الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟.. خبرة ملتزم
السلام عليكم
الإخوة والأخوات العاملون في الإرشاد بالموقع، تحية طيبة، والسلام عليكم، أحب أولا أن أشيد بهذا الجهد الخارق الذي أعتبركم به من المجددين في هذا الدين ومن المجاهدين.. إخواني لا تفتُروا، ولا تتوقفوا، ولا تقصروا في المزيد من العلم والبحث والتوجيه والإصلاح لبناء مخلخل يحتاجكم. موقعكم هذا سيكون مفتتحا لإصلاحات عظيمة في شتى النواحي، وأساسها: الفرد المسلم.. والأسرة المسلمة.
والآن: إليكم مشاركتي ومشكلتي معا: أنا شاب مسلم مصري على أعتاب الثلاثين، أكتب لكم هذا استجابة لدعوتكم بالمشاركة.. الطفولة: فقد بدأت خبرتي بالجنس منذ كنت صغيرا أنام على فراش والديّ، ولا تزال صورة أبي وأمي في علاقتهما الخاصة حية في ذاكرتي.. وكنت ابن الثلاث أو الأربع سنوات، ولا أزال أذكر ما كنت أفعل من قفزي على السرير، وأنا أضع يدي على كتفيْ أمي وهي واقفة على الأرض أمامي، وأقول لها: "أنا أريد أن أعمل مثل أبي" ... وكذلك تجسسي بأذني من وراء الباب عليهما، وعدم ردع أي من إخوتي الكبار لي.
وأذكر كذلك هذه الليلة -حسبي الله ونعم الوكيل فيها- التي بلغت فيها مبلغ الرجال بشكل إرادي، كنت عائدا من السينما، ووجدت شابا لا أعرفه أهداني إحدى النصائح الجنسية فعملت، وكانت النتيجة انتصابا فقذفا... وإحساسا بمَيَدان الأرض والارتجاف.. مع عدم معرفة ماذا حدث؟ ثم كنت أحس رغبة في التبول ومعها حرقان.. وهكذا بدأت رحلة الكفاح الطويل والجهاد الرهيب حول الحمى.. في سن الحادية عشرة. كانت وسيلة ممتعة.. ولم أكن أعرف ما هي؟ ومن قراءاتي المستمرة في مجلة "طبيبك الخاص" (وهي طبعا مجلة علمانية تعلمك كل ما في الغرب من قذارات وممارسات)، وربما من خطب الجمعة بدأت أشعر أنها خطأ وحرام.
المدرسة الثانوية: وفي الثانوي تدينت، وشُغفت بقراءة كل ما هو "جنسي" من الفقه و... و... وكان هذا يقع مني موقعين: الإثارة التي أبحث عنها، وزيادة لهيب النفس اللوامة... وكذلك المعرفة الفقهية بالأحكام وعلمت حكمها، وبدأت رحلة الإقلاع... صراع رهيب لإزالة الشهوة... ماذا أفعل بك أيها العضو القذر الذي سيدخلني جهنم؟ صببت على عضوي كحولا، خدّرته بالمراهم، وضعت حوله حلقة معدنية حتى ينطفئ إذا انتصب.. ربطته بالأربطة... عرفت بعد ذلك "أبو حامد الغزالي"، واستغرقت في المجاهدة والجوع والصوم المتتابع –حتى أصابتني أنيميا الدم- والرياضة البدنية والذِكْر المستمر بالقلب واللسان وزيارة المقابر والاعتكاف بعد الفجر بالمسجد، وحدي أنوح، وأجهش ببكائي في قراءتي للقرآن وصراخي وتبتلي أن يرفع عني الله بأس شهوتي المشتعلة كالبركان المحموم. ولا أذكر لكم كم مرة خبطت برأسي (فعلا) الحائط! وكم مرة -من فرط غيظي وبكائي وندمي على سقوطي في الاستمناء- لكمت بقبضتي الحائط، وعضضت على يدي! ... وكم مرة تصدقت بالمسجد بمصروفي كلما وهن عزمي وسقطت! ... كم مرة سهرت أقوم الليل أقرأ من المصحف وأبكي ووالدي يتعجب وينهرني حتى أستطيع الذهاب إلى المدرسة الثانوية! كل هذا... مع اقترابي من التيار الإسلامي في المدرسة والصحبة الرائعة في الحي السكني... كل هذا أعاشني في جنة الله على الأرض... وكانت أفضل أيام حياتي... ذقت حلاوة القرآن ولذة المجاهدة ولذة الصبر المؤلم جسديا أول الأمر... المريح قلبيا آخره.
وتركت العادة السرية.. تركتها وأنا أعرف نفسي.. شاب متأجج العواطف والمشاعر.. فكان الصوم يومين على الأقل أسبوعيا.. مع إقلال دائم مستمر من الطعام (بضع لقيمات تماما) أقوم قبل الشبع حتى عُرف ذلك عني... كما حباني الله نعمة ضبطي لغضِّ بصري بقوة ومنعة لم أر مثلها إلا نادرا؛ وهو ما أفسح لي في صدري براحة لا أجد لمثلها وجودا.. لكن ثمنها اغتراب واستغراب بل واستهجان، وأحيانا استهزاء وشكّ بأن أكون مريضا نفسيا أنظر في اتجاه غير اتجاه مَن تكلمني!! وأكاد أظهر وكأنني مغمض العينين!! وألوي عنقي للناحية الأخرى!! .. إلخ من ضريبة جنة الدنيا
الجامعة: المعاناة استمرت، ومع عملي في التيار الإسلامي كانت معوقة أحيانا بسبب الإجهاد، وإخراج النفس من الحالة المزاجية الروحية إلى حالة أخرى من عدم الارتياح والإجهاد وصدود النفس، إضافة إلى نظرات بعض الإخوة المتزوجين، خاصة الذين كان لسان حالهم يقول: "ربنا يهديك". الجيش: نفس المشاكل والآثار، وإن كان الضغط النفسي المضاعف يؤدي إلى زيادة الممارسة، وكذلك ما تسمع من قصص فاجرة من الرفاق ومغامراتهم الفاحشة.
الآن: ما زلت متعبا، أفوز على نفسي مرة، وأخسر أخرى.. في انتظار الزوجة الصالحة. مشكلتي الحالية ترجع جذورها -والله أعلم- إلى الإعدادي، وقراءتي لطبيبك الخاص وتبنيهم "(النصيحة!!) التي للأسف أجد بعض مستشاريكم مقتنعا بها، وهي: السعي لتعديد مصادر اللذة والمتعة الجنسية في الجسم؛ وهو ما دفعني لمحاولة الوصول إلى القذف من خلال الحلمتين بدون المشاكل الجسمية المترتبة على الوصول إليها بالشكل الطبيعي من خلال الذكر. الآن.. مشكلتي أن هذه المنطقة -الحلمتين- صارت أكثر حساسية عن ذي قبل، وهكذا... صرت مستثارا معظم الوقت حتى مع انشغالي أثناء العمل أو الحوار مع الآخرين أو حتى الصلاة .. إلخ لمجرد احتكاك ملابسي بصدري... وهو شيء دائم الحدوث ما دمت لابسا فانلة حتى!! وهكذا صار عندي صداع مستمر -حقيقي- وإنهاك نفسي نتيجة الـ 24 ساعة إثارة!! كذلك، فقد لاحظت تأثر الحلمتين -وخاصة عندما أترك الاستمناء لفترة- أو عند الشبع والاستثارة، وذلك بوجود ألم مع رغبة شديدة في حكّهما.
طبعا أنا لم أعد -منذ فترة- أستثير نفسي من خلالهما تقريبا، كما أنني في برنامج -أحيانا يستمر وأخرى ينكسر- لعلاج ذاتي من ذلك فكريا ونفسيا، وقد وصلت بالفعل إلى حالة من تغير مزاجي، ولم أعد أرى الاستمناء متعلقا بالاستثارة، نعم تثيرني النساء كلهن، ولكن لم يعد الاستمناء يمثل لي ملجئا دائما.. وأنا أقنعت نفسي بعد قراءات عديدة ومن موقعكم أنه ليس بحل، وليس حتى بوسيلة تصريف، وأن أضراره تفوق منافعه، إن شاء الله لحين زواجي ووضعي لهذه النعمة في محلها الصحيح والعيش كباقي مخلوقات الله.
ختاما: أروي لكم قصتي هذه.. وأضمها إلى الباقين.. وأقول عبر نافذتكم هذه: يا آباءنا وأمهاتنا.. يا من تنعمون بالجنس ولا تُحرمون منه، ولو حُرمتم منه أسبوعا لتلظيتم مثلنا.. يا من ألهاكم ما تنعمون به وظننتموه دائما، وأنساكم ما نحن فيه.. نحن فلذات أكبادكم.. يا من أعمتكم أنانيتكم وعدم معاناتكم من الحرمان عن رؤية وإحساس معاناتنا (ليس منا مَن بات شبعان وجاره جـائع وهو يعلم.. جاره وليس فلذة كبده!!) .. ونحن في قمة فورة البركان المتأجج الجائع المجنون!! اتقوا الله.. اتقوا الله.. وزوجونا فور بلوغنا، أو على الأقل اخطبوا لنا فور بلوغنا.. حصِّنونا وارحمونا.. بعد أن أتينا بعدكم في عصر صارت الوظيفة المستقرة فيه حلما بعيدا.. والزواج حلما أبعد.. والضغوط النفسية مدمرة، والبنات يعرضن أنفسهن مجانا، والأولاد يسعون إلى البضاعة الرخيصة هرولة.. والزنا والفجور في كل بيت دخله التليفزيون يدرّس بالنموذج "العملي" و"القدوة.!!" والفيديو كليب، وبكل الوسائل التعليمية بالموسيقى والرقص والشرح والتدريب العملي والمحاكاة، والباليه، والسباحة التوقيعية... إلخ، اتقوا الله واقبلوا شابا يريد العفاف مع ابنتكم ولو كان شحاذا.
ولكي تفهموا -إن أردتم أن تفهموا- لا تمارسوا الجنس لمدة شهرين أو ثلاثة.. ولا تلمسوا أو تنظروا إلى عوراتكم (عدا الوجه والكفين).. ولا تتبادلوا الحديث الناعم.. ولا تناموا متجاورين.. حينها ستعلمون أي جحيم من جحيم الابتلاء يكتوي بناره ملايين من بناتكم وأبنائكم الصالحين. أنتم غارقون في الغفلة عن الآخرين!! على كل متزوج ومتزوجة ألا ينام مطمئنا في حضن زوجه.. بل ينام مهموما مرعوبا متنغصًّا.. إلى أن يشارك في مساعدة تزويج شاب مسلم آخر مثله.. لا تركنوا إلى نعمة الزوج الصالح بدون شكرها، بمعاونتكم في درء ما نحن فيه من فتن وعذاب.. "ولئن شكرتم لأزيدنكم" تقبل الله منكم وعفا عنكم. اقتراح: إنشاء ملتقى على موقعكم، وليكن اسمه: "الزواج للجميع" هدفه ترويج الزواج، والأخذ من تبرعات القادرين للمحتاجين، والتوعية الجنسية الإسلامية للمراهقين، ونشر فكر وممارسة الزواج المبكّر، والارتباط المبكّر جدا (مع احترامي لآراء كل المتمسكين "بالسن المناسب" حيث أرى أن ممارسة الجنس ترتبط بالرغبة، وليس بالنضج النفسي "تماما مثل الأكل والشرب"، وما دام المجتمع يلهب ويستخرج كل دوافع الشهوات؛ فلنرد نحن بتشجيع الارتباط "خطبة أو عقد" ولو قبل البلوغ... مع العمل على إلغاء القوانين المحددة للسن، وللمعترضين أن يسيروا في شوارعنا، ويشاهدوا: "أطفال الإعدادي والثانوي"، أو اسألوا مركز الدراسات الجنائية والأحداث عن الممارسات الجنسية في هذا السن).
وشكرا..
أرجوكم الدعاء لي بالرحمة والهدى والعفة.
10/1/2024
رد المستشار
الأخ الكريم.. في البداية أحب أن أوضح أننا جميعا نتعاطف معك ومع كل من هم في مثل ظروفك وليتنا نستطيع تزويج كل راغب في الزواج والعفة، ولقد وجدت في قصتك الكثير مما يلفت الانتباه ويثير الكثير من التساؤلات ومن ذلك :
* اطلاعك المبكر جدا على العلاقة الجنسية بين أبويك، ولا أدري كيف يتصرف الآباء في أمر على هذه الدرجة من الخطورة بهذه الخفة والتساهل، ألم يتنزل في هذا قرآن يُتلى في سورة النور بوجوب الاستئذان للأطفال قبل بلوغ الحلم في أوقات حددتها الآيات، هل يعي الآباء هذا الدرس؟ أم نترك الأطفال الصغار يطلعون على عورات الآباء والأمهات والإخوة والأخوات وغيرهم من المحارم ثم نستنكر بعد ذلك شيوع زنا المحارم؟
* تعرفك على الاستمناء في هذه السن المبكرة جدا، وممارستها ثم إدمانها قبل أن تعرف ماذا تفعل بنفسك يؤكد على أهمية وحتمية نشر الوعي والتربية الجنسية في سن مبكرة، ولكن كيف يمكن لآباء وأمهات لم يتربوا جنسيا ولم يعتادوا على الكلام في هذه الأمور أن يحادثوا أبناءهم؟ هو اقتراح أعيده ثانية.. أن يعد المتخصصون في الأمور التربوية صفحة أو صفحات تتناول هذا الشأن فتشرح للآباء كيف يتحدثون مع أبنائهم؟ وبكل بساطة، تقول في سن كذا نعلمهم كذا بهذا الأسلوب ونحادثهم بهذه الطريقة، ليتسنى للكل الاستفادة منها مهما تفاوتت مستويات التعليم وقدرات العقول ويكون على أصدقاء الصفحة نشرها بين المربين سواء كانوا آباء أو مدرسين أو غيرهم ممن يضطلع بأمر تربية النشء.
· تعرض في رسالتك لأمر الخطبة أو العقد قبل أو عند سن البلوغ، فهل تحل الخطبة أو العقد المشكلة أم تزيد الأمر تعقيدا وتزيد الشهوة هيجانا؟ هو كأس لن يشبع منه إلا من شربه عن آخره.
هو تساؤل قد يكون عاما، ولكنه التساؤل العام الخاص في هذه المشكلة وقد يفيدنا الدكتور أحمد في ذلك، لماذا تختلف حدة الشهوة من شخص لآخر فنجد أحدهم كأنه يتلظى على جمر النار، وغيرهم يصل إلى سن الثلاثين وما بعدها وعنده الإمكانات التي تتيح له الزواج ولا يوجد ما يعوق ذلك ولا يفعل؟ هل هذا يعود لطبيعة شخصية أو لاختلاف مستوى الهرمونات أو لظروف التنشئة أو لتمحور تفكير الشخص في المسألة الجنسية أو لغير ذلك من الأسباب أو لكل هذه الأسباب مجتمعة؟ وهل هناك أبحاث علمية لدراسة هذا الأمر؟
* ذكر الدكتور أحمد أن جيل السبعينيات من المتدينين اهتم بمسألة العفة بغض النظر عن الجوانب المادية، فتزوجوا وتركوا بيوت الأهل وعاشوا في ظروف أقل بكثير من حياتهم السابقة، ولقد أطلعت على طرف من نتاج هذه التجارب في التسعينيات، كان منهم من كان على مستوى من النضج الفكري والنفسي ذكورا وإناثا واستطاعوا إقناع الأهل بمنطقهم، وأحسنوا الاختيار وأحسنوا التعامل والتكيف مع مشاكل الحياة، فكانت أمثلة لبيوت رائعة نجحت في تنشئة أجيال صالحة، وهناك نماذج أخرى تعامل فيها الطرفان برعونة شديدة، تركوا أهلهم واعتمدوا مظاهر التدين كمقياس أوحد للاختيار، فكانت بيوت هزيلة يعانى أفرادها –سواء الأساسيين أو الفرعيين– من أدواء وأسقام نفسية وجسدية كثيرة، نحن نقول أهلا بالزواج المبكر –ولن نكون أبدا ضده– إذا توافرت الماديات الضرورية لإنجاحه، وكان الطرفان على قدر من النضج اللازم النفسي والعقلي، واختلف معك تماما في تزويج المراهقين فور بلوغهم النضج الجنسي؛ لأن الزواج ليس معاشرة جنسية وعضوا ينتصب ويقذِف وشهواتٍ تُشبع فقط!! ولو أراده الله تصريفا للشهوة فقط لأباح الزنا، أنت تتكلم تحت ضغط الشهوة ونحن نتكلم وأمام أعيننا نماذج لمشاكل زوجية كثيرة وطلاق وتشرد للأطفال، الزواج مسؤولية وشركة عظيمة يتحمل كل طرف فيها الآخر ويتأقلم مع عيوبه قبل أن يحب حسناته وميزاته، ويتحملون فيها معا مسؤولية تربية الأطفال –وهو هَمٌّ لو تعلمون عظيم- والويل لمن ضيع هذه الأمانة، هي سفينة تحتاج إلى جهد خارق في إدارتها حتى تصل إلى مرفئها الآمن، فهل تجد هذا النضج في المراهقين الذين تطالب الآباء بالمسارعة في تزويجهم؟ وهب أن الأباء قاموا فعلا بتزويجهم فهل ينفقون على البيوت ويتحملون هم تربية الأحفاد حتى ينضج الأبناء الذين صاروا آباء أم يتركون الجميع يتعرضون للضياع؟! أثقلت على جيل الآباء (ولاحظ هنا أنك تتكلم عن آباء للمراهقين، أي أنهم في حوالي الأربعين من عمرهم، فمن أين لهم بالمتطلبات المادية التي يحتاجونها لتزويج أولادهم)، جيل الآباء أيضا مثقل بهمِّ العيش، والكل يسعى ليل نهار لتوفير احتياجات الأبناء، والموضوع يحتاج لتضافر جهود أكثر من ذلك بكثير.
* كما أعتقد أنه ليس من الصواب أن يتحمل الآباء مسؤولية تزويج الأبناء كاملة؛ لأن من طبع الإنسان أن تزداد قيمة الشيء عنده كلما بذل جهدا في الحصول وقد يزهده إذا وجده بين يديه بدون مجهود، يجب أن يشارك الأبناء في صنع بيوتهم ويساعد الغير سواء كانوا آباء أو غيرهم.
* لقد لاحظت مما رأيته على أرض الواقع ومن متابعتي لمشاكل هذه الصفحة أن كثيرا ممن تتمحور حياتهم حول الجنس قبل الزواج - فيعبدون الله ويصومون ويشغلون أوقاتهم هربا من الجنس ويقرؤون من كتب الفقه أبواب الجنس ويظل أحدهم يضغط على رغباته وشهواته ويكبتها فتنفجر وتخرج من منافذ عدة أو تنفجر فيه وتدمره – تظل حياتهم كذلك تتمحور حول الجنس بعد الزواج، أنت تقول إنك تشتهي كل امرأة الآن، وقد تظل بعد الزواج تشتهي كل امرأة غير زوجتك، والمتزوجون يأتون لصفحتنا هذه بحجج كثيرة منها الفتور مع الزوجة الأولى، أو حب التغيير أو يتعللون برغبتهم في إعفاف من تأخر بهن سن الزواج أو الأرامل والمطلقات، يطلبون التغيير في الحلال عن طريق الزواج الثاني والثالث والرابع، فإذا لم تتوافر الإمكانيات ألقوا اللوم على الظروف مثلك تماما، وهربوا إلى الاستمناء وأفلام الجنس والمواقع الإباحية أو مواقع الشات الجنسية على الإنترنت، نبكي عليكم ومن قبل ذلك على أمتنا التي تحتاج إلى كل هذه الجهود المهدرة، جهود الشباب وقوتهم وعزيمتهم، فما الحل إذا؟ الحل أن نشغل أنفسنا جميعا بقيمة عليا أو بقضية هامة أو بهم من هموم مجتمعاتنا ونسد ثغرا من الثغور التي تعاني منها مجتمعاتنا، نعيش لهذه القضية وبها وتملك علينا عقولنا -لا لننشغل بها عن الجنس– ولكن ليكون لحياتنا قيمة ومعنى، فنحدد لأنفسنا أهدافا مرحلية سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، فيتحول الجنس في حياتنا إلى ممارسة جميلة وممتعة قد تمارس في الأحلام قبل الزواج، ونتخفف بها من عناء الحياة وهمومها بعد الزواج، لا إلى كابوس يدمر حياتنا وينفجر فينا عللا وأسقاما.
* لماذا لا يكون هذا الهم وهذه القضية -بالنسبة لك ولمن هم في مثل ظروفك- هو إيجاد الحلول والضغط لتغيير ما تعانون منه؟ لماذا تريدون من الأهل أن يزوجوكم؟ نريد أن نخرج جميعا من موقف المفعول به إلى موقف الفاعل والمحرك والمؤثر؟ لماذا لا تتحول تجاربنا المؤلمة التي نعايشها إلى قوة دافعة تجنبنا وتجنب من هم مثلنا الويلات التي عايشناها؟ تسألني كيف يكون ذلك؟
- على المستوى الفردي: عمل دؤوب - وأقول هنا أي عمل تتيحه الظروف - وادخار كل قرش يمكن ادخاره والتقليل قدر الإمكان من المصروفات، حتى يتجمع لك مبلغ من المال تستطيع أن توفر به إمكانيات الزواج الضرورية، وعندها ابحث عمن ترتضيك زوجا لها وترتضيها أنت أيضا زوجة لك، ويمكن أن يتم الزواج مثلا في شقة صغيرة بإيجار مؤقت في أي مكان، كلي ثقة أن الله -سبحانه وتعالى- لن يخذلك أبدا -إذا صدقت نيتك وكنت جادا في طلب الرزق- لأنه من يستعفف يعفه الله، وقد يأتي هذا العون في صور مختلفة، يأتي في صورة بركة وتيسير في الرزق، أو في صورة عون من الأهل، أو عون من العروس وأهلها، وهناك حولنا أمثلة كثيرة لشباب ثابر وجاهد رغم صعوبة ظروفه في البداية، وكان الله خير معين لهم واستطاعوا في فترات قصيرة أن يجمعوا ما يمكن أن يبدؤوا به، ووفقهن الله إلى بنات فضليات تقبلن العيش في شقق متواضعة وبإمكانات متواضعة وساعدن الأزواج بكل ما يملكن، وأحسب أن هذه النماذج تنتشر أكثر في أوساط المتدينين والملتزمين، فأفراحهم متواضعة تقتصر في الأغلب الأعم على أفراح دور المناسبات في المساجد، وطلباتهم أكثر تواضعا من سواهم وهناك بعض التكافل الاجتماعي فيما بينهم على حسب الإمكانيات، وهذا قد يحسب لهم رغم القصور الموجود.
- على المستوى الجماعي: نحتاج إلى أمرين غاية في الأهمية:
أولا: تغيير المفاهيم والضغط على المجتمع لتقبل فكرة الزواج المبكر، والتواضع في متطلبات الزواج، والبعد عن البذخ والإسراف، والدعوة لتوجيه الأموال الطائلة التي تنفق على الأفراح الأسطورية وغيرها من الحفلات وفى بناء القصور والفيلات وغير ذلك من أوجه الإنفاق المبالغ فيها لتزويج الشباب، ويمكن أن يتم هذا عبر شبكة الإنترنت سواء في موقعنا هذا أو غيره من المواقع، تكونون مجموعة من الأصدقاء وتتحركون بهذه الأفكار، على الشبكة وخارجها، تشاركون في الحوارات والندوات، تراسلون الصحفيين ورجال الدين وغيرهم من ذوى الرأي والتأثير.
ثانيا: إعداد خطة متكاملة لتربية المراهقين والمراهقات والشباب والشابات لتحمل مسؤولية البيوت، تشمل هذه الخطة التربية النفسية وفنون التعامل والتربية الجنسية، والمهارات التي يحتاجها الأزواج، مثل مهارات إدارة الأزمات الاقتصادية وإعداد الطعام وفن تربية الأولاد ودور الرجل ودور المرأة في هذا الأمر وغير ذلك مما يحتاجه الأزواج، ويمكن الاستعانة في ذلك بالمتخصصين والتربويين، أو بمن له خبرة عملية في ذلك أو بالكتب والدراسات، ويمكن أن تتوافر هذه الدورات على الإنترنت وتدرس في النوادي ومراكز الشباب والجمعيات المختلفة والمدارس والجامعات.
* تبقى نقطة هامة يجب أن يلتفت الجميع لها وهي مقاومة موجة العري والتبذل، ومحاربتها بكل الوسائل الممكنة، حتى لا نضغط أكثر على الشباب، وهذا أمر آخر يحتاج إلى جهود منظمة.
- خلاصة القول: أن الأمر يحتاج إلى تضافر جهود المخلصين ونحسبك واحدا منهم، وهناك الكثير مما يجب عمله، مجتمعاتنا بحاجة إلى العقول الشابة الواعية والى الهمم العالية التي تملك إرادة التغيير بالأفعال لا بالأقوال، ونتمنى أن نسمع منك قريبا جدا نبأ زفافك السعيد على الزوجة التي تقر عينيك بها وتسعد بها ومعها وساعتها تذكر نعمة الله عليك وأشكره بأن تصون نعمته عليك بحسن معاشرة زوجتك، ولا تنسَ هموم من حولك، ولا تنس ساعتها حلم التغيير الاجتماعي الذي بدأته برسالتك، وتنشغل بهم العيش كمن سبقك، نظل ندور في الطاحونة حتى نكتشف أن العمر قد تسرب من بين أيدينا ولم نفعل شيئا يذكر ولم نخط خطا في صفحة الحياة.
وختاماً، نرجو من قرائنا الاطلاع على مشاركات أخرى على نفس المشكلة بعنوان:
الجنس للبعض أم الزواج للجميع؟ خبرة ملتزم
الجنس للبعض : الانصراف وهم على وهم ... مشاركة