السلام عليكم
رسالة للقائمين على الموقع لأسباب الوساوس الدينية من متابعتي للأسئلة على مدار سنين وبحثي الطويل
أبدأ بشكر القائمين على الموقع وبارك الله لكم جميعا ونفع بكم. هذه الرسالة سيفرح بها الكثير من أهل الوسواس لأنها ستأتي بما في نفوسهم مما حدث لهم بسبب مواقع الإفتاء فالرجاء الاهتمام بها. أنا حاصل على الدكتوراة وأيضا لدي دراسات علىا في الدراسات الإسلامية. أردت توضيح هذا الأمر حتى أوضح لكم ما تسببه الفتاوي على الإنترنت من تأثير وسواسي على جميع الفئات. جاءني أمر في الصلاة من 3 سنوات فبحثت على الشبكة العنكبوتية في المواقع المعتبرة (إسلام ويب والإسلام سؤال وجواب) وقد أصبت بالوساوس من وقتها وتفاقمت حتى أصبحت حياتي في دوامة خصوصا بسبب إسلام ويب! أولا إسلام ويب من المواقع المحترمة جدا والمحترفة ونحسبها على خير ولكن ليس كل ما في كتب الفقه يقال على الملأ ولا نفتي بالنقل نصا من كتب الفقه على شبكة الإنترنت فيقرأها من له علاقة أو ليس له علاقة بالفتوي. وأيضا الراجح من وجهة نظر البعض هو مرجوح من وجهة نظر الآخرين ولا يصح أن نستعمل ألفاظ مثل الأحوط وحتى تبرئ ذمتك أمام الله افعل وإعادة الصلوات كلها حتى تبرئ ذمتك. لعلي أضع يدكم على كثير من الأسئلة المثارة وأنا أعلم أنكم أعلم مني في علاج الوساوس ولكني بعد 3 سنوات واعتقد مئات الساعات بحثا في الفتاوي بحكم طبعي المتعمق في البحث، ما زادتني إلا وسوسة أضع يدكم على أسباب انتشار الوساوس بسبب الفتاوي على شبكة الإنترنت. قد يكون مجال عملي في البحث العلمي ساعدني على الوصول إلى هذة الأمور. ما تعلمته من موقع إسلام ويب وابحثوا في الفتاوي لتجدوا ما أقوله:
1-الاغتسال يكتفى فيه بصب الماء ولكن عند سؤال أحدهم أنه لم يكن يغسل بين الإليتين (الدبر) ويكتفي بالوقوف تحت الماء جاءت الفتوى أن غسله باطل ويجب عليه إعادة جميع صلواته لأن هذا أمر لا يعذر فيه بالجهل! تعلمت منذ صغري أن الوقوف تحت الدش كافي في الاغتسال ودار الإفتاء المصرية قالت هذا وقالت أن الماء بطبعه يصل، وإذ بي أعلم أن الماء لا يصل ويجب تحري هذه الأماكن ومن لم يفعل يجب عليه إعادة الصلاة جميعها! وأضافوا تكاميش الدبر من الظاهر كما سيأتي في الفقرة التالية.
2-علمت أنه يوجد شيء اسمه تكاميش الدبر ويجب على مريد الاستنجاء أن يسترخي قليلا أثناء الاستنجاء حتى يصل الماء إليها لأنها من الظاهر. ولكن في نفس الوقت لو دخل الماء إلى الدبر وخرج بعد ذلك فإنه ماء نجس ويجب التطهر منه. لا أعلم كيف حتى الآن؟ إذا قبضت العضلة لن تغسل التكاميش فلم تطهر وإذا أرخيتها قليلا لا تضمن عدم دخول الماء خصوصا في استعمال الشطافة فقد يدخل الماء ويخرج نجسا! فأصبحت لا أعلم أي مقدار أرخي العضلة وأصبت بالوسواس والطامة في الاغتسال فكيف يمكن الاغتسال واقفا وهم يقولون أن تكاميش الدبر من الظاهر ويجب الاسترخاء قليلا وهذا لا يحدث إلا عند جلوس القرفصاء. نسيت أن أقول أن الظاهر علمت أنه ما يظهر عند القرفصاء فمعناه أنه لا يمكن أن تصل للظاهر واقفا تحت الدش فلا أعلم كيف يقولون بالاغتسال تحت الدش والماء لن يصل إلى الظاهر في التكاميش.
-بالنسبة للمرأة فإن ظاهر الفرج هو ما يظهر عند جلوس القرفصاء ويجب غسل الظاهر في الاغتسال ولم يوضحوا كيف يمكن الاغتسال تحت الدش واقفا وظاهر الفرج لن يظهر.
3-سؤال من مستفتي أنه لم يعلم أن الرأس تمسح كاملة في الوضوء فأجاب عليه المفتي بالدليل أن الرأس تمسح بالكامل والأحوط أن يعيد جميع الصلوات التي صلاها! قد راسلت موقع إسلام ويب على الفيس بوك فقام بتعديل الفتوي ولكنها باقية على الموقع الرسمي.
4-لا يعفي عن يسير النجاسة حتى التي لا يدركها البصر ولو كانت عالقة في أرجل الذباب وهذا ما يفتي به الموقع. ثم يقول إن شيخ الإسلام وبعض أهل العلم قالوا بالعفو عن يسير النجاسة، ولكن الأحوط وحتى لبراءة الذمة يجب ألا نترك يسير النجاسة. حيث أنه لو تجاهل يسير النجاسة فإن ذمته لن تبرأ، ويُفضل في شك في صلاته حتى يُقابل الله.
5-يسير الحائل في الوضوء لا يعفي عنه، ويجب إعادة الصلاة حتى لو كان مثل رأس الإبرة. وإن كان بعد كل جواب عن يسير الحائل يقولون بالحاقه بأقرب زمن، ولا تفتش قبل الوضوء. الكثير منا في الشتاء يخرج جلد متقشر بجانب الأظافر، وهم يقولون لا تفتش، فبعد الوضوء نجد هذا الجلد اليسير يابسًا أو غير يابس ويُعتبر حائلًا يسيرًا. حسب الموقع، لا الجلد اليابس حائل، وكان يجب إزالته إذا لم تشعر بالألم عند إزالته. وهل ستعلم إن كنت ستشعر بالألم أم لا إلا عند محاولة إزالته؟ سبحان الله!
6-الصلاة. إذا كان أحد يشك في نية أو تحديد وقت الصلاة أو تكبيرة الإحرام وقام بأي فعل، فإن صلاته باطلة. وجاء سؤال من شخص يستشير حول ما إذا كان يصلي المغرب أم العشاء وهو ينحني للسجود بين السجدتين، فأجابوه بأنه يجب عليه إعادة الصلاة لأنه قام بفعل شيء مع وجود الشك. معنى الفتوى هو أنه إذا كنت تصلي وتشعر بالشك في نية الصلاة أو تكبيرة الإحرام وأنت في وضعية السجود أو الركوع، فعليك أن تتوقف في الموقف الحالي حتى تتأكد من النية أو تكبيرة الإحرام. قرأت هذا الجواب لهم في سؤال آخر وقالوا إن الشافعية أعطوك وقتًا قصيرًا للتسبيح وهو لا يُلغي الصلاة. بمعنى أنه إذا كنت تصلي وفي وقت الركوع تشك في تحديد وقت الصلاة، مثلاً إن كانت صلاة الظهر أو العصر، فيجب عليك أن تتوقف على الفور عن الحركة ولك مقدار تسبيحة واحدة للتذكر. هل هذا ممكن للإنسان أن يفعل ذلك؟ أليس هذا تكليفًا غير معقول؟ هل هناك دماغ بشري يستطيع أن ينفذ كل هذا في مقدار تسبيحة وحركة الصلاة بحركة عفوية!
7-نقلوا قول الإمام النووي أن من شرد ذهنه في الفاتحة ووجد نفسه في آخرها وركع صلاته باطلة لأنه لم يتيقن قول الفاتحة سليمة؟ وعندما سأل أحدهم كيف هذا وأنه يفتح باب الوسواس ردوا بأن هذا الأمر لغير الموسوس! قل لي كم إنسان غير موسوس يسرح في صلاته ويقرأ بدون خشوع؟
8-أي حرف يسقط في الفاتحة حتى لو تشديدة يبطل الصلاة وعليه إعادة جميع الصلوات السابقة لأنه لا يتصور أن مسلم لا يستطيع قراءة الفاتحة. مثل من قال المستقيم باللم الشمسة بدلا من القمرية (امستقيم) فعليه إعادة الصلوات. أو من خفف شدة من الإحدي عشر شدة في الفاتحة. رغم أن شيخ الإسلام ابن تيمية والأحناف ومتأخري الشافعية (حسب علمي) لهم رأي آخر.
9-الصوم: لو لعقت شفتيك ثم لعقتها مرة أخري سريعا قبل أن تجف فصيامك باطل لأنك تعمدت ابتلاع ريق خارجي. للأمانة العلمية تم الرد من مفتي آخر على هذة الفتوى عندما سأله مستفتي عنها وقال له البلل لا عبرة له ما دام لم يتقاطر إلا أن الفتوي الأولي باقية على حسب علمي حتى الآن.
10-الانتقال السحري للنجاسة أمر حقيقي حيث أن النجاسة لو جفت تستمر لفترات أو سنين طويلة ولا تنتهي وإذا أصابها الماء انتقلت. قد يكون الأمر بسيط في الملابس ولكن عند الموقع لا تطهر الأرض وما لحق بالجفاف أو الرياح ويبقي المكان متنجس حتى إذا إصابه رطب تنتقل النجاسة. بالطبع بعد كل فتوى ينصحون بالبعد عن الوسواس والبناء على الأصل أن المكان طاهر. ومعنى الفتوى أن النجاسة لو لم يصبها ماء تظل بالسنين الطويلة باقية فهذا مماثل لمثل قول دكتورنا الحبيب وائل أو دكتورة رفيف أن الكرة الأرضية أصبحت فقاعة نجاسة!
10-اتباع الهوى وما أدراك ما هو؟ كل رأي مذهبي مخالف يتم اعتباره رخصة ولا يجوز تتبعها قالها من قالها؟ ولو أخذت برأي مذهب آخر فيجب أن لا تكون متبعا هواك! وهل يأخذ أحد بمذهب آخر إلا لو كان أيسر له ومتبع راحته؟ وللأمانة قالوا أن تأخذ بما تحتاج إليه لو كنت من العوام أم أن كنت من طلبة العلم فيحب أن تعمل بالترجيح إلا كنت متبع لهواك! وهل طالب العلم مهما بلغ يستطيع الترجيح بين آراء مذهبية قتلت بحثا من مئات السنين وكل رأي له علماء أجلاء وأدلته القوية؟ هذا تحميل شاق لطالب العلم لأنه سيأخذ بالأحوط للخوف أن يكون متبع لهواه. أعتقد أنه تم الخلط بين تتبع زلل العلماء والآراء المنكرة والاختيار بين الآراء المعتبرة التي لم ينكرها أحد. قد تتبعت ما قاله الشاطبي في هذا الأمر وهو ما يستند عليه الكثير من عدم تتبع آراء المذاهب وقد قرأت بحث علمي أردني رائع رد عليه بموضوعية وأنه كان يتكلم عن زمن فيه مذهبية شديدة والخروج من المذهب له توابعه الفوضوية خاصة بدون معرفة أدلة أو موثوقية المذاهب الأخرى الغير منتشر علمها.
11-النقل من الكتب الفقهية بالنص حسب مذهب كل مفتي وهذا يسبب بلبلة حيث أن الموقع عالمي وتداخل الآراء الفقهية بين أناس شبوا على آراء فقهية معينة مثل مسح بعض الرأس أو عدم قراءة الفاتحة بعد الإمام أو عدم الوضوء من أكل لحم الإبل. فليس مناسبا أن نخاطب الناس بالأحوط وكلمات مثل "حتي تبرئ الذمة" في الفتوى إلا لحملت الناس جميعا على الأشد في كل مسألة فقهية!
12-رخصة الشك المستنكح، قالوا لو تركك الشك يومين فأنت غير موسوس ويجب أن تبني على الأقل. معظم الفتاوى اتبعت رأي المالكية في عدد الأيام للشك المستنكح فظهر وسواس آخر عند الكثير وهو هل أنا موسوس أم لا؟ فعندما يختفي الوسواس يومين يظهر القلق لأنك لن تستطيع التمتع بالرخصة وعندما سألهم مستفتي عن هذا الأمر قالوا هذا ما وجدناه ولم نجد أي من المذاهب الأخرى وضع حدا لكثرة الشك حتى تلهى عنه ولا تتبعه. بالنسبة لي ما أن يختفي الوسواس يومين وأكون خرجت من رخصة الموسوس حتى يأتي في اليوم الثالث بطريقة مريعة ومتكررة في نفس العبادة وهو يقولون لست موسوس لأنه انقطع يومين وعندما سألهم المستفتي متى أعتبر موسوس مرة أخرى قالوا لا نعلم ولكن إذا جاءك كل يوم ولو مرة!! فهو سينقطع يومين ويأتي بعد ذلك بشدة فهل علي أن أتبعه في عدة مرات بقطع الصلاة للشك في تكبيرة الإحرام لأني لست موسوس بعد؟ للأمانة أيضا أفتى أحدهم أن هذه وسوسة مختلفة عن الشك المستنكح وتعرض عنها مطلقا ولا حاجة لرخصة المستنكح. ولكن للأسف هي فتوى قد لا تعثر عليها بين الفتاوى الكثيرة وتخاف إن اتبعتها تجد بعد ذلك فتوى بإعادة كل صلواتك السابقة لأنك لم تكن مستنكح بالشك!!
13- أخير، أخي الحبيب د وائل كل ما تفعله لنقطة البول التي تخرج بعد التبول ونصائحك بتجاهلها وأن هذا أمر طبيعي في الذكور ويختلف باختلاف الحرارة والوقت لن تجدي نفعا لأن الموقع حسمها أن هذا ليس طبيعي حتى بعد أن سأله أحدهم أن طبيبا أكد له أنها أمر طبيعي فكان الرد أنه ليس مشاهد وأن الطبيعي أن لا يخرج شيء بعد التبول ويجب على الرجل أن يفعل كل استطاعته لإخراج بقايا البول بدون أن يصل إلى حد الوسواس. قرأت كثيرا في هذا الأمر ووجدت أن الدراسات تقول أن نسبة الرجال قد تصل إلى الثلث أو أكثر ممن يعانون من خروج نقطة بول فعليه باقية بعد التبول. وقد يكون الآخرون لا يعلمون عنها فتكون النسبة أكبر. لا حل لهذا الأمر إلا بالتواصل بينك وبين علماء الدين وأساتذة المسالك لحسم هذا الأمر إلا سندور في حلقة مفرغة. وددت لو اتبعت نصيحتك وتجاهلت هذة النقطة ولكني أعلم أنه بعد عدة سنوات سيأتي من يفتي ويقول أعد الصلوات السابقة لأنك كنت تعلم بنزول هذة النفطة الناقضة للوضوء وصليت إلا إذا أردت أن تقابل الله بصلاة باطلة وأنت تعلم أنها باطلة لأنك اتبعت طبيب وليس عالم دين!
أشكرك على قراءة هذة الرسالة ومعذرة للإطالة ولعلها تكون نواة لمواجهة أسباب الوسواس التي انتشرت مع مواقع الفتوى والآن أتركك لمواجهة بعض وساوس الصلاة التي تراكمت علي من الفتاوي السابقة حتى أنني أصبحت أخشى أن يختفي الوسواس يومين وأكتب متى جاء آخر مرة حتى لا أخرج من رخصة الموسوس وأعاني للانتظار يومين حتى أدخل في الرخصة مرة أخرى على حسب الموقع.
شكرا لك
أخوك أحمد
17/11/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته أخي "د.أحمد"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك.
أعتذر عن تأخيري الكثير عن الإجابة، ومن المؤكد أنك يئست من الحصول عليها بعد هذه المدة من الزمان... وسقى الله أيام كنت أجيب على السؤال في اليوم ذاته الذي أرسل فيه
1-ملخص الغسل أن يصل الماء إلى جميع الشعر والبشرة. وليس أن تغتسل واقفًا أو قاعدًا أو مستلقيًا! تقف تحت الماء نعم، لكن غالبًا يحتاج المغتسل خاصة السمين، أن يمرر يده بين أليتيه كي يسيل الماء بينهما... بينما النحيل قد لا يحتاج إلى هذا؛ وأكثرنا يمرر يده مكان نزول الماء آليًا دون تفكير.
قالوا لا تعذر بالجهل، ولكن ما مضى إذا صح على أحد المذاهب، لا يحتاج إلى إعادة. سيلان الماء على العضو يطهره عند الحنفية حتى من غير نية الاغتسال! ولا بد أن الماء وصل إلى ما بين الأليتين، أثناء الاستنجاء.. بطريقة آلية، وإن لم تعلم أنها سنة، ستقوم بدخول الخلاء والاستنجاء قبل الاغتسال... ولا أظن أن غير السمين جدًا، ينهي غسله، ويخرج من الحمام ولم يصل الماء إلى ذلك المكان، حتى إن لم تستنجِ قبل الاغتسال فإنك ستدخل المرحاض بعد ذلك، يعني أكثر ما في الأمر أن تصلي فرضين أو ثلاثة بغير غسل لا أكثر.
عندك ناحية أخرى، أن الإنسان إذا كان يجتهد في التعلم والسؤال منذ صغره، لكن المعلومة لم تصله، فهو معذور لأنه لم يقصر...، كذلك المسائل التي يجهلها أكثر العوام، جهلهم فيها عذر. أخبرني كم واحدًا يعلم مسألة طيات الدبر، بل من يخطر في باله أن يسأل عن هذا الأمر؟!
هناك مخارج كثيرة حتى لا يكون الجهل (كارثة) يحتاج معها الإنسان أن يعيد طاعاته كلها بعد خمسين عامًا من الاجتهاد في أدائها.
2-المعضلة التي تتخيلها من أنك لا تضمن دخول الماء إلى الدبر إذا غسلت الطيّات، غير موجودة أصلًا (أعني المعضلة)، وإلا كان الفقهاء منعوا الصائم من الاستنجاء بهذه الطريقة!
3-إذا كان نقلك صحيحًا، فمن يقل لسائل على الإنترنت إن الأحوط أن تعيد صلاتك لأنك لم تمسح رأسك كله، لا يصح أن يسمى مفتيًا! ولا أحد يطالب أن تكون عباداته صحيحة في المذاهب كلها، بل إن هذا مستحيل في المسائل التي يكون فيها حكم الفعل مبطلًا في مذهب، واجبًا في مذهب آخر!
4-عدم العفو عن يسير النجاسة حتى إن لم يدركها الطرف، هذا عند الحنابلة...، وغيرهم خالفهم...، عادة يكرر ناقلو الأحكام والمفتون عبارة (والأحوط الخروج من الخلاف لبراءة الذمة) ولكن هذا لا يعني أن متبعي باقي المذاهب ذمتهم غير بريئة... هذا أولًا، وثانيًا: لا ينزعج من هذا الكلام سوى القارئ الموسوس.. وغيره يمر عليه مرور الكرام، لأنه ببساطة لا يطلب أن يكون عمله كاملًا وصحيحًا عند كل المذاهب، يكفيه عند الله أن يتبع مذهبًا واحدًا، فلماذا يشق على نفسه بالأخذ بالأشد في كل مذهب؟ ما الداعي لذلك؟ ... هو يقرأ كلمة (صحيح) ويقفز فوق (والأحوط) هكذا غالب الناس...، بينما الموسوس يقفز فوق كل الرخص وكلمات التصحيح للعمل وتبقى عينه مسمرة على كلمة (الأحوط، براءة الذمة، الخروج من الخلاف)! لأنه يريد الكمال في كل شيء، وهذا أمر غير ممكن وغير واقعي.
5- سؤالك هذا بعد سؤالك السابق أكبر دليل على أن المشكلة منك أكثر من أن تكون من المجيب...، لماذا أقلقك مذهب الحنابلة في عدم العفو عن يسير النجاسة التي لا يدركها الطرف، وأرعبك طلب العمل بالأحوط رغم مخالفة ثلاثة مذاهب لهم، ولم يطمئنك قول الحنابلة أنفسهم أن يسير الحائل يعفى عنه لأنه يسير؟!! لماذا لا تقع عينك إلا على الأشد في كل مذهب؟ ثم كيف يكون الجلد المتقشر حول الظفر حائلًا؟!! سيلان الماء يحركه ويدخل الماء تحته قطعًا، إلا عند الموسوسين. ثم بالطبع إزالة الجلد حول الظفر مؤلمة، ولا تحتاج إلى اختبار...، فهل لهذا الشرط معنًى هنا؟
6-طبعًا يستحيل على الإنسان أن يتذكر الحكم في ثانية ويطبقه، لماذا؟ لأن غير الموسوس يقع معه مثل هذا مرة في العام، فينسى الحكم ويحتاج إلى وقت لتذكره، وحينها لا يوجد مشقة في إعادة صلاته لأنه أدى جزءًا منها مع الشك، هي مرة في العام على الأكثر (على أني لا أعرف خلافات المذاهب في هذه المسألة وهل قال أحد بالصحة رغم الشك أم لا). أما الموسوس، الذي يشك في صلاته دائمًا، فلا يضره أن يؤدي صلاته كلها مع الشك، ولا داعي لأن يتذكر ماذا فعل، ولا أن يتذكر الحكم الخاص بغيره.
7-أين قال الإمام النووي أن من شرد ذهنه في الفاتحة وركع بطلت صلاته؟ أنا الذي أعرفه أن الإمام النووي ذكر الإجماع على صحة صلاة من شرد ذهنه عن الصلاة واشتغل فكره بغيرها!
8-قراءة الفاتحة بطريقة لا تصح لا تتصور في زمننا، إلا من قروي أو بدوي جاهل لا يعرف من الدين إلا ما أخبرته به جدته عن جدتها...، وهؤلاء نكل أمرهم إلى الله، إذ لا سبيل إلى تغييرهم وتعليمهم، فهم في -اعتقاد أنفسهم- على صواب وناصحهم هو الذي لا يفهم. أما من دخل المدرسة، وتعلم القراءة، ويسمع الفاتحة في صلاة الجمعة على الأقل، فهذا لا يتصور منه أن يقول (امستقيم) أو يقول (ولا ضالين)... فلا تشغل بالك بأمر لن تجده في الواقع
9-مسألة الإفطار بلعق الشفة مرتين متتاليتين أثناء الصيام، مسألة خلافية، فما المانع أن تبقى فتوى البطلان على الموقع وهي صحيحة في أحد المذاهب؟ لا مانع من بقائها بشرط الإشارة إلى وجود خلاف، كي لا يقع الناس في الحرج.
10-عندما تعم النجاسة وتنتشر بيقين في مساحة واسعة يعفى عنها لتعذر التحرز. وعندما لا تنتشر: إما أن تعلم بها يقينًا فتطهرها أو تجتنبها، وإما لا تعلم بها، فهي لا تضر من لامسها مع الرطوبة، أو صلى فوقها...، عدا عن أن وجود النجاسة لا يعني انتقالها بالضرورة... هناك شروط، وهناك رخص كثيرة يمكننا العمل بها، وبلا وجع الرأس...، بالمختصر نريد أن نعيش دون مشقة.
10-نعم.. يمكن أن يأخذ أحدنا برخص المذاهب المعتبرة دون أن يكون متبعًا لهواه!
ولأقرب لك المسألة: لك أن تتخيل إنسانًا مسترخيًا، لا يحب أن يضغط على نفسه بشيء..، يريد أن يشعر بالراحة دائمًا، ويحب أن يتنعم بألوان الملذات التي يشتهيها، دون أن ينكد عليه ضميره، ولا تأنيب الناس له...، فيجد الحل في أن يتبع الرخص التي تريحه، فيغط ضميره في نوم عميق، وإذا نصحه أحد قال له: إني متبع لمذهب معتبر!
يقابل هذا شخص يحب الدين، ويريد الالتزام بأحكامه، ويجتهد في أداء الفرائض والسنن في تصرفاته كلها..، يجد نفسه فجأة، قد شق عليه الالتزام بحكم ما في ظرف من الظروف، ويؤلمه ذلك لأنه يحب تطبيق الشرع تمامًا...، هنا نقول له: إن الدين لم يأتِ ليشق عليك، بل لتعيش حياة طبيعية دون حرج، يمكنك الأخذ بالرخصة الفلانية حتى تكمل حياتك بيسر... هذا يأخذ بالرخصة وليس متبعًا لهواه، بل على العكس! ألا ترى أن هوى الموسوس أن يعمل بالأحوط دائمًا؟ وأن هواه هذا أخرجه عن الصراط المستقيم إلى التشديد والحرج؟ وأنه عندما يأخذ بالرخصة فهو يخالف هواه كي يعود إلى الصراط المستقيم؟!!
11-قلت لك، في مسألة عبارات (الأحوط) و(حتى تبرأ الذمة) المشكلة في القارئ وليس المجيب، فالموسوس يفهمها: عليك أن تفعل الأشد وإلا لن تبرأ ذمتك من العبادة وكأنك لم تأت بها بالمرة. أما غير الموسوس فيفهمها: فعلي صحيح، ولا داعي للإعادة إلا من باب الحيطة، والحيطة غير واجبة هنا. وهذا الفهم هو الصحيح.
12-أول ما يجب أن تضعه في ذهنك: أن الوسواس إذا جاء في عبادة واحدة، فهو وسواس واحد وإن جاء بعدة أشكال، وصاحبه يكون موسوسًا وتنطبق عليه أحكام الموسوسين؛ يعني إذا جاء مرة في الإتيان بالتكبيرة، ومرة في مبطلات الصلاة، ومرة في الاطمئنان في الأركان، فصاحبه موسوس وإن انقطع وسواس التكبيرة –مثلًا- يومين ثم عاد في الثالث؛ وطالما أن هناك وسواس في الصلاة، لا نقول إن الوسواس انقطع. ولا يوجد موسوس ينقطع عنه الوسواس يومين متتاليين بحيث لا يبقى له أثر بالمرة.
الأمر الثاني: أن جميع الموسوسين، سواء من ينقطع عنهم الوسواس مدة، أم من لا ينقطع، كلهم يشك في كونه موسوسًا، وفي صحة أخذه بالرخصة! فمثلًا يقول أحدهم: ماذا لو لم يكن ذلك وسواسًا وإنما أنا من فعلته بإرادتي؟ وحينها لا أستطيع الأخذ بالرخصة!
الأمر الثالث: أن هناك تعريفات عدة للموسوس وليس فقط من يأتيه كل يوم، أو يأتيه يومًا وينقطع يومًا. وإنما تجد في كتب غير المالكية:
(من كان يشك في العلم الضروري، [وهو الذي لا يمكن دفعه عن النفس بشك ولا شبهة]، –كالعلم الحاصل عن طريق الحواس مثلاً-، فهو موسوس، فمن شك في غسل يده مع رؤيته لذلك الغسل ببصره فهو موسوس.
- من أصابه النسيان في أمر مخصوص بعينه، مع أنه يتذكر سائر الأشياء فهو موسوس.
- من كان يحكم بحصول أشياء ويتصرف بمقتضاها دون دليل ظاهر مقبول فهو موسوس).
وتجد مصدر هذه التعريفات في المقال الأول من منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري
وهذه التعريفات لا تحدد أيام الوسوسة، وإنما صفات الموسوس، وصفات الموسوس يقررها الطبيب حاليًا، فإذا قال لك الطبيب أنك موسوس فإنك تستطيع الأخذ بالرخص.
13-هناك مسائل حكمها في الأصل أنها واجبة، ولكنها في حق الموسوس غير واجبة، لأن الوسواس يسقط التكليف عن صاحبه. مثلًا: الريح تبطل الوضوء قطعًا بلا خلاف، ولكن الموسوس بخروج الريح لا ينتقض وضوؤه وإن خرجت منه الريح فعلًا!! والموسوس في وصول الماء إلى كامل أعضائه يصح وضوؤه وإن لم يصل الماء إلى أعضائه كلها!! فإذا وصل الإنسان إلى درجة غير طبيعية في التعامل مع النقطة التي تخرج، وأخذ يفتش ويدقق، وينتظر الساعة والساعتين قبل أن يتوضأ، ويعيد الوضوء، ويأتي بأفعال عجيبة لا يفعلها الإنسان الطبيعي، أصبحت هذه النقطة غير ناقضة لوضوئه، ولا موجبة لتغيير ثيابه! وقد نص المالكية على أن من كانت نقطة البول تصيب ثيابه ولو مرة في اليوم فلا يجب عليه تغيير ثوبه، وهذا الحكم لغير الموسوسين عندهم، فما بالك بالموسوس؟
إذن المشكلة الكبرى عندك كونك موسوسًا، وليست في الموقع والفتاوى، وإن كانت تلك الفتاوى لا تخلو من بعض الأمور التي يجب الانتباه إليها عند الإجابة، ولا تتسبب بأية مشكلة عند غير الموسوسين.
وأهلًا وسهلا بك دائمًا
ويضيف د. وائل أبو هندي، الأخ الفاضل "د.أحمد" أهلا وسهلا بك على الموقع، وشكرا على مشاركتك الثرية والتي تحمل في طياتها ما يدور كثيرا بيني وبين فقيهة مجانين د. رفيف الصباغ، وهي بشرى خير لأنجز معها إن شاء الله لنا ولو معالم طريق على الفقه الحديث للموسوسين، وأما بخصوص التواصل مع طبيب المسالك فقد حصل بالفعل واتفقت مع زميلي أ.د إيهاب إبراهيم أستاذ المسالك البولية بكلية الطب، وهناك ما يسمى بالتنقيط بعد التبول Post Micturition Dribble ونعد لبحث مشترك سيكون الأول من نوعه إن شاء الله، وأكرر اعتذار الموقع لك على التأخير، لكنني أحسب ما أهدتنا إياه رفيف يستحق الانتظار، وتابعنا بمشاركاتك.