السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،
لأول مرة أدخل هذا الموقع، وأعجبني كثيرا؛ ولذلك أود أن أعرض عليكم مشكلتي التي تؤلمني، ولا أجد لها حلا سوى الانتظار، ويا ويلي من الانتظار!! أولا أنا عمري 22 سنة، تعرفت على شاب منذ 3 سنوات، وهو حبي الحقيقي -للعلم أنا رومانسية لأبعد حد-، فأحببته من كل قلبي وعقلي، وأعطيته كل حياتي إلى أن وقعت في الخطأ، ولكن لم أخسر نفسي. فأنا كنت أعاشره، ولكن ليس كالمتزوجين، مجرد ممارسة للحب فقط، وكل هذا من أجل الحب؛ لأننا كنا لا نستطيع الصبر حتى الزواج، تعودت عليه.
وللعلم في البداية قلت له: زوجتك نفسي، وكنت لك مخلصة إلى الأبد، وهو أيضا قال نفس الكلام، وقلنا: الله شاهد على ما نقول، طبعا لا أتأكد من صحة هذا الكلام، وبعد ذلك -والحمد لله- تمت خطبتنا، وقررنا أن ننهي أي علاقة إلى أن نتزوج، والقرار كان حاسما منه أكثر مني، فأنا لا أستطيع، فشهوتي تقتلني، وأبكي خشية من الله بعد أن أعطاني ما أحب، وأنا أتمنى في الحياة ألا أفعل شيئا يغضبه.
ولكن الشهوة تقتلني والزواج بعد سنة، فماذا أفعل؟ استحالة أن أجري وراء شهواتي، واستحالة أن نتزوج في هذه الظروف، هل أذهب لطبيبة تعالجني؛ لأني لا أريد أن أغضب الله حتى بتفكيري؟ ولا أعلم ماذا أفعل.
13/12/2023
رد المستشار
أهلا بك صديقة جديدة لصفحتكم هذه، التي تنمو وتؤتي ثمارها بتواصلكم معها، وأدعو الله أن يعيننا دائما على مد يد العون والنصح لكم، وأن يوفقنا ويرشدنا لما فيه الخير. والحقيقة فإن رسالتك تثير الكثير من القضايا التي تواجه الشباب في سنوات المراهقة، وأول هذه القضايا فورة الحاجة للإشباع العاطفي الذي يقترن بحاجة ورغبة أشد للإشباع الجسدي، وهذه الحاجات رغم أنها احتياجات طبيعية وفطرية فإنها في ظل الظروف الحالية أصبحت حلما بعيد المنال، أو صعب التحقق.
وفي ظل هذه الظروف يحاول الشباب أن يحصلوا على احتياجاتهم بوسائل مختلفة، ويقعون في المحظور مثلما وقعتِ، ورغم أنه لا يتضح من كلامك حدود ما تسمينه "معاشرة، ولكن ليست كمعاشرة الأزواج وإنما فقط ممارسة الحب - وأنا لم أخسر نفسي"، ولا أدري عن أي نفس تتحدثين، وإن كنت أعتقد أنك تتحدثين عن عذريتك، وهى الشيء الوحيد الذي أصبحت تهتم به بعض الفتيات، فلا يهم ما يفعلنه طالما أنهن يحافظن على الصورة التي يرتضيها ويطلبها المجتمع، ولا أدري كيف رسخ في الأذهان هذا الفكر رغم أن الرسول الكريم يعلمنا: "أن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
وقد يحاول البعض أن يُسكت صوت ضميره ونفسه اللوامة بمحاولة أن يضفي على هذه الممارسات نوعا من الشرعية بأنواع وأشكال من الكلمات التي لا تزن شيئا وليس لها قيمة من قبيل ما فعلتِه من قولك له: "زوجتك نفسي" أو زواج الدم، أو غير ذلك من الأشكال والاختراعات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فشروط الزواج لا تتوافر في أي من هذه الأشكال، وهي بذلك لا تبيح أي نوع من الممارسات الجسدية بين من يأتونها وما أردت قوله من حديثي هذا -وأرجو ألا تغضبي مني، فما دفعني لذلك إلا خوفي عليك وحرصي على مصلحتك- إنك بتصرفاتك مع هذا الشاب قد تجاوزت حدودك، وتعديت حقا من حقوق الله، فأكثري من التوبة ومن الاستغفار، واعقدي العزم على عدم السقوط في هذه التجاوزات مرة أخرى، واحمدي ربك أن هذا الإنسان كان وما زال صادقا معك، وأنه كان أبقى عليك وعلى علاقتكما، فجاء قراره حاسما بالتوقف عن أي ممارسات تشين طهر علاقتكما حتى تنالا سويا ما تشتاقان إليه عذبا نقيا من غير كدر في عش الزوجية ولو بعد حين.
واحمدي الله أنه لم يستغل ضعفك معه ويتمادى في الحصول على ما يريد، واحمدي الله أيضا على أن تجاوزك معه لم يجعله ينصرف عنك ويزهد فيك كما يفعل غيره من الشباب، حيث يرسخ في أذهان معظم الشباب أن من تقدم له تنازلات لن تمانع في تقديم تنازلات مثلها لغيره من الشباب، وهذا ما يدفعه لتركها تخلصا من الشك الذي يكاد يقتله فإذا لم تصدقيني فاقرئي: " خيبة حواء العربية : عزلة وسذاجة وأحلام"، و"لا تقليدي ولا هاتفي: ماذا يريد الرجال"؛ لتحمدي الله على ما مَنَّ به عليك، وتستغفريه على ما اقترفت يداك، وتمام التوبة تقتضي العزم على عدم العودة إلى هذه الممارسات.
أما بالنسبة لموضوع الشهوة التي لا تستطيعين مغالبتها، فليس أمامك إلا حل من اثنين، وبالمناسبة الطبيبة لن تفعل لك شيئا: الحل الأول هو إتمام الزواج، وهو حل مطروح دائما، ولا أدري لماذا اعتبرتِه حلا مستحيلا؛ فأنت لم توضحي الأسباب، هل بسبب ظروف الدراسة؟ أم بسبب الإمكانيات المادية؟ أم بسبب رفض الأهل؟ فإذا كان بسبب الدراسة فأعتقد أن ذهنك سيكون أصفى وأكثر استقرارا منه الآن إذا أتممتما الزواج، وإذا كان الأمر متعلقا بالظروف المادية أفلا يمكن التنازل عن بعض المتطلبات بغية إنهاء حالة المعاناة التي تعيشينها؟ وهل يمكن بذل بعض الجهد وصرف بعض الطاقة لإقناع الأهل؟
فإذا تعذر هذا الحل فلن يكون أمامك إلا الانتظار، وفي فترة الانتظار هذه عليك بتجنب كل ما يثير شهوتك من أفلام ومواقع إنترنت وغير ذلك، وعليك تجنب الانفراد بخطيبك.
وقد يكون من المفيد أن أسألك: ماذا تفعلين في حياتك؟ وفي أي المنافذ تصرفين طاقة الشباب التي تشتعل في جسدك؟ والتساؤل الأكثر إيلاما هو إلى متى يظل شبابنا وفتياتنا يصرفون كل طاقاتهم في صورة فورة جنسية لا تجد لها مصرفا؟ لقد تعلمنا في قوانين الفيزياء "أن الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من العدم"، فطاقة الشباب قد تتحول إلى فورة جنسية، وقد تتحول إلى تعصب أعمى لإحدى فرق الكرة، وقد تتسرب في الهواء على المقاهي وبين روائح دخان الشيشة وأصوات زهر الطاولة، أو تتسرب من بين أيدينا ونحن نتجول في أروقة المواقع الجنسية على الإنترنت، أو ... أو ... لا يهم كيف تهدر ولكن المهم أنها طاقة مهدرة!!!
ولا أدري ما هذا الهراء والفراغ الذي نعيش فيه، ألهذا الحد هانت علينا أنفسنا، وهانت علينا دماؤنا التي تسيل في فلسطين وفي العراق، وهانت علينا أرضنا المستباحة؟! بالأمس كنت أصلح سيارتي ووجدت السيارات تنقل المئات من مشجعي نوادي الكرة المصرية الشهيرة إلى الإستاد، وهم يرتدون زي ناديهم ويرفعون أعلامه، ويهتفون مشجعين ملء حناجرهم، ووجدت صاحب الورشة يضرب كفا بكف وهو يتعجب من حالنا، ثم علق قائلا: وهذه هي كلماته كما نطقها وليس لي تعليق: "أكاد أجن من هؤلاء المسلمين.. لقد قرر الإخوة المسيحيون ألا يحتفلوا بأعيادهم هذا العام تضامنا مع شعب العراق في أزمته الراهنة".
يا أختنا، الطاقة التي تحولت إلى شهوة وتكاد تقتلك لا بد أن تتحول إلى أنواع أخرى من الطاقات لتخرج من منافذ متعددة، فهل فكرت في فعل شيء إيجابى للعراق.. لفلسطين.. لمجتمعك.. لبيئتك.. لدينك.. لأطفال الشوارع.. للأيتام.. للفقراء.. لعقلك.. لتنمية قدراتك ومهاراتك.. قبل أن تصرخي بأن نيران الشهوة تقتلني.
الحب والجنس من متع الحياة، ولكن الخطأ أن يتحول إلى كل الحياة، وأن يشغل كل الجهد وكل العقل ويستهلك كل الطاقة، فأعيدي التوازن لحياتك، الآن وبعد أن تتزوجي، واجعلي لحياتك هدفا وغاية حتى تحققي مراد الله من خلقنا وهو خلافته في أرضه، وتابعينا بالتطورات.
واقرئي أيضًا:
علاقة غير شرعية ومشاعر ذنب!
صور عارية من 6 سنين والله يحب التائبين!
أخطاء الماضي تسيطر على تفكيري!