السلام عليكم ورحمة الله
تحية طيبة، حقيقة أنا وزوجي من القراء المتابعين للموقع ومن أشد المعجبين به، وقد أفادنا كثيرًا منذ فترة الخطوبة وبعد الزواج، وقد قرأنا العديد من الاستشارات والردود وكنا نناقشها معًا.
أما مشكلتي فهي: أنا متزوجة منذ أربع سنوات وكنت أعاني من مشكلة الحمل والسقط المتكرر، واستشرنا العديد من الأطباء الذين أقروا أنني وزوجي في أحسن حال ولا يوجد في أيٍّ منا عيب يسبب هذه المشكلة وما زلنا نعاني منها. المهم أنني منذ تزوجت لم أشعر قط بما يسمى "النشوة الجنسية"، بل إن موضوع العلاقة الجنسية لا يسبب لي إلا كل الهم والضيق والألم، رغم أن زوجي زوج مثالي وأنا أحبه جدًّا وهو كذلك، ولكنني أحب أُنسه وأن يكون لي صديقًا -ونحن بالفعل كذلك "أصدقاء"- فنحن على وفاق تام في التفكير والآراء، ولكن موضوع العلاقة الجنسية هو الهم الأكبر في حياتي، حاولت في بداية الزواج أن أسأل طبيبًا متخصصًا، فربما يكون عندي سبب عضوي لهذا الألم الذي أشعر به عند الجماع ولكنه نفى وجود أي سبب.
مع العلم أننا جربنا كل أوضاع الجماع تقريبًا ولم أجد ضالتي وكذلك المداعبة قبلها، ولكنها تأتي معي بشكل عكسي؛ لأنني أشعر بالتهاب في بداية فتحة المهبل من كثرة الاحتكاك فيكون هناك شعور مؤلم ويؤذيني، لقد أجريت لي عملية الختان وأنا صغيرة فهل هذا هو حقًّا السبب كما سمعت كثيرًا في وسائل الإعلام؟
هناك أيضًا مشكلة أخرى وهي أنني شديدة الحساسية لأمور النظافة، فزوجي دائمًا ما يشير أنني "أنفة" وأنني أربط كل شيء في حياتي بالنظافة، وأنا أرى أن هذه النقطة موجودة وعادية، ولكن زوجي يراها زائدة عن الحد، فماذا أفعل فأنا رزقت بحواس شديدة الإحساس والتأثر فلا أستطيع تحمل أي رائحة غير جيدة، ولا أتحمل أي ملمس للغير على يدي، ولا أتقبل من زوجي قبلة عند رجوعه للبيت مباشرة، كذلك إنني أتأذى من القبلة الفمية؛ لأنني لا أرى فيها أي نوع من المتعة إلا أنها وسيلة لنقل الأمراض.
كذلك أنا إنسانة يتغلب علي العقل أكثر من العاطفة؛ ولذلك لا أرى أي أهمية في أمر الجماع إلا للإنجاب فقط؛ ولذلك يكون الجماع عندنا على أشده في فترة التبييض فقط بناء على تعليمات الطبيب، حيث تكون فيها بكثرة، ولكني بعدها أكون قد استنفدت كل طاقتي النفسية لتقبل هذا الأمر، فمن الممكن أن أرفض هذا الأمر لعدة أسابيع بعده؛ وهو ما يجعلني أشعر دائمًا بالإحساس بالذنب تجاه زوجي الذي هو دائمًا مقدر لمشاعري أو أنني أقبل هذا الأمر، حيث أقوم بالتمثيل على زوجي أنني سعيدة به، ولكني أجد نفسي بعدها أن طاقة تحملي قد انتهت.
لدرجة أنني اقترحت على زوجي بالزواج بأخرى -مع قسوة هذا الأمر اجتماعيًّا عليّ وعلى أسرتي- حتى أضمن لنفسي الحبيب والصديق وأضمن له المتعة الشخصية، ولكنه رفض بشدة؛ لأنه لا يملك المقدرة النفسية ولا العاطفية ولا المادية للزواج بأخرى، كما أنه قال لي إنه يحبني أنا وليس عنده استعداد أن يجرب من جديد، كما أنه من الممكن أن يتزوج بأخرى عندها نفس هذه المشكلة أو مشكلات أخرى،، أنا لا أعلم ما هو الحل؟ وهل هناك حل فعلاً؟ أنا كثيرًا ما أفكر في الطلاق حتى أعطي له فرصة جبرية مع عزمي عدم الزواج مرة أخرى، ولكنني أخشى هذا الحل؛ لأنني كما قلت أحب أن يكون لي أنيس على وفاق معي في التفكير وأخشى الوحدة جدًّا. فهل هذا حل؟!!
رجاء أفيدوني؛ لأنني أصبحت أشعر بأنني إنسانة عديمة الفائدة بسبب هذه المشاكل؛ حتى إنني أحاول الخروج من هذا الأمر بالانشغال بالخروج والعمل والأعمال الخيرية التطوعية، ولكن حتى هذا أحرم منه في بعض الأوقات بسبب ظروف حملي التي تتطلب مني المكوث في البيت،
مع العلم أنني في بلد غريب عن بلدي وأهلي.
وشكرًا.
3/1/2024
رد المستشار
سيدتي العزيزة،
إن أول سطر في رسالتك يحمل معنى جميلا جدا؛ فأين اختفى هذا المعنى؟ لقد كتبت بالنص:
وقد أفادنا (أي الموقع صفحة استشارات مجانين) كثيرا منذ فترة الخطوبة وبعد الزواج، وقد قرأنا العديد من المشاكل والردود وكنا نناقشها معا، لماذا أغلقت على أفكارك الباب حتى انفصلت جسديا عن زوجك؟ واضح أنكما تابعتما الكثير والكثير عن العلاقات الزوجية وأصبحتما متفقين متفاهمين؛ فلماذا تحاولين بناء سد وحدك الآن بينكما؟
إن مشكلتك ليست النظافة والزيادة فيها أو المرض بها ولا حتى شماعة عدم الاستمتاع التي تطلقها أغلب النساء، إن مشكلتك هي تأخر الإنجاب؛ ولأنك -كما يبدو عليك- سيدة على خلق ودين فقد بدأت في تحويل الألم بداخلك لهذا التأخير في الحمل إلى أشياء أخرى بدلا من الاعتراض على حكمة الله في التأخير. وهذا ليس عيبا يا ابنتي وتعالي ننظر للموضوع معا:
يجب علينا أن نفهم أولا الحكمة التي من أجلها نشأ الزواج والعلاقات الجنسية بين الزوجين، نعم إنها لإنجاب الأبناء أساسا، ولكنها أيضا ليحصن كل منهما فرجه فلا يلجأ إلى الحرام، وما زاد عن ذلك فهو فضل من الله على البشر.
لقد قرن هذا النوع من العلاقات بالمتعة والرغبة وأنت تشكين أنك منذ بداية الزواج لم تشعري بالمتعة في علاقتك الحميمة مع زوجك، أفلا أخبرتني عن تعريف المتعة التي كنت تبحثين عنها؟ هل هي مثل شبع الطعام أو مثل راحة النوم، أم أنك تصورت أنها مثل قبلات الشاشة حيث سيصيبك الإغماء أو ما شابه؟
اعذريني أنا لا أمزح ولا أسخر منك، أنا فقط أسمع الكلمة وأقرؤها من نساء كثيرات، فإذا سألت عن التعريف فلا أجد إجابة واحدة شافية. إن العلماء أنفسهم اختلفوا في إشباع النساء ووصولهن إلى اللذة؛ إذ إنها ليست نقطة واضحة كما يحدث للرجال بالقذف، وهي تعتمد على الحالة النفسية والمزاجية، وتعتمد أيضا على الفهم والتصور لما تبحثين عنه.
ولقد أعجبتني كلمتك جدا:
"أحب أنسه" هذا الشعور الجميل نوع من الاستمتاع بل هو الإشباع ذاته إذا نقلته إلى هذا التلاحم الناعم بينكما جسديا، وليس هناك قانون يحتم الإكثار من المداعبة، فإذا كانت قد أجهدتك وألهبت جسدك فلا داعي لها، وابحثي عن هذا الأنس بين جسدين، فإن الارتواء شيء شخصي يتغير بتغير الأفراد، وما يصل بأنثى إلى قمة الاستمتاع والسعادة قد لا يناسب أخرى.
ومسألة النظافة أرى أنك تبالغين قليلا فيها ربما لتعللي لنفسك زهدك في إقامة علاقة مع زوجك، إن عقلك الباطن الذي بدأ يرفض الجماع طالما أنه لا يؤتي ثماره من حمل وأطفال يتفنن في التبرير والتعليل؛ فلا تستسلمي له يا ابنتي، أوليس لديك إفرازات خاصة؟ أوليس تمر بك فترات الحيض وهي من الأشياء التي تعتبر من النجس والأذى ومبعثا للرائحة النتنة؟ هل تهجرين جسدك أم تنظفينه؟ وإذا أنجبت طفلا فهل ستتركينه امتعاضا إذا تبول أو تبرز وهو نائم بين يديك وقد سال ذلك منه؟ هل ستلقين به على الأرض أم سترفضين حمله بعد ذلك إلا إذا كان نظيفا كما تفعل أي امرأة غريبة قد تكون في زيارتك؟
إن النظافة يا سيدتي معناها النظافة وليس معناها التأفف من الناس، فانتبهي لما يجرك إليه عقلك الباطن، واستكملي متابعة البحث عن الحمل، وكُفي عن زرع الفرقة عودا عودا بينك وبين الرجل الذي تحبين، فلا تتصوري أنه سيظل إلى الأبد ينتظر رضاءك وسعادتك.
وإذا كان صبره عليك الآن بالمحبة فقد يتجه بكل الحب والود والقذارة التي تدعينها وترفضينها إلى امرأة أخرى تعرف كيف تستقبله بقبلة عند عودته وتمسح بيديها عرق التعب وتراب الكفاح فيمنحها حياته ومستقبله، ويرزقهما الله بالأطفال الذين يملئون الدنيا حولهما صخبا وضجيجا و"بهدلة"، وتقوم هي بابتسامة دائمة بإعادة ترتيب كل شيء ليكون دائما في أبهى صورة وأجمل منظر.
كوني أنت هذه المرأة يا سيدتي، ولا تدعي عقلك الباطن يبالغ في تفاهات قد تدفعين ثمنها ليس الوحدة فقط ولكن خدمة أشخاص آخرين قد لا يعطونك نفس المتعة والسعادة التي يمنحها الزوج والأبناء.. وطمئنينا دائما على أحوالك وسنكون أول المهنئين بالمولود إن شاء الله.