السلام عليكم
ربما تبدو المشكلة ثقيلة الدم قليلًا، ولكنها ليست كذلك بالنسبة لي، فمنذ 3 سنوات صليت صلاة الاستخارة من أجل عريس تقدم لي، ولكني في نفس الليلة حلمت بالشيخ … (وهو شيخ مشهور في الكويت) يخبرني بالتالي: أفضلُ لك (فلان الفلان...)، لم أعر الحلم اهتمامًا كبيرًا، وقلت: كيف لي أن أتعرف على شاب كويتي، وأنا لا أخرج من المنزل، وقناعتي كنز يغنيني عن سؤال غير الله، وبعد أربعة أشهر من الخطبة التي لم تتم رسميًّا؛ بسبب استهتار أهلي بدين الشاب الذي تقدم لي، والمعاملة السيئة رغم مواصفاته الحسنة من جميع الجوانب وأهمها الدين والأخلاق
بعدها هجرني؛ لأنه لا يحب المشاكل هكذا بكل بساطة، المهم قلت في نفسي: إن هذا ابتلاء الله للمؤمن، وحرصت على أن أُصَبِّر نفسي التي امتلأت وقتها بالحيرة من شباب ينبغي فيه الالتزام بدينه، فنجده يلتزم بعادات بالية وكرامة شخصية لا تخدم الإسلام في شيء؛ وأحسست بالضياع في عصر باتت فيه صرخة امرأة: واإسلاماه، لا تعني شيئًا، واقتنعت أن الله قد عوضني باسم ذلك الرجل عن أي شاب يخطبني، فالحلم أفضل بكثير من الحقيقة التي عشتها، وأنا لا أنوي إعادة نفس التجربة مع شخص آخر؛ حتى لا أحس بأنني لم أخلق للزواج وإنما للعبث قليلًا مع هذا ومع ذاك
وباختصار لست مستعدة للفشل ثانية،
ولكني أسألكم عن حلمي ماذا أفعل؟
19/12/2023
رد المستشار
أختي العزيزة، مشكلتك شغلتنا جميعاً، ولم نر فيها "أبداً" مشكلة "ثقيلة الدم"، بل وجدنا فيها نواحي كثيرة هامة تستحق التعليق، وهي على الترتيب كالتالي:
أولاً: النتيجة التي يطلبها الإنسان في دعاء الاستخارة، وبالتالي ينبغي أن ينتظرها هي تيسير الأمر إن كان فيه خير، وعدم تيسيره إن كان غير ذلك، وللمؤمن بالاستخارة يقين ينبغي أن يلتزم به إن فاته كان شرًّا – ولو بدا غير ذلك – عافاه الله منه.
ثانياً: تقولين: إنك لا تخرجين من المنزل... فلماذا هذا الوضع؟!
رغم أن الخروج للاختلاط بالناس، والمشاركة في الأنشطة النافعة اجتماعيًّا وثقافيًّا من شأنه أن يوسع من مداركك، ويخفف من حالة الشعور بالفشل والضياع التي تعيشين في أسرها، ويفتح أمامك آفاق العالم؛ فتعلمين أن في الدنيا أمورًا أمتع وأهم من مجرد البقاء في انتظار العريس، إن الفراغ هو العدو الأول للنفس السوية.
ثالثاً: تتناقضين مع نفسك حين تقولين: "قناعتي كنز يغنيني" ثم تلومين على من يلتزم بالكرامة الشخصية، فكما أن عندك كرامة لا تحبين أن تخدشيها بالسؤال لغير الله، كذلك الناس عندهم كرامة، وليس منتظراً أن يتحمل الإنسان الإساءة، أو أن يحب المشاكل، خاصة وأنت بالنسبة له فتاة لا يعرفها، وتقدم إليها فكان رد فعل أهلك كما ذكرت مما لم تذكري تفاصيله أو أسبابه.
كان الأولى بك أن تلومي نفسك في هذا حين لم تنصحي أهلك وتتحاوري معهم بشأن أسلوبهم في التعامل معه؛ إذا كنت فعلاً رأيت أنهم متعسفون ومخطئون.
رابعًا: ما علاقة كل هذا بابتلاء الله للمؤمن؟ وصرخة امرأة واإسلاماه... إلخ.
ما هذا الخلط يا أختي العزيزة؟!!!!!
أنت أخطأت بسلبيتك، وأهلك أخطؤوا بسوء تصرفهم، وما حدث تجربة تستحق الاستفادة من دروسها حتى لا تتكرر، فلا تُدخلي في الأمر ما من شأنه التشويش على دور الإنسان ومسؤوليته فيما يقع منه، وممن حوله، وإلا فلماذا سيحاسبنا الله إن لم يكن لنا فعل واختيار يحتمل الصواب والخطأ؟
خامساً: كأنك تتحدثين عن التزام بالدين تحسبين نفسك عليه، وتريدينه فيمن يتقدم لك؛ رغبة في الزواج منك، فهل الالتزام بالدين هو الصراخ واإسلاماه، وأحلام اليقظة، وتعليق الأخطاء على شماعة القدر أو الاكتفاء بصلاة الاستخارة دون الأخذ بالأسباب وفقط؟!
إنك كما تنتظرين فيمن يريدك أخلاقاً سامية، وصبراً جميلاً على الأذى، وأخلاقاً أخرى بعد الزواج، ينتظر فيك كل رجل وعياً ونشاطاً وإيجابية، وانعكاسات عملية للالتزام الديني تتجاوز الصلاة وغيرها من الطقوس التي يثاب عليها صاحبها، لكنّ الآخرين لا يستفيدون إلا بأثرها في السلوك والتفكير.
سادساً: التجربة التي مررت بها هي تجربة ناقصة لا تصلح أساساً للأحكام التي تصدرينها على الشباب الملتزم، وعلى الزواج، وعلى نفسك: فهل فسخ خطبة في ظروف مختلفة وغامضة هو نهاية العالم؟!
هل ما حدث هذا يمكن تسميته فشلاً من الأصل؟!
هل الخطبة مقدمة لا بد أن تؤدي إلى الزواج في كل مرة؟!
أم إن الخطبة بطبيعتها تحتمل الاكتمال بالزواج أو الفسخ؟!
إن ما حدث ليس خبرة حقيقية، لكنها على كل حال خبرة مررت بها، ويمكنك الاستفادة منها في تقرير ما يناسبك من عالم الرجال، وتقرير موقفك من تعنت أهلك "إن كان موجوداً".
سابعاً: أنت أفضل مما تتصورين عن نفسك، فقط استثمري طاقتك الذهنية والاجتماعية المعطلة، واخرجي من حالة الركود التي تملأ حياتك هذه:
هل فكرت في تعلم أشياء جديدة مثل اللغات الأجنبية، أو الكمبيوتر، أو علوم شرعية... مثلاً؟
وهل فكرت في القيام بأنشطة خيرية، وتكوين صداقات مفيدة ونافعة مع أخوات لك يبحثن عنك، وعن أمثالك من صاحبات الطاقات المعطلة؟!
إن الأحلام جميلة يا أختي، لا يستطيع أحد أن يحرمك منها، وأنا أتمنى لك أحلاماً سعيدة بشرط ألا تكون بديلاً عن الحركة في واقع الحياة، فما أجمل الأحلام في حياة تتحرك ناشطة، وما أضرها في حياة تعيشين واقعها أحلاماً فحسب!. تحياتي، وكوني على صلة بنا.
ويتبع>>>>>: هموم ثقيلة: ثقيلة الدم... خفيفة الدم م