السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
السيد الدكتور/ وائل أبو هندي، ألا ترى معي أننا كأمة إسلامية نفرط في التفكير في الجن وتأثيره علينا، والبعض يكاد يرجع كثيرًا من عدم التوفيق إلى الجن، مثل تأخر سن الزواج والأمراض التي تصيب الإنسان، خاصة تلك التي تصيب النفس، هذا اللبس يا دكتور نجده متوفرا بكثرة عندنا عن الغرب. فهل عندك تفسير لذلك؟
أيضًا هناك ميل متزايد لدى الشرائح الدنيا جدا والعليا جدا للاعتماد على التأويلات الصادرة عن الدجالين والمشعوذين ويتوه في وسطهم المعالجون المحسنون.. ويقع البعض ضحية للوهم.. فهل ترون للظروف الاجتماعية أثرا في ذلك، وكذا تعليق كثير من الخلافات الزوجية والأسرية على وجود السحر وبسبب الجن والدخول في متاهات لا يعلمها إلا الله؟ وما تفسيركم للحالة الأولى: الميل الاجتماعي؟
فنحن نسمع كثيرا كما تسمعون عن سحر الربط، بمعنى عدم قدرة الزوج على جماع زوجته، فمتى يكون ذلك سحرا ومتى يكون ظاهرة مرضية تحتاج إلى علاج؟ وما علاجكم المقترح للحالة الثانية: الوهم بالسحر والربط... إلخ؟
21/10/2023
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "هند" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
يبدو يا "هند" من سطورك أنك صحفية أو تعدين بحثا اجتماعيا أو نفس اجتماعي، وما خصصت هذه الصفحة لذلك، لكننا نرحب بكل الضيوف ونلبي طلباتهم أينما حلوا على مجانين.
يعود الميل الاجتماعي المتزايد لتصديق الدجالين والمشعوذين برأينا إلى عدم قدرة معظم المسلمين المعاصرين على الفصل بين معطيات عالم الغيب من ناحية ومعطيات عالم الشهادة من ناحية أخرى، وكيفية التعامل مع تلك المعطيات، فقد نرجع الأمر إيمانيا إلى الغيب، لكنه بمجرد أن يكون له تأثير في عالم الشهادة فإن التعامل مع هذا التأثير يجب أن يتبع معطيات عالم الشهادة، ونرى للظروف الاجتماعية أثرًا كبيرًا في ذلك؛ لأن مجتمعاتنا استوردت نظاما ليس من صنعها، صحيح أنه يتناسب مع التغيرات الحادثة مع محاولات تحديث هذه المجتمعات، إلا أن التحديث يتم بصورة لا تناسب هذا المجتمع.
وبالتالي يصبح تعليق الكثير من المشاكل الاجتماعية والأسرية والنفسية على أمور كالسحر والحسد وغير ذلك أسهل بالنسبة للأفراد في مجتمعاتنا من إدخالها ضمن المنظومة المستوردة وهي منظومة الطب الرسمي عموما في دولنا؛ لأنها في الأصل منظومة مستوردة من الغرب.
كما أن من يمارسون السحر والشعوذة غالبا ما يعاملون الناس على قدر عقولهم بينما يرطن الأطباء بلغات ومفاهيم لا يستطيع الناس الإمساك بها أو الإلمام بها، ليس لعيب فيهم ولا نتيجة جهل، وإنما لأنها مفاهيم مستوردة من منظومة ثقافية مختلفة عن منظومتنا الثقافية.
وأما كون ذلك أكثر شيوعا في مجتمعاتنا مقارنة بالمجتمعات الغربية فتفسيرنا هو -مع الأسف-أننا أمة ضعيفة ومهزومة، وفي مثل هذه الظروف يميل الناس عادة إلى نزع المسؤولية عن أنفسهم، وأحيلك إلى إجابة في صفحة استشارات مجانين بعنوان تأخر سن الزواج بين عالم الغيب وعالم الشهادة.
واقرئي من الأمثلة على مجانين:
هل أنا ملبوسة؟ من قال لا أعلم فقد أفتى !
أسئلة محيرة: السحر والطلاسم!
دوخة وغباشة: السحر على نجاسة!
سحر الانسداد في أوروبا التشنج المهبلي!
التلبس بالجن مسرحية نعيشها حتى البكاء!
وبخصوص سحر الربط فهذا النوع من السحر يعتبر النوع الوحيد الذي أشير إليه إشارة تكاد تكون صريحة في كتاب الله الكريم، في سورة البقرة، وبالرغم من ذلك فإن حالات كثيرة من حالات العجز الجنسي أو ما نسميه بالربط سواء ربط الرجل أو ربط المرأة أو ما نسميه بالتشنج المهبلي إنما ترجع في الأصل هذا ما يتضح أثناء العلاج إلى أسباب نفسانية، حيث تبلغ نسبة الأسباب النفسانية الخالصة أكثر من 70% من هذه الحالات ويكون للأسباب النفسانية دور يضاف إلى سبب عضوي في أغلب الحالات الباقية.
رغم ذلك نحن لا نستطيع أن ننكر أن هناك حالات قد يكون للسحر دور فيها، لكننا لا نملك طريقة نثبت بها ذلك أو ننفيه، وغالبية الحالات التي نقابلها تستجيب لطرق العلاج التجريبية بغض النظر عن أسبابها... كما أن نقطة مهمة يجب ألا ننساها وهي أن استجابة مرض ما لعلاج طبي مادي لا يمكنها بالقطع أن تنفي وجود سبب غيبي لذلك المرض سواء كان السحر أو الحسد فهو في النهاية مرض ككل الأمراض في عالم الشهادة.
والعلاج بالنسبة للحالة الثانية هو العلاج النفساني السلوكي المعرفي "ع.س.م CBT"، والذي يعني بتصحيح المفاهيم وتغيير السلوك بما يحفز التغير الإيجابي.
اقرئي على مجانين:
الربط الجنسي بين عالمي الغيب والشهادة!
فشل ليلة الزفاف بين الربط والسحر
على باب الله: محنة العقل العربي
قيمة العقل في الإسلام ! ماذا جرى؟
أصول الخلاف بين النفسانيين وثقافة مجتمعاتنا (1-3)
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالجديد.