السلام عليكم
وجب التنبيه إلى أنني لم أتمكن من التسجيل في الموقع إلا بعد محاولات عديدة. خاصة في البداية التي لا يصل فيها رابط التسجيل إلى الإيميل كما هومخطط له تقنيا وفنيا فيجب على القائمين تصحيح هذا الخلل.
تحية وبعد أريد أن أستفسركم عن أمر اجتماعي. فأنا شاب عشت مدة قصيرة جدا في أوروبا، ثم عدت إلى أرض الوطن بعدما وجدت عملا جيدا في إحدى الشركات براتب جيد ومحترم، فأنا مستقر من كل النواحي سواء النفسية والمادية والاجتماعية، غير أن مشكلتي تكمن في أنني تزوجت وباء زواجي بالفشل وذلك بسبب الفروقات العلمية والثقافية والدينية التي كانت بيني وبينها فهي في واد وأنا في واد آخر، فلم يكن هناك توافق حتى في أبسط الحوارات التي كانت تدور بيننا فكل همها كان الشراء والديكور، أما إذا ما حاولت أن أتجاوز الحوار إلى حوار علمي بسيط فإنها لا تهتم ولا تبالي بسبب مستواها العلمي البسيط جدا. هذا عدا عن عدم تدينها، وعدم اكتراثها بالواجبات الدينية.
أما المشكلة التي قسمت ظهر البعير فهي تناقض أفعالها وأقوالها، فهي تدعي الأخلاق حتى يقال بأنها تتحلى بالأخلاق الحميدة. ولكنها إذا ما اختلت بنفسها يظهر معدنها الحقيقي، وهذا ما كنت أقف عليه حينما نكون لوحدنا، فهي كاذبة سريعة الانفعال والغضب على الرغم من أنني كنت أحسن معاملتها ومعاشرتها بحسن الجوار والحوار الذي لم يكن يجدي نفعا بسبب انغلاق تفكيرها. مع العلم بأنني أنا من كان يبادر إلى الحوار بغية حلحلة المشاكل.
لم نتوافق أبدا إلى أن وصلنا إلى طريق اللاعودة ومواصلة المشوار مع بعضنا البعض. وكان ذلك بسبب أنني سمعتها تقول لصديقتها (ظنا منها بأنني لم أكن بالمنزل): بأنها لا تحبني وهدفها من الزواج هو الإنجاب فقط، هنا قررت أن أطلقها، على الرغم من أنها اعتذرت وأبدت ندمها الشديد.
بعد الطلاق تعرفت على شابة متخلقة ومتدينة وبتزكية من يعملون معها وشهادة صديقاتها وممن تعاملوا معها، مع ملاحظة أنها واثقة من نفسها جدا إلى الدرجة التي تصل إلى ما يشبه الجفاء، كما سجلت أنها لا تسترسل كثيرا في الإطراء فمثلا إذا ما أثنيت عليها فإنها ترد باقتضاب وبصوت مليء بالثقة والاعتزاز بالنفس، زادها عملها كمهندسة في إحدى الشركات الأجنبية ثقة مع تسجيل أنها ليست اجتماعية بشكل كبير ولكنني لا أنفيه كلية، إضافة إلى أنها تتعب بسرعة وليست مستعدة للقيام بشئون المنزل على الشكل الذي تقوم النسوة بحكم صعوبة عملها والمسؤولية التي على عاتقها.
المهم بعد الحديث معها عبر الهاتف توافقنا بشكل كبير خاصة من الناحية الثقافية والدينية، فوجدت فيها ما كنت أبحث عنه فتفاهمنا على كل صغيرة وكبيرة حتى الأمور البسيطة التي يمكن أن تعكر صفو حياتنا الزوجية. وطرحنا كل الاحتمالات التي يمكن أن توقعنا في المشاكل وكيف نتصرف حيالها. فمثلا ماذا لو أردت أن أخرج لسمر رفقة الأصدقاء وهي رفضت ذلك، وقس على ذلك العديد من هذه الامثلة.. وبمرور الوقت تعلقت بها ولكنني مازلت أخشى فكرة الزواج فأنا أخاف من مرحلة ما بعد الارتباط حينما نغلق الأبواب على أنفسنا.. أخشى من الفتور في ما بعد الزواج مثلما يحدث في كثير من الزيجات، فمرحلة ما قبل تختلف عن ما بعد.. تمثل مرحلة ما قبل: الحب والاشتياق والهيام، ومرحلة ما بعد: الفتور والملل واللاهتمام. نعم أخشى من أن تتظاهر زوجتي بحبها لي وهي ليست كذلك. قد تكون متخلقة فعلا كما أظنها. ولكنني أخشى بأن تحسن معاملتي فقط لأنني أحسن معاملتها ولا تفعل ذلك إلا لأنها تخاف الله في، ولكن في داخلها فهي لا تحبني كما أحبها، مثلما حدث ويحدث مع الكثير من المتزوجين.
