بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه. في البداية أود أن أشكر صفحات "موقع مجانين" - زاوية "استشارات مجانين" على ما يبذلونه من جهود ومحاولة تقديم بعض الحلول والأفكار التي قد تساعد صاحب المشكلة على تخطيها بإذن الله.
وبالطبع أود شكركم للرد على مشكلتي التي أسميتموها حبيبي الإلكتروني أمريكي ، وأخص بالذكر الدكتورة سحر طلعت. كما أشكر الأخت الدكتورة داليا مؤمن على المشاركة والتعليق على المشكلة.
ومتابعة لقصتي:
في البداية أحب أن أطمئنكم أن الأمور بفضل من الله تعالى وصلت إلى حد الخطوبة، وها نحن على أعتاب التحضير لحفل الزفاف، كيف وصلت الأمور إلى هذه المرحلة؟ وكيف نجحت؟.. دعوني أسرد لكم بعض النقاط. قبل ذلك أرجو أن لا تأخذوا قصتي كمثل ناجح في علاقات الإنترنت؛ حيث إنني ما زلت حتى الآن بالرغم من نجاح قصتي لا أومن بالعلاقات التي تنشأ عبر دردشات الإنترنت. وذلك بالطبع لأن مساوئها أكبر بكثير من إيجابياتها.
السبب الرئيسي في نجاح قصتي هو الاعتماد في كل شيء وفي كل كلمة وفي كل خطوة على الله سبحانه وتعالى والإيمان والرضا بكل ما يرزقنا الله به.
السبب الثاني هو الإخلاص والصراحة من الطرفين وأؤكد هنا "الطرفين".
والسبب الثالث هو تحويل هذه العلاقة التي يسميها الناس بالعلاقة الوهمية عبر سطور الشات إلى "علاقة حقيقية"، تجسدت باللقاء عبر العائلة والتعارف، والتأكد أن كل ما كان يدور من خلال السطور الوهمية حقيقي.
إذن الإيمان بالله والتوكل عليه والإخلاص وتجسيد العلاقة من سطور وأفكار إلى حقيقة وواقع ملموس كانت جميعا السر وراء النجاح.
أود هنا التعليق على ما جاء في رد الدكتورة سحر طلعت، وبالتحديد على الزواج مع اختلاف الثقافات بين الزوجين. وأود أن أسجل اعتراضي؛ وهو أنك قمت بتسمية مشكلتي "حبيبي الإلكتروني أمريكي" .. وفي قصتي لم أذكر أنه حبيبي، ولم أذكر قط أنني أحبه. أستطيع أن أسمي ما كان بيننا هو تقارب بالأفكار وتقارب كبير في طريقة التفكير للتخطيط للحياة الزوجية، وكيف يحب كل منا الآخر.
أو بمعنى آخر وجد كل منا في الآخر ما يحب أن يكون. وهذا كان سر التقارب والانجذاب. وهذا بالطبع ليس حبا. فالحب شيء أكبر من ذلك يحتاج إلى عدة عوامل ليس هنا مجال لذكرها؛ فهي تحتاج إلى زاوية وحدها.
أنا معك في كل ما قلته، ولا اعتراض على رأيك، ولكن أحب أن أضيف أن فكرة الزواج بحد ذاتها شيء يحتاج إلى التروي والتفكير؛ فحتى لو كانا من نفس البلد، وحتى لو كانا قريبين فالزواج قرار العمر، إما أن يكون القرار الصائب الذي يجلب لأصحابه السعادة، وإما أن يكون قرارا خاطئا وبالطبع يجلب الدمار. فأنا أعلم قصة لإحدى قريباتي تزوجت من ابن عمها، وهي تعلم عنه كل صغيرة وكبيرة؛ حيث إنه كان يعيش في البيت المقابل لها منذ أن ولدت، ولكن بعد سنتين من الزواج تم الطلاق بينهما!
رأيي أن أسباب نجاح الزواج والسر في نجاحه ليس أن يكونا من نفس البلد أو من نفس الثقافة أو من نفس الجنسية. ومع أنها أسباب تؤثر في اتخاذ القرار كما حصل معي ولكن السر يكمن في مدى تفهم الطرفين لما هما مقدمان عليه، ومدى الإدراك في مسألة الزواج في حد ذاتها، النفس البشرية معقدة جدا، ومن الصعب إرضاؤها بشكل كامل.
كما أود التعليق على الدكتورة داليا مؤمن في ردها على مشكلتي .
كما قلت سابقا:
أنا كنت مدركة لماهية مشاعري، وكنت أعلم ماذا يدور.. المشكلة لم تكن في مدى جهلي بمشاعري أو مدى جهلي بماذا أريد.. المشكلة كانت في إقناع الأهل، والحمد الله قد تم في سهولة ويسر. وهذا بالطبع فضل من الله سبحانه وتعالى.
ذكرت في تعليقك أمثلة من الواقع قد تكون سبب إعجاب بين طرفين؛ كأن يكون الجمال أو المركز أو المجال في التخصص. وهذا شيء صحيح، وأنا أعتقد أن هذا يكون مثل بوابة على علاقة، ولكن قبل الدخول من هذه البوابة يجب التأكد ومحاولة العلم بما يدور في الداخل؛ حتى نستطيع بعدها الجزم أنه قد حصل إعجاب، وهو الذي يحقق بعده كل شيء.
وأريد أن أوافقك الرأي تماما بأن استخدام القلب للتفكير ونسيان العقل في هذه المسائل خطير جدا، يترتب عليه عواقب يتم اكتشافها أحيانا متأخرة جدا.
في النهاية أود أن أسجل رسالة إلى جميع الشباب والبنات وكل مستخدم لما يسمى "الشات"؛ علها تكون ذات فائدة بإذن الله، مع أنني نجحت في تجربتي هذه، ولا أعتبره نجاحا كبيرا؛ فأنا ما زلت في البداية، وأدعو الله أن يوفقني حتى النهاية في قرار العمر.
أقول لكم جميعا:
"لا توهموا أنفسكم بأن ما يتكون من مشاعر من خلال الشات هو حب؛ فالحب كما قلت سابقا لا يأتي بسطرين على الشات.. الحب له عوامل وأساس لبنائه، ويجب أن يكون الأساس متينا جدا حتى ينجح. قد يكون الشات مقدمة للتعارف، ولكنه يبقى غير واقعي ووهميا، حتى يتم تجسيده لحقيقة... فهل أنتم قادرون على تجسيده إلى حقيقة؟"
أشكركم مرة أخرى، وأتمنى لكم التوفيق ولكل من قرأ القصة.
والسلام عليكم ورحمة الله.
31/12/2023
رد المستشار
أختي الكريمة،
أشكرك على متابعتك القيمة، وأدعو الله سبحانه أن ييسر لك الخير، وأن يجمع بينك وبين من اخترته زوجا لك على الخير دائما.
والحقيقة أن رسالتك تثير الكثير من النقاط التي تحتاج للمناقشة، وبها الكثير من الأفكار التي تدعونا للتأمل، ومن رسالتك يتضح أنك تتمتعين بقدر كبير من الوعي والحكمة والعقلانية الرائعة التي تنضبط بفهم عميق لمعنى الإيمان بالله ومعنى التوكل عليه، فبارك الله فيك.
ومن رسالتك يمكنني أن أعلق على النقاط التالية:
أولا: من الواضح أنك تدركين جيدا ضوابط ومحاذير العلاقات عبر الشات، ونحن نتمنى أن يكون لكل شبابنا ما لك من وعي؛ فوعيك هذا حماك من أن تقعي في فخ هذه الشبكة العنكبوتية، وجعلك تتخذين من الخطوات والاحتياطات ما جعل مسار علاقتك يتجه نحو التعارف على أرض الواقع ثم الارتباط، وهذا هو ما نحاول أن نؤكد عليه عندما نتحدث عن علاقات الشات ولكن غيرك للأسف لا يفهم ولا يستوعب ما نقصده حتى تكاثرت علينا الرسائل تلومنا، وتتهمنا بأننا أسأنا لفتاة الإنترنت؛ مما جعل الأهل ينظرون إلى كل من تستعمل الإنترنت على أنها فتاة سيئة السمعة، وإحدى هذه الرسائل ظهرت قريبا على صفحتنا وعنوانها: "غرام الإنترنت: في النار حياة وحريق".
ثانيا: في رسالتك أيضا تلفتين انتباهنا إلى أن خطوة اختيار شريك الحياة هي خطوة شديدة الخطورة، وتحاولين رسم معالم لطريق الاختيار، وأتفق معك تماما في أن الزوجين قد يكونان من نفس السياق الاجتماعي، ويكون بينهما من الاختلافات ما يعيق التواصل بينهما، ولكن من المؤكد أن الاختلافات بين الزوجين القادمين تكون أشد وطأة.
والتعامل بين هذين الزوجين يحتاج للكثير من الحكمة حتى يتفهم كل منهما طبيعة شريك حياته والبيئة القادم منها، وهذا ما حاولت أن ألفت انتباهك إليه في ردي السابق، وهذا لا يعني أنني غير مقتنعة بأن قرار الزواج في حد ذاته وحتى بين الأقارب يحتاج إلى التروي والدراسة المتأنية؛ لأن هذا القرار هو اختيار العمر، ونحن نتمنى أن يعيننا الله سبحانه في تكوين ما يشبه الدليل الذي يعين المقبلين على الزواج على تلمس خطواتهم، وكيفية التبصر الداخلي بحيث يستطيع الإنسان أن يتعرف على ما يلائمه وكذلك كيفية التعرف على الآخر.
ثالثا: أؤيدك تماما في أن معنى الحب الحقيقي أعمق بكثير، ويخالف كل التصورات الشائعة عنه، والصورة المرسومة له بواسطة وسائل إعلامنا، وأن توطد علاقة الحب بين طرفين يحتاج لرعاية متبادلة من طرفي العلاقة لنبتة الحب الضعيفة حتى تصبح شجرة راسخة الجذور ومثمرة بفضل الله ثم بفضل رعاية أصحابها لها. وأما بالنسبة لاعتراضك على عنوان الاستشارة فهذا الاختيار لم يكن اختياري، ولكنه اختيار من راجع الاستشارة، وعموما نتمنى أن تتعمق علاقتك بخطيبك حتى تصبح حبا حقيقيا وراسخا.
أختي الكريمة أسعدتني رسالتك، وأثلجت صدري أخبارك؛ فلا تحرميني من سماع تطورات قصتك.