السلام عليكم
مرحبا بك يا دكتور أحمد، لا يمكنك أن تدرك مدى سعادتي بأن يصلك سؤالي هذا، لدي خبرة وسؤال، ورأي، وأنتظر منكم التعليق.
الخبرة الأولى في خطوبة سابقة لم يطلب الخاطب رؤيتي عملا بتقاليد كثير من الأسر في البلد الذي أنتمي إليه، وطبعا لم يكن متاحا أي اتصال بيني وبينه لا سيما مع تأكيد أبي ألا أتصل به، كدت أجن كيف أتزوج إنسانا لم أره في حياتي، ووالدي رغم يقينه أن هذا حق لي فإنه لم يجرؤ على السعي في إعطائي هذا الحق، شيء مخز أن أقول له تعال لترى ابنتي هكذا قال والدي.
لم أسكت اتصلت بعمي وأخبرته، قررت أن أدافع عن حقي رغم أن الطريق كان أمامي مسدودا، والخاطب الكريم يقول إنه فرح لأنه ظفر بذات الدين ولا يهمه شيء آخر.. سطحية في التفكير لم أستطع فهمها، تعاون معي عمي أخيرا ورأيته.
والعقبة الثانية هي أني أريد أن أتحدث معه قبل العقد، وكانت الطامة عندما ناقشت الأمر مع والدي، الرجل لم يطلب وأنت تطلبين، ولم ينقذني إلا أن اكتشفنا تدليس الرجل في مسألة ما؛ فخرجت من التجربة بسلام بعد صراع مع التقاليد التي لم يؤثر فيها كون والدي متعلما أو كون الخاطب المحترم أزهريا يحضر الماجستير في الجامعة الأمريكية!
أما السؤال فهو: هل حرصي على أن يكون من سيتقدم إلي لديه قدر من الثقافة في مستواي أو أعلى مني هو تحكم لا مبرر له كما تقول الكثيرات من صديقاتي، وأن هذا الجانب ممكن أن أشبعه مع صديقاتي؟
وأخيرا في ظل النظرة الضيقة للعلاقة بين الرجل والمرأة وتطبيقاتها في السعودية يكون اتخاذ السبل السرية -إن صح التعبير- ضروريا في بعض الحالات بشرط الانضباط بضوابط الشرع، ولا يكون ذلك مندرجا تحت "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، بل من باب "الظفر" في الفقه وهو أخذ الحق ولو بأسلوب خفي وملتو، أرجو التعليق، وآسفة للإطالة.
19/9/2023
رد المستشار
الأخت الكريمة، قلنا وكررنا ولن نمل من القول بأن الأصل في الشرع والعقل أن يكون في حياة الناس مجال عام يتقابلون فيه، رجالاً ونساءً، فيبيعون ويشترون، ويتناقشون ويختلفون، وكان هذا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو كائن في حياة كل مجتمع طبيعي.
وعندما ينحرف الناس عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ويصادرون هذا المجال العام، ثم ينقضون على الحقوق الشرعية الأخرى، فإن أنواعًا من الخلل تنشأ وتتفاقم بلا حدود، ويكون واجبًا على كل مسلم ومسلمة أن يجاهدوا لاستعادة هذه الحقوق والأوضاع التي لا يقوم أو يستقر العيش الإنساني أو التطبيق الإسلامي إلا بها.
هذا هو الأصل، وهو برنامج العمل العاجل المطلوب في بلداننا الإسلامية، بل وفي كل بلد يعيش فيه مسلمون، هدف إقامة الشرع بإيجاد مساحة المجال العام بأنشطتها النافعة وفعالياتها وحراكها أصبح من واجبات الوقت، وحتى يحدث هذا فإن الأمور تقدر بقدرها يا أختي الكريمة، فربما ترى إحداهن كمالاً في الخصال كلها -فيمن تقدم لها- إلا في مستوى ثقافته، وتستطيع أن تقبل بما هو موجود، متجاوزة عن هذا النقص، بينما أخرى لا تقبل بتجاوزه.
ليس مطلوبًا من كل الناس أن يقبلوا بعيوب يقبل بها آخرون، وفي نفس الوقت فإن الإنسان لا يرى بعيوبه فقط، ولا بميزاته فقط.
أما عن الاضطرار للظفر... فالضرورة تقدر بقدرها، والإنسان أمير نفسه، والأولى أن نتعاون جميعًا لتغيير العادات الفاسدة، والأعراف المخالفة للشرع، ليرتفع الحرج، ورفع الحرج أصل من أصول ديننا الحنيف.