بداية أشكر القائمين على هذا الموقع الأكثر من رائع، فأنا من المتابعين لكل ما تقومون به، جزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. أما بعد، فأرجو أن تتسع صدوركم لمشكلتي، أو بالأحرى مشكلة حياتي، فليس لي غيركم بعد الله سبحانه وتعالى، فلا تبخلوا على ابنتكم بالنصائح والتوجيهات.
سادتي الكرام أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة طالبة جامعية.. لو تعلمون حالي، فأنا أتعس إنسانة اليوم على هذه الأرض، أبكي كثيرا على نفسي، ليس لوجودي أي معنى أو هدف، أشعر بالضياع، فأنا -رغم ثقافتي واطلاعي- فإن الكسل والملل والإهمال واللامبالاة يفسدون حياتي.. فأنا لا أصلي، قررت آلاف المرات أن أرجع إلى ربي وأتوب، ولكني سرعان ما أعود إلى ما كنت عليه، حتى وصلت إلى درجة اليأس. لا تقولوا لي إن هذه مشكلة دينية، فهي مشكلة عزيمة وإرادة أفتقدها بشكل كبير جدا.
ما هو السبيل للحصول على الإرادة القوية للمحافظة على صلاتي وعباداتي؟! أشعر بأني إنسانة لا أجيد التصرف في أي شيء، ولا أجيد حتى التواصل مع الأسرة والأصدقاء، ولا حتى أساليب التحدث، ففي بيتنا نعاني من علاقات مفككة، نفتقد الجلوس في محادثات حميمية كما يحدث في العوائل الأخرى إلا ما ندر، وهذا سبب وحدتي لولا وجود صديقة مقربة مني.. أرشدوني.. هل أستطيع أن أغير من وضع أسرتي.
وكيف أحافظ على صداقاتي.. ما هي مهارات التحدث والتواصل التي يجب أن أتعلمها؟! إضافة إلى ذلك، فإنني أشعر بأن لدي مواهب وطاقات وميولا، ولكني لا أستثمرها.. مثال على ذلك: حبي الشديد للقراءة، ومع ذلك فأنا لا أكمل قراءة كتاب إلا نادرا.. فوقتي ضائع دائما، لا أحسن استثماره. هذا فضلا عن إدماني على الانترنت، فبسبب حاجتي الشديدة إلى شخص يعوضني ما أفتقده من حب وحنان، أصبحت أقضي ساعات طويلة يوميا في المحادثات مع الجنس الآخر عبر الشات والماسنجر ومشاهدة الأفلام الإباحية.
كيف أقضي على الملل الذي يغزو حياتي كلما أردت تنمية مواهبي؟ وما هو السبيل للتخلص من إدمان المحادثات مع الجنس الآخر؟! أريد أن أواظب على الصلاة، أطور حياتي الدينية، حياتي الاجتماعية، دراستي، أن أستغل وقتي ومواهبي.. وأسترد ثقة من حولي.. فأنا أعاني من تأنيب ضمير وشعور قاتل بالذنب.. شعور أشبه بالاكتئاب لما وصلت إليه اليوم.. متى سأتغير ومتى سيعود النظام إلى حياتي.. كيف أغير الروتين الممل الذي أعيشه.. كيف أعيد صياغة أهدافي في الحياة ورؤيتي للأمور.. كيف أحافظ على قراراتي التي لا تجد طريقها إلى النور غالبا.
ما هو السبيل للتخلص من الكسل والملل والمزاجية المفرطة واللامبالاة في كل جوانب حياتي حتى الاهتمام بالمظهر وأساليب التواصل والتحدث.. لدي رغبة كبيرة في تغيير شخصيتي الضعيفة إلى شخصية أخرى قوية وواثقة. أخشى أن تضيع كل أحلامي في هذه الحياة هباء منثورا.. ولا أفيق إلا عندما تنتهي حياتي.. وأنا لم أعمل شيئا، لا لدنياي ولا لآخرتي! أتوسل إليكم أن تساعدوني.. فأنا أدور في دوامة فارغة لا أعرف متى ستنتهي.
وأرجو اقتراح بعض أسماء الكتب المفيدة في هذا المجال.
ولكم جزيل الشكر والامتنان والتقدير
29/09/2023
رد المستشار
صديقتي
الكتاب الوحيد الذي يستدعي القراءة الآن هو أنت.. هو الكتاب الذي ترينه في المرآة ولكن ليس الشكل أو الأمور السطحية وإنما ما يوجد في الداخل في العمق عليك.. بعد ذلك إعادة كتابته كما يحلولك.
الكسل والملل واللامبالاة:
الكسل يعني أنك لا تريدين فعل ما تريدين فعله أو ما يجب فعله لأنك تنظرين إلى كم كبير من التفاصيل الدقيقة ولا تنظرين إلى النتيجة وكيف ستشعرين وتستمتعين بالإنجاز.. ربما أيضا لأنك غير مؤمنة بالهدف أو ليست لديك رغبة حقيقية وشخصية في تحقيقه أو لا تنظرين إلى الجدوى من تحقيقه.
الملل دائما وراءه نوع من الغضب.. ربما بسبب استعجال النتائج أو فقدان الرغبة في الهدف أو عدم تحديد الهدف أصلا.
اللامبالاة مثل الملل وراءها غضب لا تعتبرينه من حقك فتغلقين جميع المشاعر.
الكسل والملل واللامبالاة كلهم فيهم عاملين مشتركين وهما عدم وجود فضول وعدم الاستمتاع بالرحلة نحو الهدف وخطواتها.. الفضول وإيجاد المتعة في خطواتك نحو أي هدف يجعل المسألة أسهل وأكثر متعة.. تأجيل المتعة أو السعادة حتى الوصول للهدف يصيب الإنسان بالإحباط بعد الوصول للهدف ويجعل من الرحلة شيء مضني وممل.
من ناحية الصداقات والتواصل والتحدث فليس عليك إلا الحديث في اهتمامات مشتركة بينك وبين الآخر مع اهتمام بالآخر وتعبيره عن رأيه حتى وإن اختلفت معه. إنك تتواصلين مع الجنس الآخر على التشات والماسنجر لأن كلاكما يبحث عن نفس الشيء (التواصل، التسلية، الجنس، التعبير عن الرأي بحرية، تجربة اسطناع شخصية مختلفة.. إلخ) وكل هذا يحوي الفضول.
الصلاة صلة مع الله ويمكنك من خلالها اكتشاف ما يشغلك وما يخيفك فتطلبي العون والهداية من الله فيه.. ما يطلقون عليه وسوسة شيطان أو ما يشتت ذهنك أثناء الصلاة هو في أغلب الأحيان مجموعة من الرغبات والمخاوف والتساؤلات التي كثيرا ما تكون خارج الوعي ولكن تظهر أثناء الصلاة بسبب أن العقل الباطن يكون أكثر حرية أثناء الصلاة.. لو نظرت للصلاة على أنها اتصال مع الله يبين لك ما في نفسك وخارج وعيك أحيانا فسوف تصبح الصلاة شيء شيق ورحلة استكشافية تسمح لك بتكوين شخصية أفضل.
إن كنت تريدين شخصية أقوى وأفضل فعليك بكتابة صفات وأفكار ومعتقدات وممارسات هذه الشخصية ثم البدء فورا وباستمرار في اعتناق هذه الأشياء على أبسط وأقل المستويات ثم التدرج إلى ما هو أعلى وأفضل.. هذا طبعا مع الاستمتاع بكل خطوة صغيرة في الطريق لأن كل خطوة تقربك مما تريدين لنفسك.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب