السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..
أشكر جهودكم المبذولة لحل مشاكل الناس التي ازدادت في الآونة الأخيرة وهنالك المشاكل أغرب من الخيال.
أخي الفاضل: نحن في زمن لا يعلم به إلا الله سبحانه، وكما تعلم يا أخي أصبحت الدنيا غير الدنيا والناس أخلاقها لا تمت للدين بصله كلا يعمل ما يحلو له.
ومشكله النساء اللواتي يردن العفة والستر والابتعاد عن طريق الحرام والتقرب إلى الله سبحانه والسعي لمرضاته.
ولكن الشباب عازفون عن الزواج.. ونحن بشر لنا رغباتنا وغرائزنا وحاجتنا إلى الرجل ليكون لنا الستر والأمان ويحنو علينا ونعيش بسلام ونتقي طريق الحرام ونعيش بالحلال وبما يرضي الله.
المشكلة مهما الإنسان صبر وصام ليجتنب الفواحش وطريق الحرام تظل النفس تنازعه إلى متى يصبر. وأيضا كما تعلم سيدي الفاضل نسبه العنوسة وصلت إلى حد خطير ما العمل؟ الكبت يولد الانفجار والحرمان يؤدي إلى السرقة ونحن بشر والنفس أمارة بالسوء.
ما هو الحل برأيك؟
هنالك شعور بالحاجة والحرمان والافتقاد إلى ركن رئيسي ومهم في حياتنا ولا نريد أن نخدع أنفسنا ونتجاهل أو نتغاضى.. ولكن إلى متى؟ هذه غريزة في البشر ونظل نقاومها إلى متى؟
لا نستطيع أن نفعل الحرام ولا الحلال له وجود في زماننا هذا...
أرجو الإجابة الصريحة والواقعية، وجزاك الله ألف خير، والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
27/8/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أهلا بك أختي السائلة.
أوافقك تماما على أن هناك مشكلة في مجتمعاتنا تؤدي إلى معاناة شديدة لدى الشباب خاصة في هذا الجانب الذي تطرقت إليه فهناك حيرة لدى الجميع حيث إن البعض يتجه أحيانا الى حلول لا تتماشى مع ثقافتنا العربية والإسلامية والبعض الآخر يفرض حلولا لا تضع في الاعتبار المتغيرات الاجتماعية الجديدة وبين هؤلاء وهؤلاء تقف الفتاة ويقف الشاب في حيرة ومعاناة من ضغط.
احتياجات فطرية تحتاج للإشباع حتى يتفرغ كل منهما لمسؤوليات الحياة اليومية.
وللأسف الشديد حين عجز المجتمع عن إيجاد حلول واقعية لهذه المشكلة اتجه بعض الشباب لحلول توفيقية مثل الزواج العرفي وهو نوع من الغطاء شبه الشرعي لعلاقات أقرب إلى النمط الغربي، وقد أدى هذا إلى العديد من المشاكل العائلية والاجتماعية الخطيرة، والبعض الآخر ربما لم يستطع المقاومة فسقط في هاوية الخطيئة.
إذن نحن أمام مشكلة لها بعد فردي وبعد اجتماعي؛ فعلى المستوى الفردي لا نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاحتياجات ولا نكون ضحايا لها ودائما هناك مخارج إيجابية للتعامل مع ضغوط هذه الرغبة حتى تخرج في مسارها الصحيح ولنتفق أولا على أننا لن نستسهل فنترك لها الفرصة للخروج في مسارات غير شرعية محتجين بأن المجتمع لم يساعدنا في حل المشكلة.
ولنعترف بأن لدينا رغبة تحتاج إلى الإشباع، ولكن في نفس الوقت لدينا إمكانية للسيطرة إلى أن تحين فرص الإشباع الشرعية والصحية. وهناك عوامل تساعد على تقوية إمكانات السيطرة مثل أن يكون في حياتنا جوانب كثيرة نشطة مثل الدراسة والعمل وأعمال الخير المختلفة والنشاطات الرياضية والاجتماعية والروحية هذه كلها مسارات يخرج فيها فائض الطاقة وتعطي مساحات أوسع للشخصية حتى لا تقع النفس تحت ضغط هائل للرغبة حين تنغلق كل هذه المسارات أو تضعف.
وفي الوقت نفسه نواصل السعي نحو فرص الإشباع الطبيعي لهذا الاحتياج وربما تكون محاولات السعي في مجتماعاتنا محدودة نسبيا أمام الفتاة ولكنها ليست معدومة فهي تستطيع أن تحافظ على نشاطها وتألقها العائلي والاجتماعي والنفسي وهذا يزيد من فرص الزواج أمامها، والسعي نحو الزواج ليس عيبا اجتماعيا أو شرعيا وقد ورد في القرآن ذكر ابنة سيدنا شعيب حين لمحت لأبيها بقولها "يا أبتي أستأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"، وكان هذا التلميح لبداية مشروع الزواج الميمون، وهذا نموذج للسعي، ويمكن أن تتعدد النماذج باختلاف الثقافات والبيئات، المهم ألا تشعر الفتاة أنها عاجزة تماما في هذا الموقف وأنها لا تملك إلا الانتظار السلبي.
وهناك سلاح هام جدا وهو الدعاء والدعاء له جانب روحي حيث يعطي أملا ترتاح اليه النفس، كما أنه يصبح بمثابة برنامج يحرك مكونات النفس نحو تحقيق الهدف وقبل كل هذا نحن نعرف أن الله يجيب المضطر إذا دعاه وأنت وأخواتنا في نفس الظروف في حالة اضطرار، واحتياج نسأل الله أن يعين عليه.
أما على المستوى الاجتماعي فنحن نحتاج أن نعمل جميعا على تغيير أفكار وتوجهات مجتمعاتنا سعيا نحو تبسيط إجراءات الزواج وتسهيل فرص العمل وتشجيع تكوين الأسر بأيسر التكاليف كي يجد كل شاب وكل فتاة فرصة مشروعة للحياة الكريمة في ظل مشروعنا الثقافي العربي والإسلامي الذي يحترم ضوابطنا الشرعية ويراعي التغيرات العصرية وسوف نحتاج على هذا الطريق لحلول إبداعية تتجاوز الكثير من عقبات العادات والتقاليد التي تقف حجر عثرة أمام حركة الحياة ونتمنى أن يكون لك ولأمثالك من صاحبات المصلحة جهدا إيجابيا إبداعيا في الخروج من هذا الطريق المسدود وذلك بإيجاد نماذج بسيطة للحياة الزوجية وإيجاد فرص غير تقليدية للعمل والحياة يتنازل فيها طرفي العلاقة الزوجية عن الكثير من مستلزمات الرفاهية التي أصبح الناس يضعونها خطأ في عداد الأساسيات.
واقرئي أيضًا:
تأخر الزواج والإحساس بالوحدة
تأخر الزواج والأخذ بالأسباب
تأخر الزواج: صوت عالٍ وصدًى أعلى!
تأخر الزواج مخاوف وهواجس ومغالطات!
تأخر سن الزواج بين عالمي الغيب والشهادة!
تأخر زواج المحجبات المقصورات في الخيام!
تأخر سن الزواج على من نطلق الرصاص
تأخر الزواج: جاهلية تحكمنا والكل يتغافل!