السادة الأفاضل، السلام عليكم
بعد التحية، تبادر إلى ذهني مؤخرا سؤال مفاده ماذا لو شاركت الزوجة الزوج في حق تطليق نفسها بنفسها (العصمة تكون مشتركة بين الزوجين) في حالة -لا قدر الله- استحالة المعيشة بينهما ومن ثم تجاوز الاستغلال السيء لهذا الحق من جانب الرجال؟
سؤالي هو: هل تستطيع المرأة ذاتيا تحمل واستيعاب مدى خطورة هذا الحق في حالة حصولها عليه؟
وشكرا.
24/10/2023
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يا أخي الكريم أعطى الله تعالى الرجل الحق في الطلاق إذا شعر باستحالة الحياة الزوجية، وهو عندئذ يتكفل بنفقة سنة مقابل تطليقه لها.
كما أعطى المرأة الحق في الخلع إذا شعرت هي باستحالة الحياة الزوجية معه، وفي هذه الحالة فإنها لا تطالب بنفقة، كما أنها ترد إليه مستحقاته كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طالب المرأة التي أرادت الخلع من زوجها فقال لها: "ردي عليه حديقته".
حق الانفصال مكفول إذن للطرفين بالفعل، وهذا من فضل الله تعالى على الجنسين؛ لأن الضرر الذي سيترتب على استمرار المرأة في حياتها الزوجية مع رجل لا تطيقه ولا تطيق عشرته لا يقل ضررا عن استمرار الرجل في علاقته مع زوجه لا يطيقها بل ربما يزيد؛ لأن الرجل يمكن أن يجد بغيته في زوجة ثانية وهذا حقه بينما هذا الحق لا تتمتع به المرأة؛ ما قد يعرضها لما لا تحمد عقباه من انحرافات أو صراعات.
ولكن الله تعالى -وهو الأعلم بعباده- كما أعطى الرجل حق الطلاق وأعطى المرأة حق الخلع لم يترك سبحانه الأمر هكذا دون ضابط، ولكنه أمر الطرفين بالتريث ألف مرة وعدم التسرع في استخدام هذا الحق الذي من شأنه هدم البيت والأسرة.
فأمر سبحانه وتعالى بإيجاد شبكة الدعم الاجتماعي أو شبكة المصلحين الذين يجب أن يرجع إليهم قبل اتخاذ القرار باستشارتهم، وذلك كما فعلت الصحابية الجليلة عندما لجأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا، فلما تأكد عليه السلام من استحالة العشرة بالفعل سمح لها بطلب الخلع.
ومجتمعاتنا بالفعل تعاني من ضعف هذه الشبكة، وبالتالي فإن كل من الرجل والمرأة قد يتخذ قراره دون الرجوع إلى أحد معتمدا على خبرته المحدودة؛ وهو ما يضيع الأسرة، والأمر هنا للرجال والنساء سواء، فكم من الرجال أساء حق استخدامه للطلاق.
وأخيرا فإنني أدعو لتقوية هذه الشبكة واستعادة هذا الدور المفقود.
ملحوظة: بعض الدول الإسلامية لا تقر بحق المرأة في الخلع، وتكتفي فقط بحقها في طلب الطلاق، وعندئذ عليها أن تثبت أن هناك أسبابا قوية تدعوها لذلك مثل الطلاق للضرر وغيره، ولكن لا نستطيع أن نتجاهل الحق في الخلع الذي منحتها إياه الشريعة الإسلامية الغراء.