بسم الله الرحمن الرحيم..
كانت لدي مشاكل كثيرة مع زوجتي، فأنا متزوج منذ حوالي 7 سنوات، ولدي 3 أولاد منها، مشاكلي معها كانت كثيرة، تطابق كثيرا مما قرأت في مشاكل غيري والواقع أن أكثر ما عرض من مشاكل توفر في وفي زوجتي؛ من زوجه مزعجة.. إلى البرود.. إلى غير ذلك مما عُرض من مشاكل زواج، لكن قبل أن أكتب لكم قرأت المشاكل المطروحة من غيري والإجابات عليها، ووصلت إلى السبب الرئيسي في مشاكلي ألا وهي أنا، فجميع الكتابات كانت تتحدث عن المشاكل التي تحدث من الزوجة باعتبارها هي السبب فيها، دون أن ينظر المرء منا إلى أن له دورا كبيرا فيها، بل ربما هو السبب الحقيقي.
نعم أنا داعية ناجح، وابن بار، وصديق رائع، ومرشد ممتاز، وطالب مجتهد محبوب من مدرسيه، وعامل مخلص متفانٍ محل تقدير من مرءوسيه، لكنني بخلاف ذلك كله في بيتي.. لماذا؟ لأني كنت أعطي الجميع، وأصبر وأحتمل، وأستمع، وأناقش وأحلل للجميع، ما عدا أهل بيتي، كان المنزل بالنسبة لي محطة أتزود منها للعطاء، لكن لإعطاء الجميع، لكني نسيت أن هذه المحطة هي بحاجة أيضا للعطاء، ومن هنا أدركت بحمد الله ذلك من خلال مطالعتي لمشاكل وحلول للشباب خاصة للإجابات التي يقدمها د. أحمد عبد الله –جزاه عني كل خير-، وكم أتمنى أن أراسله ويراسلني، ويزيدني في التعرف عليه على عنواني البريدي، أو إعطائي عنوانه البريدي، فإني أحبه في الله، وأرغب في صحبته، فنعم الصحبة هو، نعم أصبحت أدخل بيتي وكل نيتي أن أكون مع أهل بيتي كما أنا مع غيرهم، وهنا كانت المفاجأة التي لم تخطر على بالي، تغير كل شيء بواقع 180 درجة، لا شجار، لا نكد لا… لا… لا…
لا شيء مما سبق، لا يعني هذا أن الحال أصبح مئة في المئة، لكن جذور الحب والتفاهم بدأت بالنمو والتشعب في محيطها، نعم أصبحت لا أقول: لماذا لم يُفعل كذا؟ بل أعمل وأساعد لكي يكون كذا، وبعدها ما عدت أعمل شيئًا؛ فقد أصبح كل شيء يُعمل كما أحب وبدون أن أتكلم ولو كلمة واحدة، نعم أحبتي في الله أعطوا ما استطعتم، وقدموا دون أن يكون في أنفسكم رغبة في أن تأخذ في المقابل، وستجد العجب العجاب، حتى ولو لم تجد تذكر أن الدنيا دار نقص، وأن الكمال في الآخرة، وأن سلعة الله غالية، وأن من أكبر السبل لولوجها الصبر، واعلم أن الزمن علاج، وما السنوات إلا خطوة في طريق الحل والتحسن، واختبر ذلك على نفسك في إصلاح عيب فيك، وانظر إلى المدة التي تستغرقها في إصلاحه، نعم أخي الحبيب، أعط، وأعط، واصبر في المقابل، وإني على يقين من تجربتي أن الوضع سيتغير، نعم سيأخذ زمنًا، ولكنه سيتغير وستتذوق حلاوة هذا التغير بنفسك.
إن غالبية المشاكل التي تُطرح، هذا هو سببها: الجميع يريد.. الجميع يشكو من غيره، ولكن ماذا أعطيت؟ وماذا قدمت؟ وما مدى تفانيك في العطاء؟ وما مدى صبرك على التقصير في حقك وواجباتك؟ وهل القوامة إلا هذا؟ وهل الزوجية إلا هذا؟ نعم ساعد، ورفِّه، وأهدِ، وقبِّل، وجامل، وجامع، وطور، وثقف، واصبر، وستجد مع الزمن كل ما كنت تطلبه من زوجك قد تحقق، أو ما كنت تأمل أنك ستجده مع غيرها.. بل ستجد شيئًا جديدًا مُعينًا لك في جميع جوانب حياتك، يدفعك للعطاء، ويأخذ على نفسك كثيرا ليحقق لك ما تحب، حينها ستشعر بمعنى السكن والمودة والحب والسعادة، نعم لقد غاب عني هذا المعنى كثيرا، حتى وجدته بحمد الله من خلال الأجوبة على المشاكل المطروحة، وأقترح للإخوة العاملين ما يلي:
1. ربط الإجابات بشكل أكبر بأن الدنيا دار نقص، وأن طلب الكمال إنما يكون في الآخرة.
2. تقديم الأسئلة التي فيها تجارب سابقين تم التغلب فيها على المشكلة؛ لما لها من أثر تشجيعي للقارئ، وهذا يدخل تحت منهج "بشروا".
3. عمل خانة تعريفية بالإخوة العاملين في الموقع، وخبراتهم ليزيد القارئ في مدى الثقة بالإجابة على حلوله، ولزيادة التعارف.
4. تقديم الاستشارات ذات الحلول العامة، مثل سيكولوجية الرجل الشرقي، ومشاكل التخلص من الإباحية في الإنترنت والتلفاز، والاستمناء، وكيفية اختيار شريك الحياة. وأقترح أن تكون هنالك مشاركات في وسائل مساعدة المرأة على تطوير نفسها لزوجها في خلال فترات عمرها الزواجي المختلفة، فخبرة النساء في ذلك قليلة.
15/12/2023
رد المستشار
الأخ الكريم..
رسالتك ستكون من معالم مسيرة صفحتنا؛ لأنها تضع خطوطًا واضحة تحت الكثير مما نريد قوله، ونتمنى أن يكون جمهور الصفحة متنوعًا في ثقافته واهتماماته وفى غايته من الاطلاع عليها:
- هناك من يحرص على زيارتها فضولا وحب استطلاع، ويريد أن يعرف ماذا يحدث في حياة الآخرين من حوله؟ ويسعد لرؤيتهم عرايا من كل ستر يصفون ما وراء الأستار والكواليس والأقنعة.
- وهناك من يزور صفحتنا اهتماما بأحوال المسلمين، ورغبة في الاطلاع على مشاكلهم التي نتجت عن أسباب كثيرة، منها: البعد عن الله بحسب ما يرى الكثيرون، وليطمئن كيف أن الإسلام لديه الحل أو على الأقل التصويب في التحليل الصحيح لكل مشكلة؛ فتكون صفحتنا عند هؤلاء شهادة متجددة بالنجاح للإسلام الذي يؤمنون به ويحبونه.
- وهناك من يزور صفحتنا ليتعلم شيئًا جديدًا يفيده في دينه أو دنياه، وربما وجد ما يستنفر مشاعره أو قلمه فيكتب لنا، أو يتحدث مع من حوله فيروى لهم ما قرأه عندنا.. ولا شيء بعد ذلك، وهناك أصناف أخرى كثيرة وأغراض قد تتداخل وتتعدد، أما أنت يا أخي ففعلت ما نرجو أن يكون هو حالة الأغلبية من أصدقائنا وزوار صفحتنا، فأنت أطرقت سمعك تنصت بتركيز، وتتأمل فيما نقوله بهدوء وعمق، ثم بدلا من أن تطرب من إدانة الآخرين للآخرين نظرت إلى نفسك فاستخدمت أضواءنا الكاشفة، وعدسات مجهرنا الإلكتروني، وأدوات تحليلنا وتعبيرنا لتفهم شخصيتك، وتنتقد عيوبك، وتضع برنامجًا لتطوير ذاتك.
عرفت يا أخي إذن فالزم هذا معنا، ومع كل كلام تسمعه، تأملت أنا في الآية الكريمة: "الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه"، والنحاة يقولون: إن الزيادة في مبنى الكلام -أي تركيبه- يعني زيادة في المعنى وتركيبه، والعرب يقولون: "الكلام الحسن حسن، وأحسن منه معناه، وأحسن من معناه العمل به"، وأنت لم تقف عند حد الإعجاب بالألفاظ أو المعاني، ولكن تجاوزت إلى الأحسن بالتطبيق على نفسك أولا.
- ولقد هزتني رسالتك عندما قرأتها لأول مرة، وأنا تمر بي أحيانًا حوادث أظن معها أنني أحمل بين جوانحي "جلمود صخر"، ثم أجد أمورًا تبكيني مثل طفل، فأحمد ربي على أن بين الضلوع قلبًا يشعر، ورسالتك هزتني ببساطة الاكتشاف الذي لمع في ضميرك، وغيَّرتَ به مسار حياتك مع أهلك، وربما مع العالم. وأقوى الاكتشافات ما يذهلك أنه كان موجودا أمام عينيك طوال الوقت، ولكنك كنت تجهل علاماته، أو تتجاهل إشاراته، وتعيش تسأل وتتساءل وتتعذب، والجواب أمامك وأنت لا تراه!! وأنا هزتني المفارقة، وهزني تعبيرك عن الاكتشاف، وأصدقك القول: إنني وجدت نفسي أتساءل تلقائيا: وماذا عني أنا؟! هل أراجع سيرتي ومسيرتي، وأقيس أفعالي على أقوالي، وما أمارسه على ما أعتقده أو أنتويه؟! وهل سيتساءل الآخرون مثلي؟! لقد فتحت برسالتك مسارًا، ونشرت صفحة في حياة كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، صفحة اسمها مسؤولية الأنا، وواجباتها، ونقد الذات قبل الآخرين.
- وهزتني المتوالية التي أطلقتها: ساعد، ورفه، وقبل... إلخ، كما هزتني تساؤلاتك: هل القوامة إلا هذا؟ وهل الزوجية إلا هذا؟ وتذكرت حبيبي ونور قلبي، وأسألك الدعاء أن أكون معه، والمرء مع من يحب، أتذكره وأبكي، وما نسيته عليه الصلاة والسلام، وكان خلقه القرآن؛ فكان ألين الناس جانبًا، وأطيبهم عشرة، وأحسنهم خلقًا، وخيرهم لأهله وأمته، وللبشرية جمعاء لمن أراد أن يتذكر أو يتعلم أو يقتدي.. فما منعه حياؤه وهو أشد الناس حياء من أن يعلمنا بسيرته كيف يكون الرجل مع أهل بيته، ونشر لنا وللعالمين معالم الصراط المستقيم الذي يرتقي بالإنسان حتى يكاد يلمس السماء بسموه وهو على الأرض يسير، ويقول لمن أراد القمة في العبادة ولو على حساب حاجات الجسد: "ألا أنني أعْبَدُكم لله، وأخشاكم له، وأنا أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" .. فهل نضيف جديدا ونحن نلتمس مسار خطواته الشريفة، ومنهاجه الأسمى، ونتخيله معنا –لو كان شاهدا– بماذا كان ينصح هنا، أو يرشد هناك؟!
وقد تستغرب أنت وتتساءل: ما الجديد في كلمات رسالتك، وهي مجرد تركيز وتلخيص لما نكرره ونعيده في صفحتنا؟ وأقول: إن طموحي أن تتطور كلماتنا فتنتقل من مرحلة الأفكار المتناثرة إلى الفكر المتسق المتكامل، ومن مرحلة الفكر إلى مرحلة المنهج. ورسالتك تتضمن إشارة إلى المنهج الذي نحاول الوصول إليه وتوصيله: المسؤولية الذاتية، والتأمل العميق، والبدء بالنفس، والتدريب والتدريج، والعودة إلى الأصول عودًا حميدًا، ومنها تقديم الفعل على شقشقة المواعظ، وأخذ النفس بالتعاليم بدلا من كثرة الحديث عن عظمتها وخلودها!!
ولا أذكر هل كان ابن مسعود أم أبو موسى الأشعري الذي طلب منه الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يتلو عليه القرآن، فسأله الصحابي مندهشا: "أتلوه عليك وعليك أنزل؟!!" فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إني أحب أن أسمعه من غيري، ونحن نناشد الإخوة والأخوات أن يكتبوا لنا في هذا الصدد، أي حول تجربتهم مع صفحتنا: ماذا تعلموا منها؟! والأهم كيف ساهمت في تغيير أفكارهم أو سلوكهم؟! وأن يفصحوا لنا كما فعلت أنت، وأرجو أن نستفيد من ملاحظاتك على أفضل وجه.
أشكرك يا أخي الكريم.. وأترك أغلب معاني رسالتك دون تعليق ففي بيانك ما يغنيني عن تكرار ما سبق أن قلته في إجابات سابقة، وأرجو ألا تنقطع عن مراسلتنا، وأن تكون من أصدقائنا الدائمين.
تبقى ملاحظتان:
الأولى أنني سأسعد بالتواصل معك، وأدعو الله أن يحبك كما أحببتني من أجله، ولكن سامحني إذا تأخرت عليك بالرد أحيانا لكثرة المشاغل.
أما الملاحظة الثانية فهي أننا جميعا رجالا ونساء نحتاج إلى تطوير أنفسنا في معاملة أهلنا وبيوتنا، وفى إدراكنا للعالم، وفهمنا للدين، فليس الجهل لدينا حكرا على النساء، وإن كان بحكم عزلتهن وحجب مشاركتهن يبدو أوسع للأسف.
ويتبع>>>: استمع قولنا: تعديل السلوك أم حرث الأرض؟ م