الحاسة السادسة
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة وسلاما على النبي الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين، أما بعد:
أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما، توفي زوجي الذي كنت أحبه وما زلت، قبل حوالي سنة، حيث كان عمر زوجي المتوفى 26 عاما، وتوفي بسبب مرض مفاجئ ألمّ به، فقد توفي بعد زواجنا بحوالي 10 شهور ورزقت منه بطفلة.
وفي هذه الأيام ألاحظ أن أخاه (أخا زوجي الأعزب) الذي يصغره بخمس سنوات يحاول التقرب مني، وأشعر أنه يريدني من بعيد، ويحبني، وأنا صراحة معجبة به وبشخصيته.. ففي أحد الأيام عندما كنت في زيارة لدار أهل زوجي المتوفى -حيث إنني الآن أعيش في دار أهلي - أخذني بعيدا عن أهله، وقال لي بالحرف الواحد: "فكري في المستقبل.. فكري في مستقبل ابنتك من الذي سيربيها و... و.. و.. فكري في مستقبلك أنت.. أنا لا أرضاها أن تكوني مع شخص آخر من بعد أخي غيري...".
وصراحة أعجبت بكلامه مع أنه ليس بجديد علي، ولكن لأنه هو قائل هذا الكلام.. والكل من حولي وخاصة أهلي وأقربائي كانوا كثيرا ما يلمحون ويتكلمون معي بطريقة غير مباشرة حول هذا الموضوع.
المشكلة أيها الإخوة أنني أخاف كثيرا من المستقبل وأوسوس كثيرا، حيث إنني أخشى أن يتكرر نفس الشيء معه ويموت مثله.. صحيح أن الموت ليس بالعدوى، ولكن كثيرا ما تراودني أفكار أنه سيموت ويتكرر نفس الشيء معه.
فأنا من طبيعتي أنني عندي "الحاسة السادسة" قوية، فكثيرا ما أتوقع أشياء، وفعلا تحدث على أرض الواقع
أخشى أن أتزوجه ويتكرر نفس الشيء معه.
01/03/2024
رد المستشار
الابنة الفاضلة "سارة" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
أبدأ أولا بمباركة ما يباركه الأهل (الكل من حولي وخاصة أهلي وأقربائي كانوا كثيرا ما يلمحون ويتكلمون معي بطريقة غير مباشرة حول هذا الموضوع) ويباركه العقل، ويباركه القلب (وأنا صراحة معجبة به وبشخصيته) يا "سارة".
الخوف بشكل عام من المستقبل يمكن أن يكون خبرة بشرية عامة في النطاق الطبيعي كما يمكن أن يكون علامة على اضطراب القلق المعمم، وأما أفكارك التشاؤمية وموضوع الحاسة السادسة فيجب أن يضبطا بمفاهيمنا العقائدية المشتركة، التشاؤم أو التطير مذموم شرعا بلا جدال، بينما التفاؤل أو التيمن مندوب (مستحب) شرعا، وأما الحاسة السادسة فيجب أيضًا ألا تقنعك بأنك تطلعين على الغيب!!!
بالتالي بدلا من (أخشى أن يتكرر نفس الشيء معه ويموت مثله..) = تشاؤم (آمل أن يعوضني الله وابنتي زوجا وأبا بديلا) = تفاؤل... هكذا تحسنين الظن بالله عز وجل، وهو القائل على لسان رسوله محمد عليه الصلاة والسلام "أنا عند حسن ظن عبدي بي" كما في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا [أمر الله عز وجل بعبد إلى النار، فلما وقف على شفتها التفت فقال: أما والله يا رب إن كان ظني بك لحسن، فقال الله عز وجل ردوه أنا عند حسن ظن عبدي بي] رواه البيهقي.
عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ "لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ، الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ" وفي هذا الحديث نهي واضح عن التطير، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تطير" صدقَ صلى الله عليه وسلم أي ليس منا من تشاءم أو اعتقد النحس.
وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم طريقة الخلاص من التشاؤم والتطير بقوله: "إذا عرض لأحدكم تشاؤم وتطير فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يصرف السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك" صدقَ صلى الله عليه وسلم، رواهُ أبو داود والبيهقي.
إذن فعلاج التشاؤم بشكل عملي، هو المضي قدماً إلى الأمام في كل عمل من غير تحول ولا تردد ومن غير وسوسة ولا تقهقر، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا تطيرت فامض، وإذا حسدت فلا تبغ وإذا ظننت فلا تحقق" صدقَ صلى الله عليه وسلم، رواهُ الطبراني.
وأما حكاية (عندي "الحاسة السادسة" قوية، فكثيرا ما أتوقع أشياء، وفعلا تحدث على أرض الواقع..) فإن عليك تهذيبها أولا بمعنى عدم الإفراط في تصديقها، بل ولعل من الأفضل عدم تناول الأمر في أحاديثك مع الناس، الحاسة السادسة ومثلها من الظواهر التي لا تفسر علميا حتى الآن نادرا ما تجلب خيرا على أصحابها، والمعاناة الناجمة عنها أو عن مخاوف تبنى عليها كثيرا ما تكون هباءً ودون علاقة بواقع الأشياء، ولعل حديثا مني تقدم في هذا الشأن ضمن استشارات عدة أذكر منها:
أحلام الموسوس: وسواس قهري الموت!
اندماج الحلم الشخص: أحلام الموسوسين!
عن أحلام الموسوسين بين التجاهل والتعايش
على بركة الله إذن وافقي على الارتباط بهذا الشخص واستخيري الله وتوقعي الخير الكثير، وكل عام وأنت بخير، رب رمضان كريم.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.