الجنس للبعض أم الزواج للجميع ؟.. خبرة ملتزم
المشاركة الأولى : مريم - الإمارات
لم أجد إلا الدموع تسيل من عيني وأنا أقرأ تلك الرسالة المعنونة بـ : الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟.. خبرة ملتزم .. لقد أحسست وكأن هذا الأخ قد اخترق روحي وتحدث بلساني.. ومما زاد نحيبي ونشيجي كلمته الأخيرة للآباء.. لقد وضع يده على الجرح.. وأثار الألم الذي يبكيني ليل نهار.. أبكي والله عندما يجن الليل وآوي وحيدةً إلى سريري في بيتٍ كل من فيه ينام مع زوجه.. فأنا البنت الكبرى لأبوي وجميع إخواني الذكور الأكبر مني متزوجون ويعيشون معنا في المنزل. وأنا وحدي، أشعر بالوحدة والغربة المريرة وسطهم.. لن يشعر بهذا العذاب الذي أعيشه سوى من جرب مرارة الحرمان.. والرغبة في البعد عن الحرام.. لو كنت رجلاً لتزوجت فوراً، ولكني فتاة.. عليها أن تنتظر نصيبها الذي قد يأتي والذي قد لا يأتي.
كثيرون منكم يتفلسفون وينصحوننا بتوجيه طاقاتنا إلى أمور أخرى، غير مبالين وغير شاعرين بعذابنا وتلظينا اليومي على جمر الرغبة.. وكأنهم يعيشون في برج عاجي.. لقد جربت كل شيء.. كل شيء.. ولم أنجح في كبح هذه الشهوة العارمة التي تتأجج فيَّ بأقل المؤثرات، وأبسط الكلمات، مجرد أن أرى أبي يضع رأسه في حضن أمي أو أسمع أخي يقول لزوجته يا حبيبتي، أهرب إلى غرفتي وأبكي ما شاء الله لي من الدموع. لقد تعبت، وأشعر بالإرهاق الكثير، والعادة السرية أحاول التخلص منها والحمد لله تمر عليَّ أيام طويلة دون أن أقع فيها.. ولكن ليس هذا بالسهل -والله يشهد- إنما بمجاهدة متعبة نفسيًّا، وما ذاك إلا لأني أخاف الله، وأريده أن يغنيني بحلاله عن الحرام.
عمري 22 سنة.. والذي يزيد ألمي أنه لا ينقصني شيء كي أكون زوجة وربة بيت، ولكني لا أعلم لماذا يعزف الشباب عن طرق باب بيتنا؟ لقد وصلت إلى حالة أرفض فيها من يكلمني عن أمور الزواج، وأصبحت لا أطيق أن أسمع أن فلانة تزوجت، وعلانة خُطبت والأخرى ولدت.. كل هذا أصبح مصدر اكتئاب لي يظل أيامًا وأيامًا يوجعني في الصميم حتى أنساه، أحاول أن أشغل نفسي بالدراسة، وبكل ما هو متعب حتى أنسى أمر الزواج وأتناسى هذه الشهوة العارمة في.. ولكن لم يجلب لي هذا سوى الاكتئاب الدائم.. والشرود واللامبالاة بكل ما هو حولي، ويعلم الله أني بسبب هذا ارتكبت بعض الحماقات من محادثات جنسية على الإنترنت والدخول إلى المواقع الإباحية.. ولكن الحمد لله فإنني أرجع إلى الله بسرعة قبل أن يستفحل الشر في نفسي، ولا أخفيكم أمراً أنني عندما أفعل هذا فإني أشعر في نفسي برغبة قوية في الانتقام من أهلي!!
لِم لا يكون للبنت حق طلب الزواج؟
هل من العدل أن تُترك الفتاة هكذا حتى يأتيها نصيبها؟
لِم لا يكون لها الحق في أن تقول لوالديها: أريد الزواج لأحصن نفسي وأصرفها عن الحرام؟
لماذا نُترك هكذا حتى تفسد أجسادنا ونتصارع مع شهواتنا ونتلظى باللهيب المسعور؟
والله إن أسلافنا كانوا أبصر منا رغم قلة ثقافتهم.. لقد كان البنت تتزوج فور بلوغها والشاب كذلك،
أما نحن فإننا نُترك حتى نحترق بجحيم الرغبة.
26/11/2023
المشاركة الثانية : هاني - الأردن
الأخ الدكتور أحمد عبد الله حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله، بين يدي مرافعة لا بد أن أقدمها غدا للمحكمة، ولكنك أثرت اشتياقي إليك للكتابة إليك مرة أخرى، فقلت لنفسي بضع دقائق أجالس فيها أخي وأعود للمحاكم والقانون بعد قليل..!
يا رجل اشتقنا إليك، فلا تأخذك الإدارة عن المشاركة، فقد سررت في الأيام الأخيرة من سماع صوتك عبر مشاركتك في حل الكثير من المواضيع والمشكلات المطروحة.. وللحقيقة فإن للمشاكل التي تطرح رأيك فيها نكهة مختلفة؛ فصفحة استشارات مجانين أخذت في الفترة الأخيرة شكلا من أشكال عيادة الطب النفسي، الذي أحترمه بشدة، ولكننا نحتاج في بعض الأوقات أن نخرج قليلا عن التوصيف الطبي للمشكلة، لننظر فيها من أبعادها الأخرى.
على كل حال، وبصفتي متزوجا فقد سمعت نداء أخينا العازب المتحرق، الذي عرضتم مشكلته بعنوان : الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟ .. خبرة ملتزم الذي يعيش في ضنك الحرمان، وللحق، وبعد أن استشعرت بعض ما كتب، شعرت ورغم كل أحداث العالم بأن جزءا أساسيا من مشكلتنا تكمن في الإطار الاجتماعي والجنسي.. فالمجتمع يطفو على نار الصمت، ولا أحد يود أن يعترف بالحقيقة.. والحق معك فكيف ستأتي بحل فردي لكل هذا العناء الذي يعيشه آلاف الشباب والفتيات؟؟
أشعر أننا محاصرون يا أخي، وأننا مثل ذاك الغراب الذي حاول أن يتزين بريش غيره من الطيور، فلا أصبح طيرا جميلا، ولا عاد غرابا كسابق عهده.. وهكذا فنحن نعيش في العالم العربي مأزقا حقيقيا، فلا نحن نستطيع أن نتقبل العلاقات الاجتماعية والجنسية المفتوحة بالشكل الغربي، فذاك زنى ولا شك.. ولا هيأنا الظروف المناسبة لأن يكون الزواج وتشكيل الأسرة وسيلة ميسرة لإشباع النفس واطمئنانها.. وبما أننا لا نحب طريق الزنا والحرام ولا نريده.. وبما أننا نود الحلال ونشتهيه، فلماذا لا نعود ونؤسس من خلال منظومة قيمنا وحضارتنا وفقهنا لعلاقات اجتماعية ناضجة، تشبع النفس ولا تودي بها إلى التهلكة؟؟
أصدقك القول، أشعر بأننا إذا استطعنا فإن في الأمر صدقة جارية.
تعال أخي أحدثك عن بعض ما أشعر به وأستغربه..!! فها أنا الآن متزوج منذ ما يقرب من أربع سنوات، وقد تزوجت في عمر مبكر نسبيا (27 عاما)، وأعيش حياة زوجية جميلة وهادئة، ولكنني وللآن أشعر بأنني ما زلت بحاجة إلى تدريب وخبرة ومعرفة مكثفة في تكوين الأسرة والتعامل مع الزوجة والأبناء.. ولكن للأسف فإننا ندخل إلى حقل الزواج بلا معرفة ولا تدريب، إلا ببعض ما نراه عن بعد، أو نقرؤه إن تيسر لنا، أو نسمعه وهو لا يخلو من العلل.. فإن كان هذا هو الحال، فكيف سأدعو إلى الزواج المبكر؟ هذا من الجانب الذي يعنى بالزواج من الناحية العاطفية والاجتماعية، فما بالك إن رافق الأمر الصعوبات المادية؟
الأمر يشبه الحلقة المفرغة.. وأخونا يتضور من حرقته، وهذا حقه.. فإن كان مما تعلمناه في سابق عهدنا قصة ذاك التابعي الجليل ابن المسيب الذي لم يرض لتلميذه أن يبيت أعزب ليلة بعد وفاة زوجته، فزف إليه ابنته في ذات الليلة، فكيف بنا أن نرضى بعذاب الشباب ليالي طوالا، ولا أحد يُعنى بهم.. بل ويطاردهم إلى أحلامهم أو حتى بعض أهون الشرين بفتاوى لم تدرك من الواقع شيئا.
الأمر جلل يا أخي، فها نحن نبيت مطمئنين في فرشنا، ولا نظن أن أمر تخلفنا بعيد عن هذه المشكلة.. ولا بد للفقه أن يساير الأمر وينبه إليه؛ فقليل من الانفتاح الاجتماعي ضمن علاقات اجتماعية مباحة قد نصل إلى شيء من النضج الذي ييسر أمر الزواج ويجعله مأمونا.. ودعني أبوح لك بشيء، فإنني أرى أننا جميعا تأثرنا بالمنظومة الغربية بشكل جعلنا نسهو عن حقيقة ما يدور في منظومتنا الحضارية.. فإن كان الحب في المنظومة الغربية سيقود إلى الزنا ضمن فقهنا.. فلا يجوز أن ألغي المفهوم بكامله من أجل سد الذرائع والوصول إلى تبرئة ذمة الفقيه.. فطوق الحمامة لم يكن من تأليف "أبي نواس" بل كان للفقيه "ابن حزم" الأندلسي...!
أنا أدرك أنك تؤيدني في هذا، ولكنني أبث لك شيئا من الحزن الذي يجتاحني عندما أقرأ في تاريخنا عن حجم المرونة في التعامل مع النفس، وحجم التشدد الذي يواجهه الشباب في أيامنا بدعوى سد الذرائع.. نحتاج حقا يا أخي لصدق في التعامل مع الواقع، فلا يكفي أن يجاهد الشاب نفسه سنين عديدة في مقاومة المسخرة؟؟ ولا نقول له متى سيأتي النصر.. لا بد للمعركة من نهاية.. ولا بد من نظرة إلى الأمام.. والآن لا بد لي من العودة إلى مرافعتي، ولكن للحديث بقية.
أخي الدكتور أحمد عبد الله، أحببت أن أقول لك فيما كتبت : إننا اشتقنا إليك، ونحب أن تعود للكتابة في الصفحة أكثر؛ ففي صوتك دفء نحتاجه جميعا، ولك محبتي.
22/11/2023
المشاركة الثالثة : لاما - العراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اسمحوا لي بالمشاركة في التعليق على استشارة : الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟ .. خبرة ملتزم ، أهنئك يا أخي على صمودك في وجه ما عصف بك من أحداث، فوقفت في وجهها ولم تجرفك معها.
قرأت معاناتك التي كتبتها، صحيح أنني لم أفهم بعض أجزائها، ولكن ما لا يمكن أن لا أفهمه هو معاناتك الواضحة والظلم الذي وقع عليك؛ فهذا أمر يقرؤه بوضوح من كان إنسانا، لقد ظلمك والداك أولا، ثم ظلمك المجتمع ثانيا، ولكن ما يدعو للتفاؤل فعلا أنك لم تستسلم للظلم وللضغوط فتظلم نفسك، فبارك الله فيك وفي همّتك، ولا تسمح أبدا للأقاويل أن تفت في عضدك فأنت أقوى من ذلك.
وكيف تنال منك وهي أقاويل أناس أسميهم -تجاوزا- بشرا؟ فهُم لا يحسّون بمن حولهم ولا بما يكابدون، فإذا بهم يلقون الكلام جزافا؛ لأنهم لا يفهمون الواقع أو ربما لا يريدون أن يفهموا.. فاثبت أخي على طريق الصبر، الذي ليس له جزاء عند الله تعالى إلا الجنة، وكيف؟؟ بغير حساب، ولا تحسب نفسك وحيدا على هذا الطريق، بل ما أكثر السائرين فيه، ولكن لا يعرفون بعضهم؛ ولهذا يحسب كل واحد منهم أنه وحيد في هذا الدرب .
ولكن يا أخي.. تأبى عدالة الله عز و جل أن تدعنا نعاني الظلم دون أن تزوّدنا بالسلاح الفتّاك الذي ندفع به الظلم عن أنفسنا، بل لقد زوّدنا الله تعالى بسلاح رائع، ولكن إذا عرفنا كيف نستخدمه، هل تدري ما هو؟؟ إنه الدعاء.. لا تحسب أنني أقول لك كلاما حفظته من الكتب، لا، بل هو كلامٌ: الشواهد على صدقه أكثر من أن تحصى، وسأذكر لك شاهدين فقط على ذلك... أولهما هو من كلام الصادق الأمين: "اتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب". أي دعوته لا ترد أبدا، فِلم لا تجرّب يا أخي أن تسأل الله تعالى أن يساعدك ويخفف عنك ما تجده؟ لماذا لا تسأل الله أن يذهب ما بك من شدّة الانفعال في هذا الموضوع؟ اسأله بكل بساطة ووضوح ولا تخجل في طلبك فهو ربك، ألك رب يجيب طلباتك غيره؟! اسأله ولن يتأخر عن الإجابة أبدًا.
واسمع الشاهد الثاني الذي هو عبارة عن تجربة شخصية، لتوقن أن الله تعالى يستطيع فعل أي شيء ولو بدا غريبا.
ماذا تعرف عن مرض الاكتئاب؟ أرجو أن تكون قد التقيت بهذا الوحش الصامت نظريا فقط وليس شخصيا.. سأحدثك عنه حديث مجرّب، وليس حديثا طبيا، وسأصفه لك من وجهة نظر من مرّ به وعاش معه. والاكتئاب يا أخي أشبه ما يكون بحالة من الشلل النفسي، وانطفاء الرغبة في فعل أي شيء مهما كان، شعور يسيطر على الإنسان نتيجة لما يعانيه من إحباطات متوالية وظلم لا ينتهي.
والأطباء لا يعتقدون بإمكانية الشفاء التام من هذا المرض بل يمكن أن يتحسّن المريض، ولكن بعد جلسات علاجية مطوّلة، وبعض العقاقير التي تذهل المريض عن واقعه، وبإبعاد المريض عن مصدر اكتئابه الذي غالبا ما يكون شخصا لا تحتمل الحياة معه.
ولكن وبفضل الله تعالى منّ الله تعالى عليّ بالشفاء خلال أسبوع واحد بعد أن مضى على معاناتي سنوات، ولكن كيف حدث ذلك؟
بالدعاء، وبالدعاء فقط.. لقد طلبت من الله تعالى أن يُذهب كل ما في نفسي من بقايا هذا المرض المريع.. وفعلا لم يتأخر سبحانه عن إجابة طلبي، وما كان ليتأخر أبدا، مع أنني لم أزر طبيبا نفسيا طوال هذه السنوات، ولم أتناول عقارا أبدا، بل إن مصادر اكتئابي لاصقة بي، ومما زاد الطين بللا كثيرا أنه وخلال هذه السنوات كلما لاحت لي فرصة الخروج من هذا المنزل عدت وهربت من جديد، فتصوّر مدى إحباطي ويأسي.
ولكني كنت أتذكر أن الله سيساعدني ما دمت أطلب منه ذلك، وفعلا فقد صبرت على كل ما مرّ بي بعون الله تعالى إياي، ولو أردت أن أسرد لك ما مر بي لما كفتني صفحات هذا الموقع، ومع ذلك فإنني لست الوحيدة، فإن هناك من هم أشد بلاء مني وكنت أستمد من صبرهم العزيمة والثبات.. وما كتبت لك الآن إلا لأنني أحس أن في رقبتي دينا للمظلومين أيا كانوا، فكما أعانتني رؤيتي لابتلاءات غيري فلا بد أن أعين غيري أنا أيضا، وشدة البلاء -كما تعرف- هي مقياس لرفعة العبد عند ربه فـ "أشدكم بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"، جعلنا الله من هؤلاء الأمثل، وتقبل منا صبرنا وله الحمد على ما منّ به علينا من المساعدة في تحمّل هذا الابتلاء، فالله تعالى وحده هو الجدير بالإعانة، وهذا ما نبّهنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم حين قال لابن عباس يعلّمه: "يا غلام، إني معلّمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".
والآن، مفتاح الخلاص في يديك، وكفاك ما عانيته طوال هذه السنوات، المعاناة الطويلة تدمّر الملكات النفسية وتجعل الإنسان أشبه ما يكون بالأشباح التي لا أثر لها في هذه الدنيا. فابق على ما تبقّى منك، وسارع بتناول الدواء الذي أخبرتك عنه، جرّبه فإنه إن لم ينفعك فلن يضرّك، ولكن إياك أن تتناوله بغير طريقته الصحيحة، فإن سؤالك الله إن كان بفمك فقط ولم يكن من قلبك، فلا فائدة، وإن دعوت وأنت تعتقد أن هذا الأمر في غير مقدور الله فهذه مصيبة، تضرّع إلى الله تعالى بقلبك وبكلِّك وأنت أكيد من الإجابة، وستحسّ ساعتها أن برد الإجابة يثلج صدرك، إن شاء الله.
وأرجو أن لا تنس إخوتك المظلومين في هذه الأرض من دعائك، فهذه حالة أخرى من الحالات التي لا يرد فيها الدعاء، وهو دعاء المؤمن لأخيه المؤمن بظهر الغيب.
ولا تنس ترداد آيات الصبر، مثل: "ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين"، و"فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".
وشكرا لكل القائمين على هذا الموقع الجميل الذي هو نافذتي لأشارك الآخرين همومهم ومعاناتهم.
25/10/2023
المشاركة الرابعة : نور - مصر
أخي الكريم صاحب مشكلة : الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟ .. خبرة ملتزم ، إنني تقريبا قد قرأت كل المشاكل التي توجد في هذه الصفحة، وتألمت لبعضها ولكن لا توجد معاناة أثرت فيّ مثل معاناتك، ورغم أنك فتحت أبوابا كثيرة للنقاش، فإنني على قدر خبرتي البسيطة في الحياة ورغبتي في عمل الخير سأناقش معك بعضها وأترك البعض ليساهم فيه الآخرون لمن هم أكثر خبرة في المشاركة؛ إحياء لهذه الصفحة العظيمة.
وقبل أية مناقشه أقول: إني دعوت لك في الليل، خالصة في دعائي صادقة فيه، أن يفرج الله عنك كربك ويجزيك خيرا عن صبرك وجهادك مع نفسك، ويمتعك في أسرع وقت بالزوجة الصالحة التي تعوض صبرك خيرا أنت ومن مثلك يتألم من رغباته لكن يقومها، ويقيك شر الفتنة، ويصبرك على نفسك حتى هذا اليوم، عسى أن يكون دعائي هذا أفضل من أية وسيلة مساعدة أهديها لك، وأجدى من نقاشي حتى فيما يلي، الله معك ومعنا.
- بداية: أنت الذي على صواب في غض بصرك حتى وإن قابل هذا استهجانٌ من البعض غير الأسوياء، ولا تلقي بالا بهم؛ فأنت الذي ستكسب في الآخرة عندما تفوز بحورية من الجنة بكرا على الدوام؛ لأنك نفذت أمر الله الصريح بغض البصر، ولك أن تفخر بنفسك، ويا ليتنى أنا وكل من حولي مثلك، وأنت الذى سترتاح نوعا ما عندما تبعد عن المثيرات أمامك.
- ثانيا: ما هذا الذي يحدث؟ هل وصلت نسبة التهريج في هذه الأمور الحساسة إلى الحد الذي يهدي فيه شابٌ طفلاً لا يعرفه نصائح جنسية تقذفه في حمم مثل هذه؟ ما الذي استفاده هذا الشاب الذي نصحك بهذا –لا سامحه الله- هذا الشاب الذى جعلك تبلغ إراديا؟ وماذا أقول لوالديك؟ هل يعقل أن يمارسوا الجنس وطفلهم معهم في نفس الحجرة؟ وألا تعتبر الأم أن هذه إشاره خطيرة عندما يقول لها طفلها عايز أعمل مثل بابا؟ ألم ينتبهوا إلى هذا الخطأ؟ وألم يكفهم نهر إخوتك لك عندما تتجسس عليهم؟ هل يعقل أن يمارسوا ذلك وأبناؤهم مستيقظين ومنهم طفل يضع أذنه على الباب؟
لعل حالتك هذه تكون جرس تنبيه لكل الآباء والأمهات أن لا يتناسوا مثل هذه الأمور، وليسامحهم الله، ليس لشيء إلا أنهم أنجبوا رجلا صالحا مثلك يعذب نفسه لكي لا يقع في الخطيئة، حفظك الله منها وحفظنا معك منها.
- ثالثا: بالنسبة لاقتراحك وندائك بأن يزوجوا أولادهم أو يخطبوا لهم على الأقل عند البلوغ.. بالنسبة للخطبة؛ فالوضع لم يتغير كثيرا، نفس الرغبات موجودة، ولا يحل لهم أن يتنفسوا عنها، وإلا أصبحت كارثة أكبر.. وبالنسبة للزواج؛ إنه ليس جنسا فقط تبغي راحتهم من ألم حرمانه، فقل لى بالله عليك هل تعرف بنتا عندها ستة عشر عاما أو أقل أنها بالغة وتقدر على أن تمارس ما تتمناه؟ هل تقدر إذا مرض طفلها بالليل أن تصنع له إسعافات أولية؟ وهذا مَثل وهناك مثل غيره، هل نزوجهم ثم نعاني بدل الحرمان إهمالا؛ نظرا لعدم النضج الكافى لصغر السن؟
أنا معك في أن نسبة الممارسات الجنسية في هذه السن كبيرة، ولكن هل نستبدلها بنسبة أطفال يقعون مرضى نتيجة لعدم الرعاية من آباء وأمهات مثل الأطفال غير قادرين على رعاية أسرة لصغر سنهم؟ بالله عليك هل تعرف شابا عمره ثمانية عشر عاما المفروض أنه ما زال يدرس في المرحلة الثانوية، ويتمنى أن يتزوج حتى لا يعاني مثل ما عانيت.. هل يدرك هذا الشاب كيف يقود زوجة من المفروض أنها مراهقة ومتمردة على أي وضع.. ويربي طفلا يذهب به ليلا للأطباء؟ أم تريده أن يترك التعليم لكي يعمل ويراعي أسرته، ونقع فى كارثه أكبر.. وإذا حدث لهؤلاء ولم يحسوا بمعنى ألم الحرمان من نعمة الزوج مثلك؛ لأنهم تزوجوا فور بلوغهم؟ هل سيحافظون على هذه النعمة؟
إني أثق أنك ستحافظ بإذن الله على زوجتك؛ لأنك ستحس بتلك النعمة التي جاءت بعد طول حرمان، ولكن عندما نزوج من بلغ -دون التقيد بسن- ونرى كل شاب ترك زوجته الصغيرة؛ لأن جسمها تغير بعد الحمل، وذهب إلى زوجة أخرى، والنتيجة: ضحايا أكثر من الأطفال.. أم أن المفروض أن نعلمهم معنى تحمل المسؤولية قبل العاشرة، ونزوجهم عند البلوغ، وبدلا من أن يكون هذا الجيل جيلا عانى من حرمان الجنس فترة من عمره، يصبح لدينا أجيال تعاني من الحرمان من طفولتهم طوال عمرهم.
لست أشجع التأخير في الزواج، ولكن ليس التبكير هكذا.. ولكنى أضم صوتي إلى صوتك بأن نطالب كل أب وأم -ليس ببلوغ أبنائهم يزوجونهم لكن بمجرد إنجابهم- يكوّنوا مستقبلهم ماديا، حيث يوما ما سيتخرجون من تعليمهم وينهون الجيش حتى لا يظلوا فى انتظار الزواج أعواما مثلك. ولكن يكون عندهم ولو الحد الأدنى الذي يبتدئون بهم صنع حياة مستقرة لهم.. وأناديهم أن يرحموننا من المغالاة في الطلبات التي جعلت البنات والأولاد غير قادرين على الزواج.
وأنادي معك من تزوج أن من يعرف بنتا أو ولدا يريد الزواج يسهل هذا الموضوع له، فمن يرى بجواره بنتا لم تتزوج ييسر لها أن ترى صديقا له شاب مثلك يريد الزواج في الحلال، ولا يغلبه الخجل؛ لأن من ييسر على البشر مثل هذه الأمور، فإن الله سيكسبه؛ لأنه تسبب في ستر بنت وحفظ رجل من خطيئة.
- ختاما: كوسيلة مادية للمساعدة قد تفلح أو لا تفلح، فإني أعرف فتاة، ومن الممكن أن أعرفك بها فى وجود أحد من أهلك، وهي من الممكن أن توافق على ظروفك هذه، كما أني أعرف رجلا فاضلا، متزوج، وفقير هو وزوجته، ومع ذلك يكافحان، وأكيد زوجته في محيطها من مثلها ترضى بالظروف البسيطة، وهم على قدر كبير من التدين ويهمهم المتدين مثلك.. فمن الممكن أن أرسل البريد الإلكتروني الخاص به إلى صاحب المعاناة، وهو من الشباب الذي يخدم المتدين مثله.. ومن الممكن أن يزوجك إحدى صديقات زوجته، وأن ترسل له رسالة تطلب منه أن يبحث لك عمن ترضى بالظروف الصعبة، ولا يهمها غير أن من معها سيكون متدينا مثلك، وتعرف عليه وعلى من سيرشحها لك إن كنت من قاطني مصر.
وحاول أن تبذل قصارى جهدك لتحسين ظروفك لتسارع بزواجك، وإن لم تنفع وسيلتي، فأنا قد حاولت المساعدة ولم يساعدني الحظ.. أرجو أن يساعدني، ويتقبل الله دعائي لك، وتكون وسيلة مساعدة بطريقة أخرى، وهي الدعاء.
30/9/2023
مشاركة صاحب المشكلة الأصلية – متابعة : مسلم - مصر
شكرٌ ورد على مشكلة: الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟ .. خبرة ملتزم
أشكركم على اهتمامكم برسالتي، ورغم عدم استعمالى الإنترنت كثيرا فإن موقعكم سيجعلني من مستخدميها الدائمين، ومساهمة مني في توضيح اقتراحي أقول: قرار وزارة التعليم بمنع فصل الجنسين بالمدارس كلها المنشأة حديثا ما معناه؟ معناه أن البنات والأولاد –كما تراه الآن في الشوارع في كل المحافظات- سيكون عندهم بوي فريند وجيرل فريند، طبعا ليس بالمعنى الجنسي دائما، لكنه بالتأكيد سيتطور إليه، خاصة مع الحرب ضد الإرهاب وتوابعها الثقافية والاجتماعية.
هل عندنا حل؟
هل تستطيع السيطرة على بنتك أو ابنك في هذه السن والرغبة، حتى لو كان حافظا للقرآن؟
هل تستطيع منعه من معرفة وحب الفتاة المحجبة الملتزمة الجميلة الجالسة بجواره وهو –دينيا- يريد الظفر بذات الدين؟ وأن (يحجز) قلبها بنية حسنة؟
هذه خيالات وأحلام المراهق والمراهقة الملتزمة فماذا عن الآخرين؟
وماذا أعددنا للإنترنت المجاني وتسهيل شراء الأجهزة؟
وتعليقا على كلام د/أحمد عبد الله : "ولعلك ترى حولك مراهقين ومراهقات تَخَطّوا الثلاثين، و"المراهقة" ليست مرحلة عمرية كما تعلم، ولكنها حالة نفسية قد تستمر حتى خروج الروح من الجسد، ولا يتخطاها الإنسان إلا بجهد يعاونه فيه من حوله بإحسان وتفهم".
وكلامه: "والشباب المراهق لديه قدرة جنسية على المعاشرة، ولكن ليست لديه طاقة نفسية تتيح له قيادة بيت إن كان رجلا أو إدارته إن كانت امرأة".
وأعقب فأقول:
هل ندعو إذن إلى إجراء كشف شخصية للمتقدمين للزواج؟
وما قولك فيمن يظهر في المواقف العامة ناضجا جدا وفي منزله أفشل الفاشلين؟ (في الثلاثين كما ذكرت) والنماذج كثيرة.
فما دامت المراهقة لا ترتبط بسن، فلندع السن جانبا تماما.
وأما عن "اقتراحاتي للإنضاج المبكر" فأقول: علينا أيضا بالزواج المبكر.
أعزائي.. ليس أقوى دافعٍ للإنسان من التغيير والنضج غير التجربة الحية النفسية (والاجتماعية خصوصا)، وليس أقوى من الزواج تجربة شاملة.
وأنا شخصيا أرى أطفالا لم يبلغوا العاشرة يتكلمون معك كأنهم رجال أكبر منك سنا.. وهؤلاء غالبا من العاملين (بدري) نزلوا السوق وباعوا واشتروا وفهموا الحياة ومعنى الرجولة والذوق والشرف والإصرار والفوز والتحدي والاعتماد على النفس والكسب... تعرضوا للتجربة فنضجوا (وقد يكون بمعاونة الآخرين كما تفضلتم).
وأما عن طلبك يا دكتور بتفصيل أكبر، وآفاق أوسع، وبلورة أدق لفكرة مشروع "الزواج للجميع"، وقولك: "فالأمر يحتاج إلى روح عامة تسري في المجتمع تغريه بالمصارحة والمراجعة، ومواجهة حقائق الحياة بدلا من الكذب على النفس الذي أصبحنا نجيده"، فأقول: من الناحية الشرعية والقانونية لا يوجد حرج ما دام هناك رضا الولد والبنت والأسرتين مع وجود الشهود.
وتذكروا أنه سيحدث سيحدث بالحلال أو بغيره.. فالأولاد لم يعد عندهم صبر، وموضوع التسجيل في ورق يمكن تأجيله، أو عمله بشكل أُسري بدون توثيقه رسميا، كضرورة شرعية! وممكن تدبير حجرة في مسكن كل منهما يتبادلان المذاكرة والدراسة (والعفة) فيهما.. وممكن أن يكون موضوعا (مبدئيا تشجيعيا على العفة وربط الولد والبنت نفسيا وتحسيسهما بأن مسؤولية جسدهما الجنسية ليست ملكا لهما فقط، بل هناك آخر في حياتهما)، وخلال عام أو أكثر يتم فيه تثقيفهما ببرنامج يضعه المتخصصون.
وبخصوص المجتمع:
أرى أن نبدأ بمطوية ورقية جذابة عن جمال الزواج المبكر وثمراته، مسبوقا بعرض سريع: لآثار عدم زواج المراهقين، سواء من العادة السرية عند الجنسين، أو الشذوذ الذي يبدأ في هذه السن أيضا، أو أعداد الهاربات الباحثات عن الحب (كما ذكرتم أنتم في أحد التحقيقات)، أو زنا القاصرات (في مقابل زواج القاصرات!) المخطئات، والزواج العرفي المنتشر، أو الإجهاض، أو بدعة استعادة البكارة.
وبالمناسبة فكثير من أفلام السينما والمجلات الواسعة الانتشار وبرامج التلفزيون بدأت هذا الدور (التثقيفي الصريح)، ولكن بطريقة غير سليمة ومفسدة أحيانا.. عرض لكيفية إدارة حمل وأمومة المراهقة، وتنظيم النسل والتغذية وغيره.. عرض لحكم الشرع وأن المشقة تجلب التيسير، وأن السهولة واليسر من الشريعة، وأن كل هذه النتائج والظواهر من الكبائر الخطيرة التي سيحل ارتباط المراهقين والمراهقات ببعضهم شرعيا معظمها.. وأنا واثق أننا سنجد في ديننا الحنيف الرحيم الكثير والكثير من المشجعات على ذلك.
أما قانونيا، فلنحاول تجنب الدعوة المباشرة ضد محتوى القانون.. فقط نبين كيفية إدارة المشروع نفسيا واجتماعيا وصحيا.. لمن طلب معرفتها، وأنا منهم.
ومن الممكن كذلك تنظيم لقاءات وندوات لاستطلاع أصحاب الحكمة والعلم.. وفوق كل ذي علم عليم.. وكما قلت يمكن أن يظل الموضوع -في أسوأ الحالات- مجرد ترتيب وعقد وارتباط نفسي واجتماعي وديني (بوي فريند وجيرل فريند شرعي.. لو جاز التعبير!!)، يمكن إكماله بالدخول عند الحاجة، بدلا من الوقوع فيما ذكرنا من عنت ومشاكل. وساعتها ستتباهى البنت -ولا تتخفى- بأن الولد فلان خطيبها وستنظر بدونية إلى تلك العابثة مع صديقها (غير الشرعي!).
وأخيرًا، وبخصوص موضوع الاختيار، أرى أن الولد والبنت تبدو عليهما معظم الصفات النفسية والجسمية الاجتماعية وربما الدينية منذ الطفولة.
والآباء -وأيضا الأطفال أنفسهم- يشعرون بمن يناسب من.. وكما ذكرتم أنتم فالتوافق والحب يأتي من طول العشرة والثقافة والعفة والتدين، وهذا كله في وصفة واحدة هي: زواج المراهقين.
أتمنى من القراء الآباء والأمهات أن يبدءوا هذه الخطوة مع مراهقيهم، وستنتشر بإذن الله؛
لنكسب آلافا وننقذ شبابا سيضيعون بلا ذنب.
26/10/2023
رد المستشار
الإخوة والأخوات، ما زلنا معكم بفضل الله نحطم الأصنام، وندحض الأساطير.. نعيش جميعًا في مناخ محبط كئيب، ومن أهم معالم إحباطه ذلك الدأب المتواصل الذي تربينا عليه في النظرة السلبية لأنفسنا ولمستقبلنا .
والحق أننا دائمًا ما نسقط بسبب المبالغة في تقدير الذات أو الغير المخالف لنا، وأحيانًا بسبب التقليل من تقدير الذات أو الغير.
خذوا مثالاً صارخًا : دأب الخطاب المعاصر على صك تعبيرات ومصطلحات وقوالب لفظية تصف الناس بالسلبية واللامباة والأنانية، والكسل العقلي، وضعف الهمة والإرادة، وتأثير هذا علينا كبير.
ألم تقرءوا مانشيتات الصحف، وأغلفة المجلات: "أين أنتم يا عرب"، "نم سعيدًا أيها العربي"، "كل كارثة وأنتم طيبون" ... إلخ.
يجلدوننا على جدار الجبن والتخاذل، ويضعون "الناس" في عبوة واحدة مع النخب المتواطئة، والقيادات الفاسدة لنصبح جميعًا في مربع التقصير... وهذا خداع لئيم خبيث.
هل يعني كلامي هذا رفع المسؤولية عن الناس بصدد ما نعيشه من تخلف؟!!
لا، أبدًا، ولكنني أقول بأن إبداعهم مرتبط بوعيهم، وبوجود فرصة حقيقية لهم للتفاعل مع القضية، وفهم أبعادهم وتشخيصها ثم الوصول إلى مقترحات بالحل، وحين تتوافر الفرصة نرى عجبًا.. ونحن هنا أمام حالة من هذا، والحمد لله.
منذ سنتين وأكثر، ونحن نناقش قضايا الشباب ومشكلته في قضاء وطره بالحلال، وحقه وواجبه في إقامة أسرة، ونزعم أننا تعرضنا للمسألة من جوانب متعددة تكاد تغطيها، وكان لدينا مجموعة من التصورات ومشاريع حملات تتناول جانبًا أو آخر من قضية هي متعددة الجوانب، متنوعة الخطوط، متشابكة الأطراف ثم جاء من وسط "الجمهور" –الموصوف عادة بالسلبية والكسل- اقتراح بحملة أرى أنها –مع بعض البلورة والتطوير– يمكن أن تكون حملتنا الأم، ومقترحنا الرئيسي، ومدخلنا الأساسي لحل غالب مشكلات الشباب، يمكن أن تكون "انتفاضة اجتماعية".
وأكرر ما قلته مرارًا:
خاطئ من يظن أنه ليس لدينا مشكلة جنسية، وأن الأمور على ما يرام، ومثله في الخطأ من يرى أن مشكلتنا جنسية فقط، وبحلها ستنحل تلقائيًا بقية جوانب الخلل في حياتنا الاجتماعية، ولذلك فمع سعادتي البالغة بردود الأفعال والمشاركات التي تلقاها الاقتراح المقدم من الأخ، والمزيد من التعميق والتوضيح الذي زودنا به هذه المرة، فإنني أؤكد أن هدف هذه الحملة لا ينبغي أن يحصر نفسه في تلبية نداء الغريزة بأسرع وقت، وفي أية ظروف بدعوى ضغط المثيرات، وكثرة المهيجات.. إلخ، مع إقراري بمكونات المناخ الذي يعيشه شباب اليوم، ونعيشه جميعًا.
- لكي تنجح حملتنا فلا بد أن تحسن تقديم نفسها، ومنه أنها ليست مجرد "ثورة جنسية" على مجتمع متخلف عن تعاليم دينه، ومعالم عصره، وليست مجرد محاولة للاستجابة لضغوط ومؤثرات اللحظة الراهنة، وليست مجرد رد فعل على أفعال خاطئة في الداخل أو الخارج.
قد تتضمن قدرًا من هذا أو ذاك، ولكن غايتها ينبغي أن تكون أوسع وأعمق من هذا، ولا أحسب أنها ستفيد إن لم تكن أوضح ما تكون، وأعمق ما تكون، وأشمل ما تكون.
- حملة كهذه تحتاج إلى أن تتزود -مثلاً– بقدر كاف من المعلومات والأرقام حول آثار الطريقة التي نعالج بها شأننا الاجتماعي، وخاصة فيما يتعلق بحدود ومعالم التفاعل بين الجنسين نحتاج إلى أن نعرف بلغة التقارير والإحصائيات أين وصلنا بالضبط، ولا يكفي أن نقول فقط بأننا في الحضيض.
صحيح أن المادة المنشورة على صفحة استشارات مجانين تبدو مساعدة في تحقيق هذا "التنوير" والتعريف، ولكنها ليست كافية.
- وحملة كهذه تحتاج إلى منابر تتبنى أطروحاتها، وتعرض منطقها، وتدافع عن أهدافها، فما تتضمنه سيزعج كثيرًا من الأطراف إما عن جهل أو تعصب أو تمسك بالقديم، أو لغرض مادي أو شخصي، أو غير ذلك، وقبل أن يبدأ الهجوم المضاد لا بد من تجهيز وسائل الدفاع.
وحملة كهذه تحتاج إلى سواعد تعمل، وعقول تخطط، وطاقات تتحرك –على الأقل في البلدان العربية- بما تحمله من قناعات، ولا يكفي هنا مجرد الحماس المؤقت، أو الرغبة الجامحة الكامنة، ولكن لا بد من اكتساب المهارات الأساسية في الاتصال والتأثير لتحقيق الانتشار، والوصول إلى نتائج ملموسة، ولا بد من برامج حقيقية لإنضاج سريع ومتوازن للجنسين.
ليس مستحيلاً أن تتغير الأوضاع الاجتماعية أو القانونية، وليس مستحيلاً أن يصبح مقبولاً ما كان بالأمس مستنكرًا مرفوضًا، وليس مستحيلاً أن نخرج من هذا النفق المظلم، والركن الضيق الذي انحبسنا به، والمتاهة التي نتخبط فيها.
ليس مستحيلاً أن يتم هذه كله، ولكنه ليس سهلاً، ويحتاج إلى الكثير من الجهد والوقت، والتوفيق من الله سبحانه.
- إذا كان لي أن اقترح نقطة بدء فلتكن جمع المعلومات الصحيحة لرسم صورة واضحة للحالة الاجتماعية في البلدان العربية.. أرقام عن الانحراف – أرقام عن الزواج والطلاق – أرقام عن تأخر سن الزواج – وأرقام عن معدلات المرض النفسي وسط الشباب...
نحتاج إلى إثبات ما نراه حولنا ونقتنع به من أن لدينا مشكلة اجتماعية يلعب الجنس فيها دورًا أساسيًا، لأن البعض لا يبدو مدركًا لهذا أو مقتنعًا به، والأرقام تصدم، والصدمة بداية هامة، وأول خطوة على طريق تحقيق الأحلام هي الاستيقاظ من النوم.
ولا بأس أيضًا أن تبدأ مجموعات من المتحمسين في التجمع حول هدف جمع هذه المادة من مصادرها، ومن ثم الاستعداد للحملة منذ الآن، وربما نستطيع إطلاقها في الخريف القادم مثلاً مع بداية العام الدراسي القادم، لو أننا أحسنا العمل والاستعداد منذ الآن، والكرة في ملعبكم.
إن هذه الحملة يمكن أن تؤسس في حالة نجاحها لنظرية أو طريقة جديدة قديمة نحتاجها بشدة في التغيير الاجتماعي، فهي من إبداع الناس في التفاعل مع مشاكلهم الحقيقية اليومية، وقدراتهم الواقعية، وهي ستقوم دليلاً ناصعًا ضد الوهم القائل بقصور الناس، وستكشف أن الخلل الحقيقي يكمن في النظام الاجتماعي المتخلف الذي يحكم حياتنا، وفي حال نجاحها بمشيئة الله فإنها ستقدم نموذجًا للآخرين يقول في هدوء وبساطة: إن التغيير ليس مستحيلاً إذا ما توافرت شروطه ومن أهمها: الجمهور المبدع.
- ربما سيذكر التاريخ أن صفحتنا هذه منذ انطلقت، وهي تتحرك مثل عصا المايسترو فوق رؤوس العازفين فتنطلق النغمات متناسقة.. متصاعدة أحيانًا، ومنخفضة أحيانًا لتكون لحنًا طال انتظاره، والشوق إليه .
هكذا نرى جمهورنا، وغيرنا يرى عصاه هراوة غليظة تهوي على أفراد "القطيع" تبغي تقويم مسيرته، وتهذيب شروده.
أنا أشكر جميع "العازفين" على مختلف الزوايا التي عالجوا منها الأمر.. وأتطلع إلى المزيد من التفعيل للفكرة كما أوضحت.
وفي انتظار ردودكم ومشاركاتكم.. والله معنا.
ويتبع>>>: الجنس للبعض: الانصراف وهم على وهم ... مشاركة