السلام عليكم
مشكلتي تنحصر في أم زوجي التي تهدد سعادتي، وسعادة أسرتي الصغيرة .. فأنا وزوجي نعيش في سعادة تامة والحمد لله منذ 12سنة، ولكن المصدر الوحيد لمشاكلنا خلال هذه السنين هي أمه المعروفة بين الجميع بتسلطها وغرورها بنفسها وحقدها على كل إنسان سعيد وله صلة بها؛ فتحاول إلحاق الأذى به سواء بالقول أم الفعل، فلم يسلم منها أبناؤها وبناتها وصديقاتها .. زوجي والحمد لله ابن بار بوالديه، وذلك بشهادة الجميع، ولكنه لا يستطيع إرضاء أمه في كل شيء؛ لأن ذلك فيه ظلم لي وهو لا يرضى بالظلم لأحد.
محتارة ومظلومة ومقهورة من ادعاءات أمه الباطلة علي، ويشهد ربي على ذلك، فأنا حاولت بكل الطرق إرضاءها وفشلت، حالياً هي تقاطعني وتمنعني من زيارتها، وكذلك زوجي لا تريده أن يكلمها أو يزورها أو يدخل البيت؛ لزيارة أبيه وإخوانه الذين لا يستطيعون مواجهتها في أي شيء حتى لا تنقلب عليهم.
أرشدونا في كيفية التعامل معها، فنحن حاولنا بكل الطرق التي نعرفها..!!
وشكرا مقدما
26/11/2023
رد المستشار
أختي العزيزة، العلاقة بين الأم والأبناء لا تقوم على منطق الفعل ورد الفعل، بل لا تقوم على أي منطق مادي، أو حسابات مصلحية، قولي لي بالله يا أختي: بأي منطق تعطي الأم من حياتها ومن صحتها ومن وقتها لأطفالها دون أي مقابل ودون أن تنتظر الشكر من أحد؟ تفعل هذا وهي تشعر بأنها فقط تؤدي واجبها كأم، إن الأمومة تعني في جانب منها الجميل، فكما سُهرت عليها الأم تسهر هي على أبنائها، حتى لو لم تكن أمها عند المنشود والمنتظر منها فإنها تبذل نفسها لأبنائها، ثم ماذا؟.
ثم تأتي امرأة تحصد باسم الحب أو النظام الأسري أو غير ذلك ما زرعته تلك الأم سهرًا ورعاية وتربية، وتحصده الزوجة في لحظة، فبأي منطق يحدث هذا وأية قوة تلك؟ ليس هناك من منطق سوى أن هذه سنة الحياة، وأن الناس في هذه الجزئية إنما يتبادلون الأدوار فيوم لك ويوم عليك، هل تشعرين أنني أبالغ؟ حسنا ستمرين بهذه المشاعر بدرجة أو بأخرى، حين تأتي امرأة غدًا لتأخذ ولدك، هذا الذي يأخذ أغلى ما فيك، وأحلى ما في وقتك وعمرك، وإن غدًا لناظره قريب، وأرجو يومها أن تترحمي على والدة زوجك، إن كانت في الأموات وتزيدي منها قربًا ولها مودة إن كانت لا تزال في الأحياء.
يا أختي، الحياة قصيرة جدًّا، ولا تستحق أن نكدر أنفسنا فيها، أو نكدر غيرنا، واتساقًا مع منطق الأمومة؛ أنتظر منك تفهمًا أعمق لمشاعر والدة زوجك، ولو وصلت إلى التسلط والغرور فإن لها من سابق البذل، وعذر الشيخوخة ما يشفع لها.
وفي الأثر: "افعل المعروف في أهله وفي غير أهله" إن كان في أهله فهم أهله، وإن كان في غير أهله فأنت أهله.
تعاملي معها يا أختي خارج المنطق ودون اعتبارات ومعايير مادية حتى يرزقك الله زوجة أو زوجات لأبنائك يعاملنك خارج المنطق، ترفقي بها في كبرها، واعطفي عليها وقد حصدت بعض زرع عمرها، ولتجد في سعة صدرك فسحة تستوعبها، كما هي فإنني أرجو أن يكافئك الله على هذا في الدنيا والآخرة "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"
وأتركك مع الأخت سمر عبده -وهي زوجة وأم- تتحدث معك بشيء من التفصيل.
ذكرت في رسالتك سعادتك مع زوجك؛ فدلني هذا على حسن تربيته وخلقه؛ لذا فأنت يا سيدتي مدينة لأم زوجك دينًا عظيمًا، الوفاء به صعب؛ فزوجك الذي تحبينه وتحرسينه وتسعدين به وبعشرته، ربته أمه فحملته وولدته وأرضعته وأطعمته وأذاقته الحنان والحب متى امتلأ قلبه وهذبت أخلاقه وأنفقت عليه صحتها وعمرها وأرهقت نفسها خوفا ورجاء على مستقبله حتى جعلته رجلًا وزوجًا كريمًا، فهو نتاج التعب والكفاح وهو لك أنت ولسعادتك، فأم زوجك أفنت عمرها لإسعادك أنت؛ لذا فهي تستحق منك المعاملة بالرفق والحب والشعور بالفضل والصبر على ما يصدر منها مهما كان سلوكها.
فالأمر يتطلب منك التريث والتفكير في حالها، ولماذا تتصرف هذه التصرفات؟ فربما لأنها بعد كل ما أعطته لأبنائها انشغلوا عنها بالعمل والزوجة والأولاد وقصروا في حقها، أو ربما لأنها كانت تعاني من بعض المشاكل النفسية؛ لتأثير التغيرات الجسمية نفسيًّا في هذه السن، وربما تكون فعلا أمًّا مسيطرة ومتسلطة، على جميع الأحوال يجب عليك معاملتها برفق وكسب ودها، وإليك بعض النصائح لتصلي لودها:
1- أن تنزليها منزلة أبويك في المعاملة والصلة وأن تناديها "أمي" ولو في حال النزاع والغضب؛ فلهذه الكلمة أثر عجيب في تحريك قلوب الأمهات.
2- أشعريها بأهميتها خاصة بأمور لا تجدها إلا منك مثل دوام السؤال تليفونيًّا، وتحري الزيارة، وتقديم بعض الهدايا من طعام وملبس خاصة ما تفضله وتحبه هي؛ فهذا يسعدها ويسعد زوجك كذلك.
3- تحدثي أمامها ومن ورائها في غيابها بأدب واحترام وأكثري من مدحها والثناء عليها وعلى حسن تربيتها لزوجك.
4- أظهري إعجابك بحديثها وبمنزلها وطعامها.
5- اطلبي مشورتها في أمورك المهمة، وأظهري احترام رأيها، وحاولي تنفيذه بقدر ما ينفعك ولا يضرك ولا تدخليها في خلافاتك مع زوجك.
6- تجنبي مفاتحتها في أمور الخلاف بينكم وإذا لم ترتاحي لرأيها؛ فاكتفي بالابتسامة، وغيري مجرى الكلام.
7- تغافلي عن زلاتها وأخطائها إذا كانت في بيتك، ولا تستثقلي وجودها وأصري على مكوثها واستضافتها.
8- أعيني زوجك على برها وتذكري قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم" وقوله "كما تدين تدان" فإن أعنت زوجك على بر والدته سيرزقك الله زوجة ابن تعين ابنك على برك ورعايتك.
أما بالنسبة لزوجك فعليه:
1- بر والديه حتى وإن كان في طبعهما قسوة وجفاء، فلقد أمرنا الله -سبحانه وتعالى- ببر الآباء حتى في حالة الكفر "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا".
2- إن من بر والدتك كذلك إن ظلمت أن ترد ظلمها وتنصحها، ولكن لا تقدم النصيحة إلا بحب ورفق ويفضل أن تكون بطريقة غير مباشرة "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا".
3- واضح من الرسالة أن الزوج لم يحسن معاملة والدته ونصحها بالشكل اللائق مما أدى إلى تصرفها الشديد معه. فعليكما السعي الجاد لعمل صلح معها والقيام بزيارتها والرفق بها والدعاء لها.
واقرئي أيضًا:
أنا وحماتي: للتواصل فنون!
أنا وحماتي: حكاية كل يوم
أنا وحماتي!: الحقيني يا ماما نعمت!
كيف أتعامل مع حماتي؟