السلام عليكم،
بارككم ووفقكم الله، أنا شاب عمري 15 عامًا، كنت على علاقة مع إحدى زميلاتي في المدرسة.. بدأت العلاقة بريئة، ومن ثم تطورت إلى: لمسة، فمعانقة، فقبلة، فقبل حارة في الفم، فلمس الأعضاء من الجانبين، وأخيرًا وصلت إلى النوم في السرير، وخلع الثياب (ما عدا الملابس الداخلية) وتمثيل ممارسة الجنس، ولكن من دون خلع الملابس الداخلية. وأخيرًا وبعد ثاني مرة من النوم في السرير (من دون الاحتكاك الجنسي) وعيت والحمد لله لنفسي وتركت البنت ورجعت إلى الصلاة وقراءة القرآن حتى ختمته وصمت عدة أيام محددة يقال بأنها تكفر الذنوب.
والآن قد مضى حوالي سنة على هذه العلاقة المشؤومة، ومصارحة البنت بأن ما كنا نفعله خطأ كبير؛ علما أنه لا أحد يعرف ما جرى بيننا.. وأنا الآن لست على علاقة مع أي بنت بعد هذه العلاقة حتى إنني أتجنبهن ولا أنظر إليهن.
وأريد أن أعرف إن كان الله سيسامحني ويعفو عني؟ أنا مسلم وأخاف ربي وأصلي وأصلي الجمعة في المسجد وأصوم وأقرأ القرآن وأنا أدعو الله دائما ليسامحني.. فكيف سيسامحني، وأنا ارتكبت خطأ فادحًا؟ المشكلة
14/12/2023
رد المستشار
ابني الكريم، لا يمكنني أن أصف لك مقدار سعادتي برسالتك التي تعبر عن مقدار ما تتمتع به من تقوى لربك؛ فرسالتك تنم عن نفس لوامة تردع صاحبها وتمنعه من التمادي في الخطأ، وتدفعه دفعًا إلى التوبة والإكثار من الصالحات إذا وقع في ذنب، هذه النفس اللوامة كرمها المولى عز وجل وأقسم بها في محكم آياته.
الأمر الثاني الذي أسعدني أنني شعرت فعلا أنني أمام ابن لي؛ فعمرك يقارب عمر ابني؛ وهذا ما جعلني أشعر بقربك مني؛ وهو ما زاد من شعوري بمقدار مسؤوليتي عنك.
والآن تعال نناقش معًا ما حدث ونناقش معًا مخاوفك، لقد اقترفت ذنبًا منذ حوالي سنة، وكانت بينك وبين هذه الفتاة علاقة ما تطورت تدريجيا، وفي غمرة استمتاعك بهذه العلاقة المحرمة استيقظت نفسك اللوامة، فتوقفت بكامل إرادتك عن أي ممارسة حرام، وهرعت إلى ربك الكريم الحليم العفو الغفور تائبًا ومكثرًا من الحسنات (وبالمناسبة جميع أنواع الحسنات تذهب جميع السيئات، وعلى قدر علمي لا يوجد عدد محدد من الأيام التي ينبغي صيامها لتكفير الذنوب)، فلماذا تتصور أن الله لن يسامحك وهو القائل: "إن الله يغفر الذنوب جميعا"، هل يمكنك أن تتخيل ما ينتظرك من فضل الله وكرمه وأنت تقرأ هذه الآيات: ((وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)).
وهل لك أن تتخيل أن الله سبحانه فرح بتوبتك ورجوعك إليه كما أخبرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال: "لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة"، والمقصود أن الله سبحانه يفرح بتوبة عبده المؤمن أكثر من فرحة أي منا إذا وجد بعيره الذي يحمل طعامه وشرابه أمام عينيه بعد أن فقده في الصحراء القاحلة وجلس ينتظر الموت جوعا وعطشا، فهل بعد هذا يمكنك أن تتصور ولو للحظة واحدة أن الله لم يقبل توبتك ولم يسامحك؟؟!
أنا أدعوك لأن تجلس بين يدي ربك متخيلا فرحته بعودتك إليه، كما أدعوك أن تتخيل موقفك يوم العرض عليه وهو يطلعك على صحيفتك فتجد كل ذنب فيها وقد تبدل بقدرته ومشيئته حسنات كما وعد ربى الذي لا يخلف الميعاد، فقال: ((إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)).
فإذا راودك مرة أخرى أي إحساس أن الله سبحانه لن يغفر ذنبك فاعلم أن هذا الإحساس من عمل الشيطان لعنه الله وأذله، فهو يريد لنا دائما أن نقنط من رحمة الله وعفوه؛ لأن هذا القنوط يمنعنا من الاستمرار في التوبة ويدفعنا دفعا لاقتراف الذنوب، فلا تجعل للشيطان عليك سبيلا، ولا تقنط من رحمة ربك، فهو سبحانه أرحم بك من الأم بوليدها.
ابني العزيز، شهوتك وميلك للجنس الآخر أمر طبيعي وفطري، ولكن الإسلام لم يجعل لهذه الشهوة مصرفًا إلا من خلال الزواج، وحتى يتم لك هذا عليك أن تحرص على شغل ذهنك ووقتك بالنافع والمفيد من الأنشطة والهوايات بحيث تقلل قدر الإمكان من المساحة المتاحة للتفكير في هذه الشهوة وفي هذا الصدد يفيدك أن تقرأ: "الشهوة تقتلني.. الفيزياء هي الحل".
وعليك أن تلتمس صحبة الأخيار، وعليك أيضا أن تتجنب مواطن الإثارة كمشاهدة أفلام الدش ومواقع الإنترنت الإباحية وكذلك المصاحبة المنفردة للفتيات والخلوة بهن، وعليك أيضا أن تجتهد في دراستك حتى تقترب من هدفك وهو الزواج وإرواء شهوتك المتقدة بالحلال.
ابني الغالي، أدعو الله سبحانه أن يربط على قلبك وأن يرزقك وجميع شبابنا وفتياتنا عفة الأبدان والضمائر، وأن ينعم عليك بسعادة الدنيا والآخرة، وتابعنا بالتطورات.
واقرأ أيضًا:
التاريخ الجنسي لولد مصري يشعر بالذنب!
تأنيب الضمير والذنب العتيد
التوبة وآلام ذنوب الماضي