إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة ثرثرة صيفية م
المشاركة الأولى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذ الدكتور أحمد عبد الله، أعجبني جدا ردك على مشكلة الأخت الإماراتية إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة، وأحب أن أضيف شيئا وهو أننا بصفتنا مسلمين أمرنا أن نصل الرحم، وقد سمعت كلمة لأحد الشيوخ يقول فيها إن صلة الرحم ليست فقط لمن يصلك أيضا، ولكن صلة الرحم كذلك لمن لا يصلك ومن يجافيك هنا الأجر والثواب عند الله؛ حيث إنك تفعل ذلك لوجه الله سبحانه وتعالى وليس للبشر، فكما هي أخت ملتزمة فمن الممكن تهذيب النفس على ذلك، أي تتلقى السخرية بابتسامة وليس بالعصبية والتجاهل.
وأخيرا أريد أن أضيف أنه على حسب خبرتي الضئيلة أعتقد أننا بصفتنا مسلمين يجب أن ننتظر الثواب من الله وليس من البشر، بمعنى أن الأخت تبذل قصارى جهدها مع الأخوات اللائي يبدين أولا تعاونا ثانيا يبدين إعجابهن بها وبما تفعله، ولكن أسلوب الدعوة على سنة نبينا الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم هو المحاولة ثم المحاولة وعدم اليأس وعدم العصبية كما فعل في حادثة الطائف المشهورة.
وأرجو ألا أكون قد تخطيت حدودي، ولكن واجب النصيحة أن نصف الأشياء كما هي،
والله أعلم وهو المستعان.
6/6/2023
المشاركة الثانية بعد الترجمة:
عزيزي د. أحمد.. أبدأ بشكرك وجميع العاملين بالصفحة بل وبالموقع كله، وأود أن أشارك حول الإجابة المسماة: إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة، وبعد الإشادة بالإجابة أعتقد أن الفتاة كانت تتوقع تقديرًا أكبر لها، ولظروفها، ولعلها فوجئت بكلماتك، ولكنني أحسب أن كل كلمة قلتها أنت جاءت في موضعها الصحيح.
بالمناسبة.. أنا غير محجبة، ولكن هذا لا يخرجني من بين الناس المهتمين بالإسلام وشئونه؛ لأن الإسلام هو طريقة حياة متكاملة، وأدعو الله أن يساعدني لأستكمل ما ينقصني من تطبيقاته، وطاعة أوامره، ولعل من أهم ما ذكرته أنت في إجابتك ما يتعلق بتنشئة الأطفال، وأرجو أن أستطيع القيام بهذا الدور الصعب مع طفلتي، وذلك في أكبر بلد متعولم: الولايات المتحدة الأمريكية.
وسؤالي عن كتب تجمع بين المنظور الإسلامي والانفتاح العقلي والفكري ويمكن أن تساعدني في مهمة التربية،
وأشكركم مع دعواتي لكم بالتوفيق في مساعدة الآخرين.
8/7/2023
المشاركة الثالثة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أولا أريد أن أشكر أختي صاحبة مشكلة "إلا في البيت.. جريئة ومرحة ورائعة" فقد ساعدتني كثيرا في التفكير بحالي ومحاولة تغييره، وأشكر د. أحمد عبد الله.. جزاه الله عنا خيرا.. أن خرج بمشكلة أختنا إلى مشكلة جل أمتنا.. وجل "الملتزمين" بها.. فكثيرا ما كنت أفكر في حديث: "..ولا يهزم اثنا عشر ألفا من قلة"؛ فأقول: يا ربي.. ألا يوجد بين "الملتزمين" فقط اثنا عشر ألفا!! في كل هذا العالم الإسلامي.. إلى أن قرأت أن ابن عساكر زاد على الحديث: "إذا صبروا وصدقوا". والصبر لا يكون فقط بالصبر على الشدائد عند الحرب.. فالصبر يبقى علينا في كل أوجه حياتنا.. ومن يظن منا أنه لم يتعرض لفتنة أو محنة كحرب وجهاد يرى خلاله أيصبر أم يجزع إنما هو في وهم!! فالفتنة والاختبار قائمان.. ونحن غير صابرين.. لماذا؟ لأننا لم نصبر على الطاعة!
أين الإخلاص والصبر في عمل يتوافق مع هواي بل وأحصد منه الثناء وأرى ثوابي في مدح الآخرين؟ أين جهدي لأن أفعل ما طلبه الله مني -وما أتألق في نصح الآخرين به- وإن كان غير متوافق مع هوى نفسي، وإن تطلب مني استعانة بالله في القيام "ببعض النشاط داخل المنزل".
أأكون أنا نسيبة التي تأخذ الطعنات عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأنا لا أقوم لأحمل "صينية" الطعام عن أمي أو أصبر على كلمة سوء من أخي وأقابلها بإحسان؟! إنني لأتفكر.
هل يمكن أن أُخلص في تعريض نفسي لسهم من أعداء الله يسقطني شهيدة وأنا لا أقوم بأعمال قليلة "خاصة" مخلصة داخل بيتي لا يعلمها من يثني علي ممن حولي.. أعمال فقط لله واقتضاء برسوله.. أحيانا أشعر أن الشهادة نفسها ليست بمثل تلك الصعوبة.. فحين أفكر بها أشعر أنها "لحظة" ألم تنقلني بعدها إلى نعيم أبدي ومكانة علية (وليس في هذا انتقاص لفضل الشهداء، حاشا لله) .. فقط ربما كان الأصعب منها على نفس مثل نفسي أن "تحيا" في سبيل الله وكما يحب الله؛ حين تكون لحظة التضحية لحظات بل ساعات وأياما وسنين من المثابرة والجهد في تدريب نفسي وإلزامها على التغيير إلى ما يريدني الله أن أكون عليه.
أختي الحبيبة -أذكر نفسي وإياك- وأشاركك في مشاعري.. فأنا مثلك في بعض مما قلت، كنت أقرأ بالأمس عن سورة النور، واستوقفني ما قاله أ.سيد قطب في الظلال وجعلني أفكر أننا حين نُسأل مثلا عن الفرائض: نقول نعم، نعرفها، إنها الصلاة والصيام والقيام، ولكن، الله سبحانه بدأ سورة وحيدة في القرآن بمثل هذا القول: "سورة أنزلناها وفرضناها" والسورة تتكلم عن الأخلاق! وحدود الله التي تحكم علاقات البشر وسلوكهم داخل بيتهم ومع الأصدقاء ومع العائلة والمجتمع! فسبحان الله الذي جعل أثقل ما يوضع في ميزان المرء يوم القيامة حسن الخلق، وجعل خيرنا (وهو ما نتمنى أن نكون بالطبع) خيرنا لأهله.. هو الله الذي حدد كيف يريدنا أن نكون.. وإذا أردنا حبه ورضاه فعلينا أن نتبع طريقه الذي حدده.. هو سبحانه الذي قال "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" فاهتممنا نحن أكثر بالأصحاب والمعارف.. وأخشى أن يكون ذلك لمتعتنا الشخصية في فعل ذلك ولأنه مناسب لنا.. يرضي أهواء بداخلنا أرجو ألا يكون منها سمعة أو رياء أو حب زعامة وظهور - أعاذنا الله.
أما عن الاهتمام بأمر الزواج وما قلته عنه فإضافة إلى ما قاله د. أحمد عبد الله -جزاه الله عنا خير جزاء- ولأني فتاة مثلك أذكرك فقط بغض البصر وأحذرك من "فضول" النظر.. فأحيانا يستهوينا أن "نتفرج" على أحوال الآخرين فننظر لهذا أو ذاك أو لزوجين أو كذا فقط "لنتفرج" .. وأعتقد أن ذلك ضرره أكثر من نفعه، فلنركز على أنفسنا ونعلم أنه سبحانه يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، رزقك الله بزوج صالح تكونين له قرة أعين وجعلكما للمتقين إماما.
طبعا عرفت أني مثلك ثرثارة: لكن أريد أن أقول لك شيئا أخيرا
حبيبتي.. حين يظهر حبنا لله في حبنا لخلقه ورغبتنا في أن نكون سببا في هدايتهم يجب أن تُملأ قلوبنا بالرحمة لهم أولا.. لقد أُمرنا بتغيير المنكر.. بأيدينا وإن لم نستطع فبلساننا (ويبدو أننا جيدون في ذلك الأمر) لكن يبقى أنه إن لم نستطع فبقلبنا.. فكيف سندعو لهؤلاء بالهداية ونحن حين نراهم نفكر أنهم في نعمة نرى أنهم ليسوا أهلا لها! والله هو الذي أعطاها لهم.
أين قولنا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.. وأين قولنا: "الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا" هذا ما يجب أن نفكر به حين نرى من هم ليسوا على طريق الهداية، فلندع لهم بها وندع الله أن يثبتنا.
وأختم كلامي إليك يا من أحببتُها في الله دون أن أراها ويا صاحبة الفضل علي -جمعني الله بك في جناته وذكرنا بالدعاء لبعضنا بعضا- بقول المسيح عليه السلام: "بحق أقول لكم إنكم لا تصيبون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون. ولا تنالون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون. إياكم والنظرة فإنها تزرع في القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة. طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عينه. لا تنظروا في عيوب الناس كالأرباب وانظروا في عيوبكم كهيئة العبيد. إنما الناس رجلان: مبتلى ومعافى؛ فارحموا المبتلى، واحمدوا الله على العافية".
6/12/2023
رد المستشار
اللهم لك الحمد والشكر أنت رب السماوات والأرض، رحمن رحيم، عفو كريم تحب العفو فأعف عنا.
هذه هي صفحتكم: قول معروف، ومغفرة بإذن الله، كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وتؤتي أكلها بما نعرف جانبا بسيطًا منه، كما ترون معنا.
هذه هي صفحتكم ترد بنفسها.. بالأسئلة والإجابات والمشاركات على من تختلط عليهم الأمور، وتضطرب تصوراتهم أمام كل جديد، وينسبون إلينا وإليها ما هي منه براء، فشكرًا لكم.. وإلى الأمام.. ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق، وأنت خير الفاتحين.
ها هي مسألة أختنا من الإمارات تفتح الأبواب لنقاش حول أحوالنا، وأختنا صاحبة السؤال الأصلي تبوح وترصد عالمًا الداخلي، وتكتب لنا بصدق ووضوح عن مشاعرها وأفكارها، وكأنها تقول لنا: هكذا أشعر فما قولكم؟
أشكر "أحمد"، و"رحاب" من الولايات المتحدة، و"لبنى" التي أعتقد أنكم ستندهشون معي من صراحتها، ومن دقة، وجمال تعبيرها، ودفء محبتها لأختها "الإلكترونية" أدعو الله أن يجعلهما على منابر من نور يوم القيامة.. كما هو حال المتحابين فيه، وأن يجعلنا منهم ومعهم.. آمين.
أما "أحمد" فأقول له إن جزءًا كبيرًا من مشكلتنا أننا نعرف ما تفضلت به من معلومات وحقائق، ولكننا لأسباب -يلزمنا العلم بها- أحيانًا ننسى، أو نعمل بغير ما نعتقد أنه الصواب إما لأن الحق أو الخير لم يتأصل في نفوسنا بالقدر الكافي، وإما مجاراة، لما هو شائع وسائد وخاطئ، أو انتصارًا للنفس في مواجهة ضغوط الآخرين وأخطائهم.. أو غير ذلك ويبقى التحدي المستمر أمامنا هو كيفية تضييق الفجوة حتى تكاد تتلاشى بين القول والفعل.. بين الدعاية والأخلاق، بين المواعظ والسلوك.. إلخ؛ لأن النصيحة يستطيعها كل أحد، أما الاستقامة على الصواب فيلزمها جهد وجهاد أكبر، وهذا ما أكدت عليه "لبنى" جزاها الله خيرًا، حين لاحظت أن هوى النفسي يبدو من أهم أسباب هذه الفجوة بين إسداء النصائح للآخرين، وتطبيقها فعليًّا ويوميًّا.
ثم هي تشير إلى نقطة طالما حرصت أنا على إبرازها فيما يتعلق بصعوبة الحياة المستقيمة هذه، وأن الحياة في سبيل الله وعلى نهج أوامره، واجتناب نواهيه قد تكون أصعب -من بعض زواياها- مقارنة بالموت في سبيل الله، الذي يتطلب صبر ساعة، ومواجهة فتنة رؤية المنية وأسبابها حاضرة شاهدة، أما الحياة الطيبة المستقيمة فتتطلب صبر الأيام والليالي، ومحاسبة النفس وإقامتها وحملها على الحق كل لحظة، ومراجعتها لتختار الحق بعد أن تتبينه وسط غمرة اختيارات الباطل المغرية اللامعة الملتبسة، ولا يكون هناك نجاح بغير تدريب وتغيير مستمر للتطوير والتحسين وتلافي الأخطاء، وتصحيح المسار وسد الثغرات والنواقص وتلاحظ "لبنى" أننا غالبا ما ننجح في أداء دور "الدعاة" أو مسؤولي العلاقات العامة في مجالات حركتنا الخارجية بينما ننكشف في الاختبار الحقيقي داخل بيوتنا ومع أهلنا!!
وهو الأمر الذي يكشف ازدواجيتنا ومستوى من النفاق نعيشه، وقد لا ننتبه إليه أو نسميه باسمه هذا المفزع المخيف، بينما هو فيه من النفاق.. الكثير من المعالم والخصال.
وتدخل "لبنى" إلى منطقة أخرى ملتبسة حين تؤكد على شرط الحب للبشر حتى نستطيع التواصل معهم لدعوتهم.. أو هدايتهم، ولا يكون هذا الحب ممكنًا إلا حين يصدر عن قلب كبير، وعقل أكبر يعي أن هناك فارقا بين المخطئ وخطئه، وأن الكراهية إنما تكون للخطأ أو المعصية، أما الإنسان نفسه فمبتلى يستحق الرحمة، وذلك يكون سببا في أن نحمد الله على العافية، وهي مبدعة -أي "لبنى"- حين تستخرج هذا المعنى من حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن "تغيير المنكر"، وسواء كانت ناقلة لهذا الاستنباط أو مبتكرة له فهي تستحق الشكر عليه، وكذلك على الاستشهاد الجميل من كلمات السيد المسيح التي كثيرًا ما تحمل كلماته حكمة ورقة، ولعل بعضنا يتحرج من النقل عنه، بينما نحن أولى به من غيرنا، ولا أعرف "يا رحاب" كتبا من تلك التي تطلبينها لأنصحك بها، وأرجو ممن لديه مقترحات في هذا الشأن موافاتنا بها.
ويتبع>>>>>>: إلا في البيت: العالم الداخلي للفتاة العربية م1