السلام عليكم
أشكركم من القلب على هذا الموقع الرائع الشامل، وأسأل الله أن يجعلكم عونا لي، مشكلتي تتعلق بخطيبي، ورغم أننا متفاهمان جدا فإنه دوما يذكرني أنني نحيفة جدا؛ وهو ما يثير ضيقي ويجعلني أشعر برغبة قوية في البكاء، ونفسي ترفض أن يلمسني نهائيا.
أنا عمري 21 عاما، وطولي 150 سم، ووزني 48 كجم، إلا أنه يعتبرني نحيفة جدا، والمشكلة أن النحافة في عائلتنا متوارثة وحتى مع الأكل فإنني "أتخن بصعوبة شديدة وأنحف في أسرع وقت".
ولقد حذرته مرارا وتكرارا من هذا الأمر؛ لأنني بذلك أصبحت أخجل من جسدي وأخشى أن أظل هكذا بعد الزفاف فقد أُصاب بالبرود معه ولا أعرف كيف أتصرف، علما بأن هذا الأمر أصبح يغلب على حواراتنا سويا؛ وهو ما جعل حياتي جحيما لشعوري بالنقص في شيء ليس لي يد فيه وهل فعلا يمكن أن أصاب بالبرود؟ أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل؟!!
5/9/2023
رد المستشار
الأخت الكريمة: أنت وخطيبك متفاهمان في كل شيء، ومن كلامك يتضح أن نقطة الخلاف الوحيدة بينكما هي في موضوع نحافتك التي يعتبرها خطيبك نحافة شديدة.
والحقيقة أن رسالتك تثير مجموعة من التساؤلات التي يجب أن يطرحها خطيبك على نفسه أو تُطرح عليه، ومنها مثلا: هل أخفيت عنه نحافتك وأخفيت عنه عيوب جسمك عندما حضر طالبا يدك؟!
ألم تكن الصورة التي ترضيه ويريدها في زوجته واضحة أمامه؟!
ألم يكن يعلم أنه لا يفضل النحيفات؟!
المشكل في قصتك يا بنيتي واعذريني إن كنت سأصدمك برأيي هذا هو أنه رغم أنكما كما يبدو في الظاهر متفاهمان تماما فإن عدم رضا خطيبك عن شكلك هذا قد يسبب لكما الكثير من المشاكل في المستقبل، فهناك احتمال قائم وبنسبة غير قليلة أن يظل جسمك على حالته، وألا يزداد وزنك مع الحمل والإنجاب؛ فكيف سيكون تصرفه ساعتها؟ هل سيرضى بما قسمه الله له ويرضى عنك وينظر للجوانب الأخرى الإيجابية فيك وفي علاقتكما؟ أم أنه سيظل مركزا على ما ينقصك؟
من خبرتنا في الحياة نتوقع أنه إذا لم تحدث زيادة ملحوظة في وزنك فإنه ومع الوقت سيزداد إدراكه لما يعتبره عيبا فادحا في جسدك، وستزداد أحاديثه ونقاشاته حول هذا الأمر، ومع كل حوار ستحاولين أن تصلي للصورة التي يرتضيها، ولكن تكرار الفشل مع استمرار اللوم قد يؤدي بك للاكتئاب، وأعرف إحدى المريضات التي كانت تعاني من اكتئاب شديد، ومع بداية العلاج أدرك طبيبها أن سبب الاكتئاب راجع لإحباطها من فشلها المتكرر في تخفيض وزنها للصورة التي يحبها زوجها، والشاهد في قصة هذه السيدة أن لوم زوجها المستمر لها وتعبيره المستمر عن عدم رضاه عن جسمها هو الذي أصابها بالاكتئاب، وبالتالي كانت تأكل أكثر ويزداد وزنها أكثر، وأصبحت تدور في حلقة مفرغة لم يخرجها منها إلا توقف زوجها عن لومها وتأنيبها بعدما أدرك من طبيبها المعالج أنه هو بتصرفاته السبب الرئيسي في اكتئابها؛ وبالتالي في بدانتها الزائدة.
خلاصة ما أريد قوله إن لوم زوجك وتركيزه على موضوع نحافتك يعتبر كالسهام الموجهة لعلاقتكما؛ وبالتالي سيؤدي إلى تصدع في جدران هذه العلاقة، والسؤال الآن هو: ما الذي يمكنك فعله إزاء هذه المشكلة؟
أنتما الآن في مرحلة الخطبة، ولا بد من أن يكون إتمامكما لمشروع زواجكما على بينة وقناعة، اجلسي مع خطيبك، وضِّحي له وبكل صراحة أن استمرار نقده لجسمك يسبب لك حرجا وضيقا، أكدي له أنه بإمكانك أن تحاولي بذل كل ما في وسعك لأجل أن يزيد وزنك بضعة كيلوجرامات، ولكنك غير واثقة تماما من نجاحك في الوصول إلى هذا الوزن والحفاظ عليه، وبالتالي لن يكون أمامكما إلا اختيار من اثنين عليكما أن توازنا بينهما حسب استعداداكما وتقبلكما لأحد الحلين، وأول هذه الحلول أن يتقبلك خطيبك كما أنت ويسعد بك كما أنت، ويغض الطرف عما يعتبره عيبا فيك، ويستتبع هذا أن يتوقف تماما عن اللوم والعتاب، فإذا لم يتمكن من هذا فسيكون الخيار المطروح أمامكما هو فسخ الخطبة، وليبحث هو عمن تناسبه.
وتأكدي يا أختاه أن هذا الخيار على قسوته سيكون أفضل بكثير من الاستمرار في حياة يجلدك فيها زوجك كل يوم على ما ليس لك يد فيه، وتأكدي أيضا أن جسمك الجميل الرشيق يعتبر حلما للكثيرين غيره، ويمكنك مطالعة ما كتبناه في ردنا على مشكلة سابقة مشابهة لمشكلتك:
نحيفة.. سمينة هكذا أجساد الأمهات.
أختي الكريمة.. ندعو الله سبحانه أن يعينك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يقر عينك بزوجك، وأن يقر عينيه بك.