من الانفعال إلى الفعل: كسر الحصار والعجز! م. مستشار
متابعة أخبار غزة: إعلان وفاة ضمير العالم!
السلام عليكم، أحييكم في البداية على موقعكم الجميل المتنور بنور ثقافتنا العربية، أنا طالبة جامعية أردنية فلسطينية أعيش مع أهلي متفوقة في دراستي وملتزمة بشكل عام، لدي بعض المشكلات مع أبي وأخي لسبب واحد هو رؤيتهم الدنيا للبنت فكأنهما جبلا على ذلك وليس لديهم أي استعداد لتغيير ما يعتقدان، فكرت سابقا أن أكتب لموقعكم لكنني تكاسلت وربما خفت أن يكتشف أمري.
لكن ما دفعني للكتابة اليوم هو الأحداث الدامية التي تجري في فلسطين، بدأت المشكلة معي كما الجميع بالتلهف لمتابعة الأخبار، معظم من أعرف إضافة إلى أهلي كلهم استطاعوا التأقلم مع ما يجري من موت ودمار وحصار خانق، بعضهم يقول لي ليست أول مرة هكذا تفعل إسرائيل منذ 20 سنة ... صحيح حصل هذا وأنا صغيرة وحصل وأنا كبيرة لكن هذه المرة مختلفة أعنف وأشد ... أنا لا أستطيع الكف عن متابعة الأخبار في التلفزيون وعلى الإنترنت.
المشكلة أنني مع الأيام تأثر نومي وقلت شهيتي وتحصيلي في دراستي ولا أستطيع رغم ذلك أن أتوقف عن المتابعة والانشغال الدائم،
لا أرى الحالة طبيعية بالتأكيد لكن لا أستطيع فعل شيء وأشعر أن عدم متابعتي لما يجري حرام فماذا أفعل؟
10/11/2023
رد المستشار
صديقتي
إن ما تمر به بلدك لا شك وأنه من الفظائع التي لا يريد أحد أن يراها أو يقترب منها أو يمر بها أو يعيشها.
متابعة الأخبار يدفعها عدة أشياء:
١. معلومات عن ما يحدث حولنا ربما لكي نستخدمها لحماية أنفسنا بشكل ما إذا ما اقترب منا الخطر.
٢. خارج الوعي وبدون دراية على الإطلاق، مشاهدة الموت والدمار تجعلنا نشعر بأننا محظوظون وفي أمان بالمقارنة بمن استشهدوا أو اصيبوا.
٣. خارج الوعي أيضا وبدون دراية لدينا جميعا فضول حول الموت والدمار وكأننا نخدع الموت الذي سنذوقه جميعا، ولو مؤقتا، عن طريق أن نرى ما يحدث ونتخيل حدوثه لنا بدون أن نموت أو نصاب.
٤. متابعة الأحداث تجعلنا نحس وكأننا نشارك الآخرين آلامهم أو على الأقل نتعاطف معها وهو شيء إنساني جيد ومتحضر وراقي.
بما أننا نفهم الأشياء بضدها (ليل ونهار، طيب وشرير، كافر ومؤمن، حياة وموت) فأي فكرة تحمل معها عكسها.. "إن مع العسر يسرا" كما في القرآن.
انغماسك في الأحداث يقابله انفصالك عنها.. ولكن ما زاد عن حده انقلب لضده.. يجب الموازنة بين التعاطف مع الآخرين والاهتمام بالنفس... وبين كثرة المعلومات والجهل بها.
كثرة المعلومات أو تركيزك الزائد فيها أثر فيك تأثيرا سلبيا صحيا وذهنيا وعمليا.. هذا لا يساعد أحد ولا يصلح أي شيء.
تابعي الأخبار لنصف ساعة ثم تابعي حياتك بأفضل طريقة ممكنة (استذكار، رياضة، ثقافة، صلاة، علاقات اجتماعية وأسرية) لنصف ساعة.. انغمسي فيما تفعلين بالكامل.. الأحداث لن تتغير كثيرا في نصف ساعة وليس لديك وسيلة فعالة لتغيير أي شيء.. يجب عقد العزم على التركيز الكامل .. لا تتابعي الأحداث وتفكري في شيء آخر مثل الدراسة.. ولا تفكري في الأحداث وفضولك ومخاوفك أثناء الاستذكار.. اعتناؤك بنفسك سوف يفيدك ويحافظ على صحتك وقوتك في خضم الأحداث وربما بسبب هذا الاعتناء يمكن أن يتفتق ذهننا عن طريقة صحية وفعالة لتغيير الأحداث وإفشاء السلام.
إذا كان تعاطفك مع الأحداث وخوفك من أن تفوتك معلومة مضر لك فيجب على الأقل تنظيمه.
إهمالك لما هو بناء ومفيد بسبب حدوث ما هو مدمر لن يفيد أحد أو يساعد أحد.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب