السلام عليكم،
في البداية أشكر د. أحمد عبد الله ود. وائل أبو هندي من أجل كل ما يبذلانه في هذا الموقع لحل مشاكل وهموم الناس.
مشكلتي أني متألم كثيرًا من حبي الأول الذي أحببته من كل مشاعري وكل قلبي واعتبار من أحببتها جزءًا مني ومن وجودي، فقد كنت أعرفها منذ 3 سنوات حيث كانت معي في الفصل. وقد سافرت للخارج لعمل دراسات عليا، وعندما عدت أخبرني البعض أنها كانت على علاقات مع آخرين قبل معرفتي بها. وأنا أحبها من أجل حنانها وجمالها، وأحبها رغم علاقاتها السابقة، مع العلم أني قد قمت بتقبيلها أكثر من مرة، وكنت عندما أسألها لماذا وافقت على تقبيلي لها؟ تجاوبني: لأنها تحبني.
أنا لا أفهم شيئا فقد أحببتها بكل جنون، ولكن لا يمكن أن أتخيل أن هناك من قام بلمسها... هذا يجعلني أكاد أجن وأعيش في اكتئاب وشك دائم، وقد قمت في النهاية بإنهاء علاقتي بها، ولكنها لا تزال تتصل بي كأصدقاء فقط، وأنا متأكد أنها لا تزال تحبني، وأنا لا أزال أفكر بها هل يمكن أن أقوم بخطبتها أم لا؟!
أنا لا أعلم شيئا، ولا أفهم شيء، أنا أريدها من كل قلبي، ولكن عندما أفكر بعقلي أجد أنني لن أجد معها السعادة. فلو قلت لي يجب أن تنساها برجاء دلني على طريقة نسيانها، ولو قلت لي أكمل معها واستمر فدلني كيف أنسى ماضيها، وجزاك الله خيرًا.
ملاحظات: أنا عربي وصديقتي تعيش في بلدي الأصلي.
وشكرا لكم
2/12/2023
رد المستشار
الأخ السائل: شكرًا على ثقتك، ولا تنسني من صالح دعائك في غربتك أو في وطنك، أشعر بك، وأتصور أن خليطًا متفجرًا من الحنين والرغبة للحبيبة وللوطن في آن واحد -حيث تقيم هي هناك- فهو خليط من شأنه أن يضعك على حافة الجنون كما تقول، قلبي معك.
أرجو أن تكون قد قرأت كل إجاباتي، ويمكنك أن تفعل إذا قمت باستخدام آلية البحث باسم المستشار على صفحة البحث في استتشارات مجانين، وفي أكثر من إجابة ستجدني أقول إن الحب شيء، والزواج شيء آخر تمامًا، من حيث القوانين الحاكمة أو التي ينبغي أن نقيس بها أو نحدد أو نحلل هذا وذاك، فكيف نفهم هذا في ضوء قصتك؟!! انتبه معي جيدًا، ودع أحزانك جانبًا لدقائق.
في الحب لا يملك الإنسان قلبه فهو يرى بعيون فؤاده، والفؤاد لا يرى إلا كل جميل في المحبوب، وبالتالي لم تر فيها إلا الجمال والحنان، ولم تر غير التجاوب العاطفي حين طلبت منها القبلة تلو القبلة فأعطتك، وربما أعطت غيرك أقل أو أكثر، وفي الحب وقوانينه ليس هناك إلزام لأي طرف بشيء نهائي أو محدد، فأنت في غربتك قد تحب غيرها، وقد تقيم علاقة هنا أو هناك، وهي أيضًا يمكنها أن تفعل، ولا يعصم الحب المجرد وحده من تعددية العلاقات الخاصة، أما الدين فهو يرفض بمنطقه -الذي أحاول شرحه دائمًا- أن تقوم علاقة خاصة إلا بارتباط رسمي.
منطق الدين إذن يرفض هذه العلاقة التي بينكما، ويرفض ما وقع من تقبيل وغيره، ولكن منطق الحب المجرد، الحب المتخلص من حدود الدين لا يرفض التقبيل وغيره، ولا يرفض أيضًا أن ترتبط هي أو ترتبط أنت بعلاقات أخرى، فأنت تبعًا لهذا المنطق حرّ، وهي أيضًا حرة، ولا توجد التزامات محددة.
أما الزواج فهو شيء مختلف تمامًا يقوم على التزام متبادل من الطرفين، وهو علاقة أكثر تركيبًا وتعقيدًا من الحب بكثير، وليس محكومًا بالرغبة وحدها، وفيه من العقل والقلب والمشاعر والهواجس أضعاف ما في الحب، وبخاصة الحب المتحلل من الدين بحدوده، هل اتضحت الصورة؟!!
أنت متألم ومتردد ومهموم، وتكاد تجن، وأنا أصدقك بكل تأكيد، وما أنت فيه من ألم وتداخل وتشويش ورغبة شهوة تتداخل مع أصوات في الرغبة بالتخلص من هذا الوضع المأزوم، والله معنا نسأله العون.
لا تخلط بين أكثر من منطق، فإذا أردت منطق الحب المجرد المتحلل من قيود الدين فليس هناك سؤال أو محاسبة أو لوم أو معاتبة على علاقات سابقة أو لاحقة، إنما تأخذ ما تستطيع أنت، وما تمنحه هي طبقًا لقواعد الشد والجذب، وألعاب الحب النفسية والذهنية، وساعتها لا تسألني عن الألم الناشئ بسبب الماضي الذي سيظل حاضرًا مع كل ضمة أو قبلة يقفز معها سؤال: يا ترى كم رجلا أخذ هذا قبلي؟! كم رجلا مروا من هنا؟!
وإذا أردت منطق الزواج كما تعرفه بالتزاماته وحدوده فإن هذه الفتاة لا تصلح لك أنت؛ لأنك ستظل غير قادر على نسيان ماضيها الذي تعرفه، والذي كنت أنت جزءًا منه فأخذت رشفات من نبع لا تعرف مَنْ مر عليه، وستظل تعذب نفسك وتعذبها على هذا الماضي، ولا سبيل لنسيان هذا الماضي، وإنما يقبله من يقبله بوصفه لا يقدح في الأهلية للزواج!! وبوصفه كان خاضعًا لمنطق الحب، وأنه كان مجرد قبلات لا أكثر!! وهكذا.. ولا أظنك من النوع الذي يعتبر هذا شيئا عاديًّا بدليل أنك تسأل مثلا: لماذا تعطيك القبلات رغم أن الجواب معروف وبديهي بمنطق الحب الذي شرحته لك.
لا أقول لك أن تنساها أو أن تستمر معها، فهذا اختيارك أنت، ولكن عليك تحديد على أي أساس تستمر، أو تتوقف، وأرجو أن تختار المنطق الذي تريده فتتضح الصورة أمامك فورًا؛ لأنك بمنطق الزواج يمكن أن تعتبرها مجرد ذكرى جميلة أو غير ذلك، ولكن لم يكن ممكنًا أن تكون أكثر من ذلك، وإذا أردت منطق الحب المجرد فستتوقف عن أسئلة كثيرة، وهواجس مؤلمة خارجة عن هذا المنطق المختلف الذي لا يعرف القيود أو الالتزامات.
يا أخي وإخواني الرجال، هل يمكن أن نفهم الحياة وقوانينها؟! وهل يمكن أن نكف عن الخلط بين منطق وآخر؛ لأن هذا الخلط ينتج تشويشًا وألما وعذابًا لكل الأطراف، والله أعلم.
واقرأ أيضًا:
الحب الأول: العفة مدخل الخلود!
الوسادة الخالية: الحب الأول
فشل الحب الأول: آلام في العمق!