وبعد الوسواس سعر العسل م
السلام عليكم
أنا شخص أعاني من وسواس في النجاسة والطهارة ومعاناتي تتثمل في الآتي:
1) عند الدخول للحمام للاستنجاء والوضوء فإني أحرص حرصا شديدا عند التبول أن لا يرتد إلى جسدي أي نقطة بول ومع ذلك أشعر كأن هناك ارتداد للبول إلى جسمي.
2)عند الاستنجاء فإني أقوم بغسل نصف جسدي الأسفل خوفا من البول الذي شعرت بارتداده أثناء التبول وهذا يشكل بالنسبة لي حرجا شديدا حيث يجعلني أستخدم الكثير من المياه.
3) بعد قضاء الحاجة فإني أيضا أستخدم الكثير من المياه لتنظيف الغائط ينتهي بي الأمر أحيانا إلى الاغتسال الكلي لأني أثناء غسل الغائط أشعر بارتداد الماء إلى ظهري وإلى ملابسي هذا الأمر أيضا يجعلني أحيانا أدخل إلى الحمام عريانا تماما خوفا على ملابسي من أن يصيبها النجاسة.
4) بشكل شبه دائم أشعر بخروج بول. فأكثر الأوقات ألاحظ عدم الخروج والبعض الآخر ألاحظ وجود بلل في فتحة الذكر ولا أعلم إن كان بولا أو أثر ماء من الاستنجاء هذا الأمر يجعلني أعيد الاستنجاء والوضوء وأغير ملابسي وأعيد الصلاة مما يدخلني في مشقة شديدة.
5) هذه الأمور جعلتني أسرف كثيرا في الماء سواء في الوضوء أو في غسل الملابس والسجاد في كل مرة تطرأ علي هذه الحالة وهي كثيرة تقدر تقول شبه يومية.
فأرجو منكم جزاكم الله خير إفادتي بما يخرجني من هذه الأزمة التي أصبحت تؤرقني كثيرا وهل في مثل حالتي يمكن لي العمل بسنية إزالة النجاسة وما معنى سنية إزالة النجاسة.
وجزاكم الله خير...
أخوكم جميل.
17/11/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا أخ "جميل"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
تتلخص معاناتك في أمرين: وسواس رذاذ البول المتطاير عليك أثناء التبول؛ ووسواس خروج البول، وكلا الأمرين دفعاك لكثرة التطهير وإعادة الوضوء، والإسراف في استخدام الماء.
ومن المعتاد عند موسوسي تطاير رذاذ البول، أن يعانوا من أهلاس حسية، فيشعرون بوصول شيء إلى جسدهم وثيابهم، بينما في الحقيقة لا يوجد شيء.
ونفس الشيء يقال بالنسبة لخروج البول، بدليل أنك في كثير من الأحيان تجد هذا الشعور غير صحيح وأنه ليس هناك بول
طبعًا الإجابة أن علاج جميع أنواع الوساوس يكون بالتجاهل، والتصرف كأنه لم يكن هناك شيء. أي لا تغير ثيابك ولا تطهر جسدك ولا غير ذلك من أثاث البيت رغم شعورك بوجود النجاسة.
والسؤال الطبيعي من الموسوس: وكيف سيقبل الله صلاتي حينئذ؟ وهل يجوز أن أنجس نفسي وما حولي؟
والجواب: أولًا: شعور الموسوس غير حقيقي، أي شعورك بوصول الرذاذ غير صحيح، وشعورك بخروج البول غير صحيح. وعندما يكون الإنسان غير قادر على الحكم على الأشياء بشكل صحيح فإنه لا يكلف بتطبيق الأحكام الشرعية الخاصة بالأصحاء، إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
ثانيًا: هناك مذاهب تعتبر هذا الرذاذ معفوًا عنه، ويمكنك الصلاة دون تطهيره، كما هو عند الحنفية. بل إن المالكية –كما نذكر دائمًا على هذا الموقع- لديهم قول صحيح قوي بسنية إزالة النجاسة للصلاة، يجوز للموسوس وغير الموسوس العمل به، ومعنى سنية إزالة النجاسة: أن الصلاة صحيحة مع وجود النجاسة، فلن تحصل كارثة إذا لم تقم بالتطهير، ولن تكون عاصيًا لله تعالى.
ثالثًا: عندما يشعر الإنسان بخروج البول منه، ويكون شعوره مرة صحيحًا ومرة خاطئًا، سيقول حتمًا: يا ترى هل خرج شيء هذه المرة أم لا؟ وهل انتقض وضوئي أم لا؟ وهل تنجست ثيابي أم لا؟ وقوله هذا يسمى "شكًا" هل حصل الشيء أم لا؟ وهنا تأتي القاعدة الفقهية (اليقين لا يزول بالشك) أي يقينك (100%) أنك قد توضأت، وأن ثيابك طاهرة، لا يزول بشكك: (هل خرج شيء؟ هل انتقض وضوئي؟ هل تنجست ثيابي؟) بل يبقى حكمك في الشرع أنك متوضئ، طاهر، ليس عليك وضوء ولا تطهير.
وهل يلزمك الشرع بالتأكد من صحة شعورك من خلال التفتيش حتى ينتقل من مرحلة الشك (50%) إلى مرحلة اليقين (100%)؟ لا، لا يلزمك الشرع بهذا! يعني إذا شعرت بخروج البول تقول: (أنا ما زلت متوضئًا) ولا تذهب للتفتيش، وإذا شعرت بوصول الرذاذ إليك قل: (شعوري ليس صحيحًا وليس يقينيًا)، ولا تقم بالتفتيش في ثيابك وجسدك، ولا بالتطهير؛ لأن حكمك في الشرع أنك طاهر!
وأكثر من ذلك، لا يكتفي الشرع بعدم إلزامك بالتفتيش، وإنما يأمرك أن تقومك بأشياء تجعلك لا تعرف الحقيقة، وقد رُوِيَ في الحديث الصحيح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((بَالَ فَنَضَح فَرْجَه))، وفي رواية: ((بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَنَضَحَ فَرْجَه)). حيث استدل العلماء بهذا الحديث: أنه يستحب لمن انتهى من قضاء حاجته واستنجى أن ينضح (يرش) فرجه، وما يحاذيه من الثياب بالماء دفعاً للوسواس؛ فإذا رأى بللاً في ثيابه بعد الوضوء، أحال هذا البلل ونسبه إلى الماء الذي رشَّه. وعليه: إذا رأيت بللًا في فتحة البول قل: هي من ماء الاستنجاء، ولا تقم بأي فعل تجاه ذلك البلل من استنجاء وتطهير ووضوء.
بقي إسرافك في استخدام الماء لعدم شعورك باكتمال التطهير للأشياء، وهذا دواؤه أن تربط التطهير بعدد معين وتتوقف عن صب الماء حتى إن شعرت أن النجاسة ما زالت موجودة. وهذا الربط لما ذكرته لك من أن فكر الموسوس مشوش يطلق أحكامًا غير صحيحة، فكان الدواء أن يتم ربط أفعاله بأشياء ثابتة. اغسل الأشياء مرة واحدة، وإذا غلبك القلق لا تزد على ثلاث مرات مهما كانت الأسباب...
بالطبع عندما ستحاول التجاهل على النحو الذي قلته لك، ستشعر بقلق بالغ يكاد يمزقك، ويضغط عليك للعمل حسب وسوستك، لكنك إن صبرت على التجاهل، سيخف هذا القلق تدريجيًا، ثم يزول ويزول معه الوسواس، أو تأثيره عليك على الأقل، فلا تخف عندما يشتد القلق، وتابع ما نصحتك به حتى تجد نتائج طيبة.
أنت تحتاج إلى طبيب نفساني ولا شك، والأفضل أن يكون ممن يحسن العلاج المعرفي السلوكي. وصحيح أن الدفع للعلاج النفسي مؤلم، لكن استمرار الوسواس مؤلم أكثر بكثير.. فتوكل على الله وابحث عن طبيب في أسرع وقت
عافاك الله