الوسواس القهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أصابني الوسواس القهري من صغري في سن التاسعة قريبا فكنت أصلي مع أخواتي وأعيد الصلاة ثم أصابني في الوضوء ثم عاد علي إلى الصلاة وكان وقتها لدي وسواس خفيف في النظافة
ولكن قبل عشر سنوات تقريبا أصابني وسواس انتشار النجاسة فكان هناك انتشار مخيف وتضخيم فأصبحت أطيل في استخدام الحمام بل أنني أحبس نفسي عن الحمام وأدخله مرة واحدة في اليوم لجأت للطب النفساني واستخدمت دواء فافرين وريدون كان كمهدئ ولكن لم يحل المشكلة
لجأت قبل أربعة أشهر للعلاج النفسي وكان هناك جلسات لمحاولة رفع الوعي والتكيف سؤالي: أعرف بأمر العفو عن سائر النجاسات ولكن لا أستطيع تطبيقها... فما هي نصيحتك في تقبل هذا الأمر؟
السؤال الثاني أخبرتني صديقتي أنه هناك تجربة قاموا بها العلماء أنه بعد استخدام المرحاض الإفرنجي وسحب السيفون بدون إغلاق الغطاء يتأثر الشخص الواقف في ملابسة وبدنه بآثار البراز مثلا فهل يجب غسل اللبس أو مجرد مسحه كافي أو أنها من المعفي عنها؟؟
أعتذر عن الإطالة فهناك مبادئ تعودت عليها في النظافة والمثالية تعودت عليها من صغري وأحاول الآن تغييرها لأنها أتعبتني
توجيهكم ومساعدتكم شكر الله سعيكم
19/12/2023
رد المستشار
المتصفحة الفاضلة "أم مازن" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
عرفتنا فقط أن بداية ظهور أعراض الوسواس بشكل مرضي لديك كان في التاسعة من العمر، ولكن لا نعرف ما سنك الحالي لأنك كتبت "مازن" في خانة السن، ثم عرفتنا أنك منذ عشر سنوات فقط وقعت في فخاخ دوامات وسواس النجاسة وتحاشي النجاسة وفرط الغسل للتطهير وصولا إلى تحاشي دخول الحمام ... هذه طبعا حالة مؤسفة، ولا يمكن علاجها لا بالعقاقير فقط ولا بالع.س.م CBT فقط ولابد من العلاج على يد معالج متمرس لأن جزءًا من الإجراءات يتعلق بتطبيع علاقتك كإنسان بالنجاسة لأن حاليا علاقة مختلة وهذا هو تفسير قولك (أعرف بأمر العفو عن سائل النجاسات ولكن لا أستطيع تطبيقها ...) وأما نصيحتنا في تقبل هذا الأمر؟ فهي العلاج السلوكي المعرفي بالتعرض ومنع الاستجابة تحتاجين إلى التدرب على الإحساس الطفيف أو حتى متوسط الشدة بالنجاسة وما قد يستدعيه من مشاعر التقزز والخوف مع الاستمرار في أداء أنشطتك العادية بما فيها العبادات.
الأصل في هذا الإجراء أن الموسوس يتنظف من أثر النجاسة على جسده بالاستنجاء بالماء أو (الاستجمار) والمطلوب ليس أن يشعر بزوال كل النجاسة (يقينا) وإنما أن يغلب على ظنه دون علاقة هنا بالإحساس وإنما باعتماد المتوقع عقلا أو ظنا فتعريض موضع النجاسة على الجسد لشطاف يرش الماء بقوة دفع متوسطة لمدة نصف دقيقة غالب الظن أنه يكفي ويؤخذ به في حال الصحيح، وأما في حالة الموسوس فيكفي أن يقول لنا أشك أن النجاسة زالت لنقول له تمام صح وتم استنجاؤك قومي لوضوئك وصلاتك ولا يستحب التفتيش بعد الاستنجاء للصحيح (ومنه المسح بالمنديل أي الاستجمار بعد الاستنجاء ثم انتظار أن لا يتغير لون المنديل وإلا فسيعيد، فما بالك بالموسوس يا "أم مازن").
أما بخصوص ما حكته صديقتك (تجربة قاموا بها العلماء أنه بعد استخدام المرحاض الفرنجي وسحب السيفون بدون إغلاق الغطاء يتأثر الشخص الواقف في ملابسة وبدنه بآثار البراز مثلا) فنرجو ألا تكون صديقتك التي قصت عليك موسوسة بالتلوث/النظافة و/أو التنجس/الطهارة، ونقول لك تعالي بالعقل أولا نتساءل عن دافع العلماء في الغرب لإجراء مثل هذه التجربة؟ لا يمكن، بل يستحيل أن يكون بدافع تحاشي النجاسة لأجل الطهارة فهذه مفاهيم لا يدركها العلم الحديث أو لا يهتم بها ولا حتى بدافع النظافة لأن الذرات المدعى أنها تصيب الشخص لا تؤثر فعليا على النظافة ولا العدوى إلا أن يكون من أجرى الدراسة نفسه مريضا بوسواس، لكن احتمالا وحيدا فقط يبقى وهو أن يكون إجراء دراسة (غير موضوعية بكل تأكيد) لإثبات مثل هذا (الانتشار الخفي للقذارة) ثم الإعلان عن مطهر ساحق ماحق يمكن أن يضاف إلى ماء السيفون أو عن قاعدة حمام مخصوصة لتحاشي هذا ... هكذا تكون الدراسة مغرضة لإخافة الناس لا خوفا عليهم وإنما لبيع منتج ما، يذكرني ذلك بمشهدين متكررين أحدهما يتعلق بالدراسات التي تجرى من حين لآخر لتثبت أن مخاوف بعض مرضى و.ت.غ.ق من لمس أوراق النقد المستعملة لوجود جراثيم عليها لها أساس علمي وكذلك بشركات بيع فلاتر المياه لتنقيتها للشرب حيث يعرض عليك المسوق تجربة لعينين من الماء إحداهما فلترها الفلتر الذي يسوق له والأخرى من صنبور الماء في بيتك وطبعا بوضع الجهاز الكاشف للتلوث وبالطبع تكتشف أنك تشرب ماء مليئا بالملوثات الحية والميتة ولكنك لا تراه إلا عندما تضع الكاشف، وهكذا إن صح شيء من التجارب المماثلة فليست نتائجه في الغالب إلا مبالغة في مبالغة.
ثم أخيرا يا "أم مازن" هداك الله أتحسبين الشرع يطالبنا بتحاشي ما لا نرى؟ أو تطهير ما لا نرى؟ أو الاحتراز مما لا نرى ولا يمكن الاحتراز منه؟ إن كنت تظنين ذلك فقد جانبت الصواب وتعمقت تعمقا مريضا... وردا على سؤالك المبني على تلك الأقصوصة عند (سحب السيفون بدون إغلاق الغطاء يتأثر الشخص الواقف في ملابسة وبدنه بآثار البراز مثلا فهل يجب غسل اللبس أو مجرد مسحه كافي أو أنها من المعفي عنها؟؟) هي بكل تأكيد من المعفو عنها ودعيني أقول لك وأجري على الله النجاسة يا "أم مازن" لا تصبح نجاسة إلا عندما تقول لك بجلاء أنا نجاسة طبعا القول هنا بالرؤية أو الشم وليس الأمر بالعقل، بل إننا أحيانا لو اتبعناه لأفسد علينا نعمة التيسير على النفس والتي حثنا عليها شرعنا الحنيف وستعرفين أكثر عندما تقرئين شروط الحكم بنجاسة شيء في عدة قواعد فقهية تجدين تفصيلها في الإحالات أدناه.
وسواس انتقال النجاسة دور القواعد الفقهية!
وسواس انتقال النجاسة قواعد مفيدة!
وسواس النجاسة: الوسوسة تسقط التكليف!
وسواس النجاسة: الوسوسة تسقط التكليف! م
وسواس النجاسة: القاعدة هي التطنيش+عدم التفتيش!
وأخيرا أصل إلى ما ختمت به (هناك مبادئ تعودت عليها في النظافة والمثالية تعودت عليها من صغري) ويشير إلى عمق فهمك للب مشكلاتك فالإفراط في التنظيف وليس النظافة، وكمالية المعايير والمخاوف أي الكمالية السريرية وليس المثالية هي من المحمودات في الصغر التي تؤذي من لا يرأف بنفسه عندما يكبر وربما يرافقه الشعور بالنقص والضعف وربما تحاصره المخاوف الكمالية المعيقة، وحين يضم عباداته لكماليته فإنه لابد يقع فريسة للوسواس القهري عرض وسواس الذنب التعمق القهري و.ذ.ت.ق... ولا شك أن قولك: (وأحاول الآن تغييرها لأنها أتعبتني) مبشر بالنجاح في العلاج الذي لن يكون لا سهلا ولا قصيرا ويمكن معرفة لماذا وكيف يكون هذا من قراءة مقالين هما بمثابة مقدمة مختصرة لمحاولة علاج الكمالية السريرية:
علاج و.ل.ت.ق الكمالية السريرية!(1-2)
طبعا واضح أنك بحاجة إلى خطة علاج متكاملة فتواصلي مع معالجيك واطلبي مختصا بعلاج الوساوس والقهور الدينية وليس أي معالج سلوكي معرفي.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات