينما الجانب الأهم يكون في جوانب أخرى لا يكاد يراها، ومشكلتك مثال على هذا، ودعنا نفكها بهدوء وعلى مهل:
أولا: قلنا مرارا إن الفكرة الشائعة لدى العديد من الملتزمين والتي تقول أنت عنها في رسالتك "أنا أحتقر كل من له علاقة بفتاة" .. هذا الحكم العام الذي تسرب حتى استقر هكذا بإطلاق في أذهان الكثيرين دون تفحص في التفاصيل المهمة هو الأساس الخاطئ الذي تبني عليه الشعور السلبي تجاه نفسك.
ولست هنا بصدد نقاش هذه الفكرة المتسرعة غير الدقيقة التي ترى أن أي نوع من العلاقات بين الشاب والفتاة هو أمر محتقر أو خطيئة في حد ذاتها، وعليه يبدأ جلد الذات واستعذار النفس والدوامة التي تتحدث عنها، ولا أساس لهذه الأفكار غير سوء الفهم والتقدير الشائع عند الملتزمين أو أغلبهم.
أرجو أن تراجع إجابات كثيرة جدا لنا عالجنا فيها هذا الموضوع من جوانبه، ولا أريد أن أختصر لك هذه الجوانب؛ لأن الأمر يستعصي على الاختصار، ولا بد فيه من التفصيل، ومن هذه الإجابات :
قصة ملتزم.. دعوة لإعادة النظر
قصة ملتزم.. دعوة لإعادة النظر م. مستشار
حدود العلاقة بين الشاب والفتاة!
بعد الثلاثين سؤالٌ عن الأنوثة!
في العشق عندنا: تطبق الشروط والأحكام!
هذا أحبه وهذا أحادثه امتحانات البصيرة!
ثانيا: الجانب الأهم هو تحديد موقفك من تلك الفتاة؛ فهل أنك تحبها بصدق وترغب فيها زوجة ترضى عن أخلاقها وطباعها وأصلها وفصلها –كما يقول المصريون- ويعجبك شكلها ولا يهمك فارق السن بينكما... إلخ؟
إذا توافرت هذه النقاط والمعلومات لديك في الحكم عليها بوضوح، وتوافرت لديك خطة واضحة للارتباط بها، فعليك أن تكون مباشرا وصريحا، فلا أحسب فتاة طبيعية ترى عرضا مثل هذا من شاب مستقيم تقدره ثم ترفض أن تزيد في ملابسها مترا من القماش تستر به نحرها وشعرها وذراعيها.. هذا إذا كان الزي هو مشكلتها أو مشكلتك معها!! أما إن كنت تعني أن ما ينقصها في جانب الدين ليس مجرد الزي، ولكن هناك أشياء أخرى؛ فالأمور تقدر بقدرها، وأنت لم تذكر لنا هذه الأمور التي تجعلك تصفها بأنها لم تكن "ذات دين"؛ فالإسلام أكبر وأوسع من الصلاة والحجاب كما تعرف؛ فأين هي بالضبط من المعايير والمطالب التي تتطلبها في شريكة الحياة المنتظرة.. هذه نقطة لا تبدو واضحة.
ثالثا: أعتقد أن ترتيب الخطوات هو أهمية حسمك لأمورك فيما تحب وتكره في هذه الفتاة، ولن يكون هذا إلا بتحديد ما تريده من صفات فيمن تريد الارتباط بها، فإن وجدت أغلب ما تطمح إليه عامة موجود فيها فكن مباشرًا معها بشأن بقية الأشياء مثل الحجاب، وإن وجدتها تفتقد حاليا لأغلب ما تطمح أنت إليه فاتركها لأنك تشغلها وتشغل نفسك بميل لن يصمد، ولن يستمر أمام الظروف الموضوعية حين تحاولان تحقيقه في الواقع.
هذا كله أهم من جلد الذات على صغائر يبدو وقفها أو تحديد مسارها أو وضعها في سياقها الشرعي والواقعي الصحيح أهم من لوم النفس عليها؛ لأنها تصبح فقط ممارسات خاطئة حين تجرى بلا معين لا وهدف محدد وبلا شروع في الارتباط.
ويفيدك أن تراجع إجاباتنا السابقة عن العلاقة بين الجنسين وعن اختيار شريك الحياة،منها :
اختيار شريك الحياة.. هل من ضابط؟
على مائدة الاختيار: العقل والعاطفة!
العاطفة والعقل معا في سماء الحب!
حسابات الحب والزواج أهم من الفقر والغنى!
من القاهرة إلى الإسكندرية عن طريق بني سويف!
هاجس سوء الاختيار طبيعي في الخطبة!
الزواج والاختيار العاطفي والعقلاني
في عالم النساء.. حائر وعاجز عن الاختيار
رمضان واختيار الزوجة!
وتابعنا بأخبارك.