مدعاة خشيتي هي مما عايشته ومما أسمعه طوال الوقت من تجارب المتزوجين الذين تحابوا قبل الزواج وتباغضوا بعده.. وبالمناسبة طرحت إحدى صفحات الفايسبوك سؤالا عن رأيهم في الزواج فكانت إجابات 95٪ من المتزوجين الندم وينصحون غير المتزوجين بعدم الزواج تفضيلا للحرية والاستقلال وعدم المسؤولية.. وفي المقابل صرحت قريبة لأختي بأنها تمثل دور المحبة والولهانة وهي في الواقع لا تحب زوجها، وهي التي كانت راغبة في الزواج إلى حد الجنون. وهذا هو حال الغالبية وعلى الأقل غالبية ممن سمعت قصصهم حول هذه الرابطة. فأين هو الود والحب والاحترام الذي يجب أن يكون بعد الزواج لا قبله.. صراحة أخشى أن أقع في هذا المطب، فأنا أريد من زوجة المستقبل أن تحبني من أعماق قلبها لا أن تمثل ذلك، ومن جهتي أبادلها الحب نفسه. أريد أن آخذ بيدها وتأخذ بيدي إلى الجنة. أريد أن أكون سببا في سعادتها وسببا في سعادتي ونياتنا خالصة لله. أود أن أخاف الله فيها وتخاف الله في، أريد أن نتشارك الحياة بسعادة.
فهل هذا من باب المبالغة، وهل هذه الزيجة وهذه الرابطة هي من وحي الخيال الذي لا نجده إلا في المدينة الفاضلة. وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا نتزوج
أنا أرغب في الزواج بشدة ولكن بالمواصفات التي ذكرتها بغية في الاستقرار والمشاركة والحب والود. على كل تفاهمت مع من أريد أن أرتبط بها على كل هذه النقاط ولكن أخشى من أنها توافقني الرأي من أجل الزواج وحينما تنال المراد تنقلب على عقبيها، وقد يكون ذلك بإرادتها وخارج إرادتها. أخشى من أنها تكون صادقة في حبها ولكنها تتبدل بعد الزواج وذلك ليس لأنها لم تكن صادقة، وإنما بسبب تغير مضغة القلب الذي ليس لنا عليه من سلطان. وعادة هذه هي الطبيعة البشرية التي تفتر حينما تنال المراد بعدما كانت تريده بشدة.
أخشى من طبيعة المرأة التي لا يعجبها العجب فهي تمقت الرجل الذي يحسن إليها بدعوى أنها لا تريد رجلا ضعيفا وإنما تريده شديدا حتى تشعر بأنوثتها والعكس صحيح. فهي في المقابل تمقت الرجل الصارم الشديد بدعوى أنها تريد الرومانسية والحب والحنان. ولم أعد أجد من النساء إلا هذين الصنفين أي كارهة لسماحة الرجل ولصرامته، بعيدا عن الراضية والمحبة لزوجها إلا القليلات اللاتي يتحدثن عن أزواجهن بخير. وبالفعل كان من الغرابة وأنا في الحافلة أن سمعت زوجة تتحدث عن زوجها بخير وقالت بالحرف الواحد بأنها تجد في زوجها الحبيب والأخ والأب الذي لا تحكي أسرارها إلا إليه، فكان ذلك من باب الغرابة لقلة نجاح هذا نوع من الزيجات. فغالبية النساء لا يتحدثن إلا بالسوء عن أزواجهن في غيابهم.
فبالله عليكم ما العمل. وهل أمضي قدما نحو خطوة الزواج. أم أحيذ عن ذلك بسبب الشروط البسيطة التي أصبحت شبه مستحيلة إلا من رحم ربك.. وبصيغة أخرى هل ستتغير نظرتنا لزواج بعدما نتزوج سواء أنا أم هي. هل سيصيبنا الفتور ومن ثمة تكثر المشاكل كعادة الأزواج، حتى تلك التي تتوفر على كل أسباب السعادة. هل هناك فعلا زواج سعيد وزواج يكون سببا من أسباب سعادتنا، الزواج الذي نجد فيه الأنس والمحبة والمشاركة والشعور بوجود شخص قريب . وإذا كان لا فلماذا الزواج؟؟
والسؤال الأهم لماذا لا نكون مثل اليابانيين الذين يعزفون عن الزواج، ولا نمتلك عدم الرغبة (الجنسية والنفسية) مثلهم ونستريح من وجع الرأس.
وفقكم الله
26/9/2023
رد المستشار
الأخ السائل
تأخرت في الرد على استشارتك، ولولا إلحاح أخي وزميلي د.وائل كنت تأخرت أكثر!!
فقد انفجرت الأوضاع على مقربة منا، وصارت قلوبنا منخلعة على إخواننا وأهلنا في غزة، وكنت أتساءل منذ أيام بيني وبين نفسي – أين الأمة التي يصرخ شعبنا المقاوم في غزة مستنجدا بها!! ووجدتني أجيب: تائهة في حروبها الصغيرة.
لا أستهين برسالتك ولا ما تثيره من قضية مهمة متشابكة متعددة الجوانب وحيث أنك على درجة من العلم والثقافة وتشير إلى ثقافة أخرى (اليابان)، تعالى نراج ما لدينا أو بعضه فيما يخص موضوعنا.
