السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أعرف موقعكم إلا منذ يومين فقط والحمد لله أنني عرفته، كنت أقرأ ردودكم على مشاكل البنات، وأشعر بصدقكم وحبكم للخير، وشعرت بحنان يغمر ردودكم وحكمة وعقلانية أيضا، لقد تشجعت لأكتب لكم عن همّ أصبح يؤرقني ويشعرني بأني غير البنات وعذرا في البداية على الإطالة فليس لي بعد الله إلا أنتم. وعذراً إن كان كلامي متشعبا.
أنا فتاة جميلة بشهادة الجميع، وطيبة والكل يذكرني بخير ولله الحمد، مثقفة ومتفوقة في دراستي، لن أطيل في وصف نفسي ومحاسنها؛ فهذا من أقبح المديح، ولكن ذكرت بعضها؛ لأن ذلك يتعلق بمشكلتي، لم يتقدم لخطبتي أحد، وعمري الآن 24 سنة.
في مجتمعنا مهما كانت الفتاة جميلة لكنها سمراء اللون، فهذا يعتبر عيبا، يقولون جميلة ولكن سمراء، أنا قبلية ولكن حنطية، ربما ينظر لي الناس مثلما أسمعهم يقولون، ومن عندها كمبيوتر وإنترنت فيحكمون عليها بأنها "قليلة أدب"، ويطعنون في أخلاقها، وأنا عندي كمبيوتر وإنترنت.. هذه نظرة مجتمعنا.
والدي ذو سمعة طيبة وأمي وإخواني، وعائلتي، والدي معروف بين الناس بكرمه وطيب أخلاقه مثل جدي، ونحن بخير ولله الحمد، وكان البنات يقلن لي تخرجي والخطاب سيكسرون باب بيتكم، والدك سمعته مثل جنيه الذهب، ومن هذا الكلام، الحمد لله على كل حال، أصبحت أفكر لماذا لم يخطبني أحد.. أحيانا أخاف أن أحدا تكلم علي عند الناس بأشياء ليست فيّ، أو أن فيّ عين... هل هذا ابتلاء من الله؟ الله أعلم
والدي عندما يتزوج البنات أو يتم عقد قرانهن يتساءل.. لماذا لم يخطب بناتي أحد؟ مع العلم أن أخواتي صغيرات، وأنا الكبيرة، يقول هذا الكلام لأمي، وأمي تقول لي هذا الكلام، وما تدري أنها تعذبني بهذا الكلام، إخوتي الذكور متزوجون، أحدهم يقول لي وكأنه يمازحني اذهبي إلى الأفراح لكي يخطبوك.
قدر الله وما شاء فعل، والحمد لله على كل حال، أدعو الله دوما بالزوج الصالح والذرية الصالحة، أحيانا أشعر بأنني سأتزوج، وسأخطب يوما ما، وأشعر بطمأنينة، أشعر بضغط كبير أرجو أن تخففوا عني، كيف ينظر لي والدي وإخواني، معارفي إذا سألوا أمي تقول يأتيها خطاب، ولكن لم يأت النصيب، يعلم الله أنني صابرة، ولكنني أحيانا أخاف، فعندما أقرأ في المجلات مثل حالتي في صفحة "مذكرات عانس" أخاف أن أصبح مثلهن.
أحيانا أقول لن أفكر في الزواج، وأيأس منه، ولكن أرجع وأقول الله على كل شيء قدير، لا ييأس من رحمة ربه إلا الظالمون، أحب الله وأرجو رحمته، سيعطيني الله على نيتي، أنا لي هدف من الزواج، أن أسعد من سيكون من نصيبي، وأربي أبنائي تربية إسلامية صحيحة؛ لتفتخر بهم الأمة الإسلامية، حتى أنني أقرأ كيف تسعد المرأة زوجها، وكيف تتصرف، ومن هذه الأمور التي سأستفيد منها إذا تزوجت بإذن الله.
يعلم الله ما في قلبي من أمور سيطول الحديث عنها، تمر الأيام والأيام ولم يتصل أحد ليطلبني، صبروني جزاكم الله خيرا، لا أريد أن أيأس من فضل الله، عندما تخطب فتاة أو تتزوج يتجدد ألمي، ليس حسدا لهن، ولكن أتذكر ما أنا فيه، ووالدي سيفكر بالتأكيد في حالي، والدي طيب وأحبه وأعلم أن سؤاله ليس بسبب أنه ملّ مني، فله الحق في تساؤله ولكني أشعر بألم.
ساعدوني هل أنسى أمر الزواج ولا أفكر فيه؟ وكيف أعيش باقي أيامي؟ أتمنى أن تكونوا فهمتموني، أنسى أمر الزواج ولا أشعر باليأس، بل لا أفكر في هذا الأمر ما رأيكم؟ لا أريد أن أقنط من رحمة الله، أحلم بأطفال ألعب معهم حتى إنني أتخيلهم، أسأل الله أن يرزقني بالذرية الصالحة.
دعواتكم لي إخوة الإسلام بالزوج الصالح الذي يخاف الله ويحبه ويرجو رحمته. اللهم أغننا بحلالك عن حرامك وبطاعتك عن معصيتك وبفضلك عمن سواك. ذكروني برحمة الله، صبروني وابعثوا الأمل في قلبي وأعينوني بعد الله على نفسي والشيطان.
14/12/2023
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لن يجد الشيطان طريقا للمستغفرين، فعليك بنفسك تضيق المكان عليه بكثرة الاستغفار وتذكري قوله تعالى "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله" وأيضا بنيتي لا تقنطي من رحمة الله، فلا يقنط من رحمة الله إلا القوم الكافرون، نعوذ بالله أن نكون نحن أو أنت منهم.
تشعرين بالضيق لتأخر زواجك من وجهة نظرك، بينما وجهة النظر العامة للحياة في وقتنا الحاضر حتى في مجتمعك لا تعتبر عمر الرابعة والعشرين متأخرا، ولا كبيرا للزواج. تعرفين أن الإيمان ينفع المؤمنين وقت الشدة كما يقول رب العالمين، ولو اعتبرنا طول انتظارك لزوجك شدة فإيمانك ينفعك في انتظار قضاء حاجتك. تعلمين أنه لو اجتمعت الإنس والجن على أن ينفعوك بما لم يكتبه الله فلن ينفعوك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك فلن يضروك.
يتراجع أثر ودور لون بشرتك، وأثر اختلاف نمط حياتك من حيث أن لديك "كمبيوتر وانترنت" -تحسنين بإذن الله استخدامه في التزود بالعلم النافع- في تسريع أو تأخير زواجك، الإيمان ليس كلمات بل منهاج حياة، ونحن نوقن أن ما أصابنا ما كان ليخطئنا، وما أخطأنا ما كان ليصيبنا، من هنا تأتي قوة المسلم وتفاؤله. وتذكري أن أمر المؤمن كله خير، وليس هذا لأحد غير المؤمن، إن أصابه خير شكر، وهذا خير، وإن أصابه شر صبر، وهذا خير، كما علمنا الرسول عليه الصلاة والسلام، واعلمي أن الإيمان يزيد وينقص فلا تجزعي عند نقصانه بل جدديه بالمزيد من الطاعات.
نأتي للشق الاجتماعي بعد الديني قد يكون لطريقة تصرفك أو اعتزازك الواضح بأسرتك، ومكانة والدك، وثقتك بنفسك دور في تنفير البعض منك عندما يساء فهمها على أنها غرور، انتبهي لنفسك في تعاملك مع زميلاتك ومعارفك؛ كي لا تتركي مثل هذا الانطباع الذي يجعل الكثيرون يهابون مجرد التقدم، ونحن بالمناسبة لا نريد مزايدة في عدد الخاطبين، بل نريد خاطبا واحدا مناسبا يقضي الله به حاجتك دون عناء وحيرة بين الكثيرين منهم.
يعاني عزيزتي من يجعل حياته محصورة في تحقيق هدف واحد مهما كان ساميا أو مطلبا أساسيا، كما يعاني من يوقف سعادته على أمر واحد مهما كانت قناعته أو رغبته فيه، بل يعتبر هذا من أشكال التفكير غير العقلاني؛ فالحياة أطول من مجرد لحظة، وأوسع من أن نحصرها في هدف واحد.
السعادة أنواع ودرجات، تتنوع معها مصادرها وسبل الوصول إليها، وينطبق هذا على هدف رغبتك في الزواج، ورغبتك في العطاء سواء لزوجك كما تقولين أو لأمتك من خلال تنشئتك لأولادك، يمكنك إشباع رغبتك في إسعاد الآخرين في أبواب المحتاجين وهم كثر، يمكنك إشباع وإنفاذ قيمك التربوية في جميع صغار الأمة دون أن تنجبيهم.
قد ترين كلامي في لحظة ما مثاليا، لكنه واقعي يناسب طلبك بأن نصبرك والتصبير لا يكون إلا بالتفكير المنطقي، ويشير عليك التفكير الواقعي بزيارة لـ"نادي المطلقات" على الموقع، لتقرئي عزيزتي كيف كان ما تحلمين به وتحزنين لتأخره سببا في تعاسة الكثيرات، أسأل الله أن يعينك وإياهن على التمتع بما أنعم الله، واحتساب ما منع، واليقين بأنه أرحم الراحمين إن أعطى أو منع.
لا شك أن مشاركة الناس مناسباتهم مثل الأفراح هي وسيلة للتواصل مع الناس وشيء مما نحتاجه من مساحة معارف اجتماعية إن لم تساعد زوجك في الاستدلال عليك، فستزودك بخبرات تفيدك في حياتك فلا تعتزلي الناس بل شاركيهم مناسباتهم. ولا تحزني من قول والدك أو إخوتك ولا تشعري بالذنب لاحتباس رزقك فأنا أرى كلامهم اهتماما بك، ووعيا بحالك لم تشغلهم عنه حياتهم الخاصة.
لكل منا حياته التي تصنعها قراراته وإيجابيته أو سلبيته بعد قضاء الله عليه؛ فليس كل العوانس يائسات بائسات، ولا كل المتزوجات فرحات مستقرات، وسِّـعي نظرتك العامة للحياة، وتجنبي تصنيف الناس ضمن فئات؛ فحتى بين المطلقات هناك من كان طلاقهن سببا للسعادة؛ فتذكري أن السعادة أنواع ولها مصادر عدة فإن فاتك أحدها فلا تخسري الباقي.
وتذكري أن من رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وما أدرانا بأن يكون رب العالمين استجاب دعاؤك قبل ظهور الإجابة، لا تقصري تفكيرك فيما ينقصك من الحياة دون أن تنسي طلبه بما هو متاح لك، ومشروع من دعاء فأنت تعلمين أننا أمة وسط لا نيأس ولا نندفع.
واقرئي أيضًا:
نفس اجتماعي: انتظار شريك الحياة