السلام عليكم
أعاني من مشكلة تؤرِّقني، وهي أني شاب أمرد حسن الخلقة، وحدث أن ظهرت من أحد أساتذتي بعض التصرفات الغريبة؛ كأن ينظر لي نظرات بابتسامة فيها رغبة جنسية، ويلتصق بي ويضع يده على جسدي بشكل يثير الشهوة، ولكني كنت أفهم قصده، وكنت أخجل أن أوضح له ذلك، ولكني قررت أن أنهره، وكنت وقتها في التعليم المتوسط، ولكنه شعر بما أريد أن أخبره به فبدأ يتراجع عن أفعاله، وشرع في الغلظة علي في القول ونهري في أي شيء، ونفس الشيء بدأ يتكرر مع غيره من أقراني حيث تظهر من بعضهم بعض التصرفات المشابهة لذلك، وكان ذلك الموضوع يؤرقني ليل نهار إلى أن أصبحت الآن في الجامعة وعقدت على إحدى قريباتي، مع العلم بأنني أحفظ القرآن كاملاً، و من أسرة متدينة.
والمشكلة الآن هي أني أرى بعض الناس ينظرون إليَّ نفس النظرات الجائعة، وأنا أحس أني لا أستطيع أن أحتك بالمجتمع احتكاكًا طبيعيًا؛ فإنا أفترض وجود نية سيئة قبل معرفة الشخص إلى أن يثبت العكس، علمًا بأني أمام الناس اجتماعي جدًا، فأنا أقدم الاحتفالات، وأتقدم المناسبات العامة كثيرا، ولكن يا سيدي إن مشكلتي أصبحت عقدة نفسية لا يعلم بها إلا الله، ثم أنا وأنت.
أرجو المعذرة على الإطالة..
وجزاكم الله عنا كل خير
25/10/2023
رد المستشار
أخي العزيز: السلام عليكم.. شغلتنا مشكلتك، وشعرنا بالحرج الذي تعاني منه.
ما تعاني منه من مشاعر هو نتيجة لتفاعل عدة عوامل تتضافر لتصل بك إلى ما أسميته "عقدة نفسية"، ودعني أحاول الشرح والتفسير:
1- تفسيرك لنظرات أستاذك وتصرفاته وأنت في المرحلة المتوسط تضعنا أمام عدة أسئلة منها: من أين جاءك العلم عن "الشذوذ الجنسي"؟ وما هي مصادر معلوماتك عنه في هذه السن الصغيرة؟ وهل سبق هذا تجربة تعرضت فيها لتحرش أو محاولة اعتداء أو ما شابه؟!
الحقيقية يا أخي أن ظنك في أستاذك يظل مفتقرًا للدليل، ولا يوجد حتى موقف مواجهة صريحة طلب فيه منك شيئًا فصددته، أو نهرته على شيء فاعترف أو رفض بعنف... إلخ.
المسألة كلها هواجس، وأمور تتعلق بإدراكك للوقائع أكثر مما تعلق بالوقائع نفسها، تتعلق بنظرتك لنفسك وللناس أكثر مما تتعلق بنظرة الناس إليك.
2- لو صح ما تقوله عن أستاذك، ولو كان هذا قد سبقه شيء من التهديد الجنسي لك فإن ذلك يفسر تفاقم هذه المشاعر والهواجس التي أصبحت الآن متكررة تراها في نظرات الناس "الجائعة"، كما تسميها.
حتى وصل الأمر إلى إعاقة تواصلك مع المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه، وأصبحت في حال تشبه أو تقترب من الوسواس المستمر بأمر معين.
3- مهما كانت المقدمات والأسباب -على أهميتها- فنحن بصدد حالة من الاضطراب في إدراك وضعك الجنسي، وعلاقتك بنفس جنسك، وهذا الاضطراب ليس كارثة، ولكنه أمر يحتاج إلى تعامل، وإلا زاد أكثر من ذلك، وهذا الاضطراب واضح من كلماتك التي تصف بها شكلك، ومشاعرك تجاه الرجال الآخرين حتى إنك لم تذكر شيئًا -على الإطلاق- عن علاقتك بزوجتك، وإدراكك الجنسي لها، رغم أن هذه المسألة تكون ملحة بشكل متوقع عند كل من يعقد حتى يبني.
4- هذا الاهتزاز والاضطراب يحتاج إلى أكثر من مجرد "التطمين والتعريف" الذي أقوم به الآن في إجابتي هذه، يحتاج منك إلى جلسة مع الذات لتقهر فيها فكرة "سوء الظن المسبق" الذي قلت: إنه أصبح القاعدة تجاه الناس، ويحتاج إلى علاج نفسي سيطول كلما زادت وطأة الأمور، وضغطها على نفسك، وتأخرت في طلب هذا العلاج، أعتقد أنك محتاج إلى هذا وذاك قبل الدخول في العلاقة الزوجية الكاملة، وإن كان هذا الارتباط يمكن أن يكون من النقاط التي تساعد في التغلب على الحالة، دون أن أنسى أن أذكرك أن الأصل الأهم -حتى من العلاج- هو رغبتك الحقيقية الصادقة في أن تخرج من هذا الاضطراب إلى الدور الذكوري الكامل والواضح بكل مسؤولياته وتبعاته ومعالمه إذا كنت تريد ذلك.