التعلق والماضي
السلام عليكم ... سبق وأن أذنبت ذنبا عظيما وسترني الله ولكن عندما تركني الذي معي وذهب للزواج مرضت مرضا شديدا فمن سيسترني ويتزوجني بعد الذي حدث وأنا ماعدت فتاة... كان كلامه وعائلته قاسي جدا وبأنني لا أصلح للزواج وتركني أصارع المرض ودخلت في نوبات الهلع وأمراض المعدة ... انتقمت من نفسي وتعرفت على غيره وأخطأت مرة أخرى وبعد هذه السنوات تعرفت على شاب يصغرني ب 19 سنة ولأول مرة يقولي لي بأنه سيتزوجني فرحت كثيرا وعشقته ولكن تركني أيضا فقط استغلني في مالي كثيرا وأخد نقودي وتركني ... ما أعيشه الآن جلد للذات رهيب جدا أقاسي كل أنواع المرض الجسمي والنفسي تبت لله ولكن أحس بأن توبتي جاءت في وقت متأخر هل تقبل؟ هل الله سيرضى عني؟ عمري قد انتهي فهو 42 سنة ولا حياة لي... لا زواج ولا أطفال ذهب عمري في الحرام أبكي بشدة وأسجد لله عله يسامحني وتعلقي بالذي أحببت لم يهدأ فلازلت أشتاق له لأنه هو من أخذ بيدي للصلاح وصلاتي وقرآني ولكن للأسف تركني أتخبط لوحدي...
أريد أن أتعلق بالله وبرسوله فقط
أريد أن يسامحني الله ويغفر لي ماذا أفعل لأني أخاااااف أن أموت وأنا غير مغفور لي
14/1/2024
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غفر الله لك وللمسلمين وسترنا دنيا وأخرة ولا يغفر الذنوب إلا الله فلا تشكي في رحمة رب العالمين التي وسعت كل شيء. الدين ليس مجرد عبادات مثل الصلاة والسجود، لب الأمر هو العقيدة أي حسن الاعتقاد والإيمان بالله ولا ييأس من رحمة الله إلا الكافرون والعياذ بالله. لا تسمعي لمن يضخم لك عذاب الله دون رحمته، ذكر المغفرة والرحمة نداء لذوي الألباب الذين يعبدون الله حق عبادته كي لا يزين لك الشيطان البعد عن الله مهما كانت الذنوب، تذكري أتبع الحسنة السيئة تمحوها، وخير الخطائين التوابين، فأرجوك لا تقنطي من رحمة الله.
العاقل من اتعظ بغيره والأحمق لا يتعظ إلا بنفسه. يا للأسف كنت حمقاء بأن لم تتبعي ما هو معروف بأن شرع الله وجد ليحمينا من هوى أنفسنا ومن أطماع الآخرين فقررت تولي الأمر بنفسك. ها قد رأيت بنفسك ما تبعات تجاهل الشرع وأحكامه ليست مرة ولا اثنتان بل ثلاث مرات، فلا تحزني لن يحاسبك الله إلا بمقدار ما أعطاك من العقل فلا بأس إن كنت حمقاء فالمهم أن تتعلمي من خبراتك ويقوى يقينك بفائدة الدين، ليس فقط خوفا من الحساب بل لنحيا حياة طيبة في الدنيا أيضا.
ما ضاع عمرك ما التزمت بصلاتك. الهدف من الخلق أن نعبد الله، وتبيان الحق من الباطل أما يعده الناس من استثمار للعمر من زواج وعمل ومال فما هي إلا امتحانات أو متع صغيرة تقربنا أو تبعدنا عن رب العالمين. تذكري الحياة الدنيا مقابل الآخرة قصيرة ومتعها متصلة بالمتاعب بينما متع الأخرة خالصة. لم تخلقي كي تتزوجي أو تنجبي بل خلقت لتعبدي الله فما عبديته حق عبادته عقلا وقلبا فقد حققت الهدف من وجودك. وإن عملت وتصدقت ودعوت إلى الله دعوة حسنة من لك تأثير عليه فهذا هو الكسب الحقيقي في الدنيا والأخرة بغض النظر عما يقوله الجهلاء من أهل الدنيا. تذكري قول الرسول عليه الصلاة والسلام جعلت قرة عينه في الصلاة ولم يقل الأزواج أو المال أو الأولاد، صححي تفكيرك كي ترتاحي وتسعدي ولا تخسري الحياة الحقيقة في الأخرة.
تذكري أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به والحمد لله لست مشركة، بل جاهلة استمعت لغواية نفسها وهمسات الشيطان والحمد لله الذي مد في عمرك كي تتوبي وأنار بصيرتك لتهتدي.
إن تعلمت درسك حقا ستتوقفين عن التعلق بمن خدعك فما كان سوى من أدوات الشيطان ليضلك ولا أعتقد أن أحدا يحب أدوات الشيطان. أتفهم جدا رغبتك الطبيعية وضعفك البشري بأن تعيشي كغيرك وتشبعي احتياجاتك ولكن من خلقك حدد الطريق القويم الذي يرضيه حتى في إشباع هذه الرغبات فلا تحيدي عنه. أعيدي التفكير في رغباتك وضعيها في مكانها الصحيح حسب الأولويات وهل تهمك رغباتك ودنيتك أكثر من آخرتك، إذا كانت آخرتك وجنة الله هي هدفك ستعرفين كيف تصبرين وتتعاملين مع ما ينقصك في الحياة. ليست الدنيا هدفا بل طريق الوصول إلى الهدف وهو الجنة وبما أنك قد من الله عليك ومد في عمرك حتى بلغت سن الرشد فعليك أن تتبعي الشرع وتضبطي الأهواء وما حنينك إلى من خدعك سوى استمرار الشيطان في محاولة غوايتك ولا مهرب من الغواية لنا في الدنيا ولكن من كلفنا يعلم بأنا قادرون على النجاة والمقاومة، هل تستمرين في الاستسلام للأهواء ونداء الشيطان الذي سيتبرأ منا يوم الحساب وحجته بأنه لا سلطان له علينا سوى أن دعانا.
إياك والقنوط من رحمة الله. الندم على الذنب من أركان التوبة ولكن ليس إلى الحد الذي يمرضنا، نريد توبة صادقة نصوحة متوازنة عاقلة، فيها ندم على الذنب وإقرار بالذنب والعزم على عدم العودة له. ما تشتاقين له ليس الشخص، بل أحلامك التي ظننت أنه سيحققها لك. بعض الرغبات لم يشأ الله أن يلبيها لنا في الدنيا وهو لا يسأل عما يفعل، وأمر المؤمن كله خير فما أدراك إن تزوجت كنت لتكوني أكثر سعادة وأنك ستنجبين وهو يجعل من يشاء عقيما ومن قال أن من أنجبت مصدر فرح في حياتك فمن أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم. لعل الله أراد أن يرحمك من كل هذا وهو الرحمن الرحيم. لا سبيل لنجاتك سوى بتصحيح أفكارك وتعميق عقديتك، هداك الله وإيانا وجميع المسلمين، وجعل لك أجر رسالتك بتوعية بعض الغافلات.
واقرئي أيضًا:
فرط الذنب وفقه التوبة: التائب من الذنب!
نظرة.. فلمسة.. فقبلة.. فكارثة.. فتوبة!
بداية طريق النور..