السلام عليكم
أنا في حيرة لا يعلم بها إلا الله الذي لا أستطيع أن أواجهه بكل ما أفعل في دنياي، ولكن لا شيء يبرر ما أقوم به. أنا أعرف أنني مذنبة في حق الدين والله بكل ما أقوم به، أنا موظفه ولدي علاقة كاملة مع مديري، علاقة أشبه بعلاقة زوجية كاملة، ولكن الفرق أنني محافظة معه على عذريتي حتى الآن. مديري علاقته مع زوجته متوترة للغاية، ويحاول أن يسد النقص بي.
المهم أنا أخاف الله، وأصلي وأغلط معه، أنا عندي إيمان، ولكن؟؟ المهم تقدم لي شاب لخطبتي، وفعلا خُطبت له، في هذه اللحظة جن جنون المدير. أنا فعليا وعاطفيا مع المدير، ولكن من ناحية استقرارية مع الخطيب. المهم طلب مني المدير أخيرا الزواج بي. أنا في البداية فرحت بداخلي، ولكن ماذا أفعل مع الخطيب الذي يحبني ويقدرني وأهلي الذين لا أعتقد أنهم يوافقون على المدير لأنه متزوج ولديه أولاد؟! هل إذا تزوجت المدير يغفر لي الله ما ارتكبته معه ويتوب علي؟ أنا أحب المدير، ولكن أخاف أن يتركني بعد أن يتزوجني؛ لأن لديه عائلة غيري؟ أم أستمر مع الخطيب؟
أنا أعرف أنكم تلعنونني بسبب ما أقوم به، وأنا أحتقر نفسي في كل مرة أضاجع بها المدير ولكن؟؟ هو هذا انتقام من الله بي لأنني أخطأت في حياتي بما يكفي؟ أتمنى أن أتوب فهل لي توبة؟؟ أرجوكم ارحموني من التفكير والاستمرار بالمعصية اليومية.
19/8/2023
رد المستشار
شاهدت منذ عدة أيام في إحدى وسائل النقل العام سيدة تصب اللعنات على إحدى الفتيات، وتتوعدها بسوء العاقبة في الدنيا والآخرة؛ لأنها ترتدي ملابس ضيقة ومكشوفة، وهذا على الرغم من أن الفتاة لم تمسها بسوء.. فكيف سيكون رد فعل هذه الفتاة وقد أهينت على الملأ؟ هل تتصور هذه السيدة وغيرها أن أسلوبها هذا قد يدفع الفتاة لارتداء ملابس أكثر احتشاما؟!!
الحقيقة أنني أتعجب من شيوع الأسلوب الوعظي المباشر –حتى على منابر المساجد وبين كثير من شيوخنا- والذي يعتمد على مفردات الزجر والوعيد والتهديد بسوء الخاتمة بأكثر مما يعتمد على التبشير برحمة الله ومغفرته.. فمن أخبرك أختي الكريمة أننا يمكن أن نتبع هذا الأسلوب وندعو باللعنة على المخطئين؟ ومن صوّر لك أن قلوبنا قد قُدّت من حجر بحيث نلعنك أو نلعن غيرك؟ هل وجدت شيئا من هذا في إجاباتنا السابقة؟
كلنا في هذا الموقع –وبالذات في هذه الصفحة التي تتفاعل مع مشاكلكم– إخوة وأخوات لكم، نتألم لألمكم ونحزن لحزنكم، وندرك ونستشعر بقلوبنا قول المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، الله سبحانه هو الرحيم وهو الرحمن وهو أرحم بنا من الأم بوليدها، وديننا دين الرحمة، ورسولنا الحبيب وقدوتنا رمز للرحمة.
ديننا يحثنا على الرحمة بكل مخلوقات الله. والحبيب المصطفى يحكي لنا عن امرأة دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت جوعا، رغم كونها من المصلين، فنحن ندرك جيدا طبيعة النفس البشرية بأهوائها وشهواتها، ونتمنى أن تتحول كلماتنا إلى سياج يحيطكم ويحميكم من الوقوع في الزلل، ونتمنى من الله أن يبث في هذه الكلمات من القوة بحيث تعين من سقط منكم لينهض من كبوته، ويواصل المسير مستفيدا من الخبرات والآلام السابقة، ونتمنى أن تتحول كلماتنا إلى وقود يشحذ إرادتكم لتكون خير عاصم لكم من الوقوع فيما لا ترضونه لأنفسكم.. ونحن معك ندعو الله أن يرزقنا وإياكم التقوى والعفة وأن يعيننا جميعا على حسن طاعته.
أختي الحبيبة، أنت الآن في لحظة حاسمة من حياتك، وتحتاجين في هذه الأثناء إلى تجنب تبديد الطاقة فيما لا يفيد، وكذلك تحتاجين للابتعاد عن دائرة تأثير هذا المدير؛ حتى تحسني الاختيار، ولذلك فنحن نخاطب فيك إيمانك ونخاطب فيك عقلك، اشحذي كل إرادتك لتخرجي بنفسك، وتذكري أن أسوأ الأوضاع ما أنت فيه الآن؛ فتوقفي تماما عن لقاء مديرك، واطلبي إجازة من عملك، وهذه الخطوة مهمة جدا؛ حيث إن تجنبك الوقوع في الخطأ اليومي يخفف من حدة جلدك لذاتك؛ ما يعينك على صفاء الذهن في هذه اللحظات الحاسمة، كما يتيح لك أن تبتعدي عن دائرة التأثير العاطفي لمديرك، ويعتبر أيضا اختبارا لقوة إرادتك.
وفي هذه الآونة الجئي إلى الله وابكي ندما بين يديه، واستغفريه واسأليه العفو والرحمة واجعليه ملاذك كلما شعرت بالضعف، وعاهديه على التوقف عن كل ما يغضبه، استخيريه واسأليه التوفيق في الأمر كله.
والخيارات المتاحة أمامك هي: الزواج بمديرك، أو إتمام زواجك بخطيبك، أو ترك هذين الخيارين وانتظار زوج أكثر ملائمة لك. والمفاضلة بين أي من هذه الخيارات لا بد أن تخضع لاعتبارات العقل والقلب كما فصلنا في إجابات سابقة ومنها:
فن اختيار شريك الحياة
عصفور النور: جناح الرغبة وجناح المسؤولية
الزواج الثاني : القراءة المتجددة مطلوبة!
ولتكن البداية بدراسة الظروف المحيطة بمديرك؛ لأن قلبك معه كما تقولين، واختيارك هل سيحتاج منك أن تخوضي معركتك لإقناع الأهل، مع مراعاة الاتفاق بشأن رد فعل زوجته، وعليك أيضا أن تدركي أنك بهذه الزيجة توافقين ضمنيا على جزء من زوج وجزء من أب لأبنائك (إذا وافق على الإنجاب)، والتفاوض بينكما بشأن مفردات العلاقة وتفاصيلها يتيح لكما تجنب الكثير من المشاكل المستقبلية، ومغفرة ربك ليس لها أي علاقة بزواجك من مديرك، وشرطها الوحيد هو الندم والاستغفار والعزم على عدم العودة ثانية لهذا المستنقع الآسن، والرضا والاكتفاء والاستمتاع بالممارسة الجسدية في إطارها المشروع (الزواج) سواء تزوجت من المدير أو من غيره؛ فهي متعة وفرح بالطاعة، وتختلف كلية عن المتعة التي يعقبها ألم وحسرة المعصية.
وإذا تعذر الارتباط بمديرك أو وجدت أنه من الأفضل لك أن تبتعدي عنه، فإن الاختيار الآخر المطروح أمامك هو هذا الخطيب، وأرجو ألا يكون دافعك للارتباط به أنه يحبك ويحترمك، أو إرضاء لأهلك، أو لأنه سيوفر لك الاستقرار، فإذا لم تشعري نحوه بقبول وميل عاطفي فلا تخضعي لحسابات العقل فقط، أما إذا وجدت أن هذا اختيارك وأنك راضية عنه فاقطعي كل علاقة بمديرك، وانتقلي للعمل بفرع آخر أو لعمل آخر؛ لأن أسوأ اختيار لدنياك وآخرتك أن تكوني زوجة لرجل وعشيقة لغيره، وإذا وجدت أن كلا الاختيارين لا يناسبك فانتظري حتى تقابلي من يوافق اعتبارات العقل والقلب.
أختي الكريمة، قلوبنا معك ودعواتنا لك، ولن تهدأ قلوبنا حتى نطمئن عليك فتابعينا بالتطورات.