هو ممكن؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لم أعد أشعر بحياتي وهي تجري ولم أحقق أي شيء أو هدف، أنا أفقد أحاسيسي تدريجيا، قلبي يؤلمني ألما عظيما
في العمل، لقد وضعوني في الاستقبال، يعني أستقبل شكاوي الناس، مصييييييييبة، لا أستطيع الرفض، لأني تعودت على عدم الشكوى والتكلم ومناقشة أمور العمل مع المدير، تعودت على عدم الدفاع عن حقي، تعودت على التنمر والضحك علي، تعودت على الاستهزاء بي. لا استطيع فعل شيء. والله أجلس أتكلم مع الزبائن وقلبي ينبض وريقي ينشف أحيانا، والمشكلة العويصة هي الحركات اللاإرادية أو التيكات، يعني يدي ترجف أحيانا، جفن عيني يرمش ويتحرك، معدتي تتحرك أحيانا، ... ولا أستطيع إخفاء ذلك ولا أدري إن كان الزبائن يلاحظون ذلك.. ضغط كبير، عدد كثير ينتظر ومعظمهم واقف وينظرون إلي، ويبدأ الرهاب والوساوس تلعب لعبها في عقلي حتى أني أحيانا أنسى ما قاله الزبون وأنسى أين وضعت ملفه وارتبك.
يا الله.. ولدي نقص في التواصل وإيصال المعلومة، وأتلخبط في الكلام أحيانا وضعف ثقة واحتقار النفس وشعور كبير جدا بالذنب، أحيانا يصرخ الزبائن في وجهي ولا أرد ويبدؤون في الانتقادات السلبية في الشركة والبلاد والرئيس... وحتى داخل العمل زملائي لا يقدرونني، لا يحترمون كلامي، لا يعطوني قيمة، لا يساعدونني (هناك فقط حوالي 4 أشخاص علاقتي جيدة جدا معهم ويفهمون وضعي وهم محترمون ومثقفون ومنهم أخ ملتزم). الكثير خدعني واستغلني وكذب علي. استغلوا طيبتي وضعفي وانكساري لأني صارحتهم بأمراضي النفسية والعقلية وما أواجهه يوميا من رهاب ووساوس واكتئاب ومخاوف في كل مكان. (هناك بعض الزبائن لدي معهم علاقة جيدة وبعض الاصدقاء)
لقد توصلت لحل وهو أني سأرضى بكل أمراضي واضطراباتي وسأتعايش معها، سأتعايش مع الجحيم، لن أهتم بأي شيء، تعبت من كل النواحي، فليتنمروا وليصرخوا وليغتابوا وليتنمموا في كما أرادوا، أعلم أني لا أستطيع الرد، تعودت على الصمت منذ صغري، لم أتعلم الدفاع عن نفسي والآن أنا في عمر 33 خلص فات الأوان. سأعيش بجراحي العميقة وبآهاتي وأحزاني ومخاوفي. هناك الله، يفعل ما يريد ويرى ما يقع. أصبحت أخاف من نظرات الناس وأخاف من النساء، ليس لدي أي تجربة معهم. سأستجمع قواي وأصارح والدي وعائلتي أني خلص، لا يتكلون علي، لا أستطيع تلبية آمالهم وما يطمعون ويتمنون في من زواج ومنصب وحياة سعيدة.
لا إله إلا الله. ليش الطيب في هذا الزمان يعفسون عليه ويحتقرونه ويركبونه ويحملونه ما لا طاقة به ويستغلونه؟ ليش وصلت القلوب لهذه الحالة؟
ليش الخداع والنفاق والغيبة والكذب؟ (إلا من رحم ربي، هناك بعض الطيبيين والطيبات النقيين الصافين). سأبقى بطيبتي وأخلاقي مهما كان
25/12/2023
رد المستشار
شكراً على مشاركتك الموقع بتجربتك التي تمثل ما نسميه علاج القبول والالتزام ACT: Acceptance and Commitment Therapy. علاج القبول والالتزام هو علاج سلوكي يرتكز على الوعي الذهني متحدياً القواعد الأساسية لمعظم العلاجات النفسانية مستخدماً مزيجاً انتقائياً من الاستعارة، المفارقة، مهارات الوعي الذهني إلى جانب مجموعة واسعة من التمارين التجريبية والتدخلات السلوكية الموجهة بالقيم الذاتية للفرد. هذا العلاج له استعمالاته المتعددة في العديد من الاضطرابات النفسانية مثل الاكتئاب المزمن، اضطراب الحصار المعرفي (الوسواس القهري)، القلق بأنواعه، الإجهاد في مكان العمل، الألم المزمن، اضطراب كرب تالي للرضح، الذهان المزمن، والإدمان. هذا العلاج له نتائجه الإيجابية ودوماً يؤدي إلى انخفاض احتمال الدخول إلى مصحة للاضطرابات النفسانية، تغيير العقاقير، والمراجعات السريرية.
من مفارقات هذا العلاج النفساني هو اختصاره في اللغة الإنكليزية إلى مصطلح فعل ACT، وهذا ما يحدث فعلاً فالمراجع هو الذي يتخذ إجراءات فعالة تستند على قيمه الفردية الخاصة به الذي يدركها هو نفسه، وبالتالي يتوجه صوب حياة ذات معنى. يقبل الإنسان بأن الحياة لا تخلو أبداً من مواجهة موانع على شكل تجارب خاصة غير سارة ولا مرغوب فيها ويشمل ذلك أفكار، صور ذهنية، أحاسيس، مشاعر، حوافز، وذكريات. من خلال هذا العلاج السلوكي يستخدم الفرد يقظته الواعية الذهنية كوسيلة للتعامل مع هذه التجارب الخاصة.
الحديث عن اليقظة الواعية الذهنية في هذا الإطار يعني وعي الإنسان بتجربته الحالية مع الانفتاح عليها، الاهتمام فيها، والقبول بها. يعيش الإنسان في حاضره وينخرط بشكل كامل في ما يفعله ويتفاعل مع من حوله بدلاً من الضياع في أفكاره ويسمح لمشاعره القدوم والذهاب كما تشاء بدلاً من ضياع الجهد في محاولات يائسة للسيطرة عليها. ما يفعله الإنسان هو استقبال تجربته الخاصة والانفتاح عليها راضياً بالذكريات والمشاعر والأحاسيس المؤلمة وبالتالي يشعر الإنسان بأن كل ذلك أقل تهديداً وليس كما يظن بأنها تجارب لا تطاق.
القاعدة الأساسية التي تستند عليها العلاجات النفسانية عموماً أن هناك حالة نفسانية طبيعية صحية. على الرغم بأن ما هو طبيعي وصحي لا يتم تعريفه بصورة واضحة بل ولا يمكن تعريفه. يفترض علاج القبول والالتزام بأن العمليات الإنسانية للعقل البشري الطبيعي غالبا ما تكون مؤلمة وتخلق معاناة نفسانية واستهداف تقليل الأعراض لا يجب أن يكون هدفاً للعلاج بل على العكس من ذلك أن المحاولات المستمرة للتخلص من الأعراض يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات طبنفسانية سريرية.
إن ما تفعله هو عين الصواب والآن دخلت في مرحلة قبول أن ما تستدركه من مشاعر وأحاسيس مؤلمة هي في الحقيقة حميدة الإطار وووقتية وليست دائمة ليس هناك من هو طبيعي تماما وأنت لا تختلف عن بقية البشر ولا تحتاج إلى معالج أو طبيب نفساني،
وفقك الله.وقد يساعدك أن تقرأ هذا المقال جيدا: علاج القبول والالتزام والصحة النفسانية الحاضرة