أرجوكم أرجوكم ردوا عليَّ... أرسلت من قبل بخصوص نفس الموضوع ولم تجيبوني... والآن أنا أحتاجكم من جديد وفي نفس الموضوع.
أنا فتاة على مشارف الرابعة والثلاثين عاما، متعلمة ومثقفة جدا ومن عائلة مرموقة كل أفرادها على مستوى عال من التعليم والثقافة، أعاني مشاكل خلقية في شكلي لكنني أخفيها جيدا، ولا يعلم بها إلا صديقة مقربة مني لم أخبرها إلا منذ مدة قريبة، وقد زاد الأمر سوءا خجلي؛ فأنا جدا خجولة ولم أحاول حتى البحث عن حل طبي لمشكلتي بسبب حيائي.
خطبت مرتين ولم تنجحا، وكنت أنا السبب في فشل الموضوعين؛ فالشابان كانا جيدين جدا، وبمواصفات جيدة ولكنني بالإضافة إلى خوفي من عيوبي كنت أعاني من النفور الشديد تجاههما، وهذا لم يتحسن أو يتغير أبدا بل بالعكس كان يزيد مع الوقت.
لم أجد أي انجذاب تجاههما وكنت كمن يبلع دواء شديد المرارة. حاولت إخفاء ما أحس به فزادتني محاولة الإخفاء مرارة ومعاناة، عموما ودون إطالة بحثت عن علل تذرعت بها لأنهي الخطبتين، وكانت الأسباب موجودة حقيقية، ولكني أعترف أن النفور منهما والخوف من عيوبي، بالإضافة إلى سبب آخر سأخبركم به لاحقا هو ما أجبرني على التملص، وبشكل حاولت فيه ألا أكسر بخاطر أحد.
السبب الآخر يخجلني أن أقوله، فقد تعرفت صدفة على شخص أحببته وأحبني وبصدق -كما حسبت آنذاك- قبولي وارتياحي له ساعداني على أن أخبره عن عيوبي، وكان رائعا متفهما جدا، كما حسبته آنذاك أيضا.
المشكلة أنه يصغرني بسنتين، ولكنه كان مصرا مجرد أن تتحسن ظروفه المادية على فتح الموضوع مع أهله وسيقنعهم، وفارق العمر لن يكون إشكالا أبدا، تكونت بيننا علاقة استمرت 4 سنوات متقطعة، حيث كنا بين الحين والآخر نحاول الابتعاد عن بعضنا وخصوصا عندما حدث موضوع الخطبة الثانية، حيث أنهينا علاقتنا تماما قبلها، وحتى عندما كنا على اتصال كنا نادرا ما نلتقي، وكان أكثر ما يجمعنا هو الهاتف، وكنا نتجرأ في مكالماتنا أحيانا.
لم أكن راضية على تجرؤنا، وعلى علاقتنا أساسا، وكنت أندم ندما شديدا وأحاول أن أتوب دون جدوى، مع أن كلانا كان ميالا للالتزام وإن كان يختلف عني في أنه متطرفا بعض الشيء في آرائه وأحكامه. كان كثيرا ما ينتقد لبسي وعائلتي مع أنني محجبة ولا أرتدي ما ينافي الحجاب، كما أنني معروف جدا عني أنني محترمة جدا ومؤدبة جدا، لكنه كثيرا ما يعلق على تعاملي مع الجنس الآخر الذي يحتم عملي عليّ التعامل معهم، حيث كان غيورا جدا.
المهم مرت السنوات ووصلنا مرحلة بدأنا نرى إمكانية الارتباط ممكنة فأموره تحسنت بشكل كبير، وكنت أحيانا أقلق من بعض طلباته كعدم التحدث إطلاقا مع أقاربي من الجنس الآخر، وأشياء من هذا القبيل، ولكنني سرعان ما انفضت عني هذه الأفكار، واطمأنت نفسي بأنه سيخاف الله فيّ ويرعاني.
إلى أن حدث ذات مرة قبل أن تنتهي علاقتنا بقليل نقاش بيننا قلت فيه شيئا عن الإنجاب والعمر.. كانت كلمة عابرة ولكنني فوجئت به بفتح الموضوع من جديد بعدها بأيام ويثير أيضا موضوع عيوبي الخلقية وبقلق واضح. شعرت بشيء من التراجع في صوته وعندما واجهته اعترف بالتردد، ولكنه كما قال لا يمكن أن يقبل بإنهاء العلاقة بيننا وأرضاني، عموما فتح الموضوع في بيتهم وقوبل بمعارضة، وانتهى الأمر برفض والده للموضوع.
هذه النهاية أثـرّت فيَّ سلبا، فبالإضافة لإحساسي بتراجعه هو الذي بان لي في معالجته للأمر مع أهله؛ فإن رفض أهله لي مع عدم معرفتهم بي أو بعائلتي كان مؤلما جدا، تمنيت لو لم أعرّض نفسي أو عائلتي لموقف كهذا، دائما كنت أتوقع أن تكون العائلة المتقدمة لنا سعيدة جدا بي وبعائلتي لا رافضة لنا. رضيت بقدري وحمدت الله، أنا استخرته، وما خاب من استخار، ولا يمكن أن يكون هذا إلا لخير أراده الله بي.
بعدها بأشهر تقدم لخطبتي شاب آخر عن طريق قريبي لكنه تراجع عند معرفته أن عمري 33 عاما، انزعجت قليلا لأن سبب الرفض آلمني، ولكنه كان انزعاجا خفيفا سرعان ما ذهب؛ لأني استخرت الله ربي وتوكلت عليه. كما أني لم أجد ميلا في نفسي تجاهه.
وأخيرا تقدم إليَّ شاب، لم أتشجع كثيرا عند سماعي للمواصفات فهي مختلفة عن كل ما كنت أريده في زوج المستقبل؛ فأنا أحمل شهادة جامعية وأجيد اللغة الإنجليزية وواسعة الاطلاع، أما هو فهو مقاول لم يكمل تعليمه لكن عائلته ممتازة ويوجد تقارب في المستوى الاجتماعي فرضيت أن أقابله، وسبحان الله عند أول لقاء شعرت براحة لا يمكنني وصفها، ورغم أسلوبه الذي يتسم بالجفاء والخشونة، والذي ليس غريبا على شخص بعمله وطبيعة حياته التي تحمل فيها المسؤولية صغيرا عند وفاة والده فإنني شعرت براحة تجاهه، شخصيته كانت فيها قوة وثقة ملأتني بالراحة، تعرفت عليه فوجدته شخصا كريم الخلق ذا معدن أصيل، قدم تضحيات جبارة وهو جدا خدوم ويحب فعل الخير. تعلم كما يقول هو من مدرسة الحياة الكثير وهو كثير السفر والترحال، ناجح في عمله ومهووس به، يحترم المرأة ويقدرها جدا.
كما أنه لا يخفي فرحه بي وبكل إمكانياتي حيث يراني أمًّا فاضلة لأولاده، ليس متدينا بشكل كبير ولا يقوم إلا بالفرائض ولكنني أتفاجأ عندما أسمع أنه كان مثلا لا يتوانى عن تنظيف حمامات الجامع في أول رمضان وغيره من الأعمال التي زادت رصيده عندي، وهو لا يمانع ميولي للتدين... كما أنه وإن لم يحظ بتعليم عال وأنا ربما أكثر ثقافة منه فإنه يمتلك حكمة ورجاحة عقل كبيرتين، استخرت الله كثيرا وشعرت برضا كبير، إلى أن صارحني بشيء لم يكن في الحسبان أبدا "أنه يشرب الخمر" أحيانا وبشكل متقطع. كدت أموت وكان أول ردة فعل أن أرفض ولكنه أصر، طلب مني أن أفكر وأزن الأمور، حسناته وسيئاته، وأن أضع في بالي أنه لن يظل طوال عمره على هذه المعصية.
لم يعدني بوقف شرب الخمر ولكنه أبدى استعدادا مع الوقت للتخلي عنه، خطر عليَّ أن أضعه هو في موضع الاختيار فأخبرته عن عيوبي فرد في كلمتين ردا زاد من تمسكي به "أنا لست تافها أو سطحيا وأنا اخترتك لروحك ولشخصيتك لا لجسدك، ستكونين رفيقة عمري وأمًّا أولادي إن شاء الله، وأنا أبدا لا أنظر إلى موضع أقدامي فقط".. أحببته رغم كل شيء.. رغم معصيته، ورغم فارق المستوى التعليمي والثقافي. وافقت الآن، وأنا مخطوبة له والعرس قريب، وهو وأهله جميعا سعداء جدا بي وبعائلتي، هو لا يمكن أن يصف فرحته، أسلوبه الجاف الخشن الذي كان عليه في البداية تغير ليحل محله إنسان مليء بالمشاعر والأحاسيس، يقوم بأشياء من أجلي لم أكن لأتخيلها من أحد.
قلل من الشرب ولكنه لم يتوقف تماما، وأنا أحاول ألا أضغط عليه كثيرا كي لا تأتي بنتيجة عكسية، أحيانا أكون أسعد إنسانة على وجه الأرض، وأحيانا أكون خائفة جدا، خائفة من ذنبه، ومن الفوارق التي بيننا، لا أفكر في التراجع، لكنني حائرة وقلقة وما يحيرني ويقلقني جدا هو خوفي.
هل أنا أغضب ربي بموافقتي؟ كنت طوال عمري أتمنى رجلا يكون هو من يدفع بي لأكون أحسن دينيا، ووالله دعوت بهذا كثيرا كثيرا، صليت قضاء الحاجة مرارا وتكرارا. أرجو من الله زوجا أكون له كما يحب ويكون لي كما أحب ونكون معا لله عز وجل كما يحب، لكنني ولحكمة أرادها الله لم أظفر بمثل هذا الرجل، أتساءل أحيانا هل هذا لأني رفضت أناسا جيدين حتى من الناحية الدينية؛ ولذا لم أعد أستحق رجلا متدينا، لكن بداخله الكثير من الخير وأهله جميعا يحبونه جدا، أمه تفضله على كل أولادها... ألا يمكن أن أكون سببا في إصلاحه؟.
كما أنني أشعر براحة كبيرة معه ولم أعد مهمومة بعيوبي؛ فهو يؤكد أنه يحبني بغض النظر عن أي عيب... الفارق بيننا في المستوى التعليمي هل سيكون سببا في المشاكل؟ مع العلم أن ثقافته جيدة، وأنا لا أملّ الحديث معه أبدا بل أستمتع به جدا، كما أننا نتفق في أشياء كثيرة كحبنا للمرح ولأشياء أخرى قد تبدو للبعض بسيطة ولكن أنا تعجبني جدا، في أسوأ الاحتمالات لو فشلت في تغيير زوجي... فهل أنا آثمة لموافقتي رغم ما عرفته؟.
قرأت كثيرا على صفحاتكم عن مواضيع التكافؤ وأثره في الزواج، ولكن هل هذا التكافؤ الذي تنادون به واقعي؟ أظنه أمرا بات نادرا فكل من عرفت من الرجال وأعجبني من ناحية الدين والثقافة والتعليم، إما أنه كان يبحث عن الجمال وصغر السن -هذا هو حال غالبيتهم- أو أنه كان لا يتمتع بشخصية قوية تشعرني بالأمان والراحة الأمر الذي يجعلني أنفر منه.
ناهيك عن الموقف المؤلم الذي تعرضت له من شخص ظننته في قمة التوافق معي! كما أن الكثير من الزيجات التي نرى فيها تكافؤا من وجهة نظرنا لا يكون فيها الزوجان سعيدين وراضيين 100%. أليس عناصر الزواج الناجح كثيرة ومتشابكة، وترتيبها يختلف باختلاف الزوجين، وألا يظل مرجع الأمر في الآخر هو التوفيق من الله سبحانه؟ أفيدوني برأيكم أفادكم الله فرأيكم يهمني جدا.
10/09/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك.
لا أدري بعد هذا التأخر كيف حسمت أمرك، وهل أكملت الزواج أم لا؟
عمومًا زواجك من عاصٍ ليس حرامًا، ولكن عليك أن تسألي نفسك: هل تستطيعين تحمله إذا لم يقلع عن معصيته؟ توبته غير مضمونة، خاصة أنه لم يعدك بالإقلاع في الوقت القريب.
هل تستطيعين احتواء أبنائك بحيث لا يتأثرون بمعصية أبيهم؟ هل يمكنك المغامرة؟
كل الصفات جيدة حسب قولك، وهناك انسجام وراحة، وأنت بحاجة إلى الزواج، وإلى زوج بهذه الصفات
والمقياس ليس بالشهادات، ولكن المهم طريقة التفكير والثقافة...، وكم من صاحب شهادة محدود التفكير قليل الخبرة، ينغص حياة زوجته بضيق أفقه وقلة فهمه.
لا دخل لرفضك للخاطبين المتدينين بتقدم هذا الزوج إليك، ولعل وجودك معه يدفعك للالتزام أكثر، بسبب خوفك على دينك ودين أولادك!!
الحياة كلها صبر، فانظري أي الصبرين أهون عليك؟ تأخر الزواج، أم الصبر على معصية شرب الخمر؟ هذا ما تقررينه أنت وحدك
وفقك الله في كل أمورك