أبعث إلى سيادتكم بعميق الامتنان وعظيم الشكر على إثراءاتكم الرائعة في صفحة استشارات مجانين.
وأود أن تمدني برأي حضرتكم المستنير في أمري باختصار شديد وبدون إطالة على سيادتكم؛ فأنا فتاة في العشرين من عمري وبعد مشاكل جمة ومستمرة بين أبي وأمي لسنوات متواصلة انتهى الأمر إلى الانفصال ولكن دون طلاق رسمي وذلك حفاظا على الشكل الاجتماعي، وبعد 3 أعوام من الانفصال اكتشفت أن أبي على علاقة بامرأة أخرى، وأنه أخيرا تزوجها قريبا.
لقد حاولت وبذلت قصارى جهدي لأساعد أبي وأمي على اجتياز مشاكلهما وتحملت الكثير وقدمت الكثير والكثير وذلك بشهادة الجميع، ولجأت للعديد لأوسطهم بين والدي ولكن للأسف باءت محاولاتي بالفشل.
لي أخت تصغرني بعام ولكنها متزوجة من قريب لنا وتعيش بالخارج، ولي أخان أصغر مني ويعيشان مع أبي بالخليج، وأنا أعيش وحيدة في بيتنا هنا منذ أن جئت للالتحاق بالجامعة هنا.
المشكلة أني أتألم كثيرا من كلام الناس وتعليقاتهم الجارحة الموجهة لي بسبب مشاكلنا العائلية وبسبب أن أختى الصغرى سبقتني في الزواج، والجميع بما فيهم والداي دائما ما يقولون لي لن تجدي من يحبك أو يتزوجك وأنت بهذه الظروف، لن يقبلك أحد والكثير من الكلام المشابه.
أنا دائما لا أعطي الفرصة لأي أحد أن يتقرب مني، وأرفض أي شخص يحاول التواصل معي أو الارتباط بي لخوفي الشديد من الارتباط وأن أمر في حياتي بما مررت به في بيتنا، وأشعر أني لا أتقبل كل الرجال ولا أثق بهم.
وبعد ما علمت ما كان بين أبي وتلك المرأة وطبيعة علاقتهما كرهت كثيرا العلاقة بين الرجل والمرأة وأقصد العلاقة الحميمة بين الزوجين؛ حيث إنني أشعر أنني حتى لو تزوجت وقبلت بتلك العلاقة فسأكون وضيعة كهذه المرأة، أعلم أن تفكيري خاطئ، ولكن هذا ما أشعر به.
المهم والغريب أني بالرغم من كل هذا أتمنى أن يرزقني الله بالزوج الصالح والذرية الصالحة؛ حيث أتوق بشدة للأمومة، لا سيما بعدما أنجبت أختي وأحببت طفلها بشدة، أتمنى ذلك لأني أتمنى أن أشعر بالحب والاهتمام والحنان من قبل إنسان أو زوج صالح، ولكني أخاف أيضا من الحب؛ لأن أبي وأمي كانا يحبان بعضهما جدا قبل الزواج.
اعذرني على الإطالة، ولكني أحتاج مشورتك ومساعدتك،
أفكر كثيرا بالذهاب لطبيب نفساني؛ فأنا لا أجد أحدًا لأبوح له بما في نفسي.
01/11/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك معنا في مجانين وجنون الحياة، لا يبدو من كلماتك ما يوحي بحاجتك لطبيب نفساني إلا إن كان هناك معاناة أكثر مما ذكرت حينها يكون الذهاب إلى طبيب نفساني قرار صائب.
ربما تعانين من إجهاد لمحاولتك القيام بدور ليس دورك بل وأكبر منك وهو إصلاح العلاقة بين والديك، وتحديد مسؤولياتك هو أول ما يجب عليك القيام به. أنت مسؤولة فقط عن دينك ونفسك لا عن والديك ولا عن علاقة والدك فلا تزر وازرة أخرى أمر رباني لنا وتؤيده قوانين المجتمعات المتقدمة. يكفى الإنسان مقاومة أهواء نفسه ومحاولة ضبط سلوكه فما بالك بمحاولة ضبط سلوك والديه، ولدينا أمر إلهي في حال سوء حالة الوالدين وهو أن نصاحبهما في الدنيا بالمعروف، ومصاحبتهما لا تعني الموافقة على سلوكهما. مقابل كل علاقة سيئة هناك الكثير من العلاقات الطيبة والناجحة، ونجاح العلاقات البشرية من زواج وصداقة وقرابة تحتاج إلى جهد يبذله الطرفان، فلا تفكري في لوم والدك أو والدتك كلاهما يتحمل وزر فشل زواجهما وكل منهما يتحمل تبعات قراراته.
رغبتك في الأمومة وفي وجود شريك لك أمر طبيعي جزء من فطرتك وكراهيتك لما ترينه أو تسمعينه من مساوئ أو عيوب العلاقة بين الجنسين هي انحرافات لا تلقي لها بالا، أي شيء يناقض الفطرة فهو غير سوي نفسيا ومرفوض. معروف أن الرغبات الحسية لدى الإناث أقل منها لدى الذكور وغالبا ما يعبرن عنها من خلال مشاعر الأمومة. لا تقلقي إن لم تشعري برغبات حسية تجاه عموم الرجال فهذا طبيعي بالنسبة للإناث فقط ستنشط هذه الحاجة عندما تجدين من تشعرين معه بالأمان والراحة.
نعم أشجعك على عدم الانخراط في أي علاقة عاطفية أثناء دراستك الجامعية أو بعدها فكما ترين لا يترتب عليها سوى أشكال مختلفة من المعاناة، الارتباط الحقيقي هو المحاولة الجادة من خاطب جاد يبحث عن شريكة لا عن فتى يبحث عن تسلية. وكما ترين من زواج والديك وغيرهم الكثير فإن الاعتماد في اختيار شريك الحياة على هوى النفس لا ينتج عنه استقرار فالأهواء تتقلب بينما يبقى قرار العقل ثابت.
ركزي اهتمامك على دراستك وعلاقاتك الاجتماعية في الجامعة والعائلة كي تخففي من شعورك بالوحدة، ورزقك من زوج وولد سيأتي حين يشاء الله، لا سباقات في الحياة إلا إلى الجنة جعلنا الله وإياك من أهلها.
واقرئي أيضًا:
أبنائي بعد الانفصال!
هل أبي وأمي سيتطلقان!