الأخ الكريم:
هل الدنيا -في ثقافتنا ومعتقدنا- هي دار بؤس وشقاء أم دار سعادة وهناء؟ أم هي ليست هذا ولا ذاك؟
الحقيقة أنها دار ابتلاء، ويبدو لي أن هذه المعلومة تفيدنا أكثر لو بلورناها، ولو قلنا أن الابتلاء/الامتحان هو جزء من خبرة التعليم، ربما يصبح من الأدق والأنفع أن نقول أن الدنيا دار تعلم، تجمع في رحلتها بين أفراح وجراح يفيدك هذا لتنظر في خبرة زواجك الذي انتهى، ولا أقول أنه فشل، فليس في التعلم وصمة!
كان تقديرك السابق على زواجك السابق أن عروسك مناسبة وأنك ستعيش السعادة وراحة البال وتودع وجع الرأس فهل حين تخيب التوقعات ونكتشف مع التجربة أن حساباتنا كانت خاطئة، هل إذا أتاح لنا هذا أن نتعلم شيئا عن خفايا نفوسنا وتفصيلاتنا وما يعجبنا وما لا نقبله ولايمكن أن نتعايش معه؟ وإذا كشفت لنا التجربة أو أتاحت أمامنا فرصة أن نتعلم شيئا عن علاقة -كنا نجهل طبيعتها- بين طرفين أو عالمين، هل نعتبر دروس التجارب شيئا تافها لأننا لم نحصل على السعادة ولم نتخلص من وجع الرأس؟
الحقيقة أن الحياة كلها وجع رأس يا عزيزي بمعنى أنه يلزم تشغيل الدفاع ومراقبة المشاعر وتطوير المهارات والتعلم من الخبرات واكتساب المعارف والاطلاع على تجارب الآخرين لننضج وننمو ونتطور في العلاقات وغيرها، وبناءا عليه فإن التوقف عن التجريب والتعلم يعني التوقف عن الحياة!!
إنجاب طفل من زواج شرعي هدف لأية امرأة عاقلة في أي ثقافة وحتى في الغرب فإن الحد الأدنى من الاتزان النفسي يأتي مصحوبا بهذه الرغبة، لكنها ليست الوحيدة لدى المرأة الطبيعية في كل ثقافة، فكل إنسان يرغب في الحب، وربما يبحث عن السعادة وأية امرأة إنما تطمح أن تجتمع المزايا والمطامح وأسباب السعادة في علاقة واحدة فيكون الزوج هو الحبيب والشريك والصديق والرفيق وأبو الأولاد. ومن مشاهدة الخيبات تتنازل النساء عن حلم الأمومة أيضا ليبقى من الزواج اعتبار الوجاهة الاجتماعية أو غير ذلك!!
ولا يولد المرء جاهزا كاملا مستعدا لمنح واستقبال أنواع الراحة والسعادة ولكنه يولد جاهزا للتعلم ثم يختار تفعيل أو تعطيل هذه الخاصية، أمامك رحلة تعلم جديدة مع شريكة جديدة وهي مثلك قابلة للتعلم والنمو والنضج، إن كانت تريد ذلك أو ستكون وجعا جديدا في رأسك وقلبك، وأنت أيضا إما أن تنفتح للتعلم من علاقتك أو زواجك السابق، ومن هذه العلاقة الجديدة، أو ستكون مجرد إزعاج، أمامك فرصة أن تتعلم كيف تجذب، ومتى ولماذا ينبغي أحيانا أن تكذب، وكيف تهتم وكيف تصغي وكيف تعبر عن مشاعرك وكيف تستقبل تعبيرات الطرف الآخر وانتقاداته- أحيانا!!.
كيف تحب؟ وكيف تكون محبوبا؟! كيف تطرح التساؤلات المهمة قبل الشروع في ارتباط جاد؟ وكيف تفهم وتدرب نفسك على أنه لا شيء في الدنيا يدوم وأن هذا من طبيعة الحياة وأن العلاقات مثل الرقصات الثنائية تحتاج فيها تظبط حركة أجزاء جسدك والتركيز جيدا في النظر للطرف الآخر وتحركاته وتفاعلاته والاستجابة المناسبة لها.
ثم من قال لك أن شعب اليابان يعيش سعيدا، تابع الأرقام والإحصائيات لتجدهم من أتعس شعوب الدنيا ومن أعلى نسب الانتحار ولهذا أسبابه النفسية والاجتماعية والثقافية.
أمامك إمكانية جديدة لحلقة تعلم جديدة، فلا يفوتنك!! انتهز الفرصة وتعلم أشياء جديدة فإما أن تضبط هذه المرة وتحصل على استقرارك لوقت يطول أو يقصر في حياة مهما طالت فهي قصيرة، أو ابحث عن الراحة والمواصفات القياسية والتركيز على العيوب الاجتماعية في ثقافتنا، وهذه -لعمري- من أهم مقدمات وجع الرأس.
تابعنا بأخبارك والسلام.
ويتبع>>>>>>: لماذا نتزوج: وسواس السعادة، والاغتسال م