تحاشي النجاسة: وسواس نجاسة الخنزير
الوسواس القهري
السلام عليكم، أنا أعاني من الوسواس منذ أكثر من 23 سنة، بدأ وأنا في عمر 16 سنة بتكرار الوضوء والصلاة حتى أتت فترات توقفت عن الصلاة نهائيا نظرا للعذاب الذي كنت أتكبده عقب كل أذان وانتقلت الأفكار الوسواسية من منجس لآخر حتى استقرت وتفاقمت في موضوع مشتقات الخنزير من جيلاتين ودهون مضافة إلى كل شيء تقريبا من مأكولات ومستحضرات تجميل حتى مساحيق الغسيل، وأصبحت أفتش وأقرأ مكونات كل شيء بلا هوادة حتى إني لا آكل إذا الطبخ في آنية أو قلاية أو مشواة مستعملة قادمة من أوروبا خشية أن يكون عليها آثار طهي الخنزير
مع العلم أن استعمال هاته الأواني جاري به العمل في بلدي فهي متوفرة وجيدة ورخيصة مما يجعل الناس يقبلون على شرائها بما في ذلك أقاربي وأهل زوجي مما يجعلني أجد حرجا شديدا، في 2010 إحدى صديقاتي في العمل قالت أمامي إن البقال أخبرها أن إحدى المنتجات المستوردة تحتوي على دهن خنزير وقد قرأها في الكرتونة علما أنها مستوردة من إسبانيا وهي عبارة عن رقائق من البطاطس والنشا تنتفخ عند قليها في الزيت وبما أني لا أستهلك المصنعات لم أعر ذلك اهتماما.
بعد ذلك بمدة قصيرة ذهبت لزيارة أهلي وإذ بي أجد أمي قد أعدتها لصديقاتها وكن يأكلن ويلمسن كل شيء من هاتف أرضي ومذكرات الهاتف والمقابض ناهيك عن مفاتيح النور والأواني بالنسبة لي كموسوسة كل شيء قد تنجس لم أستطع أن أنهاهم لعدم وجود أي دليل لدي خصوصا أن هذا المنتج يباع بالكيلو يعني لا نتوفر على الكرتونة الأصلية لمراجعة المكونات،
منذ ذلك اليوم انقلبت حياتي لأني انتقلت للعيش قرب منزل الوالدة وتشاركنا كل شيء لظروف يصعب شرحها هنا من ذلك الوقت وأنا مقتنعة أن كل شيء تنجس، مع أني بحثت لذا البقالين بعد مرور ذلك بأعوام وجدت 3 أنواع من الأكياس مختلفة، مكوناتها حلال وقيل لي إن نوعا تم وقف استيراده كان يحتوي على دهون دون دليل مقنع فأنا لا أعلم هل ما استعملت أمي الحلال منها مع إني أستبعد ذلك.
هذا الوسواس باعد بيني وبين ربي وبيني وبين أهلي ونغص عليَّ حياتي، حادثة وقعت منذ 13 سنة تجعلني أتحرج كثيرا عند لمس أي شيء خصوصا أني أحس أن بواقي الدهون لا تزول مع الزمن وزد على هذه القصة حوادث كثيرة مع منتجات أخرى من صابون ومعاجين أسنان ومستحضرات تجميل حتى موس الحلاقة، بل إني إذا أكلت طعاما خارج بيتي حتى وإن كان من المخبوزات التي تحتوي على الزبدة أشتَمُّها ويهيئ لي أن فيها رائحة الدهن المحترق وأنها لابد أن تشتمل على دهون محرمة، إلى الآن أنا أعيش هذا العذاب النفسي وحدي فأنا لا أبوح به إلا في إطار ضيق جدا ولكني على حافة الانهيار النفسي حيث إن وساوسي تلاحقني حتى أثناء النوم والأحلام.
ضاعت مني الكثير من اللحظات الطيبة وأنا أحلل وأناقش، بل إني كنت نادرا ما أستطيع زيارة بيت جدتي نظرا لأفكار متعلقة بهذا الوسواس، ولكنها توفيت منذ 6 أشهر وتركت في قلبي حسرة كبيرة مع أني كنت معها بشكل لصيق أثناء مرض الموت وقمت برعايتها ليل نهار، ولكن بسبب الوسواس حرمت منها سنوات وكانت زيارتي قليلة مع أني لم أقصر ماديا تجاهها والآن أسألكم العون من بعد الله قبل أن أتحسر على أشياء أخرى.
ملاحظة: أنا طبيبة وقد تناولت الفليوكسيتين وسيرترالين لمدة عام دون جدوى وحتى الأدوية لا أتناولها إلا نادرا حيث إنها نادرا ما تكون خالية من مشتقات الخنزير ولا أستطيع الآن أن أواظب على العلاج السلوكي لظروف عائلية
لكم مني التحية والسلام وأعتذر على الإطالة
للإشارة أنعم الله عليّ بزوج وبنتين الحمد وأنا ناجحة بتوفيق الله ورحمته مهنيا واجتماعيا وكأني شخصين اثنين.
28/11/2023
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "صوفيا" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
في كل المأكولات والمستحضرات الموصوفة الجميع معفوٌ عنهم من حولك، لكن أنت اخترت أن تعرفي (هل هنا دهن خنزير أم لا؟) فكانت النتيجة مشقة في الحياة لا يصبر عليها إلا موسوس مفرط التعمق، ليس مطلوبا منك أن تفعلي ذلك يعني عليك أخذ الأمور بظاهرها كما يفعل الناس من حولك كلهمو! فما لا تعرفينه داخل في عفو الله وقد نهينا عن التعمق، وتحضرني رواية من الأثر عن سيدنا عمر بن الخطاب عندما تولى الخلافة فجاءه من يخبره -عائدا من اليمن- بأن القصب (نوع من الثياب يسمى العباءة) الذي انتشر في المدينة ويلبسه المسلمون في المساجد إنما ينقع أثناء صباغته في البول ... فهم رضي الله عنه بأن ينهى المسلمين عن لبسها ثم تراجع وقال: "نهينا عن التعمق!" أي أن علينا الاكتفاء بالظاهر والظاهر أنها طاهرة.. وهكذا الأواني يا دكتورة "صوفيا".
ويتجلى في حالتك التفكير السحري مع التعمق المفرط، فأنت تفكرين وتتصرفين تبعا لقاعدة خرافية تقول لقاعدة الانتشار اللامحدود Law of Infinite Contagion وطبقا لهذه القاعدة الفكرية السحرية تتوالد في رأسك أفكار تتعلق بأثر النجاسة (وكلها مع الأسف أفكار مرضية) مثلا: "مجرد حدوث الاتصال بين شيء وشيء فالاتصال يبقى دائمًا أبدا" "إذا اتصل شيئان ولو مرة واحدة، فاتصالهما يستمر في التأثير حتى بعد انقطاعه" لأن النجاسة انتقلت من الشيء النجس إلى الشيء الآخر.... وكأنها تبقى متصلة وتنتشر النجاسة من الشيء الجديد إلى ما يليه!!
شرعا ستُسألين أين هو دهن الخنزير؟ أين هي علامة نجاسة الأواني؟ ولأنه لا توجد علامة نجاسة (اللهم أن هناك احتمالا ولو قويا أن تكون استخدمت في طهي ما به دهن خنزير وهو شك لا يغير أصل الآنية التي أمامك أي طهارتها والأصل في الأشياء الطهارة) ... لا تنجيس بالشك ولا يحكم به إلا بيقين علامة النجاسة (الرؤية أو الشم).
لدي ما يوحي إلى كونك تتسمين ببعض سمات الشخصية القسرية (الوسواسية القهرية) وهي من الشخصيات التي يكثر فيها فرط التعمق في المأكل والمشرب والحلال والحرام في المواريث وما يشبه من مواضيع ويتخذ مسارا مزمنا ولا يحارب المريض هذا النوع من الأفكار الوسواسية لأنه يظنها صحيحة (أي أنها وساوس مقبولة ذاتيا Egosyntonic) وباستمرار يتبع الأفكار بقهور التحاشي أو الاستفتاء المتكرر وهكذا.... وعادة ما يكون هؤلاء الأشخاص عرضة لاضطراب الاكتئاب الجسيم.
أرى أنك بحاجة إلى عدد من جلسات العلاج السلوكي المعرفي إما وجها لوجه أو مع متخصص في علاج الوساوس التعمقية، وربما إن وجد اكتئاب أو وساوس مرفوضة ذاتيا Egodyntonic أخذت له عقاقير تساعدك على التحسن، هذا إن أردت تغييرا حقيقيا وملومسا في حياتك.
اقرئي أيضًا:
الوسواس القهري والتعمق Scrupulosity (1-3)
وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق(1-3)
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>: تحاشي النجاسة: وسواس نجاسة الخنزير